_ آسرًا ! _
خرجت عربة الطعام على نفس الحالة التي دخلت عليها إلى غرفة "هالة"... لليوم الثالث على التوالي لم تضع لقمة واحدة بفمها و الجميع _باستثناء "عثمان"_ جربوا معها كل وسائل الاستجداء و الرجاء.. لكن دون جدوى
كانت الخادمة تجر العربة أمام عتبة الغرفة، و قبل أن تغلق الباب تمامًا أتاها صوت "نبيل" من الخلف :
-هي هالة هانم مش جوا و لا إيه يا آنسة ؟
تشهق الفتاة على إثر حضوره المباغت و تلتفت إليه بسرعة.. أجابت بشحوبٍ لا يخلو من الارتباك :
-لأ يا بيه. هالة هانم جوا.. جوا و معاها صفية هانم
أخفض "نبيل" بصره إلى الطعام الذي لم يلمسه أحد، ثم نظر لها ثانيةً و قال :
-و الأكل إيه نظامه يعني !!
-ده المفروض غدا هالة هانم. بس هي لا فطرت و لا تغديت. حتى امبارح بردو لما وصلت ما أكلتش أي حاجة
عبس "نبيل" معلّقًا :
-ماكلتش كل ده ؟ ليه يعني ؟.. استني ماتاخديش الأكل ده. إرجعي بيه تاني. ورايا !
و تجاوزها ماضيًا إلى داخل الغرفة ...
بدايةً شاهدها و هي ترقد بمنتصف سريرها العريض، بدا عليها الهزل بالفعل، ربما بعض السقم أيضًا.. و كان جلدها مصفرًا و باهت بشكلٍ يبعث على القلق.. كان قد لمح "صفية" تجلس إلى جوارها كما أخبرته الفتاة
كانت تمسك بكأسٍ من العصير الطازج، و بيّد بأنها تحاول أن تجعلها تشربه عبثًا ...
-مساء الفل على أحلى هوانم ! .. هتف "نبيل" ملقيًا بتحيته الطيبة على إبنتيّ العم و هو يقبل نحوهما وئيدًا
إنتبهتا كلتاهما إلى حضوره، و لكن "صفية" فقط التي تمكنت من الرد عليه بصوتٍ خلا من التعابير :
-مساء الخير يا أنكل نبيل.. أهلًا و سهلًا بيك !
-مالك يا حبيبتي ؟!! .. غمغم "نبيل" و هو يدنو من "هالة" ماسحًا على شعرها ثم جبينها ليتحسس من درجة حرارتها
وجدها طبيعية، بينما كانت ترد عليه بلهجة متعبة :
-خالو نبيل ! .. إنت جيت ؟ أنا كويسة. ماتقلقش
يجلس "نبيل" مقابل "صفية" من الجهة الأخرى، فبقيت "هالة" بينهما... قطب جبينه، و خفض يده ممسدًا على خدها بأنامله الغليظة و هو يقول بحنانٍ :
-أظنك شايفاني مش أعمى يا ست هالة.. شكلك مش بيقول إنك كويسة خالص. قوليلي يا حبيبتي مالك ؟ و ليه مابتكليش ؟؟
و إلتفت خلفه موليًا سمعه إليها، ليجد عربة الطعام و قد تركتها الخادمة و عادت أدراجها ...
-أنا ماليش نفس ! .. تمتمت "هالة" عندما رأته يحمل صحن الحساء و يعتزم إطعامها إياه
برز صوت "صفية" في المنتصف موبخًا :
أنت تقرأ
سَلْ الغَرَاَمُ { عزلاء أمام سطوة ماله } ج2
Romanceرفرف قلبها بشدة.. حين رأته مقبلًا عليها ببطء هكذا و نظراته تشملها بتفحصٍ لا يخلو من الإعجاب ... و تلقائيًا. علقت أنفاسها بصدرها و هي تستشعر الذبذبات الحارة المنبعثة من جسمه الآخذ بالاقتراب منها، حتى توقف أمامها مباشرةً.. المسافة بينهما لا تُذكر، لكن...