الفصل الحادي والعشرون 💥💥💥

7.9K 230 10
                                    

هل جربت شعور ان يبكي كل شئ فيك عدا عينيك .. هل جربت شعور الألم الذي يحتل قلبك وكأنه يحتضن جمرة من نار وغير قادر على ابعادها .. هل جربت شعور ان يحتل حلقك الحزن فتختنق ببطئ .. هو جرب كل تلك المشاعر ومازال يشعر انها لا شئ مقارنة بما يشعر به الآن .. تضرب طواحين الافكار بعقله ويتخبط هنا وهناك بمشاعره المبعثرة والمشتتة .. لأول مرة يشعر وكأنه مقيد بأغلال من حديد ملتهب يكوي جسده .. لأول مرة يشعر وكأنه طفل صغير يود الهرع لوالدته حتى يبكي بحضنها ثم تخبره ماذا عليه ان يفعل .. فها هي من نبض قلبه لأجلها ترقد على فراش المشفى غائبة عن الوعي هاربة من الواقع الأليم الذي يعذبه .. وها هو صغيره الحبيب الذي احبه ولم يره وحشاً كما يراه الجميع اُختطف ولم يقدر على حمايته .. هو السبب .. تلك الجملة تتردد بعقله كالتسجيل المُخرب .. هو من صمم على وجوده بجانبه .. هو من ادخله ذلك العالم الملئ بالوحوش الذي لا يفرق معهم كونه طفل صغير .. هو السبب في دمار العالم .. هو السبب في كل سوء حدث لكل انسان على وجه الارض .. ربما هو من تسبب في ثقب الاوزون أيضاً .. يحتل حزن العالم صدره ويشعر بالوجع يعتصر قلبه .. يجلس على ذلك الكرسي وهو فارغ تماماً، يملؤه الحزن وخيبات الأمل وبداخله تتساقط دموعه وأحلامه .. ينتبه على اقتراب شروق ومحمد الذين اتصل بهم بمجرد وصوله للمشفى .. لا يعلم لما كلمهما بالتحديد ولكنه شعر بحاجته لوجود أحد بجانبه .. ربما كان تأثير اليومين السابقين عليه اكبر مما تصور
محمد(وهو يقترب منه): عاصي، انت كويس؟
شروق(بلهفة): فين جميلة؟! وايه اللي حصل؟! وعمر فين؟!
عاصي(بملامح شاحبة وكأن الحياة انسحبت منها): جميلة جوا .. الدكتور لسة عندها
شروق: انا هدخلها
كادت شروق بالدخول ليجدوا الطبيب يخرج من الغرفة
عاصي(بلهفة): ايه الاخبار؟ هي كويسة؟!
الطبيب: ماتقلقش يا مستر عاصي هي كويسة بس الخبطة كانت شديدة ف ادت لإغماء على العموم انا اديتها حقنة وخلال دقايق هتفوق
ما ان انهى الطبيب جملته حتى سمعوا جميعاً صراخ جميلة الذي جعل قلب عاصي ينتفض في مكانه ويندفع بلهفة لغرفتها
جميلة(بصراخ): عمرررررررررر لااااااااااااا
عاصي(وهو يحاول التحكم بانفعالاتها): جميلة .. اهدي
جميلة(بدموع): عمر فين .. انا عايزة عمر
شروق(بتأثر لحالتها): اهدي يا حبيبتي
جميلة(بصراخ هستيري): عايزة عمررررررر .. عايزة ابني
الطبيب: هاتولي حقنة مهدئ بسرعة
امسكت جميلة بيد عاصي لتردف برجاء والدموع تغرق وجهها
جميلة(بدموع كثيرة): هاتلي عمر يا عاصي .. رجعلي ابني ابوس ايدك
عاصي(وهو يحتضن رأسها بين يديه): ششششش اهدي .. وحياتك عندي ل هرجعهولك
جميلة(بعدم تصديق وهي تنظر له): بجد!
عاصي(بنبرة صادقة وبهمس حنون امام وجهها): والله هرجعه لحضني وحضنك والنهاردة بس علشان خاطر عمر اهدي
احتضن عاصي جميلة وتمسكت هي بأحضانه بشدة وكأنها تريد الهروب لأمانه من غدر وظلم تلك الدنيا التي تستكثر عليها الفرح .. اقترب محمد من شروق التي كانت تبكي على حال رفيقتها واختها التي لم تلدها امها ولكن ولدتهم الحياة في ظروف صعبة فأصبحت بينهم رابطة قوية لا يُمكن قطعها .. لف محمد ذراعه حول شروق التي يلمع الدمع بعينها وهو يحثها بنظراته على التماسك من اجل جميلة فلو انهاروا جميعاً من سيقوم بتقويتهم من جديد .. دخل كريم للغرفة بهدوء يسبق العاصفة .. عاصفة الوحش التي ستدمر كل من حولها .. نظر عاصي له ليهز كريم رأسه لعاصي في اشارة بأنه قد حدث ما طلبه الوحش .. ابتعد عاصي بهدوء عن جميلة التي حقنتها الممرضة بمهدئ ما .. ألقى عاصي نظرة اخيرة على جميلته قبل ان يتحرك للخارج .. كان محمد منتبه لنظرات عاصي وكريم وفهمها جيداً ليتحرك خلفه بعد ان اوصى شروق بمرافقة جميلة وعدم التحرك من المشفى حتى يعود .. خرج محمد لخارج الغرفة ليجد عاصي يقف وكأنه كان ينتظره ويعلم انه سيتبعه .. تقدم محمد منه ليردف بهدوء لا يناسب الموقف
محمد: لاقيته؟
عاصي: لاقينا مكانه
محمد: تمام، هنتحرك دلوقتي
عاصي: نتحرك؟!
محمد: أيوة طبعا انا جاي معاك
ابتسامة خفيفة زارت شفتي عاصي .. احس فجأة بأن هناك من يريد ان يكون معه دون سبب .. نعم لقد كان كريم يرافقه لسنوات ولكنه دوماً كان يشعر انه يفعل ذلك ك رد لجميله السابق في إنقاذ حياته .. اما محمد فلا شئ يجبره على ذلك .. نظر عاصي لكريم الواقف بصمت وينتظر اوامره
عاصي(بنبرة آمرة): طقم حراسة كامل يبقى حوالين المستشفى .. وأنت بنفسك تكون قدام الاوضة وماتتحركش ثانية فاهم
كريم: ماتقلقش  ..(ثم اردف بنبرة تحمل اللهفة والخوف الأخوي).. خلي بالك من نفسك
عاصي: اول مرة تقولهالي
كريم: يمكن علشان اول مرة ماكونش معاك
رسم عاصي ابتسامة بسيطة على شفتيه وهو يربت على كتف كريم .. ربما كان مخطئاً .. ربما كريم ليس بجانبه بسبب جميله وإنما اعتبره اخاً .. تحرك عاصي الذي اسودت عيناه بشر وتراقصت الشياطين برأسه وبجانبه محمد الذي على وشك الدخول في مغامرة مع الوحش فترى كيف ستسير وهل سيخرج منها كلاهما بقلوب تنبض
////////////////
بمخزن في أحد الاماكن النائية المتطرفة نجد عمر الصغير يجلس أرضا في احد الاركان وقد تركت دموعه أثرا على وجهه الطفولي .. يرفع كلتا يديه ليمسح الدموع المتلألئة بعينيه ثم ينظر مرة اخرى ليديه المربوطة بحبل غليظ وكذلك قدميه .. يدق قلبه الصغير برعب وخاصة حين وجد احد الرجال الذين اختطفوه ينظر له بشر وكأنه قتل له احد احبائه .. يغمض عمر عينيه وهو يردد القرآن الذي يحفظه والذي حرصت جميلة على ان تجعله ملجأه دائما فعودته ان يقرأ القرآن كلما احس بالخوف وكلما تمنى شيئاً بشدة .. يردد لسانه آيات الله تعالى وقلبه يتمنى ان يجد عمه بجانبه .. نعم لقد وجد ذلك الصغير الامان بجانب عمه فأصبح يراه هو الدرع الحامي له .. كم هي بريئة قلوب الاطفال وكأنها ترى الروح وليس الشكل فمن يرى عاصي مستحيل ان يحبه بل ربما سيرتجف قلبه رعباً منه وخاصة وهم يعرفون من هو عاصي الوحش اما عمر فمن اول لقاء له ورآه بعين قلبه .. رأى من يسكن روحه او بمعنى اصح بقايا من يسكن هناك .. رأى عاصي الطفل الذي لم يتعدى ١٥ عاماً والذي دفنه عاصي بداخله حتى يستطيع العيش وسط عالمه الجديد .. عالم صفوت الزيان الذي فُرض فهل سيتحرر من ذلك العالم ام ستستمر اغلال صفوت الزيان في تقييده
//////////////
بغرفة بذلك المخزن كانت تقف بكل الشر الموجود في الكون وعينيها تلمع بلهيب الحقد الذي يشوبه لذة الانتصار البسيط .. وكيف لا تفرح وقد نجحت خطتها في خطف ذلك الصغير الذي كان سبباً رئيسياً في دخول الجميلة لحياة الوحش ولكن كل ذلك على وشك التغير فهي بعد قليل ستتخلص منه نهائياً فلا يعود هناك ما يربط بين الجميلة والوحش
ياسر: بس مش دا المبلغ اللي اتفقنا عليه يا هانم
قالها ذلك الرجل بعد ان تفحص ظرف النقود ووجد المبلغ المتفق عليه ناقصاً .. لفت وجهها له وقد تعمدت اخفاء ملامحها مستخدمة نظارة شمس كبيرة وقبعة سوداء فوق بروكتها ذات الشعر الاصفر الطويل .. تلونت مثل الحرباء حتى تضللهم فلا يعرفوا شكلها ولا حتى اسمها .. نظرت له بغضب
نادين(بغيظ): المبلغ اللي اتفقنا عليه كان مقابل انك تخطف الولد وتقتل البنت اللي بعتلك صورتها وأهي البنت لسه عايشه في المستشفى وحوليها حراسه قد كده
جاسر: احنا ممكن نحاول ...
نادين: اوعوا تحاولوا اي حاجه ولا حد فيكم يقرب منها تاني  ..(ثم اكملت بشر).. هو أينعم جزء من الخطه باظ بس مش مشكله كفايه اوي ان الولد يموت
ياسر: لا مؤاخذه في السؤال يا هانم بس هو الولد ده عملك ايه عشان تموتيه .. يعني ده عيل صغير و...
نادين(بغضب): انت مال اهلك انت عاملي ايه ولا ما عمليش ايه انت اخدت فلوس يبقى تنفذ اللي يطلب منك
جاسر(وهو يلكذ ياسر): الهانم معاها حق .. بس انا عندي سؤال يا هانم .. انتي عايزة الواد ده بعد ما نخلص عليه؟
نادين: قصدك ايه؟
جاسر: قصدي يعني ان في ناس بتدفع كتير اوي في الاعضاء بتاعه العيال وانا عندي زبونه فلو يعني...
نادين(مُقاطعة): لأ .. جثته هتتبعت على البيت اللي هقولكم عليه وتخلص الحكايه على كده  ..(ثم اكملت بتحذير).. ومحدش فيكم يكلمني تاني وانا لو عوزتكم هعرف اوصلكم
جاسر: تحت امرك يا هانم
نادين: يلا بقا خلونا نخلص من الحكاية دي
تحرك الرجلين وخلفهما نادين التي رغبت بمشاهدة لحظة قطع الرابط الذي يربط بين جميلة وعاصي .. ربما تقولون انها مختلة ولكن هوسها بعاصي هو السبب فهي مستعدة للتحالف مع الشيطان في سبيل حصولها عليه .. اقترب الرجل الاول من زميله ليهمس
ياسر: انا صعبان عليا الواد اللي تحت دا .. حرام
جاسر: حرام! انت مالك بقيت حنين وايديك خفت ليه
ياسر(بغيظ من برود جاسر وقسوته): علشان دوقت غلاوة الضنا ومسيرك في يوم هتعرف يعني ايه حتة منك يبقى في خطر
جاسر: ماهو علشان الحتة اللي منك لازم تخلص من الحتت التانية وإلا هتجيب علاج ابنك المرمي في المستشفى دا منين ها ماهو من شغلنا دا .. صلي عالنبي كدا وروح خلص عالواد خلينا نخلص بقا
قالها وهو يضع بيده مسدس .. زاغت عين الرجل ياسر وظل يحول نظره بين المسدس وبين ذلك الولد .. يرفض قلبه ما سيحدث .. هو يسرق ، يخطف ، يتاجر في الممنوعات ويقتل أيضاً ولكنه لم يقتل طفلاً من قبل .. رفع سلاحه ولمعت عيون نادين بفرحة مختلة .. كل ذلك وعمر يغمض عينيه ولم ينقطع عن ترديد آيات الله .. ثبتت يد ياسر لثواني لينتفض وينزلها وكأن لدغته حية حين تخيل ابنه مكان عمر .. نفخ جاسر بضجر ليسرع بمسك المسدس منه ويصوبه هو ناحية عمر .. حرر صمام الأمان ووضع اصبعه على الزناد .. ثانية .. اثنتان .. فجأة صدح صوت طلقات رصاص من كل اتجاة فقد وصل الوحش .. وصل جحيمهم الاسود .. قفز قلب نادين برعب وفي اقل من ثانية كانت تجري للخارج وهي تسب وتلعن هؤلاء الحمقى الذين تأخروا في قتل ذلك الصغير الملعون الذي سيبقى دائماً عائق بينها وبين الوحش
//
بالداخل وكأنها ساحة حرب .. عاصي يمسك مسدسه ويضرب طلقة وبعدها اخرى وكلهم يصيبوا الرجال في مقتل فتصويب الوحش لا يُخطئ ابداً .. جرى ياسر وجاسر ناحية عمر واسرعوا بأخذه والفرار من باب خلفي تاركين عاصي بالداخل مع باقي رجالهم وهم يظنون ان كثرة عددهم امان ولا يعلمون ان الوحش في غضبه يكون كبركان ثائر لا يقدر احد على الوقوف امامه
//
بالخارج يضرب محمد كل من يحاول الهرب .. رصاص مسدسه على وشك النفاذ ولكن ذلك ليس عائقاً بالنسبة له فهو ماهر للغاية في الفنون القتالية وإن كان لا يمارسها بكثرة فمسدسه يغنيه عنها ولكن ذلك لا يعني انه لن يستخدمها .. يضرب هذا وذاك وهنا يسدد ضربة وهنا ركلة تلو الاخرى فيقع الرجال حوله وكأنهم ذباب متناثر .. يلمح محمد عاصي الذي خرج وعيونه تحولت للون الاحمر من شدة الغضب
محمد: فيه ايه؟
عاصي(بغضب): عمر مش جوا
محمد: مش جوا ازاي؟! انت مش قلت انه مخطوف هنا
عاصي: ايوة والجاكيت بتاعه جوا بس هو مش جوا .. هربوا بيه
محمد: انا غلطت من الاول لما سمعت كلامك وماكلمتش قوة تيجي معانا
جحظت عينا محمد بصدمة حين وجد عاصي يرفع مسدسه بوجهه .. لا توجد اي تعابير واضحة على وجهة عاصي .. يدق قلب محمد بعنف لينصدم حين وجده يحول يده قليلاً لتمر الطلقة من جانب رأسه مصيبة ذلك الرجل الذي كان يصوب باتجاه محمد .. لف محمد وجهه لينصدم مما حدث .. نظر مرة اخرى لعاصي وكأنه يتسائل لما انقذه ولكن قطع تساؤله صراخ عمر الذي ملأ المكان فقد كان ذلك الرجل هو جاسر والذي كاد يهرب مع ياسر وعمر ولكن لعب شيطانيه بعقله بأن يقتلهم قبل ان يرحل عساه يحصل على مزيد من الاموال مقابل ذلك اما ياسر فبمجرد ان اخترقت رصاصة عاصي صدر جاسر دب الرعب بقلبه واحس انه سيفارق ابنه الذي فعل كل ذلك من أجله فأسرع بامساك عمر وجرى مرة اخرى لداخل المخزن وصعد به للدور الثاني .. غباء؟! ممكن ولكن عقل الانسان يتصرف تصرفات معتوهة عند وجود خطر .. تصرفات ربما لو فكر بها بوقت اخر لسب نفسه عليها .. انتبه ياسر انه اوقع بنفسه في المصيدة .. لا يوجد مهرب .. من خلفه شرفة صغيرة وعالية إلى حد ما عن الارض وامام الباب يقف محمد وعاصي الذي بلغ غضبه ذروته وبرزت عروقه بشكل مخيف يجعلك تظن وكأنك بالفعل ترى وحشاً .. اسرع ياسر بلف ذراعه حول عمر ووجه مسدسه على رأسه .. وقف عاصي ومحمد امامه ليردف محمد
محمد(بهدوء مدروس): اللي بتعمله دا مش هيفيدك .. سيبه احسنلك
تمسك ياسر بعمر وهو ينظر لهم برعب يقفز بقلبه
محمد: سيبه وقولي مين اللي قالكم تعملوا كدا وانا هساعدك
ياسر(وهو يهز رأسه بانهيار): انا ماليش دعوة .. انا عملت كدا علشان ابني .. ابني هيموت
محمد: سيبه وصدقني هساعدك
كان ياسر متخبط .. عقله يدور بسرعة وهو لا يعرف كيف يتصرف .. ينبض قلبه برعب كلما نظر لعاصي وكأنه يرى موته يسكن عينيه .. انتفض جسد عمر برعب وقد استقرت رصاصة في جسد ياسر .. رصاصة مميتة ولكنها لم تكن رصاصة عاصي بل كانت رصاصة نادين التي خافت ان يقول ذلك الاحمق اي شئ .. نعم لا يعرف عنها شئ حتى الرقم الذي كانت تتواصل من خلاله ليس مسجلاً بأسمها ولكنها لن تغامر فقررت التخلص منه .. رصاصتها القاتلة جعلت جسد ياسر يترنح وفي اقل من ثانية كان يقع من الشرفة ولكن لم يكن وحده فأخذ معه عمر الذي اوقع قلب عاصي مشهده وهو يسقط من النافذة فصرخ الوحش بصوته الجهوري
عاصي(بصراخ ورعب): عمررررررررررررر
كاااااااااااااااات .. كفاية كدا النهاردة

جميلة عشقت الوحش 🤍🖤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن