(22)

429 33 23
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

وفي الصباح استيقظ ثلاثتهم على أصوات عير ثم أقدام تقترب من الخيمة فانتفضوا وتمسّكوا ببعضهم بعضًا يرتعدون خوفًا، لكن استوقف هذا الشّعور صوت تلك الصّقفات التي اعتادوا عليها ويحفظونها عن ظهر قلب... لقد عاد عمارة وعمّار!

نهض عمير وراحيل يركضان نحو مدخل الخيمة يصيحان في سعادة: لقد وصلا!

فدلف عمارة وعمّار عندما جاءهما صوتيهما، تعانق أربعتهم ثم انتبه عمارة إلى يوكابد التي لا تزال جالسة على فراشها تسلّط فيروزيتَيها المترقرقتين عليه، ابتسم إليها يعلم أنه قد أرهقها طول غيابه هذه المرة.

تقدّم نحوها بخطواتٍ متسارعة تسابقه نبضات قلبه المتراقصة فقد اشتاق لها هو الآخر، وقف أمامها مباشرةً ومد يديه إليها منحنيًا نحوها، أمسكت بيده ونهضت واقفة تتلألأ فيروزيتَيها بقطرات الدمع، فتلألأ وجهها وصار رقراقًا.

كفكف دمعها بيديه ثم احتضن وجنتيها برفق وربّت عليه فارتمت على صدره تمسك خصره بشدة فضمها إليه وهو يمسّد على ظهرها وهمست إليه بخفوت: اشتقت إليك لدرجة الهلاك، غيابك أرهق روحي وأرّق مضجعي وقرّح جفنايّ.

فأجابها بهمس هو الآخر متغزّلًا:
بل أنتِ الشّوق يا أجمل الجميلات وحصان الزّوجات، عزيزةٌ طيبة الفعلات، عروبٌ فزهدتُ في غيرك حتى ولو حسنوات، عبقرةٌ ولدينةٌ فاقت الحوريات، عرهرةٌ وكأنك لستِ من البشريات، غيدائي وغيلمي تهفو إليكِ الرغبات، دخيمةٌ فكلامك دومًا بالهمسات، هنانةٌ لا تنتهي معكِ الضّحكات، أنتِ الخريدة لا تتساوى جوارك الحبيبات...

(*)

ابتعدت عنه قليلًا ورفعت فيروزيتاها وحملقت فيه ثم التفتت نحو ابنها عمّار فاقترب يعانق أمه ثم أخذت تدور بعينيها بينهما، ثم عكّرت حاجبيها وأهدرت: وربّ السماء لقد تبدّل وجهيكما وعُدتما بوجهين غير الأولين!

فاتسعت ابتسامة عمارة وربت على كتفيها، فقد ازدادت وضاءة وجهي عمارة وعمّار وتوهجا بالنّور، فتابعت: إذن قد قابلت أهلك واستعدت ودهم مرة أخرى!

فتنهد عمارة وأجاب: سأجيبك...

ثم التفت إلى راحيل وعمير قائلًا: سأقصّ عليكما كل شيء، لكن في البداية أدخلوا ما ابتعته لكم من هدايا وثياب وأشياء كثيرة.

فتحرّك الثلاثة أبناء يتناوبون في حمل تلك الأشياء لداخل الخيمة، بينما هي كانت تطيل النّظر إليه تحاول أن تستشف ما يريد قوله بينما هو اكتفى بابتسامة عذبة زادت النّور في وجهه.

وبعد أن انتهى الأبناء اقتربوا من والديهم الجالسَين أرضًا فأشار لهم عمارة بيده أن يجلسوا فجلسوا.

كان عمّار هو الآخر متسعة ابتسامته وقد اشتدت وضاءة وجهه مثل أبيه، فكان عمير وراحيل ويوكابد يتبادلون النّظر نحوهما.

By : Noonazad.      ( إلى طريق النجاة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن