بحث عنها في كل مكان بالقصر.. كان شيئًا عجيب !
ألا يجدها بغرفتهما... أو حتى بغرفة الأولاد.. و لم تكن برفقة أمه.. إذ تركها للتو ليصعد إلى زوجته و يطلعها على دعوة الزفاف التي تلقاها الليلة و إياها
لكنه لم يعثر عليها ...
كان القلق قد بدأ يساوره، حتى أنه هبط للأسفل و خرج إلى الباحة باحثًا عنها.. فتش في كل مكان و جاب أرجاء الحديقة الشاسعة بوجهاتها الأربعة... كاد يذهب نحو البوابة ليسأل عنها أفراد الحراسة.. لعلها غافلته و خرجت رغم أنه لا ينفك يشدد على الأمن بألا يسمحوا لها بالخروج إذا لم يكن هو برفقتها، و أن يمنعوها أيضًا بطريقة مهذبة غير مباشرة حتى يعطونه خبرًا أولًا ...
يراها "عثمان"... و هو يستدير فجأة.. رفع وجهه لأعلى أكثر، فقد كانت تقف بأعلى قمة بالمنزل، السطح المسيّج و الذي يتفرد بالطابق الخامس و الأخير للقصر المنيف
لم تلاحظه كما يرى، و كانت تعتمر حجابها الآن.. تنفس "عثمان" الصعداء مطمئنًا لوجودها أمامه.. و بدون أن ينتظر أكثر إنطلق ذاهبًا إليها ...
كان السطح له بابًا.. و كان هذا الباب مواربًا، فدفعه "عثمان" برفق كي لا يصدر له صوت... و مشى ناحيتها بخطوات صمّاء.. كان يقف إلى جوارها في أقل من ثوانٍ
وجوده صار ملحوظًا الآن.. لكنها بدت غير عابئة... فطنت إلى حضوره.. إنما ظلت على حالتها الغريبة.. فقط تقف و تستند بمرفقيها إلى السور العريض.. و تسبح بنظراتها في الأفق الملبّد بغيوم الخريف الساحلية تارة.. و تراقب أمواج البحر البعيدة الثائرة تارة أخرى
من مبهجات و رفهيات ساكني قصر "البحيري" هي إمكانية رؤية بعض المعالم الأبرز للمدينة من علوٍ.. و خاصةً الروضة الزرقاء الواسعة هناك.. البحر الذي لا يوجد له شبيه أو مثيل بأيّ مكان سوى هنا، بتلك المدينة الساحرة على الدوام ...
-عايز إيه يا عثمان ؟
تفاجأ "عثمان" من لهجتها الثابتة أكثر من سؤالها.. كان صوتها يتحلى بجمودٍ، ربما هو تبلّد، و لعل ذلك أكثر ما يخشاه.. لا يجوز أن ينال أيّ فتور من علاقتهما.. خاصةً بهذا الوقت.. لا يجوز أبدًا ...
-جهزي نفسك الليلة ! .. خرج صوته صلبًا بدوره، و أردف باقتضاب :
-معزومين على فرح في القاهرة ..
تلتفت له هنا.. فيقابل نظراتها الجوفاء بنظراتٍ باردة، بينما تقول بنفس الاسلوب المتبلّد :
-ماعنديش فستان !
عثمان عاقدًا حاجبيه بذهول :
-إيه ؟!
كررت "سمر" بايضاح أكثر :
-ماعنديش فستان مناسب.. كلهم وسعوا عليا أوي. إنت مش شايف جسمي خس إزاي !
أنت تقرأ
سَلْ الغَرَاَمُ { عزلاء أمام سطوة ماله } ج2
Romanceرفرف قلبها بشدة.. حين رأته مقبلًا عليها ببطء هكذا و نظراته تشملها بتفحصٍ لا يخلو من الإعجاب ... و تلقائيًا. علقت أنفاسها بصدرها و هي تستشعر الذبذبات الحارة المنبعثة من جسمه الآخذ بالاقتراب منها، حتى توقف أمامها مباشرةً.. المسافة بينهما لا تُذكر، لكن...