لم ترى وجهه أبدًا منذ ليلة البارحة.. لم يفي بوعده و لم يلحق بها إلى منزل شقيقها... فجلست هي و تناولت العشاء مع "فادي" و زوجته و أكملت السهرة محاولة ألا تبين حزنها من تصرفات زوجها و خاصةً أمام إبنة عمه.. "هالة" !
عندما عادت إلى البيت تبيّنت بأنه قضى كل هذا الوقت برفقة العم "رفعت".. مع ذلك انتظرته حتى يفرغ.. لكنه لم يعرج على غرفتهما اطلاقًا، بل بقي بالأسفل حتى غفت رغمًا عنها و استيقظت بالصباح التالي و لم تجده
ساورها القلق قليلًا، لكن غضبها لا يزال بمحله.. فقررت أن تنزل و تبحث عنه لترى ما الأمر بالضبط.. تركت صغيرها "يحيى" إلى المربية و ولجت إلى غرفة الحمام لتغتسل... ثم خرجت و هي تشد زنار روب الاستحمام على وسطها
توجهت نحو غرفة الملابس و هي تباشر تجفيف شعرها بالمنشفة السميكة، لكنها سرعان ما جمدت قبل أن تتجاوز عتبة الغرفة... حين رأته يقف أمام خزانته الخاصة عاري الجزع و يهم بارتداء كنزة رمادية فوق هذا السروال الرياضي الغامق ...
-صباح الخير يا سمر !
هكذا بمنتهى الهدوء و البساطة !!!
يلقى تحية الصباح من وراء كتفه ...
رفعت "سمر" حاجبها و مالت مستندة إلى إطار الباب و هي تقول بتعجبٍ :
-لا بجد ! صباح الخير يا سمر !!
هو ده كل إللي عندك ؟ بجد يعني ؟!!!راقبته و هو يجلس فوق كرسي صغير لينتعل جزمته الزوج تلو الآخر و هو يقول بفتورٍ :
-إنتي عاوزة تنكدي يا بيبي ؟ بقولك صباح الخير عادي.. مالك بقى اتعصبتي أوي كده ليه !
و تطلع إليها ...
-إنت مش حاسس إنك عملت حاجة خالص !! .. سألته مدهوشة
تأفف "عثمان" و هو يقوم واقفًا و قال بضيق :
-عشان ماجتش و إتعشيت عند أخوكي.. عاملة كل ده ؟ مافكرتيش تعذريني أبدًا.. و أنا كام مرة عذرتك !
و أزاحها بلطف حازم من طريقه ليعبر إلى الخارج، ما لبثت "سمر" أن أفاقت من تأثير كلماته الغريبة و تبعته مسرعة و هي تقول ممسكة بذراعه :
-عثمان.. عثمان أقف لو سمحت. أنا بكلمك !
توقف "عثمان" على مضض تحت إلحاحها، استدارت حوله لتقف مقابله.. نظرت له جيدًا و هي تقول بقلق :
-مالك يا عثمان ؟ أنا آسفة طيب.. إنسى كلامي. إنسى عزومة إمبارح خالص.. أنا ماكنش قصدي أجي عليك و أكيد عذراك و هاعذرك يا حبيبي. بس أنا مش فاهمة حاجة.. قولي حصل إيه ماتقلقنيش أكتر من كده !!
أطلق "عثمان" أنفاسًا محتقنة بصدره، رفع يده و مسح على وجهه بقوة.. ثم عاود النظر إليها و هو يقول بصوت أجش :
-سمر.. في حاجة مهمة عاوز أقولهالك
علقت أنفاسها بصدرها فجأة.. حين رأت تلك النظرة الغادرة تطل من عينيه لأول مرة منذ وقتٍ خلى... تنسى أيّ شيء و لا تنسى تلك النظرة أبدًا !!!
أنت تقرأ
سَلْ الغَرَاَمُ { عزلاء أمام سطوة ماله } ج2
Romanceرفرف قلبها بشدة.. حين رأته مقبلًا عليها ببطء هكذا و نظراته تشملها بتفحصٍ لا يخلو من الإعجاب ... و تلقائيًا. علقت أنفاسها بصدرها و هي تستشعر الذبذبات الحارة المنبعثة من جسمه الآخذ بالاقتراب منها، حتى توقف أمامها مباشرةً.. المسافة بينهما لا تُذكر، لكن...