جلست "سمر" في هدوء بين يدي "فريال"... الأخيرة تضع كف زوجة إبنها فوق المنشفة الصغيرة في حجرها، و بيديها تمسك بالقطن و المطهرات لتنظف لها الجرح الطفيف
بالرغم من أنها بكت حتى الآن بهدوءً غير قادرة على تسكين ألم قلبها، لكنها وجدت القوة الكافية للسيطرة على نشيجها لبرهةٍ و هي تسألها بصوتٍ مختلج :
-إيه إللي حصل لإيدك يا حبيبتي ؟ .. بليز ماتقوليش عثمان عمل فيكي كده كمان !
هزت "سمر" رأسها نفيًا، و أجابت بوجومٍ لا يخلو من الكآبة :
-لأ أطمني حضرتك.. عثمان في الخناقات الخفيفة أخره يديني قلمين. يشد شعري.. ماحضرتيش إنتي الخناقة الكبيرة قبل ما نتجوز رسمي.. التعويرة دي بالنسبة للي عمله فيا خدش بسيط
ابتلعت "فريال" غصة مريرة بحلقها، ثم قالت و قد أفلتت شهقة متقطعة باكية من بين شفاهها :
-أنا مش عارفة إيه إللي جراله ؟ مش عارفة إزاي إبني بقى كده.. أبوه ماكنش كده. يحيى عمره ما كان كده.. ليه يا عثمان ؟ ليه توصلني أعمل معاك كده !!
و تركت ما بيديها لتخبئ وجهها في كفيها و تجهش بالبكاء أكثر ...
تعاطفت "سمر" معها بشدة، فأزاحت أدوات الأسعافات جانبًا واقتربت منها، أحاطت كتفيها مسندة رأسها على صدرها و هي تقول مؤازرة :
-كفاية يا طنط.. عشان خاطري ماتعمليش في نفسك كده. إنتي عارفة.. لو عثمان فيه حاجة حلوة. ف الحاجة دي هي إنتي. كفاية إنه بيبقى طفل صغير قدامك. كأنك معجزة بالنسبة له.. حبه ليكي أقوى من أيّ قوة بيمتلكها ...
و استطردت بمرارةٍ :
-ياريته كان حبني ربع الحب ده.. ماكنتش طمعانة في أكتر من كده
-عثمان بيحبك يا سمر ! .. غمغمت "فريال" من بين دموعها
أصدرت "سمرة" ضحكة ساخرة مقتضبة، فابتعدت ""فريال" عنها قليلًا و تطلعت إلى وجهها قائلة بتصميمٍ :
-صدقيني بيحبك.. أنا أمه و حاسة بيه. عارفة و واثقة من كلامي ليكي ده
ابتسمت "سمر" بوداعة، و رفعت يدها لتزيل للسيدة الرقيقة الأدمع العالقة بأهدابها و هي تقول بهدوء :
-ما حضرتك بردو عشان أمه لازم تدافعي عنه في الصح و حتى في الغلط.. أنا عذراكي و الله. بس لازم تعرفي إللي كان مخليني صابرة عليه لحد دلوقتي هو أملي في إنه فعلًا صادق في مشاعره معايا. إني لوحدي إللي في قلبه زي ما كان بيقول دايمًا. و إن عمره ما هيشارك قلبه ده.. و لا حتى جسمه مع واحدة غيري
ظهر بعض الغضب في تتمة كلماتها ..
أمسكت "فريال" بيدها و قالت محاولة إقناعها :
-و دي الحقيقة فعلًا.. مش إنتي لوحدك إللي متابعة أخبار عثمان و جوازته الجديدة. في ظروف اضطرته يعمل كده. هو صحيح مش معرف حد إيه الظروف دي بس أنا واثقة فـ آ ا ..
![](https://img.wattpad.com/cover/261923706-288-k389105.jpg)
أنت تقرأ
سَلْ الغَرَاَمُ { عزلاء أمام سطوة ماله } ج2
Romanceرفرف قلبها بشدة.. حين رأته مقبلًا عليها ببطء هكذا و نظراته تشملها بتفحصٍ لا يخلو من الإعجاب ... و تلقائيًا. علقت أنفاسها بصدرها و هي تستشعر الذبذبات الحارة المنبعثة من جسمه الآخذ بالاقتراب منها، حتى توقف أمامها مباشرةً.. المسافة بينهما لا تُذكر، لكن...