الفصل الثامن عشر⁦❤️⁩

9.3K 267 12
                                    

سُئل عبد الرحمن الابنودي عن معنى الغرام فقال "تبقى عالبر لسة وتقول يا ناس غريق" وهذا هو حال عاصي وجميلة .. قلوبهم تصرخ بأنها تغرق في بحور العشق بل والادهى انها لا تريد ان تُنقذ فهي مُرحبة بالغرق .. مستسلمة هي وكأن في غرقها الخلاص .. مر اكثر من اسبوع منذ رجوع عاصي وجميلة وعمر للمنزل فقد اصر عاصي على الخروج من المشفى بمجرد ان استيقظ ووافقته جميلة وخاصة انها كانت ترى نظرات الاعجاب الواضحة في عيون الممرضات اللاتي كن يتسابقن في تقديم المساعدة له والاعتناء به مما اشعل نيران الغيرة بصدر جميلة فمرة تدفع بالممرضة للخارج بحجة انهم يريدوا القليل من الراحة ومرة تأخذ منها الشاش والقطن قائلة انها من ستتولى تغير الجرح بعد ان اجرت مكالمة مع شروق والتي اخبرتها بأساسيات تعقيم الجروح والاعتناء بها .. شعر عاصي بغيرتها وتراقص قلبه سعادة بها وقد تأكد ان سهام العشق قد اصابت قلبها هي الاخرى .. تجلس جميلة بغرفتها هي وعاصي وهي تفرك يدها بتوتر وتتذكر ما حدث صباحاً بينها وبينه
*فلاش باك*
تستيقظ جميلة من النوم لتجد نفسها نائمة على السرير في غرفة عاصي .. نعم فهي منذ ان عادوا وهي تنام معه بنفس الغرفة حتى تعتني به وايضا لتُخرس لسان صفوت الزيان الذي شكك بزواجهما بالفعل .. تنام مع عاصي بغرفة واحدة ولكن على الارض رغم محاولات عاصي لجعلها تنام على السرير بدلا منه ولكن نظراً لإصابته رفضت هي وبشدة ولكن اليوم استيقظت وهي على السرير .. كيف حدث ذلك؟!! اخر شئ تتذكره هو نومها على الارض .. نعم هي تتذكر انها شعرت بالنعاس فقامت بفرش بطانية ثقيلة على الارض كما تفعل كل يوم رافضة مشاركته السرير الواسع المريح في عناد .. اخذت تنظر حولها بشرود
جميلة(وهي تنظر للسرير الجالسة عليه): انا ايه اللي جابني هنا .. طلعت عالسرير ازاي .. يانهار اسوح ل يكون استغل اني نايمة و..
وضعت يدها على فمها برعب مضحك لترفع الملاءة التي تغطيها بسرعة .. تتنهد براحة حين وجدت انها مازالت بملابسها كاملة ولكنها اسرعت بوضع يدها على عينيها حين وجدته يخرج من حمام الغرفة وهو يلف وسطه بفوطة تاركاً صدره عاري والمياة المتناثرة من شعره تنزل ببطء عليه ويصفر ببرود و لا مبالاه
جميلة(بهتاف يشوبه الخجل): انت يا قليل الأدب انت .. انت مش عارف ان معاك واحدة في الاوضة المفروض تحترم نفسك
عاصي(مدعي البراءة): انا كلمتك يا بت انتي؟ وبعدين ايه قليل الادب دي؟
جميلة(بوجه يشتعل خجلا وهي مازالت تغطي عينيها): ايوة قليل الادب لما تخرج قدامي سلبوتة كدا تبقى قليل الادب ونص
ضحك عاصي بصوته كله ليُزلزل قلبها صوته
عاصي(ببرود): والله دي اوضتي وانا حر ألبس او اقلع
جميلة(وهي تفتح عينيها بعد ان استفزها ببروده): دا كان زمان يا استاذ دلوقتي انت مش عايش لوحدك .. انت دلوقتي متجـ..
عاصي(وهو يقترب بوجهه منها): ايوة .. انا دلوقتي ايه؟
جميلة(بتوتر من قربه): آآآآ هو انا .. ايه دا فيه ايه؟!! .. وبعدين هو مين اللي طلعني عالسرير امبارح؟
عاصي(وهو يعتدل بوقفته ويردف ببرود): انتي اللي طلعتي لوحدك
جميلة(بصدمة): نعمممم؟!! لأ طبعاً ماحصلش
عاصي: لأ حصل .. الظاهر بقا انك بتمشي وانتي نايمة
قالها عاصي وتحرك من امامها لغرفة ملابسه وابتسامة خبيثة مرسومة على وجهه
جميلة(بهمس وصدمة): ... انا بمشي وانا نايمة!!!
*عودة*
صدقت تلك الحمقاء كذبته الخبيثة ولا تعلم انه كل ليلة يقوم بحملها بين ذراعيه ليضعها على السرير مستغلاً انغماسها في النوم وفي الصباح يُنزلها مرة اخرى على الارض فهي نومها عميق جدا لو قامت الحرب بجانبها لا تستيقظ وكان ذلك الامر لصالحه بالطبع فهو يحملها بين ذراعيه القويتين الذي لم تؤثر اصابته بقوتهما ليضعها ببطئ على السرير وينام بجانبها متحكماً بوحوشه الضارية المطالبة بها .. مطالبة بعشقها .. مطالبة ان تتمتع بدفئ احضانها .. مطالبة بالانغماس في عبير شعرها وشهد شفتيها ولكنه لن يفعل ابدا شيئا دون رغبتها هكذا عاهد نفسه .. نعم يريدها كما يريد المدمن جرعته ولكن لن يكون ابدا ذلك الشخص الذي يسلب إمرأة شيئاً رغما عنها وخاصة وإن كانت تلك المرأة هي من حركت قلبه وجعلته يهتف باسمها .. تقف جميلة وهي تبتلع ريقها بتوتر فهي على وشك ان تطلب من الوحش طلب قد يكون ثمنه حياتها تلك المرة او ربما سيُفاجأها الوحش بما هو ادهي من ذلك
///////////
تجلس نادين بغرفتها وقد قضت ليلها كله تتقلب على السرير وكأنها نائمة على الاشواك فهي منذ ان عاد عاصي ومعه عمر وجميلة للمنزل وهي تشعر بنيران الحقد والغيرة تشتعل بصدرها وخاصة بعد ما فعلته جميلة فور وصولهم
*فلاش باك*
يدخل عاصي للمنزل وهو يستند على جميلة .. يده متشابكة بيدها وكفه محتضن كفها وكأن قلب كل منهم يسكن كفة فتعانقت القلوب .. ما ان دخلوا للمنزل حتى استقبلتهم فتيحة بلقاء حار فقد كان الدعاء لا يغادر لسانها سواء كان الدعاء لجميلة او لعاصي ولكن ما جعل قلبها يتراقص فرحاً حين وجدت عاصي يقبل رأسها بود وحنان اشعرها بعودة طفلها الحبيب واختفاء الوحش ولو لجزء من الزمن .. كان ذلك تأثير جميلة التي بلمستها ليده تمسح اللون الاسود الذي يطغي على حياته لتلون هي بفرشاة حنانها حياته باللون الابيض .. قطع ذلك اللقاء صوت نادين التي صرخت فرحة بعودة عاصي .. نزلت السلم بأقصى سرعتها وكادت بأن تلقي بنفسها بين احضانه لتجد جميلة تقف امامها وتمنعها
جميلة(بغيرة حاولت اخفائها بنبرة باردة): معلش يا حلوة .. عاصي تعبان
نادين(بصدمة من جرئتها): نعمممم؟!!!
جميلة: نعم الله عليكي يا حبيبتي .. بقولك تعبان ولازم يرتاح ف بعد اذنك بقا عايزين نرتاح
نادين: انتي بتقولي ايه؟!!! سامع يا عاصي
قالتها نادين بعصبية يشوبها الصدمة من كلام جميلة وكأنها بالفعل زوجة عاصي لتنصدم اكثر حين وجدت عاصي يحيط خصر جميلة ويردف
عاصي(متمادياً في ذلك الوضع): سامع طبعاً .. وبصراحة معاها حق يا نادين .. معلش عايزين نطلع نرتاح شوية
ارتبكت جميلة من حركته المباغتة وخاصة حين شعرت بيده تتمسك بخصرها بتملك عاشق وازداد ارتباكها حين سمعته يجمع بينها وبينه في جملة واحدة معبراً عن رغبته بأن يرتاحوا سوياً في الغرفة!!!
نادين(بغيرة): تطلعوا ترتاحوا؟!!
كانت تريد الهروب منه تلك المرة من خجلها ولكن ما جعلها تتمسك هي الأخرى به هو سماعها لنادين تردف بنبرة تحمل الغيرة فشعرت برغبة داخلها بأن تزيد غيرتها فردت عليها وهي تبتسم ببرود
جميلة(بنبرة يشوبها الدلع والثقة): ايوة مالك مستغربة كدا ليه؟ راجل ومراته طبيعي يرتاحوا سوا .. عن اذنك بقا
قالتها وهي تمسك بيد عاصي مرة اخرى وتتحرك به بخطوات بطيئة لغرفته .. كاد ان يطير من فرط سعادته حين احس بغيرتها عليه وكادت هي ان تموت من فرط خجلها وخاصة بعد ما قالته .. لا تعلم كيف نطقت به وكأن تلبسها عفريت الغيرة ولكنها ليست نادمة ابدا على ما فعلت .. انصرفوا تاركين نادين وقد اشتعلت عينيها من فرط الغيرة والحقد ونبض قلبها بغل فأقسمت على تفريقهم وإن كان آخر شئ ستفعله
*عودة*
ضغطت نادين على اسنانها بغيظ فتلك الذكرى اللعينة لا تغادر عقلها .. نظرت ناحية نافذة غرفتها التي كانت تستخدمها لمراقبة غرفة عاصي .. فالغرفتين متجاورتين وبينهما سور صغير فكانت تتسلقه في السابق كل ليلة لتتأكد ان عاصي لا ينام مع جميلة بنفس الغرفة ولكن منذ ان عادوا وهي تراهم بنفس الغرفة وبنفس السرير مما جعلها تُحضر شياطينها لوضع خطة تقضي على ما يربط بين عاصي وجميلة ولكنها لا تعلم ان تلك الخطة ستكون هي بداية عهد الجميلة والوحش
////////////
تدخل شروق غرفة ابتسام بهدوء لتجدها تجلس على مصليتها وقد انتهت للتو من صلاة الصبح .. ترتسم ابتسامة على شفتيها وهي تستمع لتلك السيدة ذات القلب الابيض والوجه البشوش تدعو لها ولأبنها .. تقترب شروق منها ببطئ لتردف
شروق: تقبل الله يا ماما
ابتسام: منا ومنكم يا حبيبتي .. محمد صحي؟
شروق(وهي تمسك احد الادوية): اه وبيلبس .. يلا بقا اتفضلي الدوا علشان ألحق ادخل اصالحه
ابتسام(وهي تضحك): ههه هو لسة مقموص
شروق(وهي تلوي فمها بمزاح): اه .. ابنك دا طلع قمصته وحشة اوي
ابتسام: الواحد بتكون قمصته وحشة وزي العيل مع اللي بيحبهم
شروق(بخجل): يعني هو بيحبني؟
ابتسام(بحنان وهي تربت على بطنها): اسألي اللي في بطنك
ابتسمت شروق وهي تضع يدها على بطنها التي يسكنها ثمرة حبها هي ومحمد فقد عرفت بعد ان اجرت بعض التحاليل انها حامل في شهرها الاول .. تتسع ابتسامتها وهي تتذكر كيف شعرت انها تطوف فوق سابع سماء من فرط السعادة عندما علمت نتيجة التحاليل فهي طوال عمرها تحلم ان تصير أُماً فتعوض حنان الام الذي حرمت منه مع طفلها فتكون امه واخته ويكون لها كل عالمها .. لاحظت ابتسام سرحان شروق وهي تربت على بطنها والابتسامة لا تفارق ثغرها لتربت فوق يدها برفق وحنان
ابتسام(بابتسامة بشوشة): ربنا يتمملك على خير يا بنتي
شروق: امين يا رب .. اتفضلي الدوا بقا
ابتسام: هاتي يا حبيبتي .. والله ما انا عارفة ايه لازمتها بس المصاريف دي
شروق: تاني يا ماما .. يا حبيبتي الحمد لله ربنا ستر المرة اللي فاتت لما وقفتي الدوا من نفسك والحمد لله الدكتور لحقك .. بلاش الكلام دا بقا ل احسن احنا ما صدقنا محمد يصالحك .. وبعدين يا حبيبتي كله يهون فدا صحتك
ابتسام: ربنا ما يحرمني منكم ويمد في عمري لحد ما اشوف ولادكم
شروق(وهي تقبل رأسها): ان شاء الله وتجوزيهم كمان .. هروح انا بقا اشوف قرة عيني
ابتسام(بابتسامة حنونة): روحي يا حبيبتي
تحركت شروق ناحية غرفتها هي ومحمد لتجده انتهى من ارتداء بدلة الشرطة خاصته ويقف امام المرآة يهندم نفسه لتصفر هي بأعجاب وتغمز
شروق(بمزاح وغزل): عليا النعمة قمر وهلفك في ساندويتش وأكلك
تحرك محمد دون ان يرد عليها لتردف
شروق(مدعية العبوس): بتتقل عليا يا حمادة .. كدا بردك .. ماشي يا محمد يا بن ام محمد .. ماشي
محمد: ليكي عين تهزري
شروق: الله هو انا عملت ايه يعني؟!
محمد(بغيظ وغيرة): قعدتي تتكلمي مع الدكتور ساعة ما جه لماما
شروق: يا حبيبي مش كنت بعرف منه جرعات الدوا علشان اتابعها
محمد(بنبرة يشوبها الكثير من الغيرة): اه والاستاذ ما صدق قعد يسبل ويقول الانسة بنتك بتخاف عليكي اوي يا حجة .. يا بختك بيها يا حجة
شروق(وهي تتمسك بياقته بدلع): انت بتغير عليا يا حمادة؟
محمد(بنبرة يشوبها الغضب والغيرة وهو ينظر لها): ايوة بغير .. انتي ماحدش ليه الحق انه يقولك حتى صباح الخير غيري انتي فاهمة؟!
شروق(وهي تؤدي التحية العسكرية): فاهمة يا باشا
حاول محمد التحكم بابتسامته التي تعافر من اجل ان ترتسم على وجهه لتبتسم شروق وهي تردف
شروق: خلاص بقا يا حمادة وبعدين هو انت سكتله ما انت مسكت ايدي قدامه وقولت اني مراتك وتقريبا طردته
محمد: والله انا لو عليا كنت فرغت مسدسي فيه
شروق(وهي تربت على صدره): اهدى بس يا ابو احمد
محمد(وهو يضيق بين حاجبيه): ابو احمد مين؟!
شروق(بمزاح): انت ابو احمد .. ابو احمد يالمنحرف .. يالموكوس
محمد(وهو يرفع حاجبيه): موكوس .. طب تعالي بقا
جذب محمد شروق لترطدم بصدره القوي هامساً امام شفتيها
محمد(بنبرة عاشقة): بحبك يا مجنونة
شروق(وهي تنظر لعينيه): وانا كمان
محمد(بابتسامة): بقيتي تقوليها من غير ما تحمري وتتكسفي
شروق(بمزاح): لا ما خلاص دا كان في الاول بس دلوقتي بقيت متعودة دايما ههه
محمد(بضحك): هههه ماشي يا مجنونة
شروق(وهي تنظر له برجاء): طب المجنونة عايزاك تفكر تاني في حكاية الشغل
محمد(بعبوس): تاني؟!
شروق: يا حبيبي ايد على ايد تساعد وانت ربنا يقويك في شغلك ليه مارجعش انا كمان الشغل و..
محمد(وهو يتحرك ويأخذ باقي متعلقاته): قولت لأ يا الشروق الموضوع دا منتهي
شروق: يا حبيبي المصاريف هتتقل  ..(ثم عضت شفتيها وهي تكمل).. وهي تقلت اصلا من اول ما انا جيت و..
محمد(مقاطعاً بحنان وهو يقترب منها): انتي بتقولي ايه؟! يا حبيبتي انتي من ساعة ما جيتي وانتي مليتي البيت نور وبهجة .. تعرفي انا مستعد اشتغل ال ٢٤ ساعة ولا انك تبعدي عني ولا تنزلي وحد غيري يشوف العيون القمر دول
شروق(وهي تتعلق برقبته بدلال): لما انا عيوني قمر عيونك انت ايه .. تقريباً طنط كانت بتاكل خضرة كتير وجرير علشان يطلعوا بالخضار دا .. احنا مابنحسدش (قالتها بصوت محمد طاهر)
انفجر محمد ضحكاً على زوجته التي ازدادت جرآة منذ ان حملت بسبب الهرمونات وهو يعشق حالتها تلك وبشدة
شروق(بمزاح): يالاهوي عالضحكة يا ناس .. والله احنا ما شوفنا رجالة حلوة قبل كدا .. والله ما شوفنا (قالتها بصوت محمد طاهر)
محمد(بضحك): يا بنتي كفايا حرام عليكي مش قادر ههههه  ..(ثم قبل رأسها بحنان مردفاً).. يلا بقا انا هنزل الشغل .. خدي بالك من نفسك ومن ماما وروضة  ..(ثم انحنى قليلاً ليمسد على بطنها بحنان).. ومن الباشا الصغير
شروق(وهي تؤدي التحية العسكرية مرة اخرى): تمام يا فندم
محمد(بغمزة عابثة): مفيش بوسة بقا للفندم يا قلب الفندم
شروق(بعبوس): بوسة واحدة!
ضحكت شروق على وجه محمد المصدوم لتقترب منه وتطبع قبلة رقيقة على شفتيه وتبتعد بعد ان تلون وجهها بالخجل فهي وإن كانت تدعي الجرأة امامه في بعض الاحيان إلا ان مازال الخجل ينبض داخلها .. ابتسم محمد وهو يربت على وجهها بحب وانصرف سريعا لعمله لتنظر هي في اثره وتتذكر حين اخبرته بحملها .. فهي ما ان علمت بحملها حتى اسرعت بشراء حذاء اطفال صغير جدا وخبأته داخل حذائه وحينما قام هو بالبدء في ارتداء حذاءه وجد شئ يعوق دخول قدمه .. رفع حذاءه ليرى ما بداخل لتتواثب دقات قلبه بعنف حين وجد ذلك الحذاء الجميل بين يديه لتخرج هي من خلف الباب وقد كانت تراقب ردة فعله لتصرخ من الخضة حين وجدته يحملها ويدور بها بسرعة من شدة فرحته لتتحول صراختها لسيل من الضحكات شاركها فيها .. تربت على بطنها بحنان وحب وهي تغلق عينيها وتبتسم فداخلها قطعة من زوجها الذي تحب والذي لا تخلو صلاتها من الدعاء له فهل ستبقى حياتهم بتلك السعادة ام ان مازال بالماضي مواضيع لم تنتهي وقد تتسبب في تعكير صفو تلك العائلة السعيدة
////////////
يجلس عاصي بمكتبه وهو يبتسم بشرود ويقلب قلمه بين اصابعه .. يتذكر ملامحها المصدومة صباحاً وكيف انطلت عليها كذبته الخبيثة
عاصي(بابتسامةعاشقة وعيون تلمع): انا وراكي يا جميلة والزمن طويل
تتسع ابتسامته وهو يتذكر اول يوم عاد فيه للمنزل معها ومع عمر وكيف وقفت امام نادين رافضة ان تلمسه .. يتذكر ما حدث عندما صعدوا لغرفتهم وكيف كان الارتباك والتوتر واضحين على ملامحها الجميلة
*فلاش باك*
صعدت جميلة بعاصي وساعدته بالجلوس على السرير ثم ابتعدت قليلاً وهي تهرب بنظراتها بعيداً عنه .. لاحظ خجلها وابتسم عليه .. حاول ان يعدل وضعية الوسادة خلف ظهره ولكن لم يستطع او بمعنى اصح ادعى ذلك لتسرع هي بالتحرك ناحيته وتعدل من وضعية الوسادة .. كانت غير منتبهة لمدى قربهم ولا لأنفاسها التي تلفح وجهه .. رفعت عينيها له وهي تردف
جميلة: كويس كدا؟
عاصي(وهو ينظر لعينيها): مفيش احلى من كدا
انتبهت جميلة لقربهم لتعتدل بوقفتها بسرعة وهي تردف بتوتر
جميلة: هو ايه دا؟!
عاصي(مدعي البراءة): المخدة .. مش بتسأليني كدا كويسة؟
جميلة(بتوتر): ها .. اه .. ايوة .. طيب
اخفى عاصي ابتسامته على خجلها لتردف هي بتوتر
جميلة(وهي تهرب بعينيها): طب اناااا .. هروح اعملك حاجة تشربها
كادت جميلة بالتحرك لتجد عاصي يمسك بيدها وهو ينظر لها ويردف بهدوء
عاصي(بدقات قلب متواثبة): كنتي هتزعلي؟ .. لو كان حصلي حاجة كنتي هتزعلي؟
جميلة(وهي مازالت تهرب بعينيها): اكيد يعني
عاصي: لية؟
جميلة(بارتباك): علشان .. علشان عمر طبعاً
عاصي: علشان عمر بس؟
صمتت وصمت وكان الحديث للعيون .. طال لقاء العيون بكلام عجزت الألسنة عن نطقه .. جذب عاصي يدها ببطئ لتجلس بالقرب منه واستجابت هي له .. كانت قلوبهم تدق كطبول الافراح وانفاسهم متسارعة كما لو كانوا بسباق .. كاد عاصي ان يقترب منها ليقطع لحظته الخاصة صفوت الزيان الذي فتح الباب فجأة جعل جميلة تنتفض .. ما ان وقعت عينا جميلة عليه حتى بدأ الخوف يستعمر قلبها وخاصة وهي ترى نظراته مازالت يسكنها شئ غير برئ بالمرة .. دون إرادة منها ضغطت على يد عاصي الممسكة بها وكأنها تستمد منه القوى .. لاحظ عاصي خوفها وتأكد ظنه ان والده اللعين بالتأكيد فعل شئ يمس ملاكه الجميل فضغط هو الاخر على كفها مطمئناً ونظر ناحية صفوت بقوة
صفوت(بنبرة تفتقر للحنان): حمد الله على السلامه يا وحش
عاصي(ببرود): شكراً
صفوت(وعينيه تتفحص جميلة): حمد الله على سلامتك يا جميلة .. نورتي البيت من تاني  ..(ثم اسرع بتدارك كلامه).. انتي وعمر طبعا
جميلة(نظرت لعاصي متجاهلة جملة صفوت): انا هروح اعملك حاجة تشربها
اسرعت جميلة بالتحرك من امام صفوت وهي تسرع بخطاها تريد ان تهرب منه ومن نظراته الخبيثة .. نظر صفوت في اثرها وقد رُسمت ابتسامة خبيثة على شفتيه قبل ان يلف وجهه لعاصي ويردف بنبرة باردة حاول جعلها حنونة
صفوت: ايوا كدا ارجع تاني نور بيتك .. انت ماتعرفش انا خوفت عليك ازاي لما عرفت اللي حصل
عاصي(بتهكم): خوفت عليا؟! علشان كدا جيت تشوفني في المستشفى وتطمن عليا؟!
صفوت(بابتسامة سمجة): معلش يا حبيبي كنت مشغول شوية .. على العموم اديك قومت بالسلامة يلا بقا شد حيلك علشان ورانا شغل كتير
نظر عاصي باحتقار لوالده فماذا كان يظن .. هل ظن انه سيترك كل ما بيده ويهرع لعنده بالمشفى ليطمئن عليه .. هل ظن انه حقا خائف عليه وليس على امبراطوريته العظيمة وعملياته التي لا تتم بدون عاصي
عاصي(بنبرة باردة): انا عايز انام
صفوت: اه اه طبعا .. نام وارتاح .. انا عندي كام تليفون هخلصهم .. سلام
تحرك صفوت من امام عاصي الذي مع كل موقف يجمعه بذلك الرجل المسمى بوالده تتآكل قطعة من روحه وتحتل غصة مريرة حلقه.. تنهد وهو يفكر فيما حدث بينه وبين جميلة وسبب الخوف الذي قرأه بعينيها منه .. اقسم بداخله بكل ما هو مقدس انه اذا اكتشف انه تسبب في مضايقتها بأي شكل لن يتردد ثانيه في حرق روحه دون ان يرمش له جفن
*عودة*
فاق عاصي من شروده على باب مكتبه الذي فُتح ودخل منه صفوت وكأن الشياطين تحضُر عند ذكرها .. جلس امامه ليردف
صفوت(بنبرة غاضبة): تقدر تقولي هتفضل كدا لحد امتى؟
عاصي(ببرود): كدا ازاي يعني؟
صفوت: موقف شغلنا .. لا راضي تروح اي صفقة ولا تنفذ اي عملية ورايح جاي على شركة امك وكأنها هي شغلك بجد .. وبعدين الظابط اللي اسمه محمد لحد دلوقتي ماخلصتش منه
عاصي(وهو ينظر ببرود للقلم بين يديه): والله دي حاجة ترجعلي انا
صفوت(بغضب): يعني ايه؟!!
عاصي(بنبرة باردة وهو ينظر لصفوت بطرف عينه): يعني تقدر تقول اني واخد اجازة بدون مرتب .. برتاح شوية
صفوت: ااااه والاجازة دي هتخلص امتى ان شاء الله؟
عاصي(باستفزاز): لما يجيلي مزاجي
صفوت: مزاجك ولا مزاجها؟
عاصي: قصدك ايه؟
صفوت: قصدي انت فاهمه كويس .. من ساعة ما البت دي دخلت حياتك وانت كيانك اتشقلب .. لو ماكونتش اعرفك كنت قولت انك حبيتها
عاصي: والله دي حاجة تخصني لوحدي
صفوت: فوق يا عاصي .. شغلنا اهم من اي حاجة
دق خفيف على الباب قطع حوارهم .. طلت جميلة برأسها من خلف الباب لتردف بتردد
جميلة: لو سمحت يا عاصي عايزة اتكلم معاك
عاصي: تعالي  ..(ثم نظر لصفوت ليردف بطريقة مستفزة وهو يشير للباب).. بعد اذنك بقا
صفوت(وهو يضغط على اسنانه بغيظ): ماشي يا عاصي
قالها صفوت وانصرف وهو يدك الارض بقدمه .. اصبحت علاقة جميلة بعاصي حاجزاً امام امبراطوريته .. حاجزاً سيعمل على تدميره بكل ما أوتي من قوة وخاصة وقد رأى ان جميلة لم تعد تخشاه بعدما صارت مع الوحش .. يتذكر يوم وصولهم وكيف تتبعها للمطبخ ليعرض عليها بكل قذارة ووقاحة ان تشاركه غرفته إن لم ترد مشاركة عاصي ليتلقى منها رداً صادماً لم يكن سوى صفعة دوى صداها في ارجاء المطبخ .. يتذكر كيف نظرت له بقوة يشوبها الاشمئزاز قبل ان تنصرف عائدة لغرفتها مع عاصي ومنذ ذلك الوقت اصبحت تشاركه غرفته وكأنها تثبت له انها الآن بحماية الوحش فإن كان يتحلى بالجرأة والشجاعة الكافية فليواجهه
/////////////
تجلس جميلة امام عاصي وهي تفرك اصابعها بتوتر .. يراقبها هو بصمت فتلك احلى الاوقات التي يحظى بها حينما تكون بقربه برغبتها
جميلة(بتوتر): هو .. انا .. يعني..
عاصي: بقالك ساعة بتقولي ال٣ كلمات دول .. فيه ايه؟
جميلة(بتوتر اكبر): بص هو انا عايزة اطلب طلب .. هو رجاء يعني .. بص..
عاصي: قولي يا جميلة فيه ايه؟
جميلة(بشجاعة وبسرعة): عايزة اخد عمر ونروح بيتنا القديم
قالتها وهي تغلق عينيها متوقعة ثورته لكنها تفاجأت به يردف بنبرة طفل يخشى فراق امه
عاصي(بنبرة مهزوزة يشوبها توجس): عايزين تسيبوني تاني؟
جميلة(بلهفة بعدما سمعت نبرته): لا لا لا دا هما يومين بس
عاصي: وعايزين تروحوا هناك ليه يعني؟
جميلة(بتوضيح): عمر عايز يشوف صحابه وكمان عيد ميلاد روضة جارتنا بكرة وعمر متعود انه يحتفل معاها كل سنة
صمت عاصي لتردف هي برجاء
جميلة: ارجوك يا عاصي صدقني هما يومين بالظبط
عاصي: ومدرسة عمر؟
جميلة: بكرة الجمعة وبعده السبت يعني اجازة ويوم الحد نتطلع على المدرسة علشان مسرحيته اصلا
عاصي(وهو يضيق عينيه): المسرحية؟! .. اه صح دي الاسبوع الجاي
جميلة: ها قولت ايه؟
عاصي: مش موافق
ارتسم العبوس على وجه جميلة ليتحول لاندهاش حين وجدته يكمل
عاصي: إلا اذا جيت معاكم
جميلة(بذهول): تيجي معانا فين؟!!
عاصي: في بيتكم القديم .. هو مش انا برضو عم عمر وجوزك
قالها بطريقة خطفت قلبها .. نعم تعلم انه زوجها وقالها مرات كثيرة ولكن تلك المرة تختلف .. تلك المرة ارادت ان ترد عليه انه زوجها وحبيبها .. ارتسمت ابتسامة بسيطة على شفتيها وهي تنظر له وتتخيله بمنزلها الصغير .. عاصي الوحش صاحب الاملاك والسيارات الفارهة يقضي يومين ببيت بسيط بأحد المناطق الشعبية ربما لو عرفت الصحافة هذا الخبر لنزل في الصفحات الاولى ولكنهم لا يعلمون انه سيتبع قلبه ولو ذهب للجحيم فسيرحب بالهلاك معها .. سيقول ما احلى الهلاك بأحضانك يا جميلتي .. فهي ليست اي جميلة .. هي جميلة الوحش
كاااااااااااااااات .. كفاية كدا النهاردة

جميلة عشقت الوحش 🤍🖤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن