تلك الطمأنينة التي نجدها بقرب من نحب تعادل ألف شعور آخر .. تلك الراحة التي تسكن الروح .. تلك التنهيدة التي تخرج من صدر يحتوي قلب انهكه الخوف والألم .. ذلك الشعور الذي لم تُخلق بعد كلمات تصفه .. يومين قضاهم عاصي وجميلة في ذلك البيت الصغير يُعادلون سعادة العالم وراحة وطمأنينة الكون .. يومين كانوا بهما كأي اسرة صغيرة مع صغيرهم عمر الذي حُرم من معنى الاسرة منذ صغره ومعهما ذاق حلاوة طعمه .. يومين نسى فيهما عاصي من يكون وتناسى بُعد المسافة بينه وبين جميلته فكان كأي زوج وأب يضفي وجوده معنى وطعم للمنزل وكذلك فعلت جميلة .. تناست كل شئ .. لم تفكر سوى في وجودهم بذلك البيت الصغير بصحبة صغيرهم ووسط عائلتها الجميلة .. لن تنسى ابدا هاذين اليومين ولو اصبح عمرها ألف سنة وتآكلت ذاكرتها فلم يتبقى سوا فُتات الذكريات .. وكذلك لن يفعل هو .. لن ينسى نزوله للمسجد بصحبة محمد كل يوم .. لن ينسى احضاره للإفطار وسط تحديه ونظرات جميلة المندهشة .. نعم لا داعي للاستغراب، فعاصي الزيان نزل لإحدى المناطق الشعبية وتزاحم مع الناس من اجل الحصول على بعض الفول المدمس واقراص الطعمية الساخنة وعدد قليل من الخبز الطازج الساخن فهو بعدما رأي جميلة ترتدي عباءتها السوداء التي لم تزيدها إلا جمالاً فوق جمالها رفض ان تنزل بطلتها تلك المُهلكة والفاتنة لأعتى الرجال .. لاحظ وقتها نظرات الدهشة المصحوبة بابتسامة خفيفة مرسومة على شفتيها حين اخبرها انه هو من سيُحضر الإفطار .. حياة هادئة عاشوها وسط دفئ العائلة فكانوا يقضوا وقتهم بين لعب مع عمر وروضة وبين الحديث مع السيدة ابتسام وفي نهاية اليوم يجتمعوا مع تلك الاسرة على سفرة واحدة ويهنئوا بعشاء بسيط ولكن به لذة تضاهي أشهى الموائد في اعظم القصور .. تحس بتغييره في تلك الايام وتتسائل هل سيستمر على ذلك المنوال ام ان برجوعهم لڤيلا الزيان سيعود لحاله القديم .. هل تغير ام ان هذا كان حاله ليومين فقط .. قاطع تفكيرها صوت الراديو الذي فتحه عاصي على غير العادة وهو يقود سيارته .. نظرت جميلة له قليلاً قبل ان يتكلم عمر
عمر(بنبرة طفولية يشوبها القلق): انا راجعت الدور يا خالتو بس لسة خايف
جميلة: ماتخافش يا حبيبي هتعمل الدور حلو اوي اوي وبعدين مش انت بتحب كارتون الجميلة والوحش
عمر: اه جدااااااا
جميلة(بابتسامة): خلاص اديك هتعمل دور الامير الوحش اللي هتحبه اجمل الجميلات
عمر: هي الجميلة فعلا حبت الوحش؟
لا تعلم لما عند سؤال عمر دق قلبها بقوة وكأن للسؤال معنى آخر .. معنى يخصها هي ووحشها الحبيب .. سرقت نظرة سريعة لعاصي الجالس بجوارها بصمت ولكن قلبه متلهف لسماع الإجابة .. نظرت لعمر مرة اخرى وهي تربت على خده وتبتسم دون ان ترد .. خافت ان ترد .. خافت ان تعترف بذلك .. خافت ان تقولها بصوت عالي رغم ان قلبها يصرخ بها طوال الليل والنهار .. يصرخ قائلاً ان الجميلة قد عشقت الوحش .. ارتسم العبوس قليلاً على وجه عاصي حين لم يسمع ردها .. كم تمنى لو صرحت به .. يراه في نظراتها .. هل كان يتوهم؟! .. هل لم تحبه؟! .. هل تشعر ناحيته بالشفقة فقط؟! .. علا صوت الراديو وكأنه يقول ما يعجز عاصي عن قوله .. انتبهت جميلة هي الاخرى لكلمات الاغنية التي صدحت وكأن القدر يرسل رسالته لها .. ثبتت عيون عاصي عليها من خلال مرآة السيارة وخاصة حين حاولت هي الاخرى استراق النظرات له فامسكها بالجُرم المشهود وقد سكنت عينيها نظرة حب تخصه هو فقط بها
انا مش معاهم انا معاكي .. مطرح مطروحي وراكي
انا كنت تاية و صغير و الحب خلاني اتغير
انا كنت حبيبتي كأني شيطان و بقيت ملاك و انتي ملاكي
لمعت عيون عاصي بضي الحب وهو يستمع للكلمات وعينيه تعانق عينيها لتبدأ دقات قلبها في التزايد بسبب نظرته تلك وبالأخص حين اكمل المطرب غناءه بصوته الجميل ذو البحة التي تجعل القشعريرة تتجول بجسدك كالتيار الكهربائي فما حال جميلتنا وذلك الصوت مصحوب بنظرات وحشنا العاشق التي يلمع بها تأكيده على كل كلمه يقولها ذلك المطرب وكأنه يقولها لها بعينيه
صدقيني انا عايز اعمل اي حاجة عشان ارضيكي
عايز ابقى حد يستاهل بجد يبقى ليكي
كنت تاية .. و اما شفتك .. ابتدت احلامي بيكي
و اللي فات بقى ذكريات .. انا ابتديت عمري بهواكي
قرر القدر ان يرحمها فوصلت سيارتهم امام المدرسة لتسرع هي بالنزول من السيارة ومن ثم انزلت عمر وهي تتجنب النظر لعاصي وتهرب من حصار نظراته اما هو فابتسم على ارتباكها الذي يعشقه كما يعشق كل شئ بها
/////////////
على الهاتف بأحد الاماكن المشبوهة:-
رجل ١: خلاص كل حاجة جاهزة
...: خلي بالك .. مش مسموح بأي غلطة
رجل: احنا مش هواه وشغلنا هيثبلك
...: تمام، بعد ما تنفذوا المطلوب تطلعوا على العنوان اللي معاكم وانا هكون في انتظاركم هناك
رجل: تمام تحت امر حضرتك
اغلق الرجل الهاتف ليتحرك هو وبعض الرجال باتجاة وجهتهم لا يعلمون انهم يُسطروا بأيديهم نهايتهم فكيف ستكون نهايتهم عندما يواجهون الوحش!!!!
//////////////
بمنزل محمد:-
تنام شروق على السرير وبجانبها ينام محمد واضعاً رأسه عند بطنها لعله يسمع ذلك الصغير الذي يسكن احشائها .. يكاد يجن من فرط سعادته فهو الذي كان لا يتأخر عن عمله أبدا الآن يخلق اعذار الدنيا ليبقى بجانب من تسكن قلبه وتحمل قطعة منه بداخلها
شروق: محمد
محمد: مممم
شروق(وهي تضغط على شفتيها): جعانة
محمد(وهي ينظر لها بصدمة): جـ.. ايه يا عينيا؟!!!
شروق: جعانة يا محمد .. عايزة اكل
محمد: طب وبالنسبة ل ٤ ساندويتشات الجبنة رومي فرن وال ٣ بيضا بالطماطم وشوب الشاي بلبن اللي كانوا من ساعة دول راحوا فين
شروق(بنبرة مضحكة): بح
محمد: بح!!
شروق: الله يا محمد هو انا باكل لنفسي .. انا باكل لابنك اللي هنا
محمد: اولا قصدك بنتي ثانياً انا مش بتكلم علشان الاكل انا بتكلم علشان صحتك .. انتي كدا ممكن تتعبي يا حبيبتي
شروق: ماتقلقش عليا .. روح بس اعملي ساندويتشين تلاتة كدا وشوب عصير وتعالى
محمد(بتذمر وهو يقف): حاضر .. ما انا اصلي واخد اجازة علشان اعمل ساندويتشات .. دا بدل ما تديني بوستين ولا حاجة .. حسبي الله
شروق(وهي تضيق نظراتها): بتقول ايه يا محمد؟
محمد(بابتسامة وهو بنظر لها): بدعيلك يا قلب محمد
شروق: اه بحسب
محمد(بابتسامة يشوبها غيظ وهو يتحرك): لا ماتحسبيش ياختي
//////////////
بمدرسة عمر:-
يمر بعض الوقت وقد بدأت المسرحية المدرسية .. كل طالب له دور في القصة .. قصة الجميلة والوحش .. هنا عمر يقوم بدور الوحش وأمامه "سيلا" تقوم بدور الجميلة .. تبتسم جميلة طوال العرض وهي تشعر بالسعادة وكأن عمر ابنها بالفعل .. فخورة به كما تفخر الأم بأبنها أما عاصي فكان يشاهد عرضاً اخر .. عرضاً من نوع خاص .. يراقب كل تعابير جميلة ولكن بالطبع بجانب عينيه .. يسترق النظرات لها حتى لا يُربكها .. مازالت اسئلته تدور بعقله لتنقطع افكاره واسئلته فجأة حين وجدها تمسك يده بعفوية وهي تشير له ان يتابع المشهد القادم من المسرحية .. سرعان ما انتبهت لما فعلت لتسحب يدها وقد رسم الارتباك والخجل ملامحهم على وجهها .. ينظر عاصي امامه حتى لا يحرجها اكثر لتسترق هي النظر له وهي تسمع صوت الموسيقى .. ترى ابتسامته ونظرة الفخر والسعادة التي سكنت عينيه وهو ينظر لعمر ليدق قلبها لتلك الابتسامة ويعلو صوت الاغنية المصحوبة للمسرحية
فيه شيء جميل .. ووديع كمان
بس ده كان قاسي وكان متوحش مش انسان
دلوقتي رقيق .. قربوا يا طيور
معرفش انا كنت بخاف ازاي منه و اطير
ومرة ثانية يُمسك بها بالجرم المشهود وهي سارحة به لتنظر امامها وقد تلونت وجنتاها ليبتسم وهو ينظر لها ويستمع لكلمات الاغنية
بصت بحنان .. انا قلت ده ايه
حتى في اللمسة مارتعشتش و خافت ليه ؟!
ده حلم عبيط .. خبلني الشوق
لكن دي بصت و النني كان كله ضوء
يبعد نظره عنها لتتنهد بعمق وهي تبتلع ريقها وترمش بأهدابها اكثر من مرة بتوتر يشوبه الخجل .. تسمع باقي الأغنية وعقلها يسترجع كل لحظاتها معه
يااااااااه شيء جميل .. و يخوف
شيء عجيب ولا حد يصدق بيه
ااااااااه مش امير حواديتي
بس جوه في قلبه شيء كان حلمي الاقيه
يبتسم كلاهما ويكملوا متابعتهم للمسرحية وقلوبهم تدق وكأنها تتهامس باعترافات الحب التي لم ينطقها اللسان بعد ولكن هل سيطول ذلك؟!
///////////////
انتهت شروق من الاكل ليبتسم محمد الذي كان يراقبها بكل ذرة حب تسكن كيانه
شروق(وهي تمسح فمها بابتسامة): مممم الحمد لله
محمد(بابتسامة): يستاهل الحمد .. شبعتي؟
شروق(بابتسامة مماثلة): اها تسلم ايدك
محمد: تسلمي يا ام الغالية
شروق(وهي تلف جسدها له): انت ايه حكايتك بقا .. ايه ام الغالية ام الغالية اللي ماسكلي فيها دي هو انت عايز بنت؟
محمد: كل اللي يجيبه ربنا كويس ..(ثم اكمل بعيون لامعة).. بس تعرفي اني فعلا نفسي في بنت
شروق: غريبة! مع ان الرجالة عامة بيحبوا الولاد اكتر
محمد: انا بقا غيرهم .. بحلم ببنوتة صغيرة كدا وتكون حنينة لما ارجع من شغلي تعبان اترمي في حضنها وانسى التعب كله
شروق: وانا؟!!!!
محمد: انتي ايه؟
شروق(بعبوس): هتترمي في حضنها وانا فين؟!
محمد(بابتسامة على عبوسها): لا هي هترمي في حضنها لما اجي من الشغل ..(ثم اقترب منها بخبث).. انما انت يا جميل حضنك بتاع الليل واخره
شروق(وهي تضربه على صدره بخجل): يا قليل الادب
محمد(مُدعي البراءة): شوفتي ان دماغك شمال انا قصدي ننام عادي يعني بأدبنا
شروق(وهي ترفع حاجبها): لا والله
محمد(وهو يقلب شفتيه بعبوس طفولي): شوفتي ظلمتيني ازاي
شروق(وهي تكتم ضحكاتها): معلش انا ظالمة بقا تقول ايه
محمد: طب عايز اسألك سؤال بجد .. انتي اول الجواز كنتي مش بتاكلي وكنا بنتحايل عليكي دلوقتي ما شاء الله يعني احنا مش بنحسد (قالها بطريقة مضحكة مُقلداً محمد طاهر)
شروق: واضح
محمد: لا بجد ايه اتغير يعني؟
شروق(وهي تضع قدم فوق الاخرى): بغض النظر عن اني حامل بس دي كانت خطة
محمد(باندهاش): خطة؟!!!
شروق(وهي تحرك رأسها بإيقاع): في الاول جرجرتك .. من خيبتك خدرتك
محمد(بضحك وهو ينظر لها): ههههههه يخربيت جنانك
شروق(بابتسامة وهي ترى ابتسامته): بس ماتنكرش ان جناني دا لون حياتك
محمد(بنبرة عاشقة وهو يمسك يدها): دا حقيقي .. تعرفي انا بحمد ربنا اني قابلتك وحبيتك .. انتي بقيتي الشروق اللي نور قلبي وخلى الشمس تطلع في ايامي
شروق(بابتسامة يشوبها دقات قلب فرحة): يا سيدي يا سيدي عالكلام الحلو
محمد(وهو يربت على بطنها بحنان): قوليلي بقا نفسك نسمي البيبي ايه؟
شروق: لسة بدري مش لما نعرف ولد ولا بنت
محمد: يا ستي ادينا بنتسلى
شروق(بتفكير): ممممم لو ولد نسميه أنس
محمد: اشمعنا؟!
شروق: مش عارفة بس دا اللي جه في دماغي
محمد: ماشي .. ولو بنت شروق
شروق: على اسمي؟!!
محمد(وهو يقرص خدها بخفة): اها؛ علشان يبقى عندنا شروق الأم وشروق الابنة وتبقى قمر كدا وبغمازات زيك واقعد طول اليوم ابوسها وابوسك
ابتسمت شروق بسعادة وعيون لامعة ليغمز لها محمد وهو يردف
محمد: اسمعي بقا الحتة دي
قالها محمد وهو يضغط بأصابعه على ازرار هاتفه ليقوم بتشغيل اغنية معينة وهو ينظر لشروق بكل الحب الساكن بقلبه لتلمع هي عينيها وهي تستمع لكلمات الاغنية
قابلتك امتي شوفتك فين وليه نحسبها ونفكر
ف مليون حاجه تستاهل نفكر فيها بقي اكتر
نجيب بنوته تشبهلك نسميها ع اسمك
وانا انسي واعيشلك حياتي ودنيتي الجايه
خلااااص انتي ملاكتيني لاخر عمري وسنيني
ومش هاتغيبي عن عيني وعن حضني ولو ثانيه
معااكي حياتي معاااكي حياتي بقت ياحبيبتي حاجه تانيه
وضعت شروق رأسها على صدر محمد وهي تغلق عينيها وتبتسم بسعادة على ذلك العوض الذي عوضها به ربها فأحياناً قد تجازيك الدنيا بشخص يعوضك عن كل من فيها .. اما هو فأحكم لف ذراعه حولها بحب لم يعرف كيف نبت بقلبه لها ولا كيف بات غريق حبها ولكن كل ما يعرفه انها اصبحت تمتلك قلبه وعقله .. اصبح لا يتخيل حياته بدونها .. اصبح النوم لا يزور جفنيه إلا عندما تتوغل رائحة شعرها الاسود الغجري لأنفه فتخدر كل حاسة داخله وتسحبه ببطئ لعالم اخر ليس به سواهما .. فنحن حين نحب نصبح أطفالا نعشق الحضن الدافئ والابتسامة الصافية ورائحة من نحب
////////////
يأتي مشهد الخاتمة بالمسرحية .. عيون جميع الاباء تراقب ذلك المشهد بسعادة وفخر بأبناءهم وعلى رأسهم جميلة وعاصي اللذان لم تفارق الابتسامة شفتيهما .. يقف عمر على المسرح وامامه سيلا .. يمسك بيدها وهو يردف
عمر: رجعتي؟
سيلا: ايوا رجعت .. رجعت علشان بحبك
عمر: وانا كمان بحبك يا جميلتي
ومع جملته تلك أضاء المسرح وامتلأت القاعة بالتصفيق الحاد من الجميع .. تبتسم جميلة بسعادة لصغيرها وتقف وهي تزيد من تصفيقها له بفخر أما عاصي فكان يقف بجانبها ويصفق لصغيره ولكن بعقل منشغل بحوار ذلك المشهد .. عادت الجميلة للوحش مرة اخرى لأنها تحبه .. عادت لأن قلبها دق له .. تركها الوحش ولكنها لم تتركه .. عند تلك الجملة انتقلت عيناه لجميلة وقلبه يدق بعنف متسائلا هل عادت هي الاخرى لنفس السبب؟! .. هل دق قلبها له؟! .. هل احبت الجميلة الوحش؟!
/////////////
يقف بحديقة مستشفى الامل الخاصة لعلاج الامراض النفسيه و العصبية .. يراها تجلس بحديقة المشفى الواسعة مثل التمثال .. عيناها مثبتة على نقطة بالفراغ والشرود يرسم معالمه على وجهها .. يتألم قلبه بشدة لرؤيتها بتلك الحالة .. من تسكن قلبه وحبيبته انسحبت الحياة من داخلها فبقت كجسد دون روح .. من وقع بعشق ضحكاتها بات يتمنى ان يرى ابتسامة منها وليدفع عمره مقابلها .. من حلم ان يبني معها بيت واسرة تحطم حلمه على صخرة الواقع الأليم .. ينتبه لوقوفها من على ذلك الكرسي لتبدأ تحركها كالانسان الآلى الذي لا روح فيه .. يراها تغادر باتجاه غرفتها وهي شاردة بعد ان عاونتها احدى الممرضات على ذلك .. ااااااااه مكتومة شقت صدره وهو يقف عاجزا عن ارجاع النور لنور حياته .. عاجزا عن سحبها من بؤرة الاحزان التي تبتلعها منذ سنوات .. عاجزا عن ان يعلم سبب ما حدث لها .. عاجزا كما كان عاجزا عن حمايتها .. يلوم نفسه للمرة الألف فهو يشعر انه السبب في ما حدث لها .. ماذا يفعل إن علم ان من تسبب في انطفائها موجود امامه لسنوات .. يراه يتعذب ويشمت بداخله .. تسخر عيناه منه وهو يراه حائراً بدونها فهي كانت السبيل والوجهة والغاية والوسيلة .. كانت هي الفنار التي تضئ طريقه وتوجهه فتاه من دونها في الظلمات وبات نسياً منسيا فهل ستستمر رحلة عذابه ام ستحن عليه محبوبته فترجع بنورها لتنير حياته من جديد
///////////////
انتهت المسرحية وامطرت جميلة عمر بوابل من القبلات التي جعلت عاصي يحسده وبشدة .. بل الامر المضحك انه غار منه عليها!!! .. نعم غار، فهو يغير من الهواء الذي يلمسها فكيف لا يغير وهي تجعل شفاهها تلمس غيره وإن كان طفلاً صغيراً .. يمسك عاصي يد عمر اليمنى وجميلة يده اليسرى ويقومون بأرجحته وسط ضحكاته الطفولية .. كادوا بالرحيل لينتبهوا على صوت استاذة نشوى
نشوى: مستر عاصي .. مدام جميلة .. ممكن دقيقة لو سمحتم
تحرك عاصي وجميلة ناحيتها وتحرك عمر للخارج بعد ان استأذنهم حتى يلعب في حديقة المدرسة قليلاً مع زملائه
عاصي: خير يا ميس نشوى
نطق بها عاصي بعدما وقف امامها وبجانبه جميلة لترسم نشوى ابتسامة بسيطة على شفاهها قبل ان تنطق
نشوى(بابتسامة بسيطة): خير طبعاً يا مستر عاصي .. انا بس حبيت ابلغ حضرتك ومدام جميلة بنتيجة المقابلة والاختبار بتاعكم .. بصراحة احنا ماشوفناش نتايج مبهرة زي دي قبل كدا .. كل واحد فيكم وكأنه حافظ التاني .. انا بصفتي الاخصائية وبحكم خبرتي في المجال اقدر اقولكم اني عمري ما شوفت زوجين متوافقين قدكم .. حبيت اهنيكم بنفسي واتمنالكم السعادة كأسرة نتشرف ان فرد منها يكون في مدرستنا .. عن اذنكم
قالتها نشوى وانصرفت تاركة عاصي وجميلة بصراع ودوامة كبيرة من المشاعر المتضاربة .. سعادة، اندهاش، توتر، خجل، والكثير غيرها من مشاعر لا تستطيع الكلمات وصفها .. تلاقت عيون عاصي وجميلة وككل لقاء يكون غرق اكثر من مجرد نظرة .. تدق طبول قلوبهم وكأن القلوب تحتفل بتتويج مالكها .. تحرك كل منهم للخارج ومازالت الانفاس تتصادم بالصدور فيزداد عجزهم عن التنفس وكأن ما يحتاجونه ليس الهواء وانما احضان بعضهم .. تمشي وهي تضغط بيديها على حقيبتها وبجانبها عاصي الذي يعافر كي لا يخطف يدها تلك بأحضان يده .. ما ان خرجوا للحديقة حتى اختفت ثورة مشاعرهم لتحتل محلها ثورة اخرى من الرعب حين لمحوا سيارة سوداء تبدأ في التحرك بعد ان قفز إليها رجل ما وهو يحمل صغيرهم .. صرخة مدوية شقت صدرها وهي ترى صغيرها يُختطف امام ناظريها
جميلة(بصراخ ورعب): عمررررررررررررر
قالتها جميلة وهي تركض للخارج وتحاول اللحاق بالسيارة ويسبقها ببعض خطوات عاصي وهو يشهر مسدسه محاولا اصابه عجلات تلك السيارة ولكن حال ابتعادها عنهم دون ذلك .. كاد بالتحرك ناحية سيارته ليلحق بهم ولكن اصابته الصاعقة وهو يرى جسد جميلة يتهاوى امامه بعدما استغلت سيارة سوداء اخرى ما حدث وقامت بصدمتها لتهرب مسرعة بمن داخلها تاركة جسدها مصطدماً بالأرض لتبدأ رأسها في نزيف دم اوقع قلب الوحش العاشق فهل خسر كل شئ؟! .. هل خسر صغيره و من نبض قلبه لأجلها في يوم واحد .. هل انتهت اسطورة الجميلة والوحش من قبل ان تبدأ ام مازال هناك المزيد من المفاجآت لجميلتنا مع الوحش
كاااااااااااااااات .. كفاية كدا النهاردة
أنت تقرأ
جميلة عشقت الوحش 🤍🖤
Romanceجميلة عشقت الوحش 🤍🖤 بقلم حورية الإبداع/ حنين عماد💜✨ قاسي, متملك, قلبه مظلم .. أسهل شئ في حياته القتل .. رغم ثروته التي لا تُعد والقصور والسيارات التي يمتلكها إلا ان قلبه فقير .. فقد أخيه الوحيد ليزداد أنغماسه في مستنقع أبيه المُظلم .. فـ هل ستسطي...