الرابع والأربعون والاخير

23K 702 206
                                    

تمر بك أيام تشعر فيها بان كل شيء يثقل على صدرك
الذين يحبونك والذين يكرهونك والذين يعرفونك والذين لا يعرفونك
تشعر بالحاجة إلى أن تكون وحيدا كغيمة
أن تعيد النظر بأشياء كثيرة
أن تعود إلى ذاتك مشتاقا لتنبشها وتواجهها بعد طول هجر
أن تفجر كل القنابل الموقوتة التي تسكنك
-غادة السمان
-------------------
مرت عدة ايام عليها بروتينية تامة دون جديد وهاهي تدفع عربة المشتريات وتقوم بوضع مختارتها داخلها، حين لمحت تلك السيدة العطوف جارتها تتقدم منها  وتقول بنظرات حزينة:
-ازيك يا بنتي

-الحمد لله ازيك انتِ يا طنط

-الحمد لله على كل شيء ...بعد اذنك
ابتلعت "رهف" غصتها وتسائلت وهي تلاحق خطواتها:
-انتِ زعلانة مني؟

نفت "كريمة" برأسها وهمهمت بنبرة متحسرة:
-زعلانة من الزمن وعلى حظ ابني

-طنط "كريمة" انا اسفة بس الحاجات دي نصيب وانتِ اكيد عارفة

هزت "كريمة" رأسها وعاتبتها قائلة:
-عارفة يا بنتي بس هو بيحبك وكان امنية حياته تبقى ليه...ابني عمره ما كان مبسوط غير لما قربتوا من بعض

لا تعلم لمَ تزايد تثاقل قلبها و وجدت ذاتها تنطق دون اي ارادة من عقلها:
-هو كويس؟

تنهدت "كريمة" بحزن وردت على سؤالها بسؤال أخر وضعها بمواجهة مع ذاتها:
-بتسألي ليه!يهمك أمره؟

زاغت نظراتها ونكست رأسها دون أن تجيبها لتزفر "كريمة "وتخبرها:
-على العموم هجاوبك...أخد قراره انه هيسافر ويسيب البلد...وبيحضر في الورق هيرجع تاني لشغله بره مصر

اخذ الأمر منها بعض الثوانِ لتستوعب حديثها ونطقت بعدها بحروف تضاهي تثاقل قلبها:
-هيسافر!

أومأت لها وأكدت:
-ايوة يا بنتي علشان يبعد زي ما وعدك

-بس انا مطلبتش منه يسافر

-من غير ما تطلبي ابني طالما وعدك يبقى عمره ما هيخلف وعده وهو شايف انه علشان يوفي بالوعد ده لازم يبعد

شعرت بالضيق من ذاتها وكادت أن تستأنف حديثها ولكن "كريمة" استئذنت منها وسبقتها بخطواتها...لتضع هي يدها على موضع قلبها الذي ينتفض عاصيًا بين ضلوعها وهي لم تتفهم ما الذي يصيبها... 
------------------
تغيرت حياتها بعد انتقالها لتلك الڤيلا التي ابتاعها من أجلها كي ينشأ بها ذكريات مميزة وبالفعل كان يجاهد كي يفعل ولكن يعيقه في التفرغ لها انشغاله بعمله وبأملاكها التي تولى إدارتها من جديد و رغم تقصيره معها إلا انه لم تشعر بالسوء منه فستقبل بأقل القليل وسوف ترضى فطالما كان يمنحها كافة اهتمامه و يغدقها بليالي عاشقة مميزة تذيب قلبها  فلديه ما يكفي  من الرصيد بقلبها ويكفي انها تشعر  أن كل ما مضى لايذكر مقارنًا بسعادتها الآن كونه عاد لها.
فكانت تتململ بفراشها حين تسللت رائحته الرجولية التي تميزها من وسط ألف رائحة غيرها، ابتسمت وهمست والنعاس مازال يسيطر عليها:
-صباح الخير يا حبيبي

خطايا بريئة (مُكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن