الفصل الأول

61.3K 817 112
                                    

في ذلك الحي الراقي الذي يتلبس  بثوبه الأخضر والمعتق على أرصفته تلك الأشجار اليافعة التي تستيقظ عليها العصافير صباحًا لتعزف تلك الأنشودة الهادئة التي عكر صفوها صوت تلك الأنغام الغربية التي صدحت من داخل أحد المنازل التي تتباعد عن بعضها حتى يتمتع قابعيها بتلك الخصوصية المميزة
فكانت هي تتمايل بِجسدها على أنغامها وهي تتطلع لأدائها المثير في  المرآة بِكل غرور  وكأنها لم ترى أنثى أجمل منها على وجه الأرض فهي تتمتع بِبشرة حنطية تشابه لون سنابل القمح وعيون سوداء ساحرة تشبه سماء الليل ولكن ليس النجوم هي ما تسطع بها بل المكر و الفتنة الخالصة  ،  مررت يدها بين خصلاتها الفحمية الهوجاء التي تتعدى خصرها النحيل ومنحنياتها  التي تخفيها تحت كنزتها الواسعة وذلك البنطال الفضفاض ،ثم زفرت بِضيقٍ وهي تتذكر تعليماته الصارمة بشأن ملابسها فهي حقًا سأمت كبته لحريتها ،لطالما طمحت أن تعيش حرية مطلقة كالفراشة  دون قيود ولكنه يتعمد ردعها ، لتواسي ذاتها أنها لابد ان تتقبل منه أي شيء ولكن بِشرط أن  لا تدخل والدته بِقراراته  وعلى ذكرها أتاها صوتها من خلف باب غرفتها :

-وطي الصوت شوية يا "نادين"
يلا  الفطار جاهز هتتأخري على جامعتك

نفخت أوداجها بِغيظٍ وصاحت متأفأفة بعدما أطفأت ضجيج جهازها اللوحي  :

- طيب .....جاية ...جاية

قلبت عيناها بِملل وأخذت تلملم بكُتبها  ليطرق باب غرفتها بِطرقات تعلم صاحبها ، لتزيح الحنق عن ملامح وجهها وتستبدله بِبسمة واسعة وتهم بفتح الباب قائلة وهي تراه يستند على الحائط أمامها و يربع  يده :

- صباح العسل.... طب والنعمة وحشتني والبيت كان مضلم من غيرك

رفع حاجبه بِمكر فهو يعلمها ويعلم تلك الطريقة الملتوية خاصتها كي تؤثر عليه وتفلت من العقاب بعد كل خطأ ترتكبه :

- صباح الأونطة اللي ما بتدخلش عليا بعد كل مصيبة

شهقت بِبراءةٍ و عقبت :

-  أَونطة ليه بس  ده أنا كيوت خالص ومش بعمل حاجة

هز رأسه وقال في تهكم وناعستيه البُنية تشملها :

- لأ ما هو باين  راجعة بعد نص الليل و استغليتي سفري يومين وعيشتي حياتك فاكراني مش هعرف

ابتلعت ريقها وأجابته بِثقة مبالغ بها :

- كنت بذاكر مع "نغم "والوقت أخدني....  مأجرمتش يعني وبعدين انت عارف "نغم"وعارف إن أحنا أصحاب من زمان وأظن واثق تمامًا في أخلاقها لتستأنف بِتمرد وهي ترفع حاجبيها المنمقين :

- وبعدين هي أمك لازم تقومك عليا ده بدل ما تقولي وحشتيني يا نادو

تلاشى هدوءه و جز على نواجزه وهو يقبض على ذراعها  قائلًا بنبرة صارمة يحفها التحذير :

خطايا بريئة (مُكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن