الفصل السادس والثلاثون 💥💥💥

6.3K 225 16
                                    

يعاني المرء كثيرا عندما يحارب قلبه .. لا تستطيع الهروب من الألم الذي يسكنه .. حتى اذا تجاهلته يستمر في كونه مؤلم .. اصعب شئ أن تحس وكأن بكاء العالم يحتل حنجرتك .. أن تحس بهموم العالم تطبق على صدرك بقوة .. ان تحاول كتم بكاءك ولكن تأبى عيناك المغفرة وتعصي امرك تاركة العنان لشلالات من الدموع لتنزل ببطئ شديد على وجهك تاركة أثرا حارقاً فوق روحك .. مر يومان منذ تلك المكالمة المشؤومة .. يومان كاملان لم تذق فيهما النوم .. يومان لم تر عينيها الراحة بهما .. كيف ترتاح وقد عقدت العزم على الانتقام ممن يدق قلبها له .. تراجع قرارها مائة مرة في الدقيقة .. هل ستستطيع ان تنتقم دون ان تقتل قلبها .. دون ان تنزف روحها .. دون ان تموت .. يرن هاتفها ان الساعة اصبحت السابعة صباحاً .. ذلك ميعاد مدرسة عمر .. تسرع بمسح دموعها وترتدي تلك الساعة التي اعطاها خالد لها البارحة حين خرجت برفقة عمر لأحد الحدائق العامة .. اخبرها ان بتلك الساعة جهاز تصنت لتسجيل كل شئ حتى يستطيع ايجاد دليل إدانة ضد عاصي كما يوجد زر صغير بجانبها يرسل اشارة استغاثة حتى يتدخل في الوقت المناسب وينقذها لو كانت بخطر .. تنظر لتلك الساعة التي ترتديها .. ترى هل ستكون سبيل خلاصها ام هلاكها .. اسرعت بالخروج من الغرفة لتتجه ناحية غرفة عمر .. ابتسمت بخفة وهي تراه يرتدي زيه المدرسي الذي يمزج بين اللون النبيتي والكحلي .. تمسك بيده وتنزل وهي تحاول ان تتحكم في اعصابها حتى لا تفضح نفسها اذا رأت عاصي لكنها تفاجأت حين اخبرتها فتيحة بكونه غادر .. غادر دون ان يكلمها؟!! دون ان يودعها؟!! البارحة أيضاً لم يودعها !! .. حسنا، ذلك افضل .. همست بذلك لنفسها وهي تحاول ان تجبر قلبها على التحرر من حبه الذي يستعمره .. عليها ان تتحرر منه حتى تستطيع ان تعيش ولكن هل ستستطيع ان تجعل قلبها يتوقف عن النبض لأجله
///////////
يقف عاصي ويستند على سيارته بمكان منعزل .. يفكر في جميلته التي تستمر في بعدها .. ابتعد هو الاخر ليصون كرامته ولكنه يخون كرامته كل ليلة ليطمئن عليها فقط .. كل ليلة حين تغفل تلك الجميلة يطل عليها بعيون عاشقة ويمثل نومه حين يلمح جفنيها يهتزان منذران ان الجميلة على وشك الاستيقاظ .. ماذا تخفي؟! ولماذا؟! ما الذي يُبعدها عنه ويشكل جدار عازل بينهما .. يرن هاتفه ليرفعه بهدوء
عاصي: الو
ليو: الو عاصي .. توصلت لما تريد
لمعت عيون عاصي بفضول واردف
عاصي: ماذا وجدت؟
ليو(بعد صمت قصير): كان معك حق .. لم يكن حادثاً
اسودت عينا عاصي بغضب ليردف بنبرة مرعبة
عاصي: هو من فعلها؟
ليو: نعم
كاد عاصي بإغلاق الخط ولكن صدح صوت ليو مردفاً
ليو: هناك شيئاً آخر
عاصي: ماذا هناك؟
اخبر ليو عاصي بما سيجعل الوحش الخامد بداخله يكسر قيوده ويغضب كما لم يغضب من قبل فترى إلى اي حد سيصل غضب الوحش
////////////
تفتح عينيها بهدوء مقاومة ذلك الصداع الذي يدق برأسها .. تنظر حولها لثواني قبل ان تتسارع انفاسها حين قفز لعقلها اخر مشهد رأته .. سيارة سوداء كبيرة اسرعت ناحية المنزل بينما كانت تقف هي مع صغيرها .. في اقل من ثانية امتلئ المكان حولها بالرصاص ليُفتح الباب الخلفي للسيارة وينزل منها رجال بأجساد ضخمة ويسرعوا بجذب جميلة وعمر للسيارة .. كادت ان تصرخ ولكن المخدر الذي رشه احد الرجال بوجهها حال دون ذلك لتسلم نفسها للظلام الذي احاط بها .. تنظر حولها برعب وقلبها يدق بلهفة على صغيرها .. اين هو .. ماذا حدث له .. واين هي .. من اختطفها .. تحاول تحرير يدها حتى تضغط على زر الاستغاثة ليدق قلبها برعب حين وجدته يدخل ذلك المكان الاشبة بالمخزن القديم وابتسامة خبيثة مرسومة على وجهه
صفوت: صباح الخير يا جميلة
جميلة(بصدمة): انت؟!!!!
صفوت: ايوة انا .. كل دا نوم .. واضح ان الوحش بيسهرك جامد
جميلة: فين عمر؟
صفوت: في الحفظ والصون
جميلة(بقوة): فكني وهاتلي عمر وسيبنا نمشي وانا مش هقول لعاصي على حاجة
ضحك صفوت بصوته كله وقفز الرعب بقلب جميلة من ضحكته تلك
صفوت: حلو جو الشجاعة دا .. واضح ان عاصي اثر عليكي زي ما اثرتي عليه .. قصة حلوة .. بنت جميلة حبت قاتل وتاب على ايديها .. تصدقي تنفع رواية تتكتب وتتقري بس ماظنش هتنجح .. اصل هتنجح ازاي وانا موجود هه .. انا اللي في ايدي القلم وانا اللي بخطط مصير كل واحد .. انا وبس .. تعرفي انا كنت هعرض عليكي مبلغ كبير يعيشك ملكة في مقابل انك تسيبي عاصي وعمر وتنسيهم خالص بس لما فكرت لاقيت انها فكرة فاشلة .. قولت اكيد هتعملي زي اختك
جميلة: اختي؟!
صفوت: اه اختك .. عشق .. اصلي عرضت عليها نفس العرض علشان تسيب عاصم وترفض تتجوزه بس هي عملتلي فيها دور الشرف والحب الطاهر اللي مايتباعش بالفلوس هههههه كانت مصدقة نفسها اوي هههههه .. وبصراحة قولت ان عاصي حتى لو انتي سبتيه مش هيسيبك .. اصل اللي يبطل شغلنا علشان خاطر واحدة يبقى يا إما عبيط يا إما بيحبها بجد وأنا متأكد ان عاصي مش عبيط
جميلة(بذهول): بطل شغلكم؟!!!
صفوت: ايه دا هو انتي متعرفيش ان الوحش اعتزل .. من ساعة ما دخلتي انتي وعمر في حياته وهو سايقلي العوج ومش راضي يشتغل واخرتها رايح يمسك شركة امه وعايز يعيش بالحلال .. غبي
لمعت عيون جميلة بالدموع ولم تكن تعرف أهي دموع فرح أم حزن أم قهر .. تحركت بعصبية وهي تهتف
جميلة(بغضب): فكني .. فكني حالا
صفوت: افكك ههههه انتي لا هتتفكي ولا هتخرجي من هنا تاني
جميلة(بتوجس): قصدك ايه؟!
صفوت: قصدي اني لازم اخلص منك زي ما خلصت من اختك
دق قلب جميلة برعب واحتلت الصدمة ملامحها
جميلة(بصدمة): انت اللي .. خلصت من عشق؟!!!
صفوت: ايوا انا .. لما عاصم ظهر في اسكندرية روحتله وقولتله اني مستعد انسى كل حاجة واتقبل وجود عشق وعمر بس يرجع يشتغل معايا بس الغبي رفض .. قال ايه خايف انه يدخلهم العالم دا .. رفض يرجع والسبب كان اختك .. ساعتها قولت لازم اخلص منها
صدمة تليها الأخرى .. يا الله يكاد عقلها ينفجر مما يحدث .. اذا هو من قتل عشق وليس عاصي .. اقترب صفوت منها ورفع مسدسه على رأسها لينطق
صفوت: تحبي تقولي حاجة قبل ما تموتي؟
جميلة(بنبرة قوية): عاصي مش هيسيبك
صفوت(بابتسامة خبيثة): عاصي انا ماسكه من ايده اللي بتوجعه .. عمر .. هو كارت الضغط اللي بيه هرجع عاصي واللي بيه برضو هحافظ على امبراطوريه الزيان
ما هذا الجبروت .. ما هذا الشر .. كيف يمكن للشيطان ان يتحكم بالانسان لتلك الدرجة .. كيف يفكر في تعريض حياة حفيده للخطر من اجل تحقيق امانيه المريضة .. اغمضت عينيها وبداخلها وُلدت رغبة قوية برؤيته لآخر مرة .. تريد ان ترى عينيه السوداء وملامحه الرجولية .. تريد ان تراه حتى تجد روحها السلام .. وكأن القدر سمع رغبتها وفي ثانية كانت رصاصاته تسكن أجساد جميع حرس والده حتى لم يبقى سوا صفوت الذي وقف خلف جميلة واضعاً المسدس على رأسها وقلبه يسكنه خوف من الوحش .. ما ان رأته حتى صرخت بلهفة
جميلة: عاصي
صفوت: اقف يا عاصي .. انت عارف وانا عارف انها لازم تموت .. هي السبب في خراب حياتنا .. اسمع كلامي .. اسمع كلام ابوك
عاصي(بنبرة يشوبها الاشمئزاز والغضب): ابويا! انت من امتى كنت ابويا .. انت شيطان .. دمرت حياتي وحياة اخويا وضيعتنا .. وفي الآخر موته
صفوت: انا ماكنش قصدي اموته .. عاصم ماكنش المفروض يركب العربية معاها .. انا كنت عايز عشق بس اللي تموت لكن القدر خلاه يركب .. نصيبه كدا
عاصي(بغضب حارق): انت اييييييه!!! ازاي بتتكلم كدا عادي وكأن اللي قتلته دا كلب ولا يسوى مش ابنك
صفوت(بحدة): ابني اللي حاول يبلغ عني ورفض يرجع يشتغل معايا .. ابني اللي حاول يدمرني ويهد اللي بنيته
عاصي: تقوم تقتله؟!!!
صفوت(بشر وقوة): انا اقتل اي حد يفكر يقرب من امبراطوريه الزيان اللي فنيت عمري ابنيها
نظر عاصي له بغضب يشوبه الاشمئزاز .. بداخله نار كفيلة بإحراق هذا العالم بأكمله .. رفع مسدسه ناحيته لينطق صفوت برعب حاول اخفاءه
صفوت: ايه يا عاصي؟ هتقتل ابوك؟
عاصي(بصياح غاضب): ماتقولش ابويااااااا .. انت لا يمكن تكون ابويااااا .. انت ماتعرفش يعني ايه اب .. الاب يعني الامان .. يعني السند .. يعني تبقى مطمن طول ما هو جنبك وانت عمرك ما عرفت تكون كدا ولا حتى حاولت .. دايما كنت بتسعى انك تدمرنا وتشدنا لمستنقعك القذر .. قتل وتهريب وصفقات مشبوهة ما يعلم بيها إلا ربنا .. حتى الشغل اللي كنت واخده ستارة كنت حاططني انا وعاصم في وش المدفع .. احنا نمضي الصفقات ونمضي على امر بطلوع شحنات تقيلة وناس تموت في البحر وعادي ولا يهمك .. تحط بضاعة مشبوهة عالمراكب وبرضو احنا نمضي على كل دا عادي .. احنا عادي نروح في داهية انما انت تفضل في الامان
دق قلب جميلة بعنف لكلامه .. هو برئ من كل تهمة قالها خالد .. برئ من دم عشق وعاصم .. برئ من دم والدها .. هل هو فعلاً برئ .. برئ كل ذنبه ان له اب شيطان .. ضغط صفوت بفوهة مسدسه على رأس جميلة وهتف
صفوت(بشر): برضو هموتها .. وانت مش هتلمسني وإلا عمر هيحصلني
صُدمت جميلة للمرة المليون .. سيقتل عمر؟!! سيقتل حفيده .. سيقتل طفل صغير .. ينظر عاصي له وهو يشعر بآخر ذرة رأفة بذلك المدعو والده تطير في الهواء .. لا يتردد وهو يعمر سلاحه وينظر له نظرة الوحش التي اوقعت قلبه وعرف انه ميت لا محالة .. ثانية .. ثانيتين ولا يستطيع اطلاق الرصاصة .. لما لا يستطيع قتله .. لماااااااا .. هذا شيطان .. هذا ليس بأب .. لا يستحق الرأفة .. ابتسم صفوت وهو يرى عدم قدرة عاصي على قتله
صفوت(بابتسامة خبيثة): مش قولتلك مش هتقدر تقتل ابوك
نظر له عاصي بغضب وكاد بالضغط على الزناد ليصدح صوت رصاصة من خلفه استقرت بصدر صفوت .. لم تمر ثانية وكانت الرصاصة الثانية تخترق قلبه الاسود مثل مصيره .. انتفض جسد جميلة من الرعب وهي ترى يده الممسكة بالمسدس تخف ضغطها من عليه ليسقط المسدس أرضا تليه جثة صفوت لينظر عاصي خلفه ويرى كريم واقفا ممسكا بمسدسه وعيونه تلمع بفرحة يشوبها الغضب .. نظر عاصي له واندفع ناحيته ليمسكه من تلابيبه ويصرخ به
عاصي(بغضب): ليه عملت كدا ليييييييه .. ليه ماسبتنيش اموته .. ليه ماسبتنيش اخد حقي وحق امي واخويا ليييييه
كريم: عمرك ما كنت هتقدر تموته .. انت مش زيه .. ماكنتش هتقدر تعيش مع ذنب انك موت ابوك
ارتخت يدا عاصي وحول وجهه ناحية جسد ابيه المُلقى أرضا والدماء تغرق صدره .. نظرة اشمئزاز سكنت عينيه قبل ان يحول نظره ناحية جميلة بنظرة لم تعرف ماهيتها
////////////
مر بعض الوقت ونجد كريم يقود سيارته بعد ان اخذ حقه ممن دمر حلمه .. ابتسامة ترتسم على وجهه وهو يشعر بحمل كالجبال اُزيح من على صدره .. انتقم لنفسه ولنوره .. انتقم أخيراً .. لا ينسى ذلك الاتصال الذي اتاه باليوم السابق من صديق له والذي اخبره بنجاحه في معرفة صاحب الرقم الذي كان يتصل ب جمال .. عرفه أخيراً .. كل المكالمات كانت من مكان محدد استطاع صديق كريم تتبعه حتى علم انه مخزن قديم يمتلكه صفوت الزيان .. صدمة اعترته حين سمع ذلك الاسم .. ذلك الحقير كان امامه لسنوات .. كان يبحث عنه وهو امامه .. يراه يتعذب لفراق زوجته ونوره الحبيبة ويسخر منه بداخله وهو السبب في كل ما حدث لهم .. يدوس على البنزين وهو يسابق الوقت للعودة لمنزله .. لنوره بعد ان اخذ حقها ووفى بوعده لها ولكن مازالت هناك اسئلة عليها ان تجيبه عليها قبل ان يعيشوا معاً بهناء وسعادة كأي زوجين
/////////////
تقف جميلة خارج ذلك المخزن .. تنظر امامها بشرود وهي ممسكة بالساعة .. هل تضغط على ذلك الزر اللعين .. كل الادلة مجتمعة الآن وجثة صفوت وجثث رجاله بالداخل .. جريمة لن يخرج منها ابدا ولكنها لم تعد تريد سجنه .. لم تعد تريد الانتقام .. هل تلقيها .. ماذا عليها ان تفعل .. جحظت عينيها بصدمة حين وجدت مَن يضع منديلا مُخدِراً على أنفها وآخر ما سمعته كان صوت عاصي يقول
عاصي(بنبرة مرعبة): جه وقت حساب خيانتك يا جميلة
اكتشف الوحش خيانة الجميلة .. ماذا سيفعل بها .. هل سيطبق قانونه الذي اعتمده طوال حياته .. هل سيستمر بمبدأه الذي يقول ان ثمن الخيانة الموت ام سيصرخ قلبه من اجل العفو عن تلك الجميلة التي دق قلبه لأجلها وادمته هي حين غرزت خنجرها به .. هل سيعود الوحش اسوأ مما كان .. هل ستنتهي قصة الجميلة والوحش بالانتقام
كاااااااااااااااات .. كفاية كدا النهاردة

جميلة عشقت الوحش 🤍🖤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن