الفصل الحادي عشر⁦❤️⁩💔

9.2K 288 17
                                    

تمر الايام على ابطالنا دون جديد يُذكر سوى عاصي الذي يستمر في استعماره لعقل جميلة فهو اخر ما تفكر فيه قبل ان تنام وأول ما يقفز لعقلها حين تستيقظ .. يدور كلام السيدة فتيحة برأسها طوال تلك الايام .. هل فعلا هو الضحية وليس الجاني .. هل لو كانت مكانه لفعلت مثلما فعل .. هل مازال بداخله نور ام ان ظلام والده قد دنس كل براءة قلبه .. كل تلك الاسئلة وغيرها كانت تدور في عقلها بل واستغلت تلك الايام السابقة في التحدث مع السيدة فتيحة عن عاصي وكيف كان في صغره .. وتلك السيدة تستغل كل فرصة لتحكي لها عن عاصي ذلك الطفل البرئ الذي كان له قلب ابيض و كان يملأ المنزل بضحكاته الطفولية ولعبه مع عاصم .. تقف جميلة من على سريرها وتتحرك ناحية شرفتها لتبتسم حين رأت عمر يلعب في الحديقة مع "بولت" ذلك الكلب الخاص بعاصي والذي كان يحتفظ به بمنزله الخاص ولكنه قرر احضاره هنا ليلعب مع عمر حينما يكون مشغولاً .. تتذكر كيف ارتعبت منه رغم انه كلب من نوع الجولدن المحب للعب والغير خطر ولكنها خافت لدرجة انها حبست نفسها بغرفتها يوماً بأكمله خائفة ان تخرج حتى لا يجري خلفها ولكنها مع الوقت اعتادت عليه واعتاد عليها .. ربما استشعر قلبها الطيب مثلما استشعره في ذلك الوحش الذي لم يعد وحشاً .. غيرت جميلة ملابسها وتحركت للحديقة ليلمحها عمر ويرسم العبوس على وجهه
جميلة: صباح الخير
لم يرد عمر لتكرر جميلة
جميلة: انا بقول صباح الخير
عمر: يا بولت لو سمحت قول لخالتو اني مخاصمها ومش بكلمها
جميلة(بدهشة): مخاصمني انا!! ليه؟!
عمر: علشان مش وفيتي بوعدك
جميلة: وعد ايه؟
عمر: مش انتي قولتي اننا هنروح نزور ماما وبابا وفات يوم ويوم وايام كتير اوي وماروحناش
جميلة(وهي تنخفض لمستواه وتردف بحنان): يا حبيبي ما انت شوفت اللي كنا فيه نروح امتى بس!
عمر: مليش دعوة انا بابا وماما وحشوني
عاصي: يبقى نروح نزورهم
قالها عاصي الذي كان يقف منذ قليل ويستمع لحوارهم .. انتبهت جميلة لوجوده لتقف وهي تنظر له مردفة
جميلة: بس هما مش هنا .. هما في اسكندرية
عمر(بحماس): يبقى نسافر اسكندرية
عاصي(بابتسامة): نسافر اسكندرية .. والنهاردة
عمر(بفرحة): هييييييه .. انت احلى عمو في الدنيا
قالها عمر وهو يطبع قبلة على خد عاصي ثم ينطلق لغرفته بسرعة ليغير ملابسه تاركاً عاصي الذي يدق قلبه بعنف من قبلة ذلك الصغير وحبه الذي يظهره لذلك الوحش الذي لم يحظى ابدا بحب اي احد .. اما جميلة فكانت تنظر له وتراقب اصابعه وهي تلمس اثر قبلة عمر وابتسامة مترددة تشق طريقها على شفتيه لتسرح قليلاً بملامحه الرجولية ولا تعلم كم من الوقت مر ولكنها افاقت لنفسها حين لاحظت نظرته لها لتتركز الدماء بوجنتيها وقد علمت انه قد ضبطها بالجرم المشهود وهي هائمة به لتسرع ناحية غرفتها بوجه يشتعل من فرط الخجل ويقف هو مكانه واضعاً يديه بجيب بنطاله وينظر في أثرها بابتسامة عاشقة تزور وجهه لأول مرة عكس وجه اخر يشوبه العبوس والغضب والغيرة .. وجه من كانت تقف لتراقب ما يحدث امامها من ولادة لعشق بين الجميلة وذلك الوحش لتقسم بكل ذرة غل وكرة بقلبها على قتل ذلك العشق قبل ان يولد فهل ستقدر على ذلك ام ستجد نفسها بمواجهة الوحش
///////////////////
تستمر شروق في عزلتها بغرفتها من بعد موت والدها وكأن روحها انطفأت .. لم تعد تبتسم ولم تعد تلعب وتضحك مع روضة الصغيرة التي كانت تحزن عليها فهي وإن كانت صغيرة تعلم معنى فقد الأب بل والأم أيضاً .. يشعر محمد بالحزن على شروق .. تلك التي سكنت قلبه دون ان يعرف متى ولكنها فعلت .. يفتقدها .. يفتقد كلامها ومزاحها .. يفتقد فنجان القهوة التي كانت تعده له .. يفتقد ابتسامتها .. يفتقد كل شئ بها .. يجلس بجانب والدته التي تردف بحزن
ابتسام: واخرتها يا ابني, البنت اديلها ٣ ايام على الحال دا مابتخرجش من الاوضة ولا راضية تاكل حتى الماية بالمحايلة لما تشرب بؤ تبل بيه ريقها
محمد: مش عارف يا ماما .. حاسس ان قلبي واجعني عليها
ابتسام: انت حبيتها يا محمد؟
محمد(وهو ينظر لوالدته): حبيتها؟! مش عارف .. انا من كام يوم كنت بجهز لجوازي من جميلة والنهاردة متجوز شروق .. مش عارف اسمي دا حب لا لأ .. كل اللي اعرفه اني حاسس ان قلبي واجعني عليها .. حاسس اني عايز اسحب كل الضعف والحزن منها وماخليش عينيها تشوف غير الفرح وبس .. حاسس اني عايز اخليها مبسوطة دايما وعمر الحزن ما يدق باب قلبها ابدا
ابتسام(بابتسامة وهي تربت على موضع قلبه): حبتها .. دا دق ليها
محمد(بحيرة): وجميلة؟
ابتسام: جميلة كانت اعتياد .. اعجاب .. جارتك اللي اتعودت تشوفها سنين .. انما مش حب ابدا .. لو كان حب ماكنتش قدرت تتجوز بعدها على طول .. ماكنتش دلوقتي بتكلمني عن شروق وبقالك ايام ماسألتش عن جميلة
محمد(بدهشة): هو انتي تعرفي عنها حاجة؟!
ابتسام: ايوة طبعا .. جميلة بتتصل بيا من ساعة ما مشيت .. وعلى فكرة انا قولتلها على جوازك من شروق
محمد: ايه؟! وقالتلك ايه؟!
ابتسام: قالتلي ربنا يهنيهم .. محمد يستاهل بنت طيبة زي شروق وشروق لو لفت الدنيا مش هتلاقي راجل زي محمد
سكت محمد وأخذ يفكر بكلام والدته لتردف ابتسام بهدوء يشوبه الحنان
ابتسام: انساها يا ابني وعيش حياتك مع مراتك
محمد(بنبرة صادقة): نسيتها يا امي .. جميلة خلاص بالنسبالي اخت وبس وربنا عالم انها من يوم ما اتجوزت وانا بطلت افكر فيها .. زي ما تقولي كدا ربنا شال حبها من قلبي ورما حب شروق فيه
ابتسام(بابتسامة حنونة): ربنا يهنيكم يا حبيبي واشوف ولادكم قبل ما اموت
محمد(بلهفة وهو يطبع قبلة على يدها): بعد الشر عنك يا ست الكل
ثواني وكان باب الغرفة ينفتح وتخرج منه شروق بعينيها المنتفختين ووجها الاحمر من فرط البكاء والذابل من الحزن الذي زار قلبها ولكن على شفتيها ابتسامة جعلتهم ينظرون لها بتعجب
شروق(بابتسامة عريضة): صباح الخير
ابتسام: صباح النور يا حبيبتي .. عاملة ايه النهاردة؟
شروق(بحماس): انا زي الفل .. يلا بقا علشان نفطر .. انا هحضرلكم فطار ملوكي
محمد(وهو ينظر لها باستغراب): شروق .. انتي كويسة؟
شروق: انا زي الفل .. يلا بقا انا هدخل اجهز الفطار وانتي يا ماما قومي خدي دواكي
قالتها شروق وهي تنصرف من امامهم بعيون تلمع بالدموع فهي كانت تمثل كونها بخير ولكن الحقيقة انها ليست بخير .. ليست بخير على الاطلاق فكل ذلك ستار تخفي خلفه قلب ينزف بشدة وروح تتآكل بداخلها من فرط الحزن وكأن الحزن استعمر كيانها وهي لم يعد لديها الرغبة في المقاومة
////////////////
تمر الساعات ويصل عاصي وجميلة وعمر لمدينة الإسكندرية .. يتحركوا ناحية احد المدافن هناك لتقوم جميلة باخراج المفتاح الخاص بباب المدافن واعطائه لعاصي .. يفتح عاصي الباب وهو يحاول الثبات بأرضه رغم ارتجاف قلبه .. يتقدموا للداخل بينما ثبت عاصي بمكانه وكأنه فقد القدرة على تحريك قدمه .. هنا نهايته ونهاية الجميع .. التراب .. مهما كان جبروت الانسان وقوته فجميعاً لدينا إله اقوى واكبر منا وكلنا له راجعون ولكن لن نتساوى في الرجوع .. ف منا من سيكون رجوعه مُعطر بالمسك والعنبر ومفروش بالورود جزاء لعمله الطيب الذي قدمه بالدنيا .. ومنا من سيكون رجوعه مفروشاً بالاشواك وتلك فقط البداية لحساب عسير جزاء لجبروته وظلمه في الدنيا .. يجف حلقه ويُصاب قلبه برجفة مرعبة وهو يفكر بمصيره .. يعلم جيداً انه سيلقى عذاباً لا مثيل له جزاء ما فعل بحياته من سُكر وظلم وزنا وسفك دماء .. ليس هناك إثم لم يرتكبه .. يقع على ركبيته وقد رفضت قدماه حمله لتنتفض جميلة وتسرع ناحيته
جميلة(بلهفة وهي تمسك به): عاصي!!!! مالك فيك ايه؟
عاصي(بنظرات شاردة): مفيش .. مفيش حاجة
جميلة(وهي تفرد يدها امامه): طب تعالى .. اسند عليا
نظر عاصي قليلاً ليدها قبل ان يمسكها ويقف وهو يستند عليها ليتحرك قليلاً ويجلس على احد الكراسي الموجودة بالداخل وهو مازال شارداً وكأن الحياة قد فارقت روحه
جميلة(وهي تلاحظ شروده وصمته): مالك؟ فيك ايه؟
عاصي(وهو ينظر لتراب المدفن): دي هتبقى نهايتي .. تفتكري ممكن يسامحني؟
جميلة(بهدوء وقد علمت سبب شروده): ربنا بيسامح كل الناس وبيقبل التوبة
عاصي: ذنوبي كبيرة
جميلة: رحمته اكبر
عاصي(وهو ينظر لها ويردف بنبرة يشوبها الألم): انتي مش فاهمة حاجة .. انا مفيش فايدة مني
جميلة(وهي تهز رأسها برفض): انت اللي مش فاهم ان دا اللي الشيطان بيقولهولك علشان يخليك في الطريق دا .. ربنا سبحانه وتعالى بيقول "وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا" .. باب التوبة مفتوح دايماً بس انت روح لربنا وقوله يا رب انا عبدك الضعيف بلجألك .. يا رب ردني ليك رداً جميلاً .. يا رب اهديني وقويني على شيطاني
عاصي(بابتسامة متألمة): وافرضي رجعت تاني
جميلة: توب تاني .. توب تالت .. توب عاشر .. إن الله لا يمل حتى تملوا .. طول ما انت بتستغفر ربنا بيغفرلك
عاصي(بفضول طفل صغير يشوبه الشعور بالذنب): وايه اللي يخليه يغفرلي وانا عمري ما عملت حاجة عدلة في حياتي
جميلة: علشان بيحبك
عاصي(بذهول): بيحبني؟!!
جميلة(بتأكيد): اه .. طالما بيخليك تستغفر يبقى بيحبك .. طالما خلى ضميرك يوجعك على غلط انت عملته يبقى بيحبك .. طالما خلاك تحس انك عايز تتوب يبقى بيحبك .. لو مش بيحبك ماكنش خلاك عايش لدلوقتي .. لو مش بيحبك ماكنش نفسك اللي داخل دا خرج تاني
سرح عاصي قليلاً بكلامها لتردف هي بهدوء
جميلة: مش هتقرأ الفاتحة لعاصم وعشق؟
صمت عاصي وارتبكت نظراته .. كيف يخبرها انه لا يحفظ الفاتحة؟!! .. كيف يخبرها انه لم يفكر ابدا بقراءة آية من القرآن؟!!! .. لاحظت جميلة صمته وفهمت سببه دون ان ينطق به ورغم صدمتها من كونه بذلك العمر ولا يحفظ الفاتحة إلا انها ابتسمت بهدوء ونادت لعمر بعد ان خطرت ببالها فكرة لا تقوم بإحراج عاصي بها
جميلة: عمر .. تعالى
عمر: نعم يا خالتو
جميلة: انت قريت الفاتحة؟
عمر: لأ نسيت .. كنت بكلم بابا وماما
جميلة: طب يلا اقراها ورايا
عمر: ليه انا حافظها واقدر اقراها لوحدي
جميلة(مدعية الذهول): يا راجل؟! طب ايه رأيك تقول وانا اقرأ وراك ل احسن انا نسياها
نظرعاصي لجميلة وفهم ما تحاول فعله ليدق قلبه بفرحة من فعلتها تلك
عمر: ماشي .. يلا قولي .. بسم الله الرحمن الرحيم
جميلة: بسم الله الرحمن الرحيم
عاصي(بهمس ورائهم): بسم الله الرحمن الرحيم
////////////////
انتهت شروق وابتسام ومحمد من فطارهم الذي كانت تتعمد شروق التكلم والضحك خلاله وسط نظرات ابتسام التي يشوبها الاستغراب ونظرات محمد المراقبة لها وللدموع والحزن اللامعة بعيونها .. تقف في المطبخ وتبدأ في تحضير الغداء لتُلهي نفسها عن الحزن قليلاً ولكن هيهات فالحزن يسكن قلبها .. تقف بشرود وهي تقطع البصل لتختلط دموعها منه مع دموع قلبها النازف على فراق اعز الناس عليها .. تتشوش رؤيتها بسبب الدموع لتجرح السكينة اصبعها
شروق(بألم وهي تمسك يدها): ااااه
انتفض محمد الذي كان يقف على باب المطبخ وهو يراقبها بصمت ليُسرع ناحيتها ويجذب يدها ناحيته بلهفة
محمد(وهو يمسك يدها بلهفة): حصلك حاجة؟
شروق(وهي تهز رأسها): لا جرح بسيط
محمد: مش تخلي بالك!
قالها محمد بشئ من الحدة والعصبية يشوبهم الخوف عليها ليزداد لمعان عيون شروق بالدموع حين استشعرت فيه خوف يشبه خوف ابيها وتعنيفه لها حينما كانت تشرد وهي تطبخ .. هربت دمعة ساخنة من عينيها تليها دموع كثيرة ليتألم محمد بشدة من تلك الدموع المنسابة على وجنتيها
شروق(وهي تمسح دموعها بظهر يدها كالأطفال): انا كويسة
محمد: كفاية
شروق: كفاية ايه؟
محمد: كفاية تمثيل .. انتي مش كويسة
شروق: لا انا كويسة
محمد: لا مش كويسة
شروق(بعناد): بقولك كويسة
محمد(وهو يجذب يدها ويتحرك لخارج المطبخ): كدا؟ .. طب تعالي
شروق: انت واخدني ورايح فين؟!!! .. سيبني
خرج محمد وهويسحب شروق معه لتهتف ابتسام الجالسة بالصالة
ابتسام: واخدها ورايح فين يابني؟
محمد: مشوار صغير وراجعين يا امي
شروق(وهي تحاول نفض يده): انا مش عايزة اروح في حتة سيبني بقولك
تجاهل محمد كلامها واستمر في تحركه للخارج وهو ممسك بيدها بقوة وكأنه يغشى فقدانها في دوامات الحزن .. وكأنه يقول لها لن أفلت يدكِ أبدا .. لن اترككِ بعد ان وجدتكِ
//////////////
مازال عاصي وجميلة وعمر بمدافن عائلة جميلة والتي يرقد بها الآن شقيقه وشقيقتها .. كل منهما فقد نصفه الثاني .. فقدوا من شاركوهم حياتهم منذ الصغر .. فقدوا من تقاسموا معهم الفرح والحزن .. فقدوا الجناح الثاني لهم فأصبحوا كطير بجناح واحد لا يستطيع الطيران وحُكم عليه بالعيش طوال حياته على الارض غير قادر على التحليق .. لاحظت جميلة شرود عاصي وهو ينظر للمدفن لتردف بهدوء
جميلة: وحشك؟
عاصي(بنبرة يشوبها الحزن والشوق): اوي .. اخر مرة شوفته فيها حضني جامد .. زي ما يكون كان بيودعني .. بس انا ماكنتش عارف ان دا الحضن الاخير ..(ثم اكمل وقد اهتزت نبرته).. لو كنت اعرف كنت مسكت فيه وطولت الحضن اكتر جايز كنت قدرت اشبع منه
جميلة(وهي تنظر للمدفن بعيون لامعة بالدموع): عمرك ما كنت هتقدر تشبع منه .. كنت برضو هتحس انه واحشك اوي .. طب تعرف اني بحسدك .. اه والله .. على الاقل انت لحقت تحضنه لآخر مرة .. حتى لو كان حضن وداع وأنت مش عارف بس حضنته .. انا مش فاكرة اخر مرة حضنت فيها عشق .. لو كنت اعرف ان يومها هيكون اخر مرة اشوفها كنت حضنتها اوي وخبيتها جوا قلبي .. اصل انت مش فاهم عشق دي كانت ايه بالنسبالي .. دي كانت مش بس اختي .. دي كانت اختي وامي وصاحبتي وكل حاجة ليا
عاصي: كنتوا مرتبطين ببعض؟
جميلة: جدا .. كانوا ساعات يقولوا علينا التوأم المنفصل من كتر ما كنا بنعمل كل حاجة مع بعض .. نصحى سوا وننام سوا وناكل سوا ونشرب سوا .. رغم ان الفرق بيني وبينها سنتين بس انا كنت شايفاها حاجة كبيرة كدا .. كنت بقلدها في كل حاجة
عاصي(وهو يسرح بذكرياته): يا بختك .. انا ماكنتش قريب اوي من عاصم .. الفرق بينا كان 5 سنين بس كنت دايما شايف نفسي الكبير اللي لازم يسمع كلامي .. كنت اتضايق لما الاقي امي بتلاعبه وانا لأ بس لما كبرت شوية فهمت انها كانت بتعمل كدا علشان هو الاصغر ومحتاجها اكتر مني .. في مرة كان نفسي في لعبة .. طيارة كدا كانت طالعة جديد ساعتها ماما جابتها وقالتلي ان عاصم هو اللي جابهالي .. اتبسطت وقعدت ألعب بيها طول اليوم ..(ثم عبست ملامحه وهو يُكمل).. بس صفوت الزيان ساعتها شافني وخدها مني وكسرها وزعقلي وقالي انت مش عيل صغير علشان تلعب بلعبة زي دي .. ساعتها حسيت ان قلبي اتكسر مع اللعبة ..(ثم ابتسم مرة اخرى وهو يردف بخفة).. ماعداش يومين ولاقيت عاصم عامل طيارة من الورق وخشب الاغصان بتاعة الشجر ورابطهم بحبل طويل .. ساعتها انا قلبي فرح اكتر ما فرح باللعبة لإن دي حسيت انها فعلاً من عاصم وانه عمل كدا علشان يفرحني .. طبعاً ماما ساعدته بس هو اللي عملها ودا كان باين في اللزق بتاع الورق والخشب .. قعدنا طول اليوم نلعب بيها انا وهو في جنينة الڤيلا واخر اليوم شيلتها في دولابي .. تعرفي اني لسة محتفظ بيها لحد دلوقتي
جميلة(بابتسامة خفيفة): انا برضو محتفظة بعروسة بابا جابها لعشق ليلة العيد .. جابلي واحدة وهي واحدة وطبعاً بما اني مهملة كبيرة نسيتها على السلم وعقبال ما افتكرت ونزلت اشوفها مالاقيتهاش .. يومها فضلت اعيط بس لاقيت عشق جاية واديتني عروستها وقالتلي انها هتلاعبني بيها معاها
صمتوا قليلاً لتنظر جميلة لعاصي وتردف مرة اخرى
جميلة: ممكن اسألك سؤال؟
هز عاصي رأسه موافقاً لتردف
جميلة: انت ليه قولت صفوت الزيان ماقولتش بابا؟
عاصي(بنبرة يشوبها الألم): لإني عمري ما حسيته ابويا .. عمره ما عرف يكون اب ليا او لعاصم .. كان كل حاجة عنده اوامر وضرب وقسوة
ثم اغمض عينيه بقوة وهو يحارب ذكرياته القاسيه مع من يُسمى والده والذي كان السبب في كل جرح نزف به قلبه .. تنهد وهو ينظر للمدفن باشتياق واضح على ملامحه .. لاحظت جميلة ذلك لتردف بهدوء
جميلة: عمره ما نسيك
نظر لها عاصي بعيون تلمع بالدمع التي يأبى ان يُطلِق سراحه وكأنه ليس من حقه البكاء ولكن اهتز قلبه وهو يستمع لها وهي تكمل
جميلة: ماكنش بيعدي يوم من غير ما يفتكرك .. وكان بيجيب سيرتك دايما
عاصي: كان نفسي اشوفه لآخر مرة .. انا عشت سنين على امل اني اشوفه مرة كمان ولما لاقيت مكانه مالاقيتهوش .. هو كان مهربي الوحيد ولما اختفى حسيت نفسي تايه في صحرا مش عارف اروح فين
جميلة: هو كان تايه زيك بس الفرق ان هو لقى الايد اللي تمسك ايده ويمشوا سوا .. اصل علشان توصل لازم يكون معاك شريك
عاصي(وهو ينظر لها ويردف بنبرة ذات مغزى): وافرضي ماوصلناش؟
جميلة(بتلقائية وبنفس النبرة): على الاقل هنتوه سوا
صمتت وصمت وكانت للنظرات الحديث .. كلامهم كان يحمل معنى واضح واخر مُبطن ولكن النظرات كان لها معنى واحد واضح وصريح وكأنهم يصفون جملة (كلما نتقن الصمت تفضحنا أعيننا) .. كانت عيناه تصرخ قائلة لها :
أنا لست شيطاناً ولا ملاك
أنا مزيج بين هذا وذاك
لي ماضي مظلم
وجرح الماضي في قلبي يؤلم
داوي جراحي وطيبيها
وامسكي بيدي ولا تتركيها
كوني لي موطناً وكوني لقلبي حياة
كوني فرصة ثانية وطريقي للنجاة
كوني مصباح يُنير ظلمة قلبي وحياتي
كوني معي طوال عمري و حتى مماتي
ولكي مني قلبي وعقلي وروحي
يا جميلة عشقتها فشُفِيَت جميع جروحي
#بقلم حورية_الابداع
وكانت عينيها ترد عليه قائلة:
كيف للجميلة ان تحب الوحش
وكيف للوحش ان يصبح ملاك
يلوموني لأني وجدت معك الامان
ووجدت ان البُعد عنك هلاك
لماذا وقعت اسيرة لعينيك
ولماذا دق هذا القلب حين رآك
مادمت بجانبك يا وحشي الحبيب
مستعدة انا للمشي على الأشواك
مستعدة للغوص في أعماقك
وإن ضاع عمري .. ف عمري فداك
#بقلم حورية_الابداع
طال الصمت وطالت النظرات التي تقول ما لا يستطع ابلغ الشعراء قوله .. تهتف بأسم الحب الذي يدق القلوب وإن لم يعترفوا به بعد .. تهتف قائلة انها وجدت من بحثت عنه وأبداً لن تسمح بضياعه .. يرغب القلب والعقل يرفض .. المنطق يرفض .. الحياة ترفض .. اللعنة على العقل وعلى المنطق وعلى الحياة .. أُصيبت القلوب بسهام الحب فقد وقع الوحش بعشق الجميلة ووقعت الجميلة بعشق الوحش
كاااااااااااااااات .. كفاية كدا النهاردة

جميلة عشقت الوحش 🤍🖤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن