التاسع عشر

22.4K 640 174
                                    

ليس من الصعب أن تعثر على الحقيقة، و لكن المشكلة الكبرى هي ألا تحاول الهروب منها إذا وجدتها

- إتيان جلسوت

----------------

مرت ساعات النهار الأولى وهي نائمة كمدًا لم تشعر بشيء غير انها تود أن تمنح عقلها هُدنة ليستعيد عمله، رفرفت بأهدابها الكثيفة بتثاقل شديد تحاول أن تستفيق بالكامل وتنهض ولكن كان الأمر عسير عليها و الصداع يفتك برأسها وعينها متورمة أثر بكاء أمس فكانت تنتحب إلى أن غلبها النوم من شدة الوهن بين احضان "ثريا" التي ظلت ملازمة لها طوال الليل ولم تتركها إلا عندما تأكدت أنها بخير

مسدت جبهتها لعلها تخفف من حدة ألم رأسها ولكن بلا جدوى تحاملت على ذاتها كي تنهض من الفراش وأخذت عيناها تدور بمحيط غرفتها وهي تنعي وحدتها فكم كانت تأمل ان تستيقظ وتجد أحد بجانبها يطمئنها ويخبرها أن كل ما حدث ما هو إلا كابوس مزعج يستحيل تحقيقه وأن كل شيء سيكون على مايرام وعلى ذكر الحاجة لم يأتي أحد بخاطرها سواه لتجد عيناها تتركز على ذلك المقعد القريب ببأس شديد وبعيون حزينة ذابلة تتذكر حين كانت تجده في السابق يجلس عليه يطالعها بتلك البسمة الهادئة المريحة التي تقطر بمكنون قلبه حقًا هي بآمس الحاجة له ولكن اين هو؟ فقد تبدل حاله بفضل أفعالها ورغم أن مازالت هواجس عقلها لم تتبدد نهائي إلا أن حاجتها له في كل وقت عصيب يمر عليها أكدت لها أنها تكن له الكثير ولم تملك الجرأة ليومنا هذا كي تعترف بذلك، حاولت نفض افكارها وهي تنهض من الفراش تعاند تلك الحرب الضارية التي تود أن تنشب من جديد بداخلها و

قبل أن تخطو خطوة واحدة

لفت نظرها ذلك المغلف الكبير الموضوع أعلى الكمومود بجانب فطورها، مدت يدها تسحبه لتجد ورقة بخط يد "ثريا" تعتليه وتخبرها بها أن ذهبت للاطمئنان عن "رهف" وان ذلك المغلف يحتوي على إثبات حديثها

وعليها أن تطلع عليه، وبالفعل ذلك ما فعلته فقد فضت محتواه على الفراش وأخذت تتناول كل ورقة على حدى تمرر عيناها على محتواها، واحدة تلو أخرى برويه شديدة و حينها تملكتها صدمة عارمة فقد وجدت فحوصات طبية بأسم والدتها وتقارير توضح حالتها لا والأنكى أن يوجد تقرير موثوقة من طبيب نفسي يؤكد إصابتها بإكتئاب حاد بتاريخ مسبق لوفاتها بعدة أشهر...

كل ذلك كان بمثابة انتفاضة لعقلها واختزال قوي لهواجسها البالية؛ فبين يدها دلائل قاطعة لا تقبل الشك مطلقًا.

فقد حاوطت رأسها وانهمرت دمعاتها البائسة وأخذت تهز رأسها وكأنها تدعم استيقاظ عقلها من غفوته ومداهمته لها بتلك التساؤلات دون هوادة.

هل مقتها لهم كان هباءً؟

هل حقًا نواياهم نحوها كانت بريئة؟

هل تلك السيدة التي حقدت عليها طوال سنوات كانت ضحية ظنونها وهواجسها الواهية

فهل تلوم ذاتها أم تلوم والدتها على قرارها المجحف الذي شتتها وجعل الشيطان يعبث برأسها لسنوات، حقًا كانت ضائعة تنهمر دمعاتها ببأس لا مثيل له فليس من اليسير عليها أن تقتنع كون كل قناعتها السابقة بالية و كانت جميعها لا محل لها.

خطايا بريئة (مُكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن