_ كانت هنا ! _

16.4K 907 162
                                    


كان يجلس بقاعة الانتظار الملآى بالمسافريين على أهبة الاستعداد، التوتر يتلاعب باعصابه، الضيق يجثم فوق كاهله... إنتباهه كله مُركزًا مع مكبرات الصوت و الشخص الذي يدلي بقائمة ترتيب الرحلات

قدمه اليسرى لم تتوقف عن الاهتزاز لحظة في حركاتٍ تنم عن عصبيته الدفينة، كذلك "هالة" التي جلست إلى جواره تراقبه ثانيةً بثانية.. واظبت على تهدئته بأن أخذت تربت على كتفه بلطفٍ بين الفينة و الأخرى.. لكنه بدا غير شاعرًا أو آبهًا بها ...

حتى علا نداء الرحلة المتجهة إلى "القاهرة".. هب "فادي" قائمًا و هو يهتف باقتضابٍ مخاطبًا زوجته... أو طليقته :

-يلا !

نهضت "هالة" بدورها مسندة أسفل بطنها بكفها و مصدرة آهة مكتومة.. تبعت "فادي" مهرولة إلى أن وصلا عند بوابة الطائرة، سلما بطاقات السفر و دخلا على الفور ...

إستقرا كلاهما بالمقاعد الخاصة بهما.. كانت "هالة" تحل بجوار النافذة... لم تكد تلتقط أنفاسها إثر الركض وراءه و المجهود البسيط الذي بذلته، حتى باشرها "فادي" بسؤاله الخشن :

-إنتي كنتي عارفة كل إللي حصل ده من الأول ؟ أول ما جيتي هنا كنتي عارفة المشاكل إللي بينهم و ماقولتليش !!!

لم يكن ينظر إليها مباشرةً، إنما أدار وجهه قليلًا و رظقها بجانب عينه ...

تنهدت "هالة" بثقلٍ قبل أن تقول بتلعثمٍ خفيف :

-أنا طبعًا كنت هاقولك. كنت ناوية أقولك حاجات كتير و أتكلم معاك.. بس آ ا ...

-بس إيه ؟؟؟ .. قاطعها بحدة شديدة

ثم استدار كليًا ناحيتها و أردف بغضبٍ :

-إزاي تبقي عارفة إن أختي في المشاكل دي كلها. أن جوزها عمل فيها كل ده. إنه إتجوز عليها و مسوّد عيشتها.. و ماتقوليليش ؟؟!!!

-ده على أساس إنك إدتني فرصة لأي حاجة !!!!

إنطلق ذلك الصياح من فم "هالة" بعد إنقطاع صوته تمامًا، لم يتغيّر تعبير وجهه قيد شعرة.. بينما تستطرد و قد تملكها الغضب هي الأخرى :

-من ساعة ما جتلك و إنت حاطط حدود بيني و بينك. كل ما أحاول أقرب منك تصدني و مفهمني من الأول إنك مش عايزني و مقعدني جمبك بس عشان إللي في بطني. إستحملتك و قلت حقه يزعل و يطلع إللي جواه مني. قلت شوية و يهدا و يرجع فادي إللي أعرفه. إستحملت و لحد إنهاردة كنت مستحملة. لكن خلااااص. فاض بيا. كل حاجة هاتحملني مسؤوليتها حتى أختك و مشاكلها.. لحد هنا و Stop بجد.. أنا كتر خيري أساسًا لحد كده. لما نرجع إبقى شوف إنت هاتعمل إيه و خلينا نخلص بجد من موضوعنا ده عشان أنا تعبت. تعــبـت !

لم تنتبه "هالة" حتى رأته يتلفت حوله، ألقت نظرة سريعة حيث ينظر.. لتجد بأن جميع الركاب نظراتهم مصوّبة ناحيتهما ...

سَلْ الغَرَاَمُ { عزلاء أمام سطوة ماله } ج2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن