_ منفى ! _

11.6K 403 4
                                    

مضى زمنٍ طويل منذ أخر مرة جلست لتحيك "التريكو".. فقد كانت تلك هوايتها خلال وقتٍ خلى... في الماضي كانت تنسج الملابس و الأغطية لأبنائها عندما كانوا أطفال

أما اليوم فهي تصنع بيديها جوارب و قبعات صوفية لأجل حفيدها العزيز، فقد أقبل فصل الشتاء، و هي أحبت أن تمنحه الدفء مع الحب بكافة السُبُل.. ذاك "يحيى" الصغير أغلى عندها مِمن سواه.. رغم وجود أبيه و عمته و حفيدتها الأخرى.. لكنه وحده من يستحوذ على قلبها و اهتمامها، بل و حياتها كلها ...

لم تكف أصابع "فريال" عن الحياكة و هي تجلس فوق الكرسي الهزاز أثري الطراز، بينما عيناها تتابعان الصغير "يحيى" و هو يضحك و يمرح بألعابه أمامها و قد جلست المربية إلى جواره تعتني به

كانت الابتسامة تملأ وجهها... إلى أن دفع باب غرفتها فجأة، و انتفضت مذعورة على صراخ زوجة إبنها و أم حفيدها :

-إنتي لسا قاعدة ؟ لسا قاعدة يا فريال هانم ؟؟؟
قـومـــي.. قـومــي شوفي و إسمعي أخر الأخبار. شوفي عمايل إللي قولتيلي سامحيه و عيشي عشانه و عشان إبنك.. قـومـــي شـوفـي عـمل فــيا إيـــه !!!

كانت "فريال" قد قفزت من مكانها من شدة فزعها، حتى "يحيى" راح يجهش بالبكاء فورًا، بينما تقترب جدته من أمه قائلة بقلقٍ جمّ :

-إيه يا سمر في إيه ؟ إللي حصل يابنتي قوليلي ؟!!!

خشت "فريال" عليها كثيرًا عندما رأت وجهها المحتقن يزداد احمرارًا بصورة خطرة، ثم يعلو صوتها مدويًا بعنف شديد بكل ما فيها من قهرًا و خيبات لا تنتهي :

-إبـــنك.. إبـــنك هايـتـجـوز عليـــا يا فريـــال هانـــم. هايـتـجـوز عليـــا !!!

فريال باستنكار : إنتي بتقولي يا حبيبتي بس.. إهدي يا سمر مش كده. لو متخانقين فهميني جرا إيه عشان أعرف أتدخل لكن كده آ اا ..

-إنتي لسا هاتدخلي !!! .. قاطعتها "سمر" صائحة بضراوةٍ

-بقولك هايتجوز.. هايـتـجـوز. قالهالي بعضمة لسانه دلوقتي. روحي باركيله يا هانم كتب كتابه هنا يوم الخميس الجاي و لا لسا ماتعرفيش ..

أخرست الصدمة "فريال" و جعلت عيناها تجحظان بشدة و هي ترمق "سمر" بعدم تصديق.. تأكيدها و غضبها أرعبها.. بينما الأخيرة تقف مقابلها هائجة الأنفاس مستوحشة النظرات.. و ما هي إلا لحظاتٍ أخرى و جاءت "صفية" على إثر تلك الأصوات مهرولة يتبعها زوجها و قد تجلل وجهيهما بعلائم القلق و الهلع معًا ...

________________

نفس الخزي و الخجل.. لم يتبدل حال "رفعت" عنهما... حتى عندما استمع إلى قرار إبن أخيه.. لم يجرؤ على الاعتراض أو حتى مناقشته

و أيضًا و هو يُلقي عليه هذه التعليمات الحادة الآن.. لم يجسر على مجرد رفع عينيه إلى وجهه لشدة العار الذي يجثم فوق كاهله ...

سَلْ الغَرَاَمُ { عزلاء أمام سطوة ماله } ج2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن