_ صراحة ! _

13.1K 411 3
                                    


كان الوقت فجرًا... لحظات ظلام الليل الأخيرة.. الهدوء سيد الموقف... نسمات هواء الصباح الملوّح بالأفق تهب عبر الشرفة المفتوحة نحو الفراش الكبير و هي تهز الستائر الناصعة الشفافة في طريقها.. "سمر"... "سمر" شبه النائمة.. كانت متكوّمة بأحضان زوجها دون حراك.. ربما بقيت على هذا الوضع ساعةً من الزمن.. أو أكثر !

لم تحسب الوقت تمامًا و لم تهتم أصلًا.. كانت ساكنة فقط طيلة تلك اللحظات... لم يسعها سوى الاستسلام الكامل له و التنعم بفيض غرامه الذي أهاله عليها بكرمٍ و شغف حتى رضاها و عالج جروحات قلبها الغائرة.. و لكنها تعلم جيدًا بأنه علاج مؤقت... سيزول بمجرد ذهابه.. أو أنه بالفعل قد بدأ في الزوال !

لقد تمكنت من الشعور بذلك الآن.. تلك الوخزات المؤلمة عاودت الطريق إلى صدرها و قلبها من جديد... في هذه اللحظة بالذات.. لقد عاد الألم !!

-سمر !

اختلجت أنفاسها حين سمعت همسه الخافت فوق رأسها.. كانت الغرفة غارقة في السواد على أيّة حال، لكنها أطبقت جفنيها شدة خشية وقوع أيّ مواجهة بينها و بينه

لم تكن مستعدة لذلك خاصةً بعد خضوعها المخزي بين يديه و التعاطي معه و تنفيذ كل أوامره و مطالبه.. صحيح أنه لم يجبرها على شيء... لكنه كان واثقًا من ضعفها، و متنبئًا باللحظة التي ستنهار فيها تمامًا رافعة رايات الهزيمة أمامه.. و ما حدث منذ قليل خير برهان على ذلك ....

-سمر أنا عارف إنك سمعاني !

إعترتها رجفة مباغتة أخرى عندما سمعت صوته بنفس الطريقة الهادئة.. يكاد يُسمع

لا تعرف لماذا داهمتها رغبة قوية للبكاء الآن، مع شعورها به باللحظة التالية يتحرك مبعدًا إياها عنه قليلًا ليحملها على مواجهته رغمًا عنها

تخشبت في مكانها أكثر و هي تغمض عينيها بقوة و تضع يديها على وجهها لتختبئ منه، بينما يحاول "عثمان" بأقصى ما لديه من لطف إزالة كفيها و هو يتمتم برفقٍ :

-بصيلي طيب.. أنا مش قادر أسيبك كده. عايز أتكلم معاكي.. يا سـمر !!!

أطلق زفرة نزقة و لم يجد أمامه سوى أن يرغمها هذه المرة فعلًا.. فنهض بجزعه معتدلًا بالفراش... إستدار نصف إستدارة و مد يده ليشعل المصباح الصغير الرابض فوق الطاولة بجوار رأسه

أصبحت الرؤية أوضح الآن تحت الظلال الذهبية الباهتة التي شاعت بلحظة مكوّنة هالة إمتدت حولهما و طوقتهما، ليعاود النظر إليها و يقبض على معصميها مباعدًا بين وجهها بحزمٍ و هو يقول :

-إنتي مش عايزة تسمعي مني طيب ؟ أنا هافهمك يا سمر.. بس إديني فرصة. بلاش حركات الأطفال دي !

-سيبني يا عثمان ! .. غمغمت "سمر" بصوتٍ مكتوم و هي لا تزال مغمضة عينيها بقوة

عثمان بإصرار : مش هاسيبك يا سمر. دلوقتي بالذات مش هاينفع أسيبك.. إنتي فاكراني بخدعك و بضحك عليكي زي زمان. بس الحقيقة يا سمر إن عمري ما خدعتك لحظة من يوم ما عرفتك. فكري فيها يا سمر و قوليلي إمتى ضحكت عليكي.. أنا عمري ما عملتها و عمري ما هعملها. و دلوقتي كل إللي بطلبه منك إنك تهدي و تسمعيني

سَلْ الغَرَاَمُ { عزلاء أمام سطوة ماله } ج2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن