(26)

388 31 22
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

ونفذَّ الزهير قسمه وحوّل لياليه إلى سهرات ممتعة لكن ليطلق شهوة الانتقام، فيدلف إلى حجرة أخته ومعه شرابه فيشرب حتى يثمل ثم يسبها، يلعنها ويجلدها حتى تمزّق لحمها وسبب لها جروح متعددة، كان يظل يعذبها حتى تفقد وعيها فيضطر لتركها.

كانت راحيل في بادئ الأمر لا تفهم أي ذنبٍ اقترفته هي وأمها حتى تعاني كل هذه المعاناة، تفقد أهلها بدءًا بمقتل أمها وحتى مفارقتهم وعذابها.

كانت ترفض الطّعام إلا من بضع لقيمات بعد إلحاح من الخادمة، كانت تمقت كل شيء تمقت ذاك المدعو أخيها وصاحب الصّوت الذي لم تراه بل لم يحاول لقاءها منذ مجيئها والذي من المفترض أنه من أنجبها، بالإضافة إلى تلك الحجرة وما تحتويه من أوثان تضيق لها نفسها.

كانت تأن وتصيح منذ أن تستيقظ وتسب وتلعن ذلك الأخ الظّالم، ولكونها محبوسة داخل الحجرة لا تخرج فكانت تزحزح نفسها حتى تصل إلى قضبان تلك النافذة وتتعلق بها وتصيح منها مستغيثة لكن أنّي لأحدٍ أن يجيبها، فتظل على حالها حتى يبح صوتها وتخر قواها فتسقط أرضًا حتى يجئ الزُّهير مساء كل يوم فيسكب دلوًا من الماء فوقها ييقظها فتفيق مفزوعة ويبدأ مجددًا بتعذيبها.

فصاحت فيه ذات يوم وقد أصابها الوجع والألم وشحب وجهها وفقدت وزنها: أخبرني وربّ السّماء! لماذا تفعل بي كل هذا؟ ألم يُشفى غضبك بكل هذا التّعذيب؟! ماذا فعلت أمي حتى تنتقم منها فيّ كل هذا الانتقام؟

ازدادت عيناه قتامة وقضم شفتيه ثم جذبها من مقدمة قميصها فرفعها إليه وصاح من بين أنفاسه الكريهة: كانت ترى حبي وأشواقي لها وتتجاهلني، كانت تعلم بمدى عشقي وتركت نار الحب تأكلني، لم تفكر بي يومًا حتى يوم أن أنجبتك أخذتك وهربت بكِ وتركتني أكتوي ببعادها طوال سنواتٍ طويلة.

فأجابته: وأيمُ الله إنك لأحمق! كانت امرأة أبيك أتريدها تخونه لتريحك أنت؟! ثم كيف بالله عليك؟! إنها امرأة أبيك أي لا تحل لك.

- قرباني للآلهة كان سيجعلها لي.

فتنهدت بفرغ صبر من حماقته التي لا مثيل لها، لكنه قاطعها: ثم إنها كانت مجرد أمة، أي ملك أيدينا كيف شئنا.

فأومأت برأسها مستنكرة وصاحت بغضب: إنك لكاذب ومفترٍ؛ أمي حرة وعفيفة...

- بل كانت أمة ابتاعها أبي من السّوق عندما كان في بلاد الشّام، ثم ذهبت واختارت ذلك الأعرابي، ليتني قابلته حتى أمزقه وأقطع جسده إربًا.

- وها أنت قد قتلتها وخربت حياتنا، دعني! دعني وأعدني لحيث يكون أبي وأخوتي! وسأعدك ألا أثأر لأمي وسأنسى الأمر برمّته، رجاءً ألست أختك؟!

- وهذا أسوأ شيء.

- إذن أين ذلك المسمى أبانا؟ أريد مقابلته ربما...

By : Noonazad.      ( إلى طريق النجاة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن