_ عرض مقبول ! _

15.1K 492 4
                                    

لم تنقطع "سمر" عن البكاء لحظة، بعد أن قام أخيها عن طاولة العشاء و إنسحب غاضبًا إلى غرفته.. أبت هي الأخرى أن تضع لقمة واحدة بفمها، و هربت إلى غرفتها أيضًا

كانت "ملك" تجلس إلى جوارها على السرير الوثير الجديد الذي إشترته منذ عودتها إلى المنزل، لم تكن تعرف سبب حزن أختها أو ماهية الخلاف الذي دب بينها و بين "فادي" قبل قليل

لكنها إستمرت في محاولاتها البريئة للتخفيف عنها، و لم تنفك تحتضنها من حينٍ لآخر و تمسح لها دموعها بأناملها الصغيرة.. ظلتا على هذا الوضع، حتى دق باب الغرفة فجأة ...

إرتعدت "سمر" مكفكفة دموعها في كميها بسرعة، و صاحت و هي تحاول إزالة آثار بكائها كلها :

-إدخل !

لحظة أخرى و ظهر "فادي" من وراء الباب ...

-صاحية يا سمر ؟ .. قالها "فادي" بلهجة محايدة

لم تجسر "سمر" على التطلع إليه و هي بهذه الحالة المزرية، خشت لو تنهار من جديد أمامه فتسوء نفسيته أكثر بسببها، فقالت بصوت شبه طبيعي و هي تتظاهر بالإهتمام بشقيقتها :

-آه يا حبيبي. كنت هاسرح لملك عشان تنام.. إنت إيه جوعت أحضرلك عشا تاني ؟

صمت "فادي" و لم يرد عليها.. فتح الباب عن آخره و نظر نحو "ملك" و هو يقول آمرًا بلطف :

-ملك لو سمحتي إطلعي إتفرجي على الكارتون بتاعك برا شوية.. عايز أتكلم مع أختك

حملقت "ملك" فيه ملء عيناها، ثم نظرت إلى "سمر" التي إبتسمت لها ببساطة ثم أومأت لها بمعنى أن تذعن لطلب أخيها ...

فعلت "ملك" ما قاله "فادي" و سرعان ما ركضت إلى الخارج بحماسة كي تشاهد أفلام الرسوم المتحركة الجديدة التي إشترتها لها أختها ...

يغلق "فادي" الباب من ورائها، ثم يمشي ناحية "سمر" بثبات.. كانت لا تزال مشيحة عنه بوجهها، فجلس على طرف الفراش إلى جوارها و إنتظر لثوانٍ، ثم قال مباغتًا :

-إنتي كنتي بتعيطي يا سمر ؟

هزت "سمر" رأسها نفيًا و غالبت توترها قائلة بصوت مختلج :

-لأ أبدًا. أعيط ليه بس ؟ ربنا ما يجيب عياط و لا زعل يا حبيبي

و شعرت بيده باللحظة التالية تمسك بذقنها، حبست أنفاسها عندما رفع وجهها ليقبض على نظراتها الدامعة بنظراته الثاقبة ...

فادي بنصف إبتسامة :

-عمرك ما عرفتي تكدبي عليا.. و لا هاتعرفي يا سمر

تسيل الدموع من عينيها في هذه اللحظة لا إراديًا، فيفقد "فادي" تماسكه و يجتذبها إلى صدره بيده السليمة و يضمها بقوة، بينما أخذت تجهش بالبكاء المر بشدة، و كأنها تفرغ كل الحزن اللا نهائي بداخلها و لا تفلح بالتخلص منه.. أبدًا مهما حاولت ...

سَلْ الغَرَاَمُ { عزلاء أمام سطوة ماله } ج2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن