الفصل الخامس ⁦❤️⁩💥

9.4K 306 21
                                    

وقفت سيارته امام ڤيلا صفوت الزيان لينزل منها وشياطين العالم مجتمعة برأسه .. يأكل الطريق لغرفتها التي حبست نفسها بها منذ الصباح .. منذ ان علمت بما حدث لذلك الصغير والذي لن يمرره عاصي مرور الكرام .. ثواني وكانت تنتفض على السرير حين وجدت امامها الوحش بشكل لم تراه حتى في أسوأ كوابيسها .. انفاسه الثائرة وعينيه الحمراء من شدة الغضب .. ارتجف قلبها من الرعب وحاولت ان تقف على قدميها
نادين(بخوف وهي تقف امامه): عاصي..
صفعته قطعت جملتها لترتمي على السرير بفم ينزف وكيف لا وقد ذاقت صفعة الوحش
عاصي(بحدة وغضب): القلم دا اللي ضربتيه لأبن اخويا
نادين(بجسد ينتفض من الرعب): عاصي انا...
قطعت جملتها حين قبض عاصي على رقبتها يخنقها بعنف حول وجهها للون الازرق في ثواني
عاصي(بغضب شديد ونبرة مرعبة): انتي عايزة تموتيه؟!! .. دا انا اموتك قبل ما تفكري انك تلمسيه حتى
نادين(باختناق وهي تضرب على يده): بتخنق آآآ
لم يتركها عاصي حتى بدأت الرؤية في عينيها بالخفوت لتهمس وقد اوشك قلبها على التوقف
نادين(بأنفاس كختنقة بشدة): ع.ا.ص.ي
تركها وابتعد عنها لتسعل بشدة وتشهق اكثر من مرة محاولة اخذ ما يكفي من الهواء الذي انقطع عنها بسبب ذلك الوحش الغاضب
عاصي(بتوعد وغضب): المرة دي سيبتك .. المرة الجاية اقسم بربي لو بس فكرتي انك تلمسيه ل اكون قاتلك ومقطع جسمك حتت وراميه لكلاب الشوارع
نادين(برعب وهي تنظر له): ...
عاصي(بتحذير مميت): كله إلا عمر .. فاااااهمة؟!!!
نادين(برعب وهي تهز رأسها): ...
تحرك عاصي بغضب من امامها لينزل مرة اخرى ناحية سيارته ويبدأ التحرك بها ناحية منزله حيث ترك عمر الصغير بحوزة مدبرة المنزل السيدة فتيحة
///////////////
بإحدى السيارات التي تقف بمكان متواري على الأنظار بالقرب من ڤيلا صفوت الزيان صدح صوت السائق وهو يردف
السائق: هو احنا هنفضل قاعدين كدا كتير يا مودام؟
جميلة: نقعد ولا نتحرك انت مالك .. انت الفلوس اللي هتطلبها هتاخدها اسكت بقا
السائق: مش القصد يا مودام بس يعني الليل ليل والواحد عايز يروح يريح العضمتين
جميلة(بملل): اسكت بقا
لمحت جميلة سيارة عاصي تخرج من بوابة الڤيلا لتردف بلهفة
جميلة(بلهفة): بسرعة اطلع ورا العربية دي بس اوعى يلاحظك .. اوعى يزوغ منك
السائق(وهو يدير المفتاح بالسيارة): ايه جو الاكشن والمغامرات دا يا مودام؟
جميلة: اخلص بسرعة
السائق: حاضر يا مودام هدي اعصابك
تحرك السائق وراء سيارة عاصي وبالخلف كانت تجلس جميلة بدقات قلب متواثبة فهي قد فكرت انه ربما عمر ليس موجوداً بالفعل بڤيلا صفوت ولكنه اكيد مع عاصي لذلك قررت التحرك وراءه .. مر بعض الوقت ليقف السائق على بُعد ليس بكبير من بيت كبير بحديقة واسعة ومحاط بسور ضخم وسور اخر من الاجساد البشرية او كما يُسموا "الحراسة"
السائق: هنروح في حتة تانية يا مودام؟ انا خلاص جبت اخري
جميلة(وهي تخرج النقود من حقيبتها): خلاص خلاص .. اتفضل
وضعت جميلة النقود بيد السائق ونزلت بهدوء لا يتناسب مع الحرب الدائرة بصدرها فهي إن استطاعت ان تتخطى الحواجز البشرية والسور العالي ودخلت لعرين ذلك الاسد هل ستستطيع الخروج بصغيرها من الداخل؟!!
////////////////
صعد لغرفة الصغير عمر الذي حرص على ان تكون بجوار غرفته .. فتح الباب ليجد السيدة فتيحة تجلس على السرير بجانب ذلك الملاك النائم وهي تمسد على شعره وتتمتم بآيات الله كما كانت تفعل لعاصم وعاصي الصغار .. تقدم لداخل الغرفة بهدوء لتقف احتراماً له فهو لم يعد عاصي صغيرها المدلل التي كانت تلعب معه في الماضي بل اصبح عاصي الوحش ابن صفوت الزيان احد رجال الماڤيا .. فكرت كثيراً في الرحيل بعدما تغير حاله بل يمكن القول انه تبدل ولم يتبق منه شئ حتى الملامح اصبحت قاسية وشديدة ولكن لم يطاوعها قلبها على تركه فقد قيلت جملة في الماضي (حتى وإن كنت شيطاناً سأبقى ملاكاً بعين امي) وهو حالها معه برغم ما تعرفه عن عمله وحياته إلا انها مازالت تراه صغيرها الحبيب التي فُرضت عليه الظروف وحوله القدر لنسخة بشعة من والده
عاصي(مدعي الجمود وهو ينظر لعمر النائم): نام من بدري؟
فتيحة: بقاله شوية
عاصي: اكل؟
فتيحة: لا .. مارداش ياكل .. كل اللي كان جاي عليه عايز خالته
عاصي(مدعي القسوة): بكرة ينساها
فتيحة: كنت انت نسيت في ٢٠ سنة
نظر لها عاصي ولم ينطق ليتحرك بدون قول كلمة واحدة ناحية غرفته لتنظر في اثره وهي لا تعلم اتدعي عليه بسبب ما يقوم به ام تدعي له بسبب ما يشعر به لينتهي بها الامر مثل كل مرة تدعي له بقلب ام ملتاع على صغيرها
////////////////
مر الوقت وجميلة تقف متخفية عن الانظار وتراقب البوابة .. تنتظر اللحظة المناسبة للدخول .. لا تعلم ماذا ستفعل بعدها ولكن جل ما تعلمه انها عليها رؤية صغيرها .. انتبهت لحركة الحارسين الواقفين على البوابة ليدق قلبها حين وجدتهم تحركوا مبتعدين تاركين البوابة .. أتت اللحظة وعليها استغلالها .. جرت بسرعة بدقات قلب متواثبة ناحية البوابة لتجد نفسها فجأة داخل بيته .. لا تعرف كيف جرت ولا كيف اعترتها الشجاعة لفعل ذلك .. تبتلع ريقها وهي تنظر حولها تحاول ايجاد صغيرها قبل ان يكتشف أحد وجودها .. صعدت السلم بهدوء ومع كل خطوة تزداد دقات قلبها في قوتها .. وقفت امام احدى الغرف وقد حدثها قلبها انها غرفة صغيرها .. كادت بمسك مقبض الباب لتجحظ عينيها بقوة حين وجدت يداً توضع فوق فمها وتجرها لغرفة اخرى لينبض قلبها رعباً حين وجدته يقف امامها بعينيه السوداء الغاضبة محتجزاً جسدها الصغير امام جسده القوي
عاصي(بهمس امام وجهها): انتي يا إما شجاعة جداً يا إما غبية جداً علشان تدخلي برجليكي بيتي وانتي فاكرة انك ممكن تخرجي منه حيه
جميلة(برعب وهي تنظر لعينيه): ...
عاصي: انا حذرتك وقولتلك تبعدي عني وعن عمر
جميلة(بشجاعة وقوة): عمر امانة اختي .. مش هبعد عنه ابدا .. وإذا كنت فاكر انك مخوفني بالحراسة والمسدسات احب اقولك ان امبراطورية الزيان ماتفرقش معايا ولا تهز فيا شعرة .. يعني انا مش خايفة منك
عاصي(وهو يتفرس وجهها بنظراته): ...
جميلة(بنبرة هادئة يشوبها الرجاء): افهمني .. عمر محتاجني وانا محتاجاه اضعاف احتياجه ليا .. هو العيلة الوحيدة اللي فاضلالي .. امانة اختي .. وحتة منها .. ابني اللي ماخلفتوش
عاصي(بنبرة لا تحتمل المناقشة): عمر مكانه معايا
جميلة(بنبرة اعلى يشوبها الانفعال): افهم بقااا انت مش هتقدر تقدمله اللي انا هقدمه .. هو محتاجني .. قولي انت هتنام جنبه بالليل وتاخده في حضنك .. هتطبطب عليه وهو بيعيط علشان ماعرفش يجيب جون وهو بيلعب .. هتشجعه علشان رسم رسمة كلها شخابيط وهتقوله انها احلى رسمة في الدنيا .. هتقوم بالليل تسقيه ماية .. هتحط مخدة تحت ضهره علشان يعرف ينام .. هتعرف تعمل كل دا؟!!!
عاصي(وهو يهرب بنظاراته لأنه يعلم انه لن يقدر على ذلك): ...
جميلة(برجاء شديد والدموع تلمع بعينيها): ارجوك سيبلي عمر .. ارجوك
عاصي(وهو يبتعد عنها قليلاً ويُشير ناحية الباب): اطلعي برا بيتي واوعي تفكري مرة تانية تمشي ورايا ولا تراقبي البيت علشان تدخلي تاخدي عمر
جميلة(بصدمة): ...
عاصي(بابتسامة خبيثة): ايه؟! مصدومة ليه؟ انتي كنتي فاكرة اني مش عارف انك مشيتي ورايا من الڤيلا لهنا .. ولا تكوني فاكرة ان القدر بيساعدك لدرجة ان الحارسين فجأة يتحركوا ويبعدوا عن البوابة علشان تقدري تدخلي .. انا اللي سيبتك بمزاجي علشان تعرفي انك بعد ما عديتي كل دا برضو ماقدرتيش تدخلي اوضة عمر من غير ما انا اسمحلك
جميلة(بانفعال وهي تضربه على صدره بقبضتيها): انت ايه يا اخي .. ايه مش بتحس .. قلبك دا ايه .. حرام عليك .. انا بقولك عمر محتاجني .. افهم
امسك عاصي معصمها بقوة وجذبها خلفه وهو يدك الارض بقدميه لتصرخ هي وهي تحاول الافلات من بين قبضته الفولاذية
جميلة: سيبني .. سيبني موديني فين؟!!!
