_ دعوة ! _

12.9K 413 2
                                    

للمرة الثانية يتهرب منها بشقَّ الأنفس... لا يجرؤ على مواجهتها بالحقائق.. و في نفس الوقت لا يتحمل أن يقسو عليها هكذا.. لقد كابدت معه الكثير.. أو بمعنى أصح كابدت بسببه الكثير

لقد بدأ يشعر بالفعل بأنه غدار كما وصفته.. فما الذي يمكن أن يكونه بعد ما فعله بها ؟ أخذها إلى الجنة.. و منحها أجمل الأيام و الليالي الرومانسية الحميمية..أمطرها بعاطفته الرجولية الحادة اللذيذة.. ثم فجأة و بدون سابق إنذار سحب البساط من تحت قدميها.. لتهوى إلى الأرض بمنتهى القسوة و تنكسر

أجل.. لقد كسرها مرةً أخرى... يعترف بذلك.. و يعرف أنه بصدد خسارتها إن لم يفصح لها عن كل شيء.. رغم أنه ليس واثقًا إذا كانت ستتقبل قراره لو عرفت القصة كلها.. لا يريد أن يغامر بشيء.. و أيضًا لا يمكن أن يسمح لها بالتخلّي عنه... ليست هي فقط التي تحبه.. هو يحبها.. بل يعشقها بجنون و كأن العالم خلى من النساء و الحسناوات فلم تبقى إلا هي !

لا بد أن يجد حلًا.. لا يستطيع أن يتركها حزينة و كسيرة... لعله لم يكن متأكدًا من صدق مشاعرها تجاهه طوال تلك السنوات الثلاثة المنصرمة.. لكنها قد أعترفت له للتو في زلة غضب بأنها أحبته حقًا بملء جوارحها... إذن لا ينبغي أن يفرط في هذا الحب.. لا يتعيّن أن تكرهه بعد كل ذلك ....

كان "عثمان" في طريقه للعودة إلى غرفة أمه بعد أن ترك زوجته في حالة يرثى لها.. لكنه لم يكد يقطع نصف المسافة.. ليستوقفه صوت الخادمة فجأة :

-عثمان بيه !

إلتفت "عثمان" نحو الصوت هاتفًا بكل ما فيه من حنقٍ :

-نعم ! خير ؟!!!

لوهلة ارتعبت الخادمة الشابة من ردة فعله، لكنها بلغته في الأخير و هي تتراجع قليلًا مطرقة الرأس :

-الأمن بيسأل حضرتك. في ضيف مستني برا على البوابة يدخلوه و لا لأ ؟

عثمان عابسًا : ضيف ! ضيف مين ؟ إسمه إيه ؟؟

-قال إسمه أدهم.. أدهم عمران !

-أدهم عمران ! .. تمتم "عثمان" مكررًا الاسم و هو يحاول أن يتذكر أين سمع به

لتنفرج قسماته المتقلصة بعد لحظة واحدة و هو يهتف :

-آه أدهم عمران.. إبن عم مراد. خليهم يدخلوه طبعًا. بسرعة

-يا بيه هو طالب يشوف حضرتك برا على البوابة.. بيقول مش هايقدر يدخل

عادت ملامحه تعبس من جديد و هو يغمغم لنفسه :

-إيه ده ! إيه حكاية ده كمان !!

و لم يمكث محله طويلًا، تجاوز الخادمة نحو الدرج، هبط للأسفل بخفة و مشى مهرولًا صوب الخارج.. أستطاع أن يلمحه من بعيد، ذاك الرجل الحليم نبيل الأخلاق، حتى وجهه عبر تلك المسافة منيرًا بشوشًا يبث الطمأنينة و الراحة النفسية بالقلوب إلى أقصى الحدود

سَلْ الغَرَاَمُ { عزلاء أمام سطوة ماله } ج2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن