الفصل الثاني والعشرون ⁦❤️⁩💥

7.6K 231 5
                                    

هل جربت شعور ان تبكي لترتاح فيتعبك بكائك اكثر .. هل جربت شعور ان ترغب بالصراخ ولكن لا يسعفك صوتك .. هل جربت ان ينهدم عالمك وانت تقف ولا تتمكن من فعل شئ سوى مشاهدته بقلب يبكي دماً .. يجلس بغرفة بالمشفى منذ وقت طويل .. لا يعرف كم مر عليه من دقائق او ساعات ولكنه يعرف انه رغب بالابتعاد عن الجميع .. رغب في نزع قناع القوة والسماح لعيونه بالبكاء .. يجلس على السرير و يبكي بحرقة .. يبكي وكأنه يبكي على اعوامه التي مضت وعلى حاله .. يبكي على ما وصل إليه وما أوصل إليه احباءه ، فها هو ابن اخيه الحبيب على بُعد بضع غرف مُدد على طاولة العمليات مُوصل بالاجهزة التي لا تناسب سنه الصغير وحوله العديد من الاطباء الذين يحاربون لإنقاذه فبعد سقوطه من شرفة ذلك المخزن اللعين وبالرغم من ان جسد ياسر خفف من اثر السقوط إلا ان اصابة ظهره تأثرت بتلك الوقعة فتم إدخاله للعمليات فور وصوله .. يغمض عينيه بشدة وهو يتخيل حدوث العديد من السيناريوهات السيئة لصغيره .. تزداد دموعه وتتسارع انفاسه .. يضغط بأصابعه بشدة على رأسه وكأنه يريد ان ينزعها من جسده لعل عقله يتوقف عن ترديد انه السبب في كل ذلك .. اكثر ما يرهق الصامت ثرثرة عقله .. انتبه على طرق الباب ليسرع بمسح دموعه رافضاً ان يراه احد ضعيفاً .. تفتح الباب لتنظر ناحيته وهي تحارب حتى لا تبكي هي الاخرى فهي قد استعادت وعيها منذ قليل وعلمت بما حدث وبكون صغيرها بالعمليات فلم تفكر مرتين قبل التحرك ناحية غرفة العمليات بقلب ام ملتاع على صغيرها .. ما ان وصلت هناك حتى وقع قلبها عندما لم تجده بين الواقفين امام غرفة العمليات ليخبرها كريم بوجوده بتلك الغرفة لتتحرك دون ارادة منها ناحيته وكأن قلبها هو من يحركها
عاصي(بنبرة حاول جعلها جامدة): فيه حاجة؟
جميلة: أنت كويس؟
عاصي: لو سمحتي عايز اكون لوحدي
نظرت له جميلة بألم على الوجع الذي يلمع بعينيه ليردف وهو يشيح بوجهه بعيداً عنها
عاصي: اقفلي الباب .. مش عايز اشوف حد
صمتت جميلة وكادت ان تخرج لتجد نفسها فجأة وبدون إرادة منها تدخل الغرفة وتغلق النور .. اخبرها بعدم رغبته برؤية احد، حسناً هو لن يراها في ذلك الظلام .. جلست بجانبه على السرير وكأنها تقول له انا معك حين يحتل الحزن قلبك .. لن اتركك .. طال الصمت بينهم ولا يُسمع سوى صوت انفاسهم المضطربة .. كل منهم يحاول الظهور بمظهر القوي لأجل الآخر .. تحتل الدموع المكتومة حلقهم لتشهق جميلة حين وجدته فجأة وبدون سابق انذار يحتل حضنها .. رمى بجسده داخل حضنها ولف ذراعيه حولها وبدأ في البكاء بكل قوته .. بكى بشدة وكأنه طفل صغير يشكو لأمه قسوة الايام بدونها .. يتألم قلبها لصوت بكاءه ويديها معلقة لا تعرف أتبادله الحضن أم تبعده وكأن في عناقه قلبها يريد وعقلها يرفض .. تمر ثواني لتخضع لصوت قلبها وتلف ذراعيها حوله وكأنها أم تحمي صغيرها من قسوة الدنيا .. تحتضنه وكأنها تعتذر له عن قسوة ما يروه في تلك الحياة .. أما هو فزاد من احتضانها وكأنه يقول لها عانقيني كأعتذر عن سوء الايام التي مرت بدونك .. سمح لنفسح بالانهيار في حضنها غير مبالياً إن رأته ضعيفاً .. قالوا فيما مضى ان الحب ليس ضعفاً ولكن إن لم تضعف امام من تحب فأنت لم تحب حقاً ، تكمن الفكرة في إيجاد من يستحق ان يرى ضعفك .. من يؤتمن عليه .. من تثق انه لن يستغل ذلك الضعف .. طال الوقت وطال عناقهم .. هدأت الانفاس وانسحبت الدموع فلم تبقى سوى تلك الراحة الساكنة في ذلك الحضن .. لا هو يريد الخروج من حضنها ولا هي تستطيع قطع تلك اللحظة .. يسكن القلق قلوبهم على صغيرهم ولكن تتسلل الطمأنينة من ذلك الحضن للقلوب فتهدهدها كطفل صغير يهدأ حين يشم رائحة والدته
عاصي: عمر..
جميلة(مُقاطعة بنبرة مُطمئنة): هيبقى كويس .. ماتقلقش .. هيقوم ليا وليك  ..(ثم نظرت لعينيه وكأن قلبها من يتحدث).. مش ممكن بعد ما جمعنا يبعد عننا  ..(ثم اردفت وكأنها بحاجة له ليطمئنها).. صح؟
عاصي(وهو يهز رأسه): صح
جميلة: طب قوم معايا
عاصي: فين؟
جميلة: هنصلي سوا .. وندعيله سوا
نظر عاصي لجميلة لثواني قبل ان يتحرك معها بهدوء ويتوضأ كلاهما في الحمام الملحق بالغرفة .. ارتسمت ابتسامة يشوبها الذهول على وجه كريم حين وجد عاصي يخرج من الغرفة ويطلب من احدى الممرضات سجادتين للصلاة .. وبالفعل شرعوا في الصلاة ووقفوا أمام مالك السماوات والأرض الذي يقول للشيء كن فيكون .. أتوا إليه بقلوب راجية .. دعوة واحدة تتردد على ألسنتهم .. وعيونهم تتلألأ بدموع الرجاء فهل يخذلهم الله بعدما لجأوا له؟ لا والله، ما رد الله أبدا عبداً أتاه راجياً ألم يقل سبحانه وتعالى ((ادعوني استجب لكم)) وها هم يدعوه وهو عند وعده بالاستجابة
////////////////
بڤيلا الزيان وتحديداً بغرفة نادين نجدها بالداخل تصرخ وكأنها جُنت .. لا يتجرأ احد من الخدم على الدخول لغرفتها .. تتحرك بعنف في الغرفة ونيران الغيرة مشتعلة بقلبها .. الارض مليئة بقطع الزجاج المتناثر هنا وهناك والانتيكات المُحطمة .. تصرخ بغضب جنوني وهي تُلقي زهرية ناحية مرآتها .. تقف مرة واحدة وانفاسها الثائرة بصدرها لا تقدر على إطفاء نيران الغيرة والحقد
نادين(بصراخ هستيري): لييييييه .. ليه بعد ما اديته كل حاجة ياخدها هي .. ليه هو يعيش معاها ومع ابن اخوه في سعادة .. طب وأنا .. انا فين .. لا يا عاصي .. وحياة حبي ليك لهتكون ليا أنا وإلا مش هتكون لأي حد غيري
قالتها بنبرة مختلة وهي تنظر لإنعكاسها ببقايا المرآة المُحطمة .. اسرعت بجذب هاتفها لتضغط على بعض الازرار قبل ان ترفعه على اذنها وتردف بدون مقدمات
نادين(بنبرة جامدة): لسة عايز تنتقم من عاصي؟
…: كنت عارف انك في يوم هتقبلي عرضي بس انا ايه اللي يضمنلي انها مش خطة منك انتي وحبيب القلب
نادين: مفيش ضمانات .. لو عايز تنتقم منه انا عندي خطة تخليك مش بس تنتقم لا دا انت هتحرق قلبه كمان
…: وايه مقابل مساعدتك دي؟
نادين: عاصي مايتأذيش
…: هه اومال هنتقم ازاي؟! باللاسلكي
نادين: انت هتنتقم بس من خلال اقرب حد لقلب عاصي
…: وهو عاصي الزيان عنده قلب من الاساس
نادين: من غير كلام كتير، انت معايا ولا لأ؟
…(بعد لحظة صمت): معاكي .. ايه بقا الخطة
نادين(بابتسامة خبيثة وعيون لامعة بالشر): اسمع بقا ..
اخذت نادين تبث سمها في اذن ذلك الذي تمنى اليوم الذي سينتقم فيه من عاصي ويسقيه كأس المر الذي تجرعه لسنوات .. قررت نادين الاستعانة به لأنها تعلم انه مادام عاصي بالصورة لن تستطيع وحدها التخلص من جميلة وعمر ولن تحصل عليه ابدا واستغلت رغبته الشديدة في الانتقام من عاصي ولكن هل ستكفي قوتهم للتفرقة بينهم أم سيذوق كلاهما غضب الوحش المدمر
//////////////
انتهى عاصي وجميلة من صلاتهم وتسللت السكينة لقلوبهم .. وقفوا بدون النطق بكلمة ليتحركوا للخارج .. ما ان خرجوا حتى لمحوا الطبيب يخرج من غرفة العمليات ليسرعوا من خطاهم ناحيته بقلوب متلهفة للاطمئنان على صغيرهم
جميلة(بلهفة): ايه الاخبار يا دكتور .. بقى كويس صح؟
عاصي(بنبرة يشوبها التوجس): هو كويس مش كدا؟
الطبيب: اهدوا يا جماعة الحمد لله العملية عدت على خير
شروق(بهمس): الحمد لله يا رب الحمد لله
كريم(وهو يربت على كتف عاصي): حمد الله على سلامته
اغلق عاصي عينيه وتنهد وكأن حمول جبال قد انزاحت من فوق صدره
جميلة: انا عايزة اشوفه
الطبيب: نطمن بس عليه وبعدين هننقله لأوضة عادية وتقدروا تشوفوه .. عن اذنكم
تحرك الطبيب من امامهم لتمر دقائق ويخرج عمر الصغير المُدد على السرير المتحرك .. ما ان رأته جميلة حتى اسرعت ناحيته تقبل يديه الصغيرة ورأسه وكل شبر بوجهه الطفولي الجميل أما عاصي فتقدم منه وقلبه يرتجف .. لأول مرة يحس بأحساس الأبوة .. لأول مرة يخاف على شخص اخر غير نفسه .. لأول مرة يحس بقلبه يكاد ينخلع من فرط خوفه على ذلك الصغير .. مسد بيده على رأسه وشعره الاسود المجعد بطريقة ظريفة لينحني ويقبل رأسه مستنشقاً رائحته وكأنه يؤكد لنفسه انه حقيقة وأنه لم يفقده .. ذلك الصغير كان له دوراً كبيراً في احياء قلب الوحش من جديد ومازال هناك ادواراً كبيرة سيلعبها ليقرب بين قلب الجميلة والوحش
////////////
بمشفى الامل للامراض النفسية والعصبية نجد تلك الرقيقة ذات الشعر الذهبي والملامح الذابلة نائمة على السرير وحبات العرق تحتل جبينها الابيض .. تحلم ذلك الحلم مرة اخرى .. ليس حلماً بل كابوساً بل الاسوأ انه واقع مرير .. ذكرى سوداء تمنت لو تُمحى من ذاكرتها .. ااااااه كم تمنت لو ماتت ذلك اليوم ولم تعش لساعة واحدة بعد ما حدث لها .. كم تمنت لو انتهت حياتها فلم يعذبها عقلها بتكرار تلك الذكرى اللعينة .. ذكرى أسوأ يوم في حياتها .. ذكرى اليوم الذي انقلبت فيه حياتها رأساً على عقب وانهدمت احلامها التي ظلت تحلمها لسنوات وهي ترى من يدق القلب بأسمه امامها ببشرته القمحية التي تميل للسمار وشعره الاسود التي حلمت ليال بأصابعها وهي تتغلل في شعره ذلك ولكن في الحلال .. فهي كانت تعلم كل شئ عن عمله وعن سهراته التي كان يشارك فيها عاصي ولكن لم تيأس أبدا منه ولم تحاول الاقتراب منه قبل ان تصبح حلاله وربما ذلك ما لفت نظره لها من البداية .. أحب عفتها وخجلها وبدأ يبتعد عن تلك السهرات ليثبت لها انه يريدها هي فقط .. يريدها زوجة وأم واخت وحبيبة .. يريدها ان تملأ حياته ولكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه .. قرر القدر تحطيم قصة حبهم على صخرة من الواقع الأليم .. تغمض عينيها بشدة وهي تتذكر لمسات ذلك الحقير لها .. ذلك الوغد الذي سرق حلمهم ورماه في مهب الرياح .. تتذكر صراخها تلك الليلة وكيف كانت دموعها تحرق خدها وهو غير مبالي بها ولا بصرخاتها .. تفتح عينيها وتشهق بقوة وقد تحولت عينيها الزمردية للون الاحمر الناري من شدة الخوف والفزع الممزوج بالحزن والقهر .. تضم رجليها لصدرها وهي تصرخ بشدة وتراه امامها يبتسم ابتسامته الخبيثة ونظرات عينيه مازال يسكنها المكر .. يزداد صراخها وهي ترى عينيه تجردها من ملابسها لتدخل ممرضتين بسرعة وتسرع واحدة منهم بمحاولة السيطرة عليها بينما تسرع الاخرى بوضع ابرة المُهدئ بذراعها كالمعتاد في حالة الانهيار التي تصيبها بين كل فترة وأخرى .. يهدأ صراخها رويدا رويدا وتبدأ جفونها في الاغلاق واخر ما تراه هي صورته الحقيرة الواقفة امامها ومازالت ابتسامته الخبيثة مرسومة على وجهه فهل ستبقى بذلك العالم ام ستستجيب لنداء عاشقها الذي لن يهدأ حين يعلم بهوية من تجرأ على لمس محبوبته ولن يتركه حياً ولو كان آخر ما سيفعله
/////////////
يجلس عاصي وجميلة بجانب عمر الذي استرد وعيه منذ دقائق .. مازالت جميلة تغرقه بالقبلات المخلوطة بدموعها .. لا تعلم أهي دموع فرح بسلامته أم دموع حزن وخوف على ما أصابه ولا تعرف كيف تتوقف عن البكاء
شروق: يا بنتي خلاص ماهو بقا كويس الحمد لله بطلي عياط بقا
جميلة(بحنان وهي تحتضن عمر): حمد الله على سلامتك يا قلبي
عمر(بنبرة طفولية): الله يسلمك يا خالتو .. كفايا عياط بقا صدعتيني
جميلة(بمزاح): اه يا جزمة وانا اللي كنت زعلانة عليك
عمر(بحماس طفولي): زعلانة ليه دا انا عشت مغامرة زي بتوع الافلام وعمو عاصي انقذني زي سوبر مان  ..(ثم نظر له بعيون طفولية لامعة).. من النهاردة انت سوبر مان بتاعي اللي هتنقذني دايما .. صح؟
عاصي(بابتسامة وهو يربت على رأسه): صح يا حبيبي
شروق: انتوا ماعرفتوش مين اللي كان ورا الموضوع دا
محمد: للأسف لأ .. كل اللي كانوا هناك ماتوا .. والست اللي اتفقت معاهم هربت والكاميرات اللي على الطريق واللي جابت نمرة العربية للأسف ماجبتش فايدة لأن النمر طلعت مسروقة  ..(ثم نظر لعاصي نظرة ذات مغزى).. واضح ان اللي عمل كدا كان مخطط كويس اوي للموضوع .. انت ليك اعداء؟
عاصي(بهدوء): انا رجل اعمال وطبيعي ان مش كل الناس تحبني
محمد: على العموم بإذن الله بعد ما تطمن على عمر عايزك تجيلي علشان نقفل المحضر
هز عاصي رأسه وهو يوافق على مضض فهو لا يحب ان يُدخل الشرطة بمشاكله فهو ليس بحاجة لهم
شروق: انتوا عرفتوا مكان عمر ازاي أصلا؟
عمر(بنبرة طفولية): علشان عمو سوبر هيروووووووو
عاصي(وهو ينظر لعمر): صح
قالها عاصي بابتسامة فهموا منها انه لا يريد ان يُفصح عن ذلك السر وسكت محمد رغم رغبته بمعرفته .. دخل الطبيب ليطمئن على حالة عمر ليردف بعملية
الطبيب: لا دا احنا ابطال شجعان وزي الفل واقويا كمان
عمر: ايوا انا كمان سوبر هيروووووو
الطبيب: طبعاً هيرو .. على فكرة يا بطل واضح ان بابا وماما بيحبوك اوي
قالها الطبيب وهو ينظر لعاصي وجميلة اللذان يشكلان مع عمر صورة الاسرة السعيدة لينظر لهم عمر ويردف بنبرة طفولية اذابت قلبيهما
عمر: وأنا كمان بحبهم اوي
الطبيب: طيب بقا يا بطل ارتاح شوية عقبال ما اتكلم معاهم ونرجعلك تاني ..(ثم نظر لعاصي وجميلة واردف بنبرة اوقعت قلوبهم من جديد).. ممكن بعد اذنكم نتكلم سوا في المكتب
عاصي(وهو يلاحظ نبرته): هو فيه حاجة؟
الطبيب: ماتقلقش بس ياريت نتكلم في المكتب شوية
هز عاصي رأسه ليتحرك هو وجميلة مع الطبيب لمكتبه فماذا يريد هذا الطبيب ان يخبرهم وهل سيؤثر كلامه على حكاية جميلتنا والوحش
كاااااااااااااااات .. كفاية كدا النهاردة

جميلة عشقت الوحش 🤍🖤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن