شيء من الشوق

79.6K 841 62
                                    

( 1 )

_ شيء من الشوق ! _

مرت خمسة عشر دقيقة منذ أن تلقى أغرب مكالمة هاتفية من صديقه الحميم، كان مفادها المقتضب بالغ للإبعاث على القلق، مع مراعاة إنقطاع روابط الإتصال بينهما لعدة أشهر منصرمة، فضلًا عن عدم رؤية أحدهما الآخر لأكثر من عام و نصف تقريبًا ...

" أنا لسا نازل من الطيارة. قابلني في قصر البحيري كمان ربع ساعة ! "... لم يسمع "عثمان" من صديقه "مراد" أكثر من ذلك، ليترك أعماله العالقة و كل ما بيده و يغادر شركته مستقلًا سيارته الفارهة متجهًا إلى بيته مباشرةً ...

وصل خلال دقائق قليلة، و قد كان كل شيء على ما يرام _ كما يرى _ !

فها هو القصر المهيب يعمه السكون و الهدوء مثل المعتاد، و هو الذي خال بأن لمن المؤكد حدوث كارثة كي ما يتحدث "مراد" على هذا النحو الجلف الذي لا يلائمه بتاتًا، و علاوة عليه يقطع الإتصال فجأة ثم يغلق هاتفه تمامًا !!!

ألا يعتبر هذا تصرفًا مريبًا ؟ ما الذي أصاب ذاك الـ"مراد" يا ترى ؟؟؟

-في إيه يا عمي ؟ إيه إللي حصل؟! .. صاح "عثمان" متسائلًا و هو يجتاز ممر المدخل وصولًا إلى البهو الواسع

إلتفت "رفعت" إليه.. كانت "فريال" تقف إلى جواره، تحمل بين ذراعيها "يحيى" الصغير الذي أتم عامه الثاني منذ أشهر قليلة فقط ..

كانت تعابير وجهها لا تقل توجسًا عن تعابير وجه "رفعت" الذي رد على إبن أخيه مجفلًا بتوتر :

-عثمان ! كويس إنك جيت. مراد كلمني من شوية و قالي إنه رجع و جاي هو و هالة. جايين على هنا فجأة كده و صوته ماكانش يطمن أبدًا

هز "عثمان" رأسه و هو يقول عابسًا :

-كلمني أنا كمان بس ما قالش إن هالة جت معاه. الغريب إن اليومين دول Season و مش من مصلحته يسيب شغله و يجي فجأة حتى لو زيارة سريعة

-خير يارب ! .. تمتمت "فريال" بقلق

لترتعد أبدان الجميع في هذه اللحظة، حين دوى فجأة صوت "هالة" المميز صارخًا ممتزجًا بنشيجها، ثم ما لبثت أن ظهرت مع زوجها القابض بيد من فولاذ على شعرها.. يسوقها منه بمنتهى الوحشية و قد إعتلت وجهه قساوة مدمرة

كانت عائلتها تراقب بذهول ما يحدث خلال تلك الثوان القصيرة، لم يفلح أحد بالنطق من شدة الصدمة إلا "عثمان"... همَّ بفتح فمه ليتكلم و يوبخ صديقه على هذه التصرفات الهمجية غير المبررة !

لكنه لم يكد ينطق، لم يكد يخطو خطوة واحدة تجاههما أصلًا، ليجد قبضة "مراد" تستقبه و تطيح بوجهه بقوة هائلة لتسقطه أرضًا فورًا ...

يسمع "عثمان" صرخة أمه الملتاعة، و في نفس الوقت يشعر بإرتطام جسم "هالة" به بمنتهى العنف و تصم أذنيه أكثر بعويلها المتزايد.. يبعدها عنه في الحال و هو يتمالك نفسه متطلعًا إلى عمه الذي جمدته الصدمة، ثم ينظر إلى صديقه ..

سَلْ الغَرَاَمُ { عزلاء أمام سطوة ماله } ج2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن