الفصل الثلاثون
دخلت بيرين لغرفة جدها لتجد والدتها جالسة بجانبه تبكي بينما والدها يقف بجانب خالها يهمس بخفوت نظرت لجدها المتوسط الفراش يظهر عليه الاعياء و التعب و لكنه كان ينظر لابنته بحنق و هو يقول بخشونة " أبكي عندما أموت لا الأن "
" لماذا لم تخبرنا أنك تشعر بالتعب " سألت بدر بعتاب . قال هشام يطمئنها " حبيبتي وعكة بسيطة و سيكون بخير الطبيب طمأننا "
نظر واصف لابنته " ألن تطمئني على جدك "
قالت بهدوء " أراه بخير مثل الحِصان "
قال جابر بتأكيد " أنا كذلك "
تحركت بيرين لتقترب من فراشه قائلة " سلامتك سيد جابر "
مط شفتيه ببرود " سلمك الله آنسة بيرين "
كتم هشام بسمته بينما رمقها واصف بحنق و لم يعلق كلاهم . قالت والدتها برجاء " ألن تسلمي علي حبيبتي "
مالت على وجنة والدتها تقبلها " كيف حالك أمي "
قالت بعتاب " بخير رغم أنك لم تكلفي خاطرك لتسألي عني "
" ظننت أنكم أخبرتموني أن أبتعد قليلاً "
" عن المنزل و ليس عنا بيرين "
قال والدها هذا بهدوء. قالت بتحفظ " أسفة بابا "
قال جابر بخشونة " و هل هى في مكان غريب هى معي هنا و تحت حمايتي "
" لا احتاج للحماية "
" أوف تعبير مجازي ليس بالمعنى المقصود أعلم أنك المرأة الخارقة "
" أنا إنسانة عادية "
" حسنا إذا لم يتضايق أحد للمقاطعة أحب أن أخبركم أني سأرحل و سأتي غدا لأطمئن عليك سيد جابر "
قال راجح هذا يقاطع هذا الحوار الحاد من جميع الأطراف ليجيبه جابر " أبقى للعشاء بني "
أجابه راجح باسما " لا داعي سيد جابر مرة أخرى وحمدا لله على سلامتك "
رحل راجح و أوصلته بيرين ثم عادت لتقول لجدها " هل تحتاج شيء قبل أن أذهب لغرفتي "
" ألن تجلسي معنا بيرين "
قالت والدتها بضيق و أضافت " أريد الحديث معكِ "
" ربما مرة أخرى أمي أنا متعبة من العمل و سأذهب لغرفتي "
ابتسم جابر و لم يعلق على حديثها و لكنه سعيد أنها أشارت للمنزل كمنزلها و هى تقول غرفتي . ربما توافق على البقاء معه و تأتي والدتها و والدها أيضاً ليظلوا معه بالمنزل يعلم أن هشام يريد أن يعيش بمنزله و ما كان يظل إلا من أجله ربما يعطيه اعفاء و يتركه يعيش حياته براحته و لكن ربما بدر تريد ذلك أيضاً خاصة بعد أن تعافت تريد أن تتقرب من عائلتها و تعوض ما فاتها معهم فكر بحزن أنه لولا تدخله ما حدث كل هذا و ما ضاعت هذه السنوات من عمرهم جميعا خاصة حفيدته التي تكرهه بشدة لهذا و لكن هل كان يعلم أن كل هذا سيحدث لها كان عليه أن يبحث بشكل جاد عنها عندما عادت والدتها ليته أجبر بدر على البوح بمكانها لم حصل هذا. قالت بدر بحزن " حسنا يا ابنتي كما تريدين و لكن عندما تشعرين أنك مستعدة لتنصتي إلي لتعرفي الحقيقة أخبريني"
الحقيقة واضحة أولاً تركتها بالملجأ و ثانياً تريدها أن تتزوج و ثالثاً لم تعترض على تركها المنزل و ذهابها مع جدها . ما أكثر من هذا يعلمها أنها غير مهمة لديها و أنها فقط كمالة عدد في أسرتهم ليكون أب و أم و أولاد و لكن في الحقيقة هم زوج و زوجة فقط هى ليس لها محل من الإعراب بينهم .. " بعد إذنكما سأذهب لغرفتي "
لم يعلق والدها الذي راقب ذهابها بصمت يشعر بالغضب من قسوتها على والدتها و لكنه يلتمس لها بعض العذر فكل الدلائل تشير إلى أن والدتها لم تهتم بها يوماً . حسنا ليتركوها قليلاً بعد و سيكون هناك تصرف حاسم منه ...
*******×
" يامن يكفي ستقتله "
قال هذا نديم و هو يبعده عن خالد بقوة . رد عليه بعنف " لأفعل ذلك فهذا ما فعله بي و هو يتركني أحترق "
رمقه خالد بسخرية و فمه ينزف و وجهه مكدوم و قد تورمت عيناه بشكل بشع لتغلق و لا يستطيع الرؤية بها " ليتي لم أذهب حتى تأكدت من موتك أيها الحقير "
" حسنا سأتأكد أنا أيضاً من موتك قبل أن أذهب من هنا "
عاد يامن لركله بقدمه بعنف حتى أبعده نديم بحدة " يكفي لا نريد موته بل عقابه على أفعاله "
" لم لا نترك يونس يقتص منه و قد اعتدى على امرأته "
قال نديم هذا.. قال خالد بحقد " و هل تظن يصدقك . هذا إذا كان مازال حيا و أنا أشك بذلك "
قال يامن ببرود " لم لا نعقد معك صفقة و تنال حريتك "
نظر إليه خالد بشك " صفقة و معك أنت؟! "
قال يامن بسخرية " نعم معي أنا هل هنا أحد غيري له حق عندك "
" و لا أنت لك شيء عندي ليتني قتلك بيدي أيها الحقير "
" الحقير هو أنت أيها النجس الخائن "
أمسكه نديم يوقفه بعد أن انهال بالضرب على خالد مرة أخرى هذا الحقير حقاً يستفزه بقوة لا يستحق العيش بعد فعلته هذا قصاص عادل " يكفي يامن حسنا لنتركه يفكر و يعلمنا بقراره النهائي يريد البقاء هنا حتى يموت و يتعفن أم يفعل و نتركه يذهب لطريقه "
قال يامن ببرود " حسنا لنتركه يفكر على معدة خاوية لا تعطيه أي طعام فهو لا يستحق الرحمة "
خرج كلاهم و تركا خالد يلعن كلاهم يفكر هل يبحث عنه فتحي الأن أم سيتركه مثلما ترك يونس..
*****※
" بيرين هل أنتِ مستيقظة حبيبتي "
" تفضلي أمي أنا لم أغفو بعد "
نهضت لتجلس على الفراش بعد أن كانت مستلقية . جلست بدر بجانبها سائلة " هل أنتِ سعيدة هنا مع جدك "
كما أنتِ سعيدة مع أبي بدوني فكرت بيرين هل تريد والدتها الطلب منها البقاء هنا على الدوام . " عادي أنا أستطيع التأقلم مع أي ظرف و أي مكان "
لمست بدر رأسها بحزن و قالت لها ببؤس " أريد الحديث معكِ عن سبب اخفائي عنكم شفائي "
" لا يهم المهم أنك بخير "
" حبيبتي أرجوك أريد أن أخبرك فهناك الكثير لم تعلمينه بعد منذ تركت و أنتِ صغيرة في ذلك الدار "
أرجوكِ إذا كان شيء سيؤلمني لا تخبريني به لا أريد المزيد من الجروح و المعاناة يكفي ما مررت به.. " صدقيني أمي لم يعد يهم أن أعلم شيء كل ما أفكر به أنك الأن معنا و مع أبي و قد عدتما لبعضكما فلا شيء أخر يهم "
" حسنا بيرين أرى أنك لا تريدين سماعي الأن و لكني لن أكف عن الحديث حتى تسمعيني و تعلمي حقيقة ما مررتِ به و سببه "
" أمي لدي عمل باكرا ربما يوماً ما و لكن ليس اليوم فليس لدي طاقة بعد هذا اليوم الطويل "
نهض بدر باستسلام " حسنا بيرين كما تريدين كل ما يهمني هو راحتك "
بالطبع سخرت بيرين و هى تعود لتستلقي قائلة بفتور " تصبحين على خير أمي إذا ظللت اليوم سأراكِ على الفطور قبل ذهابي "
" سأظل من أجل جدك "
دمعت عيناها و لكن صوتها لم تتغير نبرته رغم حزنها فهى لم تكذب من أجلها و تقول سأظل معكم و فقط من أجل جدها ألا تهتم بالبