الفصل الثامن

19.4K 518 85
                                    

كي لا نسمح لِلخُذلان بِالتسرُب إلينا، علينا ألا نَرفع سقف توقعاتنا بأحد.
-------------------------
- انسه "ميرال" تحت أمرك

لم يأتيه غير صوت نحيب قوي من الجهة الأخرى وتلاه قولها بنبرة مرتعشة واهنة لا تنبئ بالخير بتاتًا :

- ألحقني .................

فرت الدماء من عروقه وتسارعت وتيرة أنفاسه وتساءل بوجل :

-خير حضرتك أنتِ كويسة؟!

أجابته بِضياع وبنفس النبرة المرتعشة الواهنة :

-انا مش كويسة....أنا.....كُنت...أصل مش عارفة اسوق .....ارجوك تعالا

مسد جبهته بإبهامه وسبابته وكأنه يحاول يستوعب شيء من حديثها الغير متزن كي يتدارك الأمر وخاصةً عندما سقطت عينه على ساعة الحائط و وجدها تعدت الواحدة صباحًا:

-قوليلي أنتِ فين؟دقايق وهبقى عندك

قالها بِعُجالة شديدة وبكامل صوته الأجش وهو يأخذ حافظة نقوده و يتناول ملابسه يرتديها مهرولًا و يخرج من منزله غير عابئ بتلك الأسئلة التي تنهال عليه من شقيقته، فقط كل ما يشغله هو أن يصل لصاحبة الفيروزتان البائسة ويطمئن عليها
---------------------
استقل سيارة أجرة كي يصل لها في أقل وقت ممكن وها هو وصل لتوه لتلك المنطقة النائية بعد الشيء التي أوصلها بالقرب منها سابقًا، ولسوء حظه رفض السائق أن يدخل بها متحجج بتأخر الوقت وكونها غير آمنة، تفهم موقفه وهو يلعن تحت انفاسه غاضبًا فماذا تفعل هي بذلك المكان وبذلك الوقت؟
تدلى من السيارة بعد ان أعطاه أجرته كاملة ثم خطى خطوات واسعة يبحث عنها وسط ذلك الهدوء المريب و عتمة المكان، ضوء قوي لفت نظره من الخلف ليلتفت يرى موتور يقترب و يجلسون على ظهره أثنان يبدو عليهم عدم الاتزان يرددون كلمات تلك الأغنية الشعبية الركيكة الصادرة من المسجل خاصتهم، مروا من جانبه ولكن شعر بالريبة عندما وجدهم يبطئون سرعتهم بقرب سيارة تصطف بِجانب الطريق وتدلوا يحومون حولها، زفر بقوة وهو يدعوا الله أن تخيب ظنونه ولكن بالفعل صدقت عندما اتضح لون السيارة بفضل الضوء الصادر من الموتور وتأكد انها هي، مما جعله يطلق العنان لقدمه كي يصل لها

بينما على الجانب الآخر قال أحدهم يخاطب الآخر وعينه مصوبة تخترق زجاج النافذة المغلق على تلك المنكمشة بوهن والذعر يحتل معالم وجهها :

-دي هتبقى ليلة أخر روقان يا زميلي

ليؤيده الآخر بنبرة ثقيلة تدل على عدم اتزانه وهو يطرق على زجاج نافذتها المغلق :

- افتحي العربية يا مُزه أنتِ بتاعتنا الليلة

نفت "ميرال" برأسها وهي تنتفض من شدة رعبها وهي قاب قوسين أو ادنى من أن تفقد وعيها لولآ صوته الأجش الذي تسربل لمسامعها طمئنها:

- استهدوا بالله يا شباب العربية تخصني واللي جواها دي تبعي وهاخدها وامشي من غير مشاكل

خطايا بريئة (مُكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن