(19)

449 25 25
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

ذاع خبر ما حدث لآل عبد العُزّى بين سائر الجيران حتى وصل الخبر إلى أخيه عبادة فحمل نفسه وامتطى جواده وانطلق إلى بيت أخيه يتفقده ويرثيه ما أصاب أهله، فتفاجأ به على حاله كأن شيئًا لم يحدث!

دلف عبادة داخل البيت ولا زال مصدومًا من تبلّد أخيه، فأهدر متنهّدًا بفرغ صبر: أنت كما أنت لم تتغير أبدًا! ماذا تنتظر أن يحدث لك حتى تتعظ وتعتدل في حياتك؟!

فتأفف عبد العُزّى وأجاب بنفس تبلّده: وماذا تراني أفعل أكثر من المعتاد؟! أو ماذا ينبغي عليّ فعله من الأساس؟! كلهم نالوا ما استحقوه، أم أنك تنتوي فضّ الشّراكة بيننا؟!

فزفر عبادة ومسح على لحيته التي يشوب سوادها بعض الشعيرات البيضاء؛ يهدئ نفسه ثم أجابه بحدّة: الشّراكة الشّراكة! اللعنة على الشّراكة والأموال! أتحدث عن أهلك وكونك صرت وحيدًا وسط الجواري والخدم، وأنت تتساءل عن الشّراكة ومصير التّجارة بيننا!

- لم أرتكب جرمًا عندما تساءلت عن مستقبلي... أقصد مستقبلنا يا أخي! ثم ما المشكلة أن أكمل حياتي هكذا بهدوء دون زوجة تنكد عليّ وتتفنن في قهري؟! وما أجمل أن تمتلك بعض الجواري وكلما مللت من إحداهن بعتها وابتعت غيرها!

فضرب عبادة كفًا بكف وزفر بقوة ثم قال: ستحيا وتموت دون أن تتغير! على أية حال كن مطمئنًا لن أسحب شراكتي معك ربما تتغير طباعك يومًا ما، وأيضًا عندما يعود إليك الزُّهير يجد شيئًا من بقايا العائلة!

فأومأ عبد العُزّى برأسه وتنهّد براحة ثم تساءل: ما آخر أخبارك يا ترى؟ ألا زلت على نفس رأيك ولن تتزوج بأخرى؟!

- للمرة الألف أقول لا، لقد مللت من التّعدد واكتفيتُ بزوجتي وأتمنى أن يطول عمري حتى أرى ولدي أوس رجلًا يافعًا.

فأومأ عبد العُزّى بعدم رضا دون أن يعقّب.

وفي مكانٍ آخر ليس ببعيد لكنه يختلف عنهم تمامًا، عمارة ويوكابد يحيا معًا قصة حبٍّ حالمة، تهدهدهما رياح الهيام و تؤنسهما نسمات الغرام.

عاشت يوكابد حياة زوجية سعيدة مع رجل كما ينبغي أن يكون الرّجال في حنانه وطيبته، شهامته وحزمه وحكمته.

ولكلٍ منهم وقته؛ فوقتًا تجد حنان وحكمة الأب، وحينًا تجد شهامة وحزم الأخ، ودائمًا تجد غرام عاشق بكل لغات الحب والهيام.

كان يرعى أغنامه وحينًا أخرى يخرج مسافرًا لأيام للتّجارة في قبائل وبلدان مجاورة ويترك رعي الأغنام ليوكابد، ويعود محمّلًا بالهدايا واحتياجاتهم، كان نِعم الأب لراحيل فأحسن معاملتها ولم يؤذيها يومًا أو يمقتها، مما ولّد شعور الرّاحة عند يوكابد خاصةً حالة وجوده بين أظهرهم.

وتكلل سعادة الزوجين بحمل يوكابد ومرّت الأيام حتى تلد له عمّار، وكان يصغر يوكابد بعامٍ تقريبًا.

By : Noonazad.      ( إلى طريق النجاة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن