(37)

374 31 111
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

خرجا معًا من الحجرة واتجها نحو حجرتهما بنفس طريقة السّير ولازال ممسكًا يديه بيديها، وكان والداه يجلسان بالردهة المتسعة أمام الحجرات، فلما مرا من أمامهما بهيئتهما هكذا، اتسعت ابتسامة زبيدة وجذبت زوجها من ساعده تشير إليهما لتريه الزوجين وهما متجهين بسعادة مفرطة لحجرتهما، تعني أن كل شيءٍ على ما يرام.

دلف أوس إلى حجرتهما ولا زال جاذبًا يديها بيديه ثم أغلق الباب وأسند ظهرها على الحائط يحيطها بين ذراعيه.

كان فيروزيتاها تدوران في أنحاء الحجرة؛ هربًا منه فحالتها مرتبكة للغاية، ورغم خفوت ضوء الحجرة، فلم يكن سوى مصباحٌ زيتيٌّ واحد هو المضاء، لكي يمكنه رؤية ملامح وجهها وتعابيرها بوضوح.

فلما لم تستطع أن تتهرب منه صاحت فيه تغطي على ربكتها: ماذا بك يا رجل؟ ماذا أصابك؟!

فأجابها بهيام وهو يقرّب وجهه منها ويحتضن ملامح وجهها بالكامل بعينيه: أصابني سهم عشقك يا ابنة العم، تُيّمت بسحر جمالك الآخّاذ.

فتابعت بمراوغة: جمالي! كأنه لم يوجد سوايّ فقط الجميلة!

فأهدر: أجل! ليس غيرك له هذا الجمال.

- لكن الجمال لا يدوم.

- رغم صعوبته في حالتك، لكني لم أهيم بجمالك فقط، بل بحسن خلقك، دينك، عقلك، فطنتك، وقوتك يا فارستي الجميلة.

- لا أصدق.

- وهل وجهي وجه كذّاب؟

فأومأت برأسها برفض، وتابعت: كلا، لم أقصد، لكني لا أصدق وجود رجل مثلك، رجل يحب ويخلص.

- وما هو الحب إلا أن أرى في طريقي ألف شخص ولا يروق لي إلا من أحب، أن أشعر بالألم عندما أراكِ تتألمين، أكون سندًا لكِ إن وقعتِ، نجتمع على السّراء والضّراء، أظلّ منبهرًا بكِ مهما فعلتِ وكأنها المرة الأولى مهما مرّ علينا السّنون والدّهور، تدوم الألفة و المودة والرحمة بيننا أبدًا ما حيينا.

فابتسمت دون أن تعقب، فمد يده يعيد خصلات شعرها خلف أذنيها ثم اقترب من أذنها وهمس: أحبك يا راحيل فلا ترحلي عني، يا مالكة قلبي ومليكته، أيتها الابتسامة التي تعتلي ثغري وليست كأي ابتسامة، إنما هي من صميم القلب، يا زوجتي الوحيدة فلن يدخل خلوتي إلا أنتِ مهما كنتُ موضع انتقاد.

ثم أشار لموضع قلبه وقال: وهذا القلب أنتِ سكنتيه وهو مسكنك ومنزلك، وهذا الصّدر هو وسادتك لتستريحي ويمدّك بالأمان، وهذا الحضن لكِ وحدك ليحنو عليكِ دائمًا ويدفئك.

كانت تستمع لكلماته السّاحرة ومغمضة عينَيها وصدرها يعلو ويهبط بوضوح، وأنفاسها الدّافئة تلفح عنقه، فزاد اقترابًا ثم قبّل جانب وجنتها بعمق، فشهقت وارتجف جسدها وأسندت ساعديها على صدره، فطوّق خصرها بتملك.

By : Noonazad.      ( إلى طريق النجاة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن