_ شوق جديد ! _

12.9K 403 3
                                    

أخيرًا بعد رحلة شهر عسل قصيرة.. تعود "سمر" إلى الوطن من جديد... لا تنكر أن "سانتوريني" كانت ساحرة.. لكن تبقى الأسكندرية العروس.. عروس البحر الأبيض المتوسط بمدائنها و شوارعها و حوانيتها و بحرها الرمادي شتاءًا و الفيروزي صيفًا.. لا يوجد أجمل منها أبدًا

داعبت نسمات هواء تشرين الثاني الصباحية بشرتها و هي تهبط على الدرج الخشبي الموصل بين يخت زوجها الأضخم هنا، و بين رصيف المرسى العالٍ

ابتسمت و هي تُلقي بنفسها بين ذراعي زوجها الذي قفز أولًا ليساعدها على الوصول إلى البر بأمان.. كان يرمقها بنظرة مراقبة و لم يتركها فورًا، لأنها تمسكت به بشدة بدورها و أبقت رأسها منحنية للأسفل ...

-إيه يا بيبي ! دوار البحر مش كده ؟! .. قالها "عثمان" بنعومةٍ لا تخلو من التفكه

أومأت "سمر" له دون أن ترفع رأسها، ثم قالت مقلصة أصابعها أكثر حول ساعديه القويتين :

-فوق ماكنتش حاسة. لكن أول ما رجلي لمست الأرض الدوخة مسكتني و حاسة أن الرصيف بيرقص. متهيألي لو سبتني هاقع !

ضحك "عثمان" بانطلاق و قال :

-عارف الشعور ده. بس إتعودت و كنت فكرك إنتي كمان إتعودتي

سمر و هي تهز رأسها سلبًا :

-لا لا. قضينا فترة كبيرة في البحر.. إنت متعود زي ما قلت لكن أنا لأ !

ربت "عثمان" على كتفها قائلًا بلطف :

-طيب معلش. شوية و الدوخة هاتروح خالص.. تحبي أشيلك لحد العربية ؟

صاحت معترضة و هي تنظر إليه أخيرًا :

-لا لا لا مش للدرجة دي. هي فعلًا دوخة شوية و هاتروح. أنا هابقى كويسة.. بس خليني ماسكة فيك كده

و اقتربت منه قابضة على ذراعه بكلتا يديها ...

ابتسم لها و مد أنامله ليدخل خصلة تهدلت خارج وشاح رأسها و يعيدها إلى مكانها، ثم قال مداعبًا :

-أمسكي فيا براحتك يا قلبي. يسلام دي أسعد لحظات حياتي و ربنا !

ضحكت "سمر" بخجل و مشت معه تجاه الجراج المكشوف بالجهة المقابلة للمرسى، كانت سيارته الـ( Porsche ) البيضاء لامعة بالوسط و كأنها جديدة مِمّ أدهش "سمر"..حتى نظرت إليه مطولًا.. ليلاحظها و ينظر إليها أيضًا

فطن إلى نظراتها المستوضحة، فأجاب على سؤالها الذي لم يسمعه :

-امبارح اتصلت بالسايس اللي شغال هنا و وصيته ينضف العربية كويس من التراب. اتسابت هنا كام يوم أكيد مش هامشي بيها مش نضيفة يعني

أومأت "سمر" بتفهم، بينما يفتح لها باب السيارة الأمامي.. يدخلها، ثم يذهب مهرولًا بخفة ليحضر الحقائب من فوق الرصيف، وضعهم بصندوق السيارة الخلفي، ثم أستقلّ إلى جوارها خلف المقود ...

سَلْ الغَرَاَمُ { عزلاء أمام سطوة ماله } ج2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن