الفصل الثاني عشر⁦♥️⁩

8.9K 279 7
                                    

مر أقل من ساعة لتجد شروق نفسها بمكان منعزل نوعاً ما .. نزل محمد من سيارته العزيزة ذات الطراز القديم ولكنها تؤدي الغرض كما يقولون .. نزلت شروق خلفه بعدما رفض اخبارها وجهتهم واكتفى بالصمت منذ ان خرجوا من المنزل لتجده يقف بهدوء يرتسم على ملامحه الجذابة .. وقفت شروق امامه لتردف بغضب
شروق: ممكن تفهمني انت جايبني هنا ليه؟! وايه المكان دا؟!
محمد: انا جايبك هنا علشان تشيلي الوش اللي انتي لابساه دا
شروق: وش ايه؟!
محمد: وش الجامد القوية اللي مش هاممها .. وش البنت اللي قدرت تتخطى موت باباها .. الوش اللي بتحاولي تضحكي بيه عالكل علشان ماتشوفيش في عينيهم حزن عليكي
احدت انفاس شروق وقد احست انه بات يكشفها .. بات يرى من خلالها .. بات يحس بالألم الذي يعتصر قلبها .. لمعت الدموع بعيونها لتجده يقترب ببطئ منها ويردف بنبرة هادئة
محمد: عيطي يا شروق
هزت شروق رأسها برفض ليردف
محمد: اسمعي كلامي .. عيطي .. طلعي كل الحزن اللي جواكي .. عيطي وصرخي لحد ما تحسي انك ارتاحتي .. هنا مفيش حد هيشوف ضعفك غيري واوعدك اني عمري ما هستغل ضعفك دا
وكأن كلامه كان اشارة البدء لدموعها التي اخذت تتسابق بحدة فوق وجهها .. اخذت تبكي وكأنها علمت الخبر للتو .. اخذت تبكي وكأنها لم تبكي من قبل .. اخذت تبكي بشدة لتتسارع انفاسها وتبدأ شهقاتها في التزايد لتجده فجأة يحيطها بذراعيه ضامماً رأسها لصدره وهو يربت عليها بحنان زاد من بكاءها وقد تذكرت حضن والدها وتربيته عليها لتطلق صرخة كانت تكتمها بصدرها
شروق(بألم): آآآآآآآآه
زاد محمد من ضمه لها لتتمسك هي بأحضانه وتردف بنبرة متألمة
شروق(بدموع): سابوني كلهم يا محمد .. سابوني لوحدي
محمد(بصدق وهو يضمها لصدره): انتي مش لوحدك .. انا معاكي وعمري ما هسيبك
نظرت له من بين دموعها بنظرة طفولية يشوبها الوجع وكأنها تستشف صدق جملته .. تريد التأكد انه لن يتركها مثلما تركوها لتجده يهز رأسه بهدوء وهو يغمض عينيه مطمئناً قلبها انه لن يتركها او يتخلى عنها ابدا لتهدأ انفاسها ببطئ وتبدأ الدمعات في الانسحاب من عينيها لينتهي بهم الامر وكل منهم جالس على ركبيته ومازال محمد يضم رأسها لصدره ويرتبت على ظهرها اما هي فنست المكان والزمان ونست كل شئ إلا دفئ صدره وحضنه الذي امدها بالحنان بعد ان ظنت انها لن تلقاه مرة اخرى .. يقولون ان الاهتمام الذي نجده في لحظة الضعف اجمل من ألف لحظة حب وقد صدقوا بالفعل فإن الانسان يريد ان يمسك احد بيده عند حزنه .. لا تصدق ان احدا يستطيع عبور بوابة حزنه بمفرده .. ربما يعبر ولكن بالتأكيد سيفقد جزءًا من روحه .. سينطفئ نور قلبه .. تأكد ان لا احد يحب ان يحزن وحده .. لا احد يحب ان يكون بمفرده
////////////////
بدأت الشمس بالمغيب فلم يتبق سوا بعض من نورها الذهبي المائل للحمرة .. يجلس عاصي وجميلة على كورنيش عروس البحر الابيض ببحرها البديع وهوائها الساحر ومن امامهم يلعب عمر ويركض يميناً ويساراً وعيونهم تتابعه بابتسامة بسيطة مرسومة على شفاههم .. ينظر عاصي لجميلة الجالسة بجواره والهواء يداعب شعرها العسلي فيطير بخفة كالريشة .. يلاحظ عاصي سرحانها مع مياة البحر ليتسغل تلك الفرصة في اشباع عينيه من صورتها .. ظل يتطلع لها وهو يتذكر كلامهم صباحاً وكيف تكلم معها كما لم يتحدث مع اي احد من قبل .. منذ متى وهو يترك اي شخص يعبث في خزانة ذكرياته التي يغلق عليها بقلبه ويحيطها بالعديد من الاسوار والاسلاك الشائكة وكأنها منطقة محظور الاقتراب منها .. منذ متى وهو يسمح لنفسه ان يكون كتاب مفتوح أمام اي شخص فهو حرص طوال عمره ان يكون كالصندوق الاسود المغلق الذي ضاع مفتاحه ولا يعرف احد الالغاز التي به .. منذ متى وهو يفكر بنهايته .. ألم يكن لا يهاب الموت؟ لماذا الآن يحس بقلبه يرتعش خوفاً من تخيل موته وهو يحمل تلك الجبال من الذنوب وكيف تكلم معها وجعلها تعلم بما يشعر به .. لماذا يكسر قوانينه لأجلها .. لماذا يقسو على الجميع عداها .. لماذا يحس ان رغبته بها ليست عن شهوة مثلما كان مع باقي النساء وانما يرغب بها لأجل ذلك القلب الساكن صدره والذي تتراقص دقاته من مجرد جلوسه بجانبها .. هل أحبها؟! .. هل مازال قلبه يعرف الحب؟! .. هل مازال قلبه يصلح من الاساس للحب؟! .. وإن كانت الاجابة نعم هل يصلح هو ليحبها؟! .. هي كالنجمعة اللامعة بالسماء وهو كالصخرة المُلقاه على الارض .. بعيدة كثيراً .. بعيدة عنه .. يعلو صوت المذياع الخاص ببائع حمص الشام البسيط الذي يقف على عربيته بجوارهم بأغنية معينة وكأن القدر اختار ان يوصف حاله بكلماتها .. يسرح عاصي بكلمات الاغنية ولحنها الهادئ ومازالت عيناه مُعلقة على ملامح تلك الجميلة وهو يستمع:
هو انتي ليه بعيدة كده؟! .. ومستحيلة بالشكل ده؟
فرحة حياتي ومُرها .. أيامي بيكي عشتها
انتي الحقيقه في دنيا زيف .. وانتي اللي دوبت في حبها
بقدر على الناس كلها .. وببقي قدامك ضعيف
وبِتعنِدي .. وأنا ادووووووب ندا
يزداد سرحانه بها وخاصة حين رفعت يدها بخفة تلملم خصلات شعرها المتمردة بفعل الهواء .. يراها تمرر اطارف اصابعها بشعرها الناعم وتنثره مرة اخرى خلف ظهرها بخفة كفراشة رقيقة تجذب نظرك بجمالها الآلهي فيهمس قلبك بدون إرادة "سبحان الخالق" .. تستمر الاغنية وعينيه لا تفارق ملامحها الرقيقة وهو يستمع:
قلبي على كفي افتحيه .. هتلاقي صورتك ساكنه فيه
حتى وانا ف قلبي المرار .. مبشوفش غيرك ليل نهار
ياوردة مغسولة بندى
صافية ورقيقة وطيبة .. وبعيدة وانتي قريبة
يا محيرة كل القلوب .. بكتب غرامك ع الدروب
وارسم ملامحك ع المدااااااااا
بدأت ابتسامته في التلاشي بهدوء وهو يعلم انه من المستحيل ان يكون قلبها له لتُكمل الاغنية بكلمات تضغط بقوة على قلبه وهو يستمع:
هو انتي ليه بعيده كده؟!
بصحي على صورتك وانام .. وألقاكي ينساني الكلام
أرسم أمل يبقي سراب .. وأحلم بفرح ألقاه عذاب
وأنده يجاوبني الصدى
ثم لمع بريق خفيف بعينه وأخذ نفس عميق وكأنه سيدخل احد التحديات وليس أي تحدي .. انه تحدي مع المصير .. مصير حكايته مع جميلته .. تحدي مع شيطانه الذي يقف عائق بينه وبينها ولكنه عقد العزم ان يدمر ذلك العائق .. يزداد بريق عينيه وهو يستمع:
عاشق انا قلبي عنيد .. ومسيري هوصلك أكيد
وألقاكي يا قمري البرئ .. لو حتي راح يخلص طريق
وألقى طريق غيره ابتدى .. وألقى طريق غيره ابتدى
/////////////////
مرت ساعات لتنتبه الحاجة ابتسام حين وجدت طرق خفيف على باب منزلها فهي كانت تنتظر رجوع محمد وشروق .. تتحرك لتفتح الباب لتجد محمد يقف امام المنزل حاملاً شروق التي نامت في السيارة اثناء عودتهم ليحملها على ذراعيه كما الاطفال ويصعد بها غير مبالي بمن ينظر لهم او يتهامس عليهم .. فليذهب الجميع للجحيم مادامت هي بين احضانه .. ابتسمت ابتسام حين وجدت محمد يتحرك بشروق لغرفته لتشاركه اياها بعد ان مر على زواجهم حوالي شهر وربما اكثر ولم تبيت ليلة بها .. ربما احتراما لخصوصيته .. ربما حفاظاً على كرامتها فهو لم يطلب منها ذلك .. ربما خجلا من ان تشارك رجلاً غرفته .. وربما كل تلك الأسباب سوياً ولكن المهم انها من الآن ستشاركه تلك الغرفة كما ستشاركه حياته كلها فهكذا قرر وهكذا سوف يحدث فبكل الاحوال من هي لتقاوم ذلك الظابط ذو الملامح الجميلة والقلب الأجمل .. وضعها على السرير برفق وتمدد بجوارها ليحرك جسدها برفق حتى جعلها تستند على صدره مرة اخرى ليستمر هو في التربيت على ظهرها والتمليس على شعرها بخفة حتى اخذه سلطان النوم وهي بين احضانه الدافئة
//////////////
مازال عاصي وجميلة جالسين على شاطئ الكورنيش ومازالت جميلة سارحة وهي تنظر للبحر امامها ليتنحنح عاصي ويردف بهدوء
عاصي: للدرجادي بتحبيه؟
جميلة(بانتباه): ها؟!
عاصي: سرحانة في البحر بقالك كتير ف بسألك بتحبيه اوي كدا؟
جميلة: بالعكس .. مش بكره في حياتي قده
عاصي: ليه؟
جميلة: بحسه بيخوف .. قاسي وغدار .. ملهوش امان .. في لحظة بيكون رايق وفي اللحظة التانية بيقلب
عاصي: مش شايفة انك ممكن تكوني ظالماه؟
جميلة(بنبرة تحمل الكثير): ماظنش
عاصي: حابة تحكي؟
جميلة: احكي؟!!!
هز عاصي رأسه ونظرت جميلة له قليلاً قبل ان تردف
جميلة: انا اتولدت في عيلة بسيطة .. بابا كان موظف صغير في شركة استيراد وتصدير هنا في اسكندرية .. كان ساعات بيطلع مع سفينة الشركة ويسافر يسلم الطلبيات تبع الشركة ويرجع تاني على نفس السفينة يعني يُعتبر كان مقضي معظم وقته في البحر .. ماما كانت ست بيت وحياتها كانت بتتمحور حوالين بابا وانا وعشق وبس .. كانت حياتنا هادية وجميلة
عاصي: وايه اللي حصل؟
جميلة: في يوم بابا كان طالع مع طلبية جديدة .. كان المفروض هيسافر بعدها ب اسبوع بس صحاب الشركة فجأة قرروا ان الطلبية لازم تسافر في اليوم دا .. كان الجو عادي اينعم كان فيه شوية هوا جامد بس البحر ماكنش هايج .. بابا قضى اليوم معانا وبالليل فعلا بابا سافر ..(ثم اهتزت نبرتها وقد خنقتها الدموع).. ودي كانت اخر مرة شوفته فيها
عاصي: مات؟!
جميلة(بألم): البحر هاج فجأة والطقم بتاع السفينة ماقدرش يسيطر على الوضع واتقلبت السفينة بيهم .. الخبر جالنا تاني يوم وماما ماقدرتش تستحمل الصدمة ووقعت من طولها هي كمان
تألم عاصي من نبرتها التي يسكنها الوجع لتُكمل هي
جميلة: وقتها انا كنت في ثانوية وعشق كانت في الجامعة .. بين يوم وليلة بقينا احنا الاتنين لوحدنا .. بنتين فجأة لقوا نفسهم منهم للدنيا تضرب فيهم زي ما تحب .. لاقينا نفسنا فجأة من غير سند
عاصي: وبعدين؟!
جميلة: طنط ابتسام كانت قريبة ماما من بعيد ولما عرفت جتلنا وقعدت معانا فترة وبعدين اقترحت اننا نرجع نعيش معاها في القاهرة .. طبعاً بيتنا اللي هناك كان مقفول من ساعة ما سافرنا كلنا علشان شغل بابا ف كان موضع السكن محلول وفضل موضوع المصروف بتاع الاكل والشرب واللبس والتعليم وغيره .. اتكفلت هي بكل حاجة وبدل ما كان عندها محمد بس بقا عندها ٣ اولاد انا وعشق ومحمد .. ماكنتش بتفرق بينا ولا بتستخسر فينا حاجة وفضل الحال على كدا لحد ما عشق خلصت دراسة ونزلت اشتغلت مدرسة في حضانة .. كانت شغلانة مش قد كدا بس اهو احسن من مفيش علشان تخف شوية من حمل طنط ابتسام ومن ساعتها واحنا عايشين في القاهرة في بيتنا اللي شوفته لحد ما عشق اتجوزت عاصم
عاصي: علشان كدا بتخافي من البحر؟
جميلة: مش بخاف بس مش بحبه .. تعرف اني لحد دلوقتي مش بعرف اعوم .. كل سنة كنت اقول لبابا ويقولي هيعلمني لما نسافر المصيف ولما جينا هنا وقولت بقينا جنب البحر كان بابا مشغول بشغله والسفر بتاع الشركة .. اخر مرة شوفته فيها قالي انه اول ما يرجع هيعلمني بس لا رجع ولا علمني
عاصي(وهو ينظر لها): طب وليه بتخافي من الجواز؟
جميلة: الجواز؟!!!
عاصي: اه .. ليه فضلتي مخطوبة ل محمد سنين وماتجوزتيهوش
توترت جميلة من سؤاله المباشر ليردف
عاصي: ايه ماكنتيش بتحبيه؟
قالها عاصي ومن داخله يريد ان يعرف مشاعرها تجاه ذلك الذي كان ان يصبح زوجها ليجدها ترد بما جعل عروقه تبرز من شدة غضبه
جميلة: لا طبعا كنت بحبه ..(ثم اكملت بهدوء وصدق).. بس زي اخويا
هدأ عاصي قليلاً حين اتمت جملتها لينتبه لبقية حديثها
جميلة(بشرود): طول عمري شايفاه اخويا وبس .. انا بابا وماما اتجوزوا عن حب وكانوا بيحبوا بعض جدا لدرجة ان ماما ماستحملتش انه يموت ويسيبها .. وعشق وعاصم اتجوزوا عن حب .. كان فيه حاجة جوايا بتقولي ان لازم اتجوز انا كمان عن حب .. ان انا استاهل اتحب .. استاهل حد يحسسني بالامان .. استاهل حد يكون جنبي وقت ضعفي ووقت قوتي .. حد لما احتاجه الاقيه .. حد قلبي يدق ليه هو وبس .. حد يكون كل دنيتي واكون كل حياته .. فاهمني؟!
قالتها جميلة وهي تنظر له لتستوعب انها كانت تتحدث عن مشاعرها بكل اريحية مع من كانت تعده وحشاً مخيفاً .. كانت تكلمه عن احلامها وعن امنيتها بإيجاد الحب وهي تجلس امامه وهو زوجها؟!!!! .. هل قالت هذا الكلام لرغبة قلبها ان يكون هو من تبحث عنه؟!! .. اما هو فكان ينظر لها بصمت ومن داخله كم تمنى ان يعود بالزمن ليغير كل شئ بماضيه عساه يكون من تتمنى .. عساه يليق بها .. عسى قلبها يدق له هو .. لاحظ ارتباكها وخجلها من كلامها التي قالته ليقف بهدوء وهو يردف
عاصي: تشربي حمص؟
جميلة: ها؟!!
عاصي: تشربي حمص؟
هزت جميلة رأسها وهي تهرب بعينيها ليتحرك عاصي ناحية عربة الحمص المجاورة لهم واحضر بالفعل كوبين من الحمص اللذيذ .. مد يده لها بأحد الاكواب لتتلامس اطراف اصابعهم مُحدِثَة تيار من الكهرباء سرى بجسدهم .. بدأت جميلة اكل الحمص بتلذذ وعاصي يراقبها بطرف عينه بابتسامة بسيطة ترتسم على شفتيه لتختفي تلك الابتسامة عندما انتبه على شابين يجلسان ويكادوا يأكلونها بنظراتهم ولكن ما اثار البراكين الخامدة بصدر عاصي هو كلامهم وتلميحاتهم .. حاول عاصي التحكم في غضبه حتى لا يفصل رؤوسهم عن اجسادهم اما جميلة فكانت تتجنب النظر لهم وتحاول إنهاء الكوب الذي بيدها قبل ان يتهور عاصي ويضربهم او يقتلهم بمعنى اوضح
شاب ١: آآآه يا بخت الحمص
شاب ٢: بقى قمر كدا ياكل حمص .. دي تاكل مهلبية
شاب ١: عليا النعمة دي لو معايا مانزلها من البيت ولا اخرجها من اوضة النوم
شاب٢: صح ونريحها اخر راحة
عند تلك الجملة فقد عاصي اخر ذرة من الثبات لدية واندفع ناحيتهم يلكم هذا ويركل هذا ويكيل اللكمات لهم وهو يصرخ بهم
عاصي(وهو يمسك احدهما من تلابيبه ويلكمه بقوة): انا بقا اللي هريحك يا روح امك
جميلة(بصراخ): يا عاصي خلاص ارجوك
عاصي(وهو يمسك الآخر وويضربه برأسه بقوة): انا هعرفكم ازاي تتكلموا عن مراتي يا ولاد الكلب
جميلة(بخوف): خلاص يا عاصي هيموتوا في ايدك
كان عاصي كالوحش الثائر الذي لا يستطيع احد السيطرة عليه .. ظل يضربهم بكل قوة لديه حتى باتت ملامحهم لا يمكن التعرف عليهم .. تجمع الناس وبصعوبة بالغة استطاعوا إبعاد عاصي عن هذين الشابين قبل ان يلفظوا انفاسهم الاخيرة على يد الوحش ولكنهم يستحقوا فلم يكن عليهم الاقتراب من جميلة الوحش
///////////////
فتحت شروق عيونها ببطئ لتجد نفسها بغرفة غريبة .. انتبهت فجأة ليد تحاوطها لتنظر وتجد زوجها العزيز هو من يحاوطها بحب هادئ مثل ملامحه الهادئة والوسيمة .. نظرت شروق له قليلا لترتسم ابتسامة بسيطة على شفتيها وهي ترى حنانه .. كادت ان تقوم لتجده يفتح عينه وينظر لها بهدوء
محمد: رايحة فين؟
شروق(بتوتر): رايحة انام مع روضة زي كل يوم
محمد(بابتسامة ساحرة وعبث): تؤ .. انتي هتنامي مع اخو روضة من هنا ورايح
شروق(بخجل وهي تحاول ازاحة يده التي تحاوطها): اوعى يا محمد لو سمحت ماينفعش كدا
محمد(بخفة): انتي عبيطة يا بت .. انا جوزك وانتي مراتي
شروق(بخجل وتوتر): ايوة بس...
محمد(وهو يجذبها لأحضانه مرة اخرى ويغلق عينيه): مابسش .. يلا نامي بقا علشان عندي شغل الصبح
همس (تصبحي على خير) وهو يحكم لف ذراعه حولها .. لتغمض هي عينيها مرة أخرى وهي تعدل وضعية رأسها على صدره بهدوء يشوبه الكثير والكثير من الخجل .. تستشعر الامان في احضانه .. قرأت في مرة جملة تقول إن خُيرت بين الحب والأمان اختر الامان .. فالكثير يمكن ان يحبوك ولكن القليل يمكن ان تشعر معهم بالامان ومحظوظ من يجد الاثنين .. اتسعت ابتسامتها وهي تهمس لنفسها إذا هي محظوظة .. محظوظة جدا
////////////////
بمنزل الاسكندرية:-
دخلت جميلة الغرفة وهي تحمل احد اكياس الثلج لتضعها على يد عاصي ومازالت ملامحها عابسة بشدة فهي قد صممت على ذهابهم لذلك المنزل وخاصة بعد عراك عاصي مع الشابين فلم يكن بحالة تسمح له بالقيادة ليلاً حتى يعودوا للقاهرة .. وضعت جميلة كيس الثلج على يد عاصي المتورمة قليلاً بهدوء يشوبه الغضب
عاصي(بألم من ضغطها بالثلج على يده): آآآه بالراحة
تركت جميلة الثلج بيده ولفت وجهها عنه بعبوس ليردف
عاصي: ممكن افهم لاوية بوزك ليه؟!
جميلة: انا مش لاوية زفت
عاصي(بنبرة يشوبها الغيظ والغضب): كنتي عايزاني اعمل ايه؟ اقعد ساكت وهنا نازلين معاكسة فيكي
جميلة(بنبرة مماثلة): لا كنت عايزاك تتصرف بعقل مش ايدك تسبق لسانك وتفضل تضرب فيهم بالشكل الهمجي دا
عاصي(بنبرة قوية): اهو انا بقا همجي واحمدي ربنا اني ماطلعتش عينيهم في ايدي
جميلة: هما عملوا ايه لكل دا؟!!
عاصي(بنبرة يشوبها الكثير من الغيرة): بصولك
صمتت جميلة وتوترت من كلمته ليقترب بوجهه منها هامساً
عاصي(بنبرة عاشقة يشوبها التملك): انتي ممنوع حد يبصلك ولا يلمسك ولا يقرب منك ..(ثم اقترب بوجهه اكثر ليهمس امام شفتيها).. انتي ملكية خاصة ليا انا وبس
جميلة(وهي تغمض عينيها وتردف بمقاومة واهية): ابعد يا عاصي لو سمحت
لم يرد عاصي عليها وظل على ذلك الوضع قليلاً مستمتعاً بعبير انفاسها لتستجمع هي الباقي من ثباتها المزيف وتدفعه بيديها قليلا لتقف وتسرع للخارج مغلقة الباب خلفها بدقات قلب متواثبة من قربه المهلك .. تستند بظهرها على الباب .. انفاسها ثائرة بصدرها وعينيها مغلقة ومازال تأثيره مسيطر عليها وبشدة .. ترتسم ابتسامة بسيطة وهي تسترجع غيرته عليها .. نعم كانت تدعي الغضب وترسم العبوس على وجهها ولكن من داخلها كانت سعيدة ولا تعلم سر سعادتها او ربما تعلمه ولا تريد الاعتراف به بعد .. تلف وجهها للباب مرة اخرى وقد ارتفعت يدها وكأنها فقدت السيطرة عليها لتمسك بالمقبض وهي تسترجع قربه منها .. تسترجع قبلتهم التي لم تغادر عقلها والتي ألهبت مشاعرها ومن داخل الغرفة كان يقف عاصي هو الآخر ويده على المقبض .. دقات قلبه عنيفة وقوية وكأنه في حرب .. نعم هو في حرب بين قلبه وعقله .. عقله الذي يمنعه من الخروج من تلك الغرفة وقلبه الذي يحثه على فتح ذلك الباب واخذها بين ذراعيه حتى يلتهم شفتيها التي جعلت النوم يفارق جفناه لأيام وليالي .. مازال طعم قبلتهم على شفتيه ومازال يحلم بتذوق شهدها مرة اخرى .. ظلوا على تلك الحال لفترة حتى انزل كل منهما يده وهو يغلق عينيه ويتنهد بقوة .. ربما لم يحن لذلك الباب بأن يُفتح كما لم يحن لأبواب اخرى ولكن قريبا ستُفتح جميع الابواب واولهم ابواب القلوب التي تُخبئ خلفها عشق كبير .. عشق الجميلة للوحش
كاااااااااااااااات .. كفاية كدا النهاردة

جميلة عشقت الوحش 🤍🖤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن