مقاومة البكاء اشد ألماً من البكاء نفسه .. غصة مريرة تحتل حلقها وعيونها تحترق من حبس الدموع بداخلها .. نيران تأكل قلبها الذي يعتصره الألم بين قبضتيه القويتين .. عينيها مثبتة على باب غرفة العمليات تنتظر اشارة .. كلمة تعيد لها الحياة .. كلمة تطمئنها على من ضحى بحياته لحمايتها .. تتذكر ما حدث معهم منذ ساعات قليلة وكيف انتهى الامر بكون ذلك الوحش مُدد على طاولة العمليات امام الاطباء الذين يسعون للحفاظ على حياته وحياة من تجلس في الخارج بقلب اعترف بحبه وبأن الحياة لن تكون حياة بدونه
*فلاش باك*
تتسارع انفاس جميلة وهي ترى عاصي يزيد من سرعة السيارة محاولا الهروب من السيارتين ذوات اللون الاسود اللتان تتبعهما .. يحاول عاصي الهروب بها ولكن الاوامر المُعطاة لمن بالسيارات غير ذلك فهم لن يتوقفوا حتى ينفذوا مهمتهم بالقضاء على الوحش .. يزيد من انحرافات السيارة محاولا تجنب طلقات الرصاص التي تُزيد من صراخ ورعب جميلة .. ينظر عاصي ناحيتها فيجدها تغطي اذنيها كطفلة صغيرة خائفة والدموع تغرق وجهها الجميل ليزداد غضبه من كون هؤلاء الحمقى تسببوا في نزول دموعها الغالية .. يلاحظ عاصي كون احدى السيارتين على مقربة منه ليسرع بتحريك سيارته بطريقة احترافية كانت كفيلة بأن تجعل تلك السيارة تنحرف عن الطريق لتبقى السيارة الاخرى فقط هي من تتبعهم .. نعم مازل مُطارد .. نعم مازال هناك خطر .. نعم مازال وسط طلقات النار ولكن على الاقل تخلص من احدى السيارات ولو بشكل مؤقت .. اخذ الرجال الموجودين بالسيارة التي تتبع عاصي يوجهون الطلقات النارية لسيارته .. انتبه عاصي لكون احد الرجال يخرج جسده من السيارة ليقرر هو استغلال تلك الفرصة ويصرخ لجميلة
عاصي(بصراخ وهو ينظر لها): امسكي الدريكسيون
جميلة(بصدمة ورعب من صوت الرصاص): ايه؟!!!!!!! لا لا لاااااا
عاصي(بلهجة لا تقبل النقاش): اسمعي الكلام بسرعة
مدت جميلة يدها وهي مازالت تجلس بالدواسة لتمسك بعجلة القيادة بأصابع ترتعش من الرعب بينما اخرج عاصي هو الآخر نصف جسده من النافذة وهو يشهر مسدسه واخذ يطلق الرصاص على السيارة التي تتبعهم .. بضربة واحدة موفقة اصاب ذلك الرجل ليتفاجأ بمن بداخل السيارة يدفعون بجسده على الطريق مُكملين مطاردتهم لعاصي .. دخل عاصي مرة اخرى للسيارة وقد بلغ توتر اعصابه ذروته .. في كل مرة يكون في مطاردة مثل تلك وربما اعنف لا يهتز له جفن .. كان لا يخاف ولكن الان هو ليس خائفا فقط بل مرعوبا .. لو كانت حياته فقط من ستُضر لما اهتم ولكن تلك الجميلة معه فأصبح قلبه وعقله مشتتين .. تزداد طلقات الرصاص وتغلق جميلة عينيها بقوة وهي تضع يديها على اذنيها في محاولة بائسة لمنع الصوت من الوصول لها
جميلة(بصراخ): لاااااااااااااااااااااا
تتسارع انفاس عاصي بقوة وغضب ليسرع بتحريك سيارته وإدارتها بطريقة معينة اعتاد عليها نتيجة لمطارداته الكثيرة ليستطيع تسديد ضربة لتلك السيارة .. اصبحت السيارة من ناحية جميلة ليصرخ بها عاصي
عاصي(وهو يعطيها المسدس): امسكي .. اضربي بسرعة
جميلة(بصراخ وهي ترفض الامساك بالمسدس): لاااااا مش هعرف
عاصي(بنبرة آمرة): يلا بسرعة
اخذت جميلة المسدس ولكن بمجرد ان اخرجت يدها حتى اوقعته لينطلق لفظ بذئ من فم عاصي وهو يرى انهم يكادوا يخسروا أمام هؤلاء الملاعين الذين يسددون اكثر من ضربة للسيارة ويحاول عاصي بكل قوته تفادي اكبر عدد منهم وقلبه يدق بعنف وخوف .. دارت برأس عاصي فكرة قد يوجد بها نسبة مخاطرة ولكن هي الحل الوحيد امامه .. حاول جعل سيارته امام السيارة التي تطاردهم وفي ثانية كان يضغط بكل قوته على الفرامل ليحدث مثلما تمنى واصطدمت تلك السيارة بسيارة عاصي من الخلف بقوة ولأن عاصي معتاد على المطاردات والمغامرات من ذلك النوع اختار نوع سيارته بدقة لتتحمل الصدمات فلا تتأثر ولكن ليس ذلك هو حال سيارة المطاردة الخاصة بهؤلاء الرجال الحمقى الذين ظنوا انهم سيستطيعون القضاء على الوحش .. بسرعة ادار عاصي سيارته مرة أخرى ليبتعد بسرعة قبل ان يعاودوا اللحاق بهم .. منطقة منعزلة .. لا يوجد احد بالمكان .. لقد قادوه هؤلاء الملاعين لفخ .. حتى وإن هرب منهم فلا سبيل للعودة سوا من نفس الطريق .. سيكون عليه المواجهة بشكل او بآخر .. لمح عاصي مبنى تحت الانشاء ليُسرع ناحيته بسيارته وفكرة واحدة تدور بعقله .. لن يسمح لأحد بأن يقترب من جميلته وإن كانت حياته هي الثمن
*عودة*
فاقت من شرودها على حركة الممرضات من وإلى غرفة العمليات .. التوتر الذي يرسم نفسه ببراعة على وجوههن جعل الرعب يقفز داخل قلبها .. ماذا حدث له .. هل تركها هو أيضاً؟!! .. في ثانية كانت تمسك بإحدى الممرضات وهي تسألها بلهفة يشوبها التوجس
جميلة: هو فيه ايه؟
الممرضة: المريض فقد دم كتير وللأسف المستشفى مافيهاش غير كيس دم واحد
جميلة(بسرعة وبدون تفكير): انا ممكن اتبرع
الممرضة: حضرتك فصيلة دمك زيه؟
جميلة: انا O-
الممرضة: طب كويس جدا .. تعالي معايا
تحركت جميلة مع الممرضة لتتبرع بدمها له .. ربما في كثير من الروايات يكون البطل هو من يتبرع بدمه للبطلة ولكن هي هنا كسرت تلك القاعدة .. هي من تبرعت له .. هي من سيجري دمها بعروقه .. هي من سيتوغل دمها لقلبه النابض بحبها .. ستجري في دماءه كما يجري حبها .. فهي جميلته .. جميلة الوحش
/////////////
يتعاون محمد وشروق في تحضير الغداء لهم سوياً فقد قررت السيدة ابتسام زيارة اختها واخذت معها روضة تاركة المنزل لهذين الزوجين العاشقين المحلقين في سماء الحب .. حاوط خصرها بيديه هامساً لها بصوته الرجولي ذو البحة التي تعشقها
محمد(بعشق): بحبك يا احلى شروق
خجلت شروق وهربت بنظراتها ليردف
محمد: برضو مش هتقولي حاجة؟
شروق(وهي تنظر له): انت بتحبني بجد يا محمد؟
محمد(بنبرة عاشقة): وجد الجد يا قلب محمد .. بحبك يا احلى شروق .. يا اجمل شروق .. يا شروق اشرق بقلبي فأناره
شروق(بتوجس): وجميلة؟
محمد(بحنان ونبرة مُطمئنة): كان مجرد اعجاب .. انبهار .. تعود .. جارتي اللي بشوفها بقالي سنين .. كنت فاكره حب بس بعد ما حبيتك عرفت اني عمري لا حبيت ولا هحب غيرك
شروق(بنبرة عاشقة وعيون لامعة): وانا كمان بحبك اوي
احتضنها محمد بقوة لتزيد هي من احتضانه وقد هدأ اعترافه قلبها الذي كان يتلاعب به الشك .. فهي كانت تخاف ان يكون مازال يحب جميلة او يكن لها مشاعر ليُطمئن هو قلبها بكلماته البسيطة وقبلاته التي تحمل حباً لا يعرف متى زُرع بقلبه لها .. صمم محمد على معاونة شروق في كل شئ و بالطبع لا يخلو الامر من بعض المناغشة منه لها ليتلون وجهها بالاحمر وكلما يتلون يقبلها قبلة تجعل الدماء تتدفق اكثر لوجنتيها .. يجلسوا على السفرة ولم يلمس منهم الاكل .. تتعانق نظراتهم بحب وكأن الله وضع جميع سُبل الراحة في عيونهم وجعل كل منهم راحة للآخر .. دق خفيف على الباب قطع سيل النظرات ليقف محمد ويتحرك ليفتح الباب .. نظر محمد قليلاً لمن يقف امام الباب وثواني وتذكره .. إنه كريم الذي اتى مع عاصي من قبل .. لم يكد محمد يسأله عن سبب مجيئه حتى تفاجئ بعمر يلقي بنفسه بين احضانه .. تحرك كريم بعد ان اخبر محمد وشروق انه أتى بعمر لهم لأن جميلة وعاصي في مشوار مهم ولن يعودا قبل ساعات ورغم شك محمد بكلامه إلا انه سكت حتى يعرف الحقيقة من جميلة التي اصبحت في غلاوة اخته وأخته فقط
//////////////
تجلس جميلة مرة اخرى امام غرفة العمليات .. تبرعت بدمها له ولكن هل سينجو .. هل سيظل معها .. هل سيظل الامان لها .. الامان .. كلمة غريبة اعتادت سماعها وعاشت عمرها تبحث عن من يمدها به .. عاشت تبحث عن من يستطيع لمس قلبها بدفئ ليبث به الامان .. لم تكن تعلم انها ستجده معه هو .. مع من يعيش وسط الدماء والرصاص .. من حياته تتمحور حول القتل والمطاردة وضرب النار .. معه هو وجدت سكينة قلبها .. معه وجدت الامان .. سرحت اكثر وتذكرت ما حدث لهم
*فلاش باك*
نزلوا من السيارة ولم تعرف كيف عرفت يدها السبيل ليده .. تمسك يده بقوة كطفلة تمسك يد والدها وهي تعبر الطريق ويمسك يدها بقوة اكبر كأب يحمي ابنته بحياته .. جروا ناحية ذلك المبنى وسط خوفها ووسط قلقه ورعبه عليها .. اخذ يتحرك بحرص داخل المبنى ليصل لمكان اشبه بالغرفة .. المكان الوحيد المحمي إلى حد ما .. نظر لها ليجد الرعب يسكن عينيها والدموع قد تركت أثرا على خديها .. نظرت له وهي ترتعش من الخوف لتردف بنبرة يشوبها الكثير والكثير من الرجفة والخوف
جميلة(بنظرات خائفة ونبرة مرتعبة): هنعمل ايه؟ هنعمل ايه؟ هنـ..
عاصي(مقاطعاً وهو يحتضن وجهها بكفيه): شششش اهدي .. انا هنا .. ماتخفيش
استكان القلب .. كيف .. كيف هدأ لمجرد تأكيده انه معها .. لمجرد قوله انه بجانبها
عاصي(بهدوء ظاهري): هما عايزيني انا .. خليكي هنا
قالها وكاد بالتحرك ليتفاجأ حين وجدها تمسك بيده هامسة بجدية يشوبها اللهفة
جميلة(برفض): لا طبعا مش هسيبك
يا الله! .. ماذا تفعل تلك الجميلة .. هل لو قبلها الآن سيكون غير مناسب .. هكذا فكر وهو ينظر لها بعد تصريحها انها لن تتركه .. ربما قالتها بعفوية وربما لم تقصدها ولكنها وقعت على شغاف قلبه وقع الندى على الورد .. ظلت عيونه معلقة بها قليلاً ليهمس بهدوء
عاصي: هرجع تاني
لم تترك يده .. اغمض عينيه بقوة يقاوم رغبته بإلتهام شفتيها بقبلة جامحة الان وخاصة وهي تمسك بيده برغبتها لأول مرة .. لأول مرة ليست مضطرة لإمساكها لغرض ما .. لأول مرة يحس بلهفتها عليه .. فتح عينيه مرة أخرى ليطمئنها بنظرته فتركت يده على مضض .. خرج من تلك الغرفة لتنظر في اثره بقلب يدق بعنف خوفاً عليه .. تخاف عليه؟! .. نعم تخاف بل تموت رعبا .. تحس بأن روحها قد تفارقها اذا اصابه شئ .. مرت دقيقة والثانية والثالثة ولم يعد بعد .. تسرب القلق لقلبها .. هل حدث له شئ .. لمعت الدموع بعينيها لمجرد تخيلها ان قد أصابه سوءا .. وفجأة انجلى حزنها حين وجدته يعود مرة اخرى .. وقف امامها ليهمس بهدوء
عاصي: واحد بس اللي نجي من العربية التانية وهو برة دلوقتي .. بيلف حوالين المبني ..(ثم رفع مفتاح سيارته امام عينيها ليردف بجدية).. اول ما نخرج من الباب تجري ناحية العربية
جميلة: وأنت؟
عاصي(بنبرة آمرة): اسمعي الكلام
جميلة(مُكررة): وأنت؟!
عاصي: هاجي وراكي بس اهم حاجة اوعي ترجعي
كاااذب صرخ بها قلبه .. فهو يعرف انه عليه تشتيت ذلك الحقير بعراك ربما لن يفوز به كونه بدون سلاحه الغالي وكون الرجل معه بدلاً عن المسدس اثنين ولكن هي تضحية لابد من القيام بها .. سيضحي بنفسه ليمنحها دقيقة او اثنتين لتهرب.. مد يده لها لتمسك بيده مرة اخرى برغبتها .. اصبحت لا تخافه ولا تخاف الامساك بيده .. اصبحت لا تشعر بالاشمئزاز منه .. تحركوا ناحية الباب لتطلق العنان لقدميها ما ان اعطى عاصي لها الاشارة لذلك اما هو فما ان ابتعدت حتى تحرك ناحية ذلك الرجل الذي دخل للتو للمبنى من ناحية اخرى .. وصلت جميلة عند السيارة ووقفت تنتظره .. نبض قلبها بخوف حين لم تجده خلفها مثلما قال ليتوقف قلبها عن النبض حين اسمتعت لصوت رصاصة تنطلق .. انسحب الهواء من حولها وصرخت برعب حين تذكرت انها اوقعت مسدسه لذلك من المستحيل ان يكون هو من اطلق تلك الرصاصة .. ركضت برعب مرة أخرى للمبني وهي تكاد لا ترى من فرط دموعها .. ما ان دخلت حتى تيبست قدميها بالارض حين وجدت جسد مُلقى ارضا والدماء تحيط به وبملابسه السوداء لتنطلق صرخة مجلجلة منها
جميلة(بصراخ): عاااااااصي
*عودة*
خرج الطبيب من غرفة العمليات لتجري ناحيته بلهفة
جميلة(بلهفة): عاصي كويس؟! عايش مش كدا؟! ارجوك قولي انه كويس
الطبيب: اهدي يا مدام .. عاصي بيه الحمد لله بقى كويس .. الحالة كانت صعبة بسبب الدم اللي فقده نتيجه النزيف الطويل والكدمات كمان لكن بعد التبرع الحمد لله الحالة استقرت .. الحمد لله الرصاصة رغم انها اصابت منطقة الصدر إلا انها ماصابتش اي أجهزة حيويه او شرايين بس اصابت عضلات صدره .. يعني باذن الله مع العلاج والتغيير على الجرح والاهتمام بنظافته مش هيكون فيه اي مشكلة
جميلة(وقد هربت دمعة من عينيها): الحمد لله يا رب .. الحمد لله
الطبيب: انا هحوله دلوقتي على الرعاية وهنتابع حالته ولو الحالة فضلت مستقرة لحد بالليل هننقله اوضة عادية
جميلة: ممكن اشوفه؟
كاد الطبيب ان يرفض لتردف جميلة برجاء
جميلة(برجاء): ارجوك .. ٥ دقايق بس .. صدقني مش هتعبه بس اطمن عليه
وافق الطبيب وأمر احدى الممرضات بتجهيز جميلة لتدخل غرفة الرعاية .. مرت دقائق وبالفعل تجهزت جميلة لتدخل العناية المركزة .. ما ان فتحت لها الممرضة الباب حتى تيبست قدميها وهي ترى الوحش الذي كانت تراه دوماً يقف بقوته وشموخه مُدد على السرير ومتصل بالعديد بالاسلاك والخراطيم التي تمده بالمحاليل وقناع الاكسجين يغطي وجهه الذي تشوبه بعض الكدمات .. انتبهت على صوت الممرضة التي تؤكد عليهم عدم اطالة البقاء بالداخل والاتزام بتعليمات الطبيب .. ٥ دقائق فقط .. تقدمت للداخل لتجلس على الكرسي المجاور لسريره .. عينيها تراقب كل حركة منه وكأنها تحفر ملامحه داخلها .. امتدت اطراف اصابعها لتلمس يده .. ضغطت على شفتيها بقوة مانعة نفسها من البكاء وهي تحتضن كفه بين كفيها .. تضغط برفق على كفه وقد هربت دمعة ساخنة من عينيها حين لامست شفتيها يده في قبلة حانية .. قبلة ام لابنها .. قبلة زوجة لزوجها .. قبلة حبيبة لحبيبها .. قبلة طويلة ورقيقة بثت بها كل ما يعتمر قلبها من مشاعر حاولت قتلها فأبت ان تموت .. أبت ان تختفي .. أبت ان تكون لغيره .. بللت شفتيها بلسانها وهي تستند بذقنها على يده ومازلت محتضناها لتهمس له وقد استغل قلبها تلك الفرصة ليبوح بما يسكنه والذي ربما لن يمتلك الجرأة ابدا ليبوح بها له وهو بوعيه
جميلة(بهمس وسط دموعها): عاصي .. حبيبي .. سامعني؟ .. انا جميلة .. انا بحبك اوي يا عاصي .. ماكنتش اعرف اني بحبك اوي كدا .. انت .. انت لازم تقوم .. لازم تقوم علشان عمر .. وعلشاني .. علشان ماينفعش تسيبني .. مش هتسيبني انت كمان صح؟ .. انا ...
لم تستطع ان تكمل كلامها وقد هربت دموعها تشهد على صدق كلامها .. تشهد على اعترافها التي سبق واعترفت به للوحش منذ ساعات ولكن وقتها لم تقوله بلسانها بل ردة فعلها كان خير اعتراف .. تضم يده لصدرها وهي تغمض عينيها وتتذكر كيف اصبحت مشاعرها عارية امامه وكيف ضحى بحياته لأجلها
*فلاش باك*
دقات قلب عالية وقوية تستعمر صدرها وهي ترى ذلك الجسد مدد امامها على الارض .. كتمت شهقتها بيدها وهي تهز رأسها برفض لتلك الفكرة .. فكرة موته .. جرت ناحية الجسد لتعود انفاسها لاستعمار رئتيها من جديد حين وجدت ان ذلك ليس جسد عاصي .. شعور بالراحة احتلها لكونه ليس ميتاً .. ولكن اين هو؟! اين ذهب؟! .. في اقل من ثانية وجدت يد قوية تمسك بذراعها بقوة .. كادت شهقة رعب ان تفلت منها ليحتل مكانها راحة وكأن جبل قد انزاح من على صدرها حين وجدته هو من يمسك بذراعها ويرمقها بلهفة يشوبها الغضب مردفاً
عاصي(بغضب ولهفة): قولتلك ماترجعيش .. افرضي حصلك حاجة
لم تفكر لثانية اخرى ورمت نفسها بين احضانه .. انصدم عاصي من حضنها المفاجئ الذي ألهب جسده .. أهي حقاً بين احضانه برغبتها .. اجابته هي عن سؤاله الذي لم يصرح به حين زادت من ضمها له وهي تغلق عينيها وتحمد الله ألف مرة بقلبها على سلامته .. رفع يده قليلاً ليحيطها في البداية بخفة ليتحول ذلك العناق الرقيق لقوي .. يزيد من ضمها بقوة لصدره وكأنه يريد ان يخبئها به .. تألمت قليلاً من حضنه القوي ولكن تراقص قلبها حين لمست في عناقه خوفه ولهفته عليها .. رفعت وجهها برقة لا تناسب الوضع الذي وقعوا فيه لينظر لها هو بشوق كبير يستعمر كيانه .. تلاقت عيونها مع عيونه في لقاء طويل .. يُمشط وجهها بعينيه .. تضغط بأسنانها اللؤلؤية على شفتيها ليفقد هو اخر ذرة من العقل لديه .. ليس الوقت ولا المكان مناسب ولكن لا يهمه ذلك .. احس انه لو لم يتذوق شهد شفتيها الآن سيجن .. اقترب بوجهه منها ببطئ لتغلق هي عينيها مستسلمة لقبلته التي ربما ستندم عليها لاحقاً .. كادت شفاههم بالتلامس ليقطع تلك اللحظة صوت فرامل قوي مصاحباً لصوت احتكاك اطارات سيارة بالارض .. حول عاصي نظره ناحية مصدر الصوت وقد عاد عقله للعمل مرة اخرى .. تحرك ناحية الباب بحذر ليجد السيارة الاخرى التي تخلص منها في بداية المطاردة قد وجدتهم .. انطلق لفظ نابي من بين شفتيه لينظر ناحية جميلة التي بدأت ترتجف بخوف مرة اخرى .. اقترب منها وقد عزم على عدم ترك اي احد يلمسها ولو كانت حياته هي الثمن .. وقف امامها وعينيه تحاول ان تشبع منها .. اقترب بوجهه اكثر ليطبع قبلة عميقة على جبينها .. لم تفهم هي سبب ما يفعله وإن ارادنا الصراحة لم تهتم فهي كل تفكيرها كان منصباً على قبلته التي اسرت القشعريرة بجسمها لتشعر بأصابعه تلمس عنقها وفجأة لم تشعر بشئ .. انفصلت عن ذلك العالم وغابت في سبات عميق فهو وجد ان الطريقة الوحيدة لحمايتها ان يظنوا انها هربت ولأنه يعلم انها لم تكن لتوافق على تركه لهم اضطر ان يستخدم احد اساليب الدفاع عن النفس معها فقام بقرصها في مكان معين في رقبتها يوجد به عصب يسبب اغماءة مؤقتة وبالفعل ها هي بين ذراعيه فاقدة لوعيها ليُسرع بالتحرك ناحية تلك الغرفة التي وجدها بالبداية ووضعها على الأرض واخذ يضع الكثير من الاشياء والكراتين حولها حتى اصبحت مختفية تماما عن مرمى نظر اي احد .. ما ان اطمئن عليها حتى خرج لهؤلاء الحمقى الملاعين الذين فكروا في مواجهة الوحش .. اخذ يضرب هذا ويكيل اللكمات لذلك والركلات لهذا حتى كاد بالفتك بهم جميعاً ليقوم احد هؤلاء الرجال بالغدر به واصابه برصاصة لعينة ليقع أرضا فاسرع هؤلاء الرجال بالفرار بعد ان ظنوا انهم قد تخلصوا من الوحش
*عودة*
فاقت جميلة من شرودها على يد الممرضة التي تربت عليها بهدوء وتخبرها بانتهاء الوقت المسموح لها به .. هزت رأسها ببطئ وهي تقف .. كادت بالتحرك لتلتفت له وهي تسمح لنفسها بتنفيذ امر قلبها لتقترب وتطبع قبلة على جبينه قبل ان تخرج .. ربما لو ظلت لثواني لرأت جفنيه يتحركان .. سمع كلامها .. ظن ان عقله يلعب به ليتأكد ان ما سمعه حقيقة وانها بجانبه حقاً حين احس بملمس شفتيها الكرزتين على جبينه .. اعترفت الجميلة انها أحبت الوحش .. أحبته .. أحبت قلبه .. أحبت الطفل المختبئ بين ثناياه .. أحبت الرجل الذي لم يتردد في ان يضحي بحياته لأجلها .. أحبت الجميلة الوحش
كاااااااااااااااات .. كفاية كدا النهاردة
أنت تقرأ
جميلة عشقت الوحش 🤍🖤
Romanceجميلة عشقت الوحش 🤍🖤 بقلم حورية الإبداع/ حنين عماد💜✨ قاسي, متملك, قلبه مظلم .. أسهل شئ في حياته القتل .. رغم ثروته التي لا تُعد والقصور والسيارات التي يمتلكها إلا ان قلبه فقير .. فقد أخيه الوحيد ليزداد أنغماسه في مستنقع أبيه المُظلم .. فـ هل ستسطي...