أغلقت سحاب حقيبة سفرها المتوسطة، استدارت لتلتقط سترتها الطويلة من فوق المشجب الخشبي، وضعتها فوق كتفيها و هي تلقي بنظرة سريعة على شكلها بالمرآة، أخذت تضبط تسريحة شعرها و تهندم من ثوبها الأنيق مسرعة
ثم عادت لتمسك بأغراضها، علّقت حقيبة على كتفها، و حقيبة الملابس أمسكت بمقبضها و راحت تجرها خلفها فوق الأرض مرورًا إلى الخارج ...
و خلال سيرها، لم تتكبّد حتى عناء الالتفات و لو مرة وراءها، مشت مرفوعة الرأس مفعمةً بالكبرياء.. إلى أن صارت أمام باب الشقة... مدت يدها لتفتح.. لكنه علق !
أجفلت بارتباكٍ الآن و عاودت المحاولة مرة ثانية، و ثالثة و رابعة ..
لا يزال عالقًا... ما هذا بحق الله !!!
-خير يا ترى !
كان هذا الهتاف ذي اللهجة الفاترة لـ"فادي" ...
سحبت "هالة" نفسًا ثقيلًا و أطلقته في زفرة نزقة، ثم إلتفتت نحو مصدر صوته.. لتجده يقف بالجهة المقابلة مسندًا ظهره إلى عمود الجرانيت و شبح ابتسامة يزيّن ثغره الدقيق
تلمح "هالة" بين أصابعه لمعانٍ ما، فتفطن بأن مرادها يكمن هناك.. بقبضة يده ...
يلاحظ "فادي" نظراتها المصوّبة نحو سلسلة المفاتيح الملفوفة بين أصابعه، تتسع ابتسامته أكثر و هو يقول دون أن يحيد بناظريه عنها طرفة عين :
-على فين العزم كده يا هالة هانم ؟
حافظت "هالة" على جمود تعابيرها و هي ترد عليه بصوتٍ جاف :
-أظن قولتلك إني راجعة مصر
دمدم "فادي" بايماءة قصيرة :
-إممم.. طيب إنتي حجزتي التذكرة أصلًا ؟ القوالة دي مافتش عليها يومين !
هالة باقتضابٍ هازئ :
-أنا كلمت خالو نبيل و خليته يحجزلي كام يوم في أوتيل. هاخد Tour في البلد و أتفسح شوية. أعوض الشهور إللي قعدتها لوحدي بين أربع حيطان.. و بعدين هاسافر
-مافيش سفر ! .. هكذا أعلن "فادي" بمنتهى الهدوء و الثقة
لوهلة جحظت عيني "هالة" من وقع كلماته المفاجأة لها ...
لكنها ما لبثت أن عادت إلى حالتها السالفة و ردت بحدة بيَّنة :
-لأ Sorry ماسمعتش كويس.. مافيش إيه ؟!!
كرر "فادي" ببرودٍ هذه المرة :
-مافيش سفر يا مدام. نقولها كمان.. مافيش سفر. مافيش سفر
-ليه بقى إن شاء الله ؟! .. تساءلت "هالة" مستنكرة و هي تترك مقبض الحقيبة لتعقد ذراعيها أمام صدرها
و أردفت بسخرية :
-و بأمارة إيه أصلًا ؟ سيادتك مش طايقني و مش عايزني جمبك. إنت بتلعب بيا و لا إيه.. و لا فاكرني هاسمع كلامك ؟ We're Done خلاص يا فادي. و إنت إللي نهيت علاقتنا بنفسك
أنت تقرأ
سَلْ الغَرَاَمُ { عزلاء أمام سطوة ماله } ج2
Romanceرفرف قلبها بشدة.. حين رأته مقبلًا عليها ببطء هكذا و نظراته تشملها بتفحصٍ لا يخلو من الإعجاب ... و تلقائيًا. علقت أنفاسها بصدرها و هي تستشعر الذبذبات الحارة المنبعثة من جسمه الآخذ بالاقتراب منها، حتى توقف أمامها مباشرةً.. المسافة بينهما لا تُذكر، لكن...