_ إنسحاب ! _

16.8K 894 225
                                    

( 62 )

_ بلا ندم ! _

بأسوأ سيناريوهات مشاجراتهم على مر أربعة سنوات منذ تعارفا، و حتى استباقًا للأحداث بمستقبلهما معًا ...

لم يكن ليتخيّل.. أو يخطر على باله مجرد خاطرٍ عابر الوضع الذي فرضته عليه الآن.. مهما صار بينهما من مشاحنات و تبادل إهانات للمشاعر يبرأ اللسان عن ذكرها

لقد خاب أمله تمامًا.. لا... لقد صعق مصدومًا لحظة سماعه خبر البلاغ الذي قدمته فيه زوجته.. لا لا... بل حين صرَّح العسكري بأمر الضبط و الإحضار

رباه !

ماذا فعلت "سمر".. و كيف طاوعتها نفسها ؟!

ذلك الموقف لن ينساه أبدًا.. أبدًا ...

رغم الصدمة الشديدة التي تلقَّاها "عثمان" و أمه معه، إلا أنه أصر ألا تذهب زوجته إلى المخفر في عربة الشرطة، طلب إلى العسكري باسلوبٍ مهذب بأن يسمح له أن يقلها معه بسيارته مع عدم تعرضه لها بالقول أو الفعل ريثما يصلا و يمثلا أمام الضابط

و ها هما الآن... بمكتب الضابط.. و جيشًا من المحاميين حضروا جميعًا بمكالمة هاتفية واحدة من "عثمان" ...

الضابط يجلس خلف مكتبه الضخم رامقًا إياهم بنظراتٍ مذهولة، غرفة المكتب مزدحمة بشكل لا يُصدق.. في جهة تجلس المدعية في كرسي وحيدة.. و في الجهة الأخرى يجلس المدعى عليه متقدمًا على وكلائه رجال القانون ذائعي الصيت بالاسكندرية و خارجها

لم يشأ "عثمان" الاطالة في هذا الأمر أيًّا كان، كان يريد الخروج من هذا المكان بأسرع وقت و كل ما شغله بالمقام الأول أن يخرج أمه و زوجته أولًا.. فهو حتى في هذه الظروف.. لا يزال يعبأ لأمرها ...

بدون مقدمات و عندما لم يرى "عثمان" بادرة للحديث الموجز في نية الضابط، تحفز في جلسته موليًا إليه كامل إنتباهه و هو يمضي قائلًا بصوته العميق الهادئ :

-أفندم يا حضرة الظابط.. جالنا ضبط و إحضار أنا مراتي. خير يا ترى ؟!

يستعيد الضابط محياه ذي التعبيرات الجادة الآن و هو يمد جسمه للأمام قليلًا و يقول بلهجة استجوابية محايدة :

-سيادتك عثمان البحيري ؟

أومأ "عثمان" مرة واحدة :

-أيوة أنا

-ممكن بطاقتك ؟
يمد "عثمان" يده داخل جيب سترته، يخرج جزدانه الثمين و يفتحه، يسحب بطاقته و يناولها للضابط على الفور ...

يأخذها الأخير و يقلبها بين أصابعه و هو يلقي عليها نظرة فاحصة سريعة.. يرميها أمامه فوق المكتب، ثم ينظر تاليًا نحو الزوجة و يكرر نفس الطلب :

-مدام سمر حفظي.. ممكن البطاقة ؟

بدون أن تتزعزع ملامح وجهها المشدودة قيد شعرة، أخرجت "سمر" بطاقتها من حقيبة يدها الصغيرة و ناولته إياها في صمتٍ ...

سَلْ الغَرَاَمُ { عزلاء أمام سطوة ماله } ج2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن