تستيقظ "هالة" من نومها باكرًا.. تتمطى بفراشها مستقبلة برحابة آشعة الشمس الدافئة المنبثقة عبر شرفتها المواربة
كانت الإبتسامة ملء وجهها
و لأول مرة منذ فترة طويلة جدًا تشعر بكل هذه الراحة و التفاؤل.. إذ أخيرًا بدت أحلامها المستحيلة تلوح لها من قريب، و لعلها تتحقق أسرع مما تتمنى.. بل أنها ستتحقق بالتأكيد، ما من خيارًا آخر
تقوم "هالة" بتكاسل من مضجعها، لكنها سرعان ما تستبدله بالنشاط و هي تخلع روب قميصها الخفيف و تهرع إلى الحمام الملحق بغرفتها.. تأخذ حمامًا ساخنًا لتنعش ذهنها و تصفيه جيدًا من ضغوطات الفترة الماضية.. ثم تخرج ملتفة بمنشفة كبيرة
فتحت خزانتها و أخذت تبحث بعينيها تارة و يديها تارة بين كدسات ملابسها.. إبتعدت تمامًا عن الألوان القاتمة ذات الطابع الرسمي الذي كان يفضلها طليقها.. كانت تعرف جيدًا ما الذي يتعين أن تختاره
إتسعت إبتسامتها و هي تمد يدها لتأخذ ذلك الفستان الزهري المزركش ذي الأكمام الطويلة و القماش الثقيل المصقول.. إرتدته من فورها، ثم إتجهت نحو المرآة
صففت شعرها الطويل و تركته ينسدل خلف ظهرها بحرية دون أن تقيده بشيء، و وضعت بعض من مساحيق التجميل الخفيفة، لكنها أكثرت من طلاء الشفاه الأحمر القانٍ.. لطالما عرفت بأن "عثمان" يعشق هذا اللون خاصةً على النساء
إبتسمت بخجل متحمس و هي تتساءل في نفسها.. ترى ماذا ستكون ردة فعله عندما يراها هكذا ؟ إنها لدعوة صريحة.. و لابد أن يفهمها هذه المرة، يتوجب عليه ذلك بعد كل الذي فعلته لأجله !!!
-صحيتي يا هالة !
إنتفضت "هالة" بخفة حين سمعت صوت أبيها و قد آتى فجأة من خلفها، إلتفتت إليه لتجده يمشي ناحيتها بتؤدة لتكتشف أنها لم تكن منتبهة لأيّ شيء أثناء شرودها بخططها المستقبلية و المتعلقة كلها بإبن عمها و حبيب عمرها.. "عثمان البحيري" ...
-بابي ! .. هتفت "هالة" بإبتسامة مشرقة
-تعالى يا حبيبي. أنا صحيت من شوية و كنت جاية أصحيك عشان ننزل نفطر كلنا.. بس شكلك صاحي من بدري
يقف "رفعت" أمامها و هو يعلق بغرابة :
-أحوالك عجيبة أوي الفترة دي.. و بتصحي بدري كمان !
قهقهت "هالة" برقة قائلة :
-إيه يا بابي و أنا من إمتى كنت كسولة ؟ أنا طول عمري نشيطة أوي
يرمقها "رفعت" بنظرة فاحصة، ثم يقول بنبرة ذات مغزى :
-أحمر على الصبح يا هالة !
يا ترى عشان مين الشياكة دي كلها ؟!ترتبك "هالة" لدى سماع ملاحظة أبيها الموحية، لكنها ردت بثبات قدر إستطاعتها :
-إيه عشان مين دي يا بابي ؟ مش عشان حد طبعًا. هو عيب لما أبقى حلوة في أي وقت يعني ؟!!
أنت تقرأ
سَلْ الغَرَاَمُ { عزلاء أمام سطوة ماله } ج2
Romanceرفرف قلبها بشدة.. حين رأته مقبلًا عليها ببطء هكذا و نظراته تشملها بتفحصٍ لا يخلو من الإعجاب ... و تلقائيًا. علقت أنفاسها بصدرها و هي تستشعر الذبذبات الحارة المنبعثة من جسمه الآخذ بالاقتراب منها، حتى توقف أمامها مباشرةً.. المسافة بينهما لا تُذكر، لكن...