سحب عاصي جميلة حتى أخرجها خارج بيته بنفسه رافضاً ان يمسها احد افراد الحراسة .. اغلق سور البوابة ليهتف من وراءه
عاصي(بتحذير ونبرة مرعبة): مش هقولك تاني .. انسي عمر احسنلك
قالها وتحرك مبتعداً عن البوابة لتصرخ جميلة وهي تضرب بكفيها على البوابة
جميلة(بصراخ وقوة): مش هنساه .. سامعني .. مش هنساه وهاخده غصب عنك .. مش هنساااااه
/////////////
صعد عاصي لغرفته وهو يكاد يجن من حاله .. لو كانت امرأة اخرى هي التي كلمته بذلك الاسلوب لكان قد فصل رأسها عن جسدها .. لو كان أحدا اخر هو من تعدى حدوده لما اعطاه فرصة أخرى للتنفس .. اذا لماذا معها كسر قواعده .. اعطاها فرصة ثانية وثالثة .. لماذا؟!!! .. لماذا لا ينفك عن تذكر عينيها القويتين .. لماذا يتردد بأذنه صوتها وهي تقول انها لا تخافه .. هل يمكن فعلاً لأحد ان لا يخافه .. تحرك لشرفة غرفته وهو لا يعلم سر رغبته بالتأكد من وجودها لتتركز عينيه عليها حين وجدها تجلس على الرصيف المقابل لسور بيته وهي تركز بعينيها على شرفته ومازالت تلك النظرة القوية ساكنة غابات عينيها الساحرة لتربع يديها محاولة بث الدفء قليلاً لجسدها فقد اشتدت البرودة ولكنها لن تستسلم أبدا .. وضعت حقيبة يدها على الرصيف وفردت جسدها وهي تلف يديها حول نفسها لتحاول النوم رافضة ان تتحرك دون صغيرها .. اما هو فاندفع للداخل وهو يقاوم تلك الرغبة في النزول وأخذها ليُدفئها بين احضانه .. ظل يجوب الغرفة كالأسد الهائج ليقرر النزول لصالة رياضته الموجودة بالمنزل ليفرغ طاقته ويهلك جسده عساه يستطيع النوم دون ان تزور تلك الجميلة ذات العيون الساحرة احلامه
//////////////
مر يوماً كاملاً ومازلت جميلة رافضة التحرك من امام بيت عاصي .. مازال هو مستمراً في تجاهلها ظاهرياً أما من داخله يؤلمه قلبه عليها وبالأخص بالليل البارد حيث يشتد الهواء الذي يغرس في جسدها كالمسامير حتى انه امتنع عن الخروج من المنزل حتى لا يراها أو يكون قريباً منها .. اما عن الصغير عمر فقد امتنع عن الطعام رافضاً وضع لقمة بفمه تاركاً العنان لعينيه الصغيرتين لتسدل شلالات من الدموع على فراق من كانت له أماً بعد الأم .. يجلس عاصي بمكتبه ويحاول ان يباشر عمل شركته للاستيراد والتصدير والتي تعتبر افضل غطاء له ولأمواله الغير مشروعة .. طرق خفيف على الباب جعله ينتبه ليعطي الاذن لمن بالخارج للدخول .. ولجت السيدة فتيحة للداخل وهي تضع فنجان القهوة امام عاصي .. يلاحظ عاصي ترددها في التحدث ليرتشف القليل من فنجانه وهو يردف بهدوء قليلاً ما يتحلى به
عاصي(دون ان ينظر لها): عايزة تقولي ايه؟
فتيحة(بتردد): اصل....
عاصي(وهو ينظر لها من طرف عينه): اتكلمي على طول
فتيحة: عمر ماكلش حاجة النهاردة كمان
عاصي(بغضب): يعني ايه؟؟!!! عامل إضراب عن الطعام حضرته؟!!
فتيحة: يا عاصي بيه دا ولد صغير .. اتربى طول عمره في حضن خالته مستحيل بين يوم وليلة يقدر يبعد عنها وينساها ويتأقلم على حياته الجديدة دي .. ثم اعذرني يعني هو مايعرفش حد في حياته الجديدة دي .. يعني حضرتك عمه بس اول مرة تقابله كانت من ٣ ايام
عاصي(بهدوء): حضري الاكل .. وطلعيه اوضته وانا جاي وراكي
فتيحة: حاضر
قامت فتيحة بتجهيز صينيه الاكل وتحركت بهدوء ناحية غرفة ذلك الصغير الذي جلس على سريره ضامماً ركبتيه لصدره رافضاً الاكل مكتفياً ببعض الماء الذي يروي حلقه الصغير مثله .. دخل عاصي غرفته ليُصعق من منظر عمر الذي ذبلت ملامحه وكأنه كبر سنوات .. أين الابتسامة التي رآها على وجهه اول مرة والتي جعلت قلبه المتحجر يدق بين اضلعه .. اين شقاوته وعفويته التي كانت ترسم ابتسامة وإن كانت بسيطة على وجهه .. اختفى كل ذلك .. لما؟ لأجل تلك التي تُدعى خالته؟! ألتلك الدرجة يحبها؟ ألتلك الدرجة يتعلق بها؟ .. تقدم عاصي بهدوء من عمر وقد امسك بطبق الشوربة الذي حضرته السيدة فتيحة .. جلس بجانبه على السرير ليسكن الحزن عيناه حين وجد عمر يبتعد في جلسته عنه
عاصي: مش عايز تاكل ليه؟
عمر: مش جعان
عاصي: انت بقالك يومين ماكلتش
عمر(بنبرة طفولية يشوبها الحزن): ومش هاكل خالص علشان اموت واروح لبابا وماما
سكن الغضب عينا عاصي حين ذكر عمر الموت
عاصي(وهو يمسك ذراعه بغضب): اوعى اسمعك مرة تانية تجيب سيرة الموت انت فاهم؟!!!
عمر(بدموع تلمع بعينيه): ...
فتيحة(وهي تمسك يد عاصي): عاصي بيه اهدى .. دا طفل
تدارك عاصي نفسه وانه انفعل على هذا الصغير ولكنه لم يكن يقصد ذلك هو فقط لم يتحمل فكرة ابتعاده عنه بالموت مثلما ابتعد عنه جميع احبابه وعلى رأس القائمة اخيه العزيز .. وضع الطبق من يده وحاول ان يقترب من عمر ليبتعد الاخير بخوف طفولي وقد لمعت عيناه بالدموع .. تألم قلب عاصي من نظرة الصغير ولم يستطع تحمل رؤية الدموع بها ليقف سريعاً ويتحرك مغادراً الغرفة متجهاً لتلك التي مازالت تفترش الرصيف وتنام عليه لتشهق بفزع حين وجدت من يقبض على ذراعها بقوة افزعتها وجعلت النوم يغادر جفنيها .. جذب عاصي يدها ودخل للبيت وسط صراختها به وضربها له بقبضتيها الصغيرتين التي لا تؤثر بذلك الوحش .. فتح غرفة عمر ليدفعها بقوة للداخل لتفقد توازنها وتسقط ارضاً بقوة ارجفت قلبه ولكنه حاول المحافظة على قناع برودته .. وقعت عينا عمر علي خالته لتلمع عيونه بفرح ويهتف
عمر(بفرحة): خالتو
جميلة(بلهفة): قلب خالتك
اندفع عمر ناحيتها ليرمي نفسه بين احضانها وتحاوطه هي بكل قوتها فقد مر اليومين السابقين عليها كعامين عجاف لم تذق فيهما طعم الزاد ممتنعة عن كل شئ وكأن قلبها اراد مشاركة صغيرها كل شئ .. خرج عمر من احضانها ليرفع كفه الصغير لعينيها ويمسح دموعها التي تنسدل دون توقف على وجهها لتُمسك هي وجهه بين كفيها وتغرق كل شبر فيه بالقبلات المشتاقة .. كل ذلك تحت نظرات الوحش التي تتفرس كل انش منها ويراقب كل حركة يقومان بها .. هتف عاصي ببرود
عاصي: أكليه
جميلة(بصدمة): نعمممممم؟!!
عاصي(بنبرة حاول جعلها باردة): أكليه .. بقاله يومين مش راضي ياكل
جميلة: هو مش محتاج اكل .. محتاج حب .. طبطبة .. حنيه
عاصي: وماله .. اديكي معاه اهو .. اديله الحب والطبطبة والحنية وبعدين أكليه
دارت حرب نظرات قصيرة بين عيونهم ليقطعها هو حين تحرك لخارج الغرفة وهو مازال يرسم على وجهه البرود بإتقان واحتراف بينما ثبت نظر جميلة على الباب وهي تلعن ذلك الوحش معدوم القلب الذي فرقها عن صغيرها .. ثواني ووجدت الباب يُفتح وتدخل منه فتيحة وهي تبتسم بهدوء وتحمل في يدها صينية بها طبق من الشوربة .. تمالكت جميلة نفسها لتنظر ناحية عمر الذي مازال يتشبث بأحضانها لتردف بحنان
جميلة(وهي تملس على وجهه): يلا يا حبيبي علشان تاكل
عمر(وهو يهز رأسه): لا مش هاكل
جميلة: كدا! طب انا همشي و..
عمر(وهو يتمسك بملابسها بلهفة طفولية يشوبها الحزن): هتمشي وتسافري وتسيبيني تاني؟!!
جميلة(بلهفة وحنان): ماتعيطش يا قلبي .. انا عمري ما هسيبك أبدا
عمر(وهو يحرك رأسه بطفولية): ابدا ابدا؟
جميلة(بضحكة خفيفة هي تقلده): ابدا ابدا
عمر(بابتسامة): ...
جميلة: قولي بقا مش عايز تاكل ليه؟
عمر(بهمس عالي قليلاً): اكلهم وحش
ضحكت جميلة وسط دموعها التي تلمع بعينيها على هذا الصغير الذي لا يدري شيئاً عن الحرب الدائرة من اجله وشاركتها فتيحة الضحك
جميلة(وهي تبتسم له): طب تحب تاكل ايه؟
عمر: مسقعة زي بتاعتك
جميلة(وهي تنظر لفتيحة التي تكتم ضحكاتها): بيتهيألي صعبة شوية حكاية المسقعة دي هنا
عمر(وهو يرفع كتفيه بطفولية): يبقى بيض بالطماطم زي اللي كنتي بتعمليه ليا
هزت فتيحة رأسها بهدوء لتردف جميلة وهي تبتسم بهدوء
جميلة(وهي تقبله بخده): يبقى بيض بالطماطم .. عمر باشا يؤمر بس
تحركت جميلة وعمر وفتيحة ناحية مطبخ البيت لتبدأ جميلة في اعداد البيض بالطماطم لصغيرها بينما يجلس هو على طاولة المطبخ ويراقبها بعينيه الصغيرة ونظرته الطفولية .. تناست كل شئ ولو لدقائق مستمتعة بذلك القرب من صغيرها الحبيب
/////////////
يتحرك في مكتبه وكأنه يدوس على شوك ولا يستطيع الوقوف بمكانه .. صراع دائر بين قلبه الذي يخبره بالذهاب عندهم وإمتاع عينيه برؤيتها وبين عقله الذي يذكره بمن هو ومن هي .. بعيدة هي عنه بعد السماء عن الارض .. مستحيلة كما هو مستحيل ان يدخل ابليس جنان الرحمن .. يكون قاسي امام الجميع وفجأة يجد قسوته تذوب حين يكون أمامها .. يحس بقوته تتحول لضعف امام غابات عينيها فيصبح كل ما يريده هو الارتواء من شهد شفتيها وكأنه صائم وهي ماء زمزم وقت آذان المغرب فكيف لا يشرب منه راوياً صحراء حلقه .. يتغلب العقل على القلب وهو يذكره انه لا سبيل لهما معاً ابدا ليتحرك لغرفة عمر ليراه ويطمئن انه اكل او على الاقل هذا ما ادعاه عقله حين هُزم مرة اخرى امام هذا القلب الذي عرف طريق النبض من جديد .. يفتح الغرفة ويمشطها بعينيه ليحتل الغضب صدره حين وجدها فارغة .. ظن انها حاولت مرة اخرى خطف هذا الصغير ليتوعد لها بالهلاك تلك المرة .. يتحرك بسرعة كالأسد الغاضب لينتبه على صوت ضحكات عمر المجلجلة من مطبخ المنزل .. يتقدم من المطبخ لتهدأ نيران صدره حين وجدها تقف امامه مولياه ظهرها وتضع لقمة تلو الأخرى بفم عمر الذي يبدو متمزجاً للغاية .. وكيف لا يكون متمزجاً وهي تُطعمه بيدها .. هل للطعام نفس الطعم حين يكون من يديها .. هكذا تسائل قلبه لينتبه لنفسه ويتنحنح وهو يدخل للمطبخ ببروده وكبرياءه المعهودين ليتصنم مكانه حين وجد عمر ينزل بسرعة من على الطاولة ويُلقي نفسه بأحضان عاصي
عمر(بفرحة وهو يحتضنه): شكراً يا عمو عاصي انك رجعتلي خالتو تاني .. انا بحبك اويييييي
دق قلب عاصي بقوة .. يحبه؟!!! هل يحبه احد بتلك الدنيا ؟!!! هل يراه احد بتلك الدنيا يستحق الحب؟؟!!!
عاصي(بنبرة حاول جعلها باردة): خلصت اكلك؟
عمر(وهو يهز رأسه): ...
عاصي: طب يلا اطلع اوضتك
عمر(وهو ينظر لجميلة): يلا يا خالتو
نظرت جميلة ناحية عاصي لتجد الجمود مازال يتركز مقلتيه لتحاول التحكم في نبرة صوتها التي تخنقها الدموع
جميلة(وهي تُشبع عينيها منه): معلش يا حبيبي اسبقني انت وانا هروح البيت اجيب كام حاجة وأجي تاني
عمر(بنبرة طفولية): اوعي تكوني بتكدبي عليا وهتسافري تاني .. هزعل منك
جميلة: عمري ما اقدر على زعلك يا قلبي .. انا هرجع على طول صدقني
عاصي(وهو يُشير لفتيحة): خديه على فوق
تحركت فتيحة التي كانت تقف وتراقب ما يحدث وقلبها يأن وهي ترى فراق عمر عن خالته .. ذلك الصغير الذي افترق عن امه وابيه تحت رغبة القدر والآن حُكم عليه بالافتراق عن خالته وامه الثانية تحت رغبة ذلك الوحش الملقب بعمه .. ما ان خرجت فتيحة بعمر حتى امسك عاصي بذراع جميلة وتحرك بها للخارج وسط محاولاتها للافلات منه .. قبل البوابة بقليل استطاعت ان تنفض ذراعها من يده لتصيح به
جميلة(بقوة): انت واخدني فين؟ احنا لازم نتكلم
عاصي(ببرود): مفيش كلام بينا .. مهمتك خلصت .. تقدري تتفضلي
جميلة(برجاء): انت شوفت بنفسك ان عمر محتاجني .. ارجوك سيبهولي
عاصي(بنبرة لاىتقبل المناقشة): قولتهالك قبل كدا .. عمر مكانه جنبي وعمره ما هيسيب مكانه دا ابدا
جميلة(بانفعال وغضب): انت اناني كدا ليه .. بتفكر في نفسك وبس .. ماشي يا سيدي عرفنا انك كنت بتحب اخوك الله يرحمه وانك مش متقبل فكرة موته بس عمر مش عاصم .. عمر ولد صغير لسة مكمل ٦ سنين من يومين .. طفل محتاج اللي يهتم بيه
عاصي(بانفاس محتدة حين ذكرت موت عاصم): اطلعي برا
جميلة(برجاء مرة ثانية): ارجوك افهم .. عمر محتاجني .. وانا محتجاه
عاصي(بحدة): برا قولت
قالها عاصي وهو يمسك بذراعها مرة أخرى ليحثها على الخروج ليجدها تصرخ فجأة برعب وهي تنظر وراءه
جميلة(بصراخ): لااااااااا
في اقل من ثانيه كانت تُديره لتصبح مكانه وبعدها صدح صوت رصاصة قوية اخترقت جسدها لينظر هو لها بصدمة .. فدته بنفسها؟!!! ضحت بروحها من أجله؟!!!! لماذا؟!!! اما هي فاستسلمت بهدوء للظلام الذي احاط بها لترتمي بين احضانه والدماء الطاهرة تسيل من جسدها ملونة ملابسها باللون الاحمر كعينيه شديدة الغضب الآن فهل ستكون فعلتها تلك هي بداية حكايتنا؟! .. حكاية الجميلة التي عشقت الوحش
كاااااااااااااااات .. كفاية كدا النهاردة

جميلة عشقت الوحش 🤍🖤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن