قد يهدأ الطّقس الرّبيعيّ قبـل أن يغتال هدأته، وقد يرجئ وقـد البراكـين؛ حتّى تتمّ الولادة: ولادة السّكون الـمرعب، وألـمعيّة النّرجس، وأقـبية الوحدة، وكلّ السّنين الّتي شنقت أطيافها... ولادة فضاءٍ من الأمس الـمخمّر بالذّكريات، وبانتكاسات الـمواضي الـمتعبـة، بالـخسارات تزهو بمجدها الرّخيص، بحيرة العـقل في محيطٍ ساذجٍ، برحلة الكيان في متاهة الـخطّ البيانيّ الصّاعد الهابط لم يقف العقل عند حدٍّ فاصلٍ بين العجز عن الكلام وبين القدرة عليه.. ولا عند حدٍّ فاصلٍ بين اتّقاد الشّعور وخمول النّبض، ولا بين تدفّق الحسّ وصمت الشّرايين..العقل موجب الخضوع لواقعٍ يجحف بالخلايا العصبيّة.. ما أصعب العجز عن فكّ الحصار المضروب حول فوضى الدواخل!.. وما أقسى انتفاضات الكيان بحثًا عن خلاصٍ! أنّ حرّيّة التّفكير هي العتق من إسار الفكر، وأنّ التّفكير لا يكبت من الخارج وحسب، بل من الدّاخل أيضًا. وإنّي لأخشى الحدود المقفلة والأماكن الباردة، فما أصعب «الحنين» الفاشل! وما أصعب هجيج الذّات من الذّات إلى الذّات... "مقتبس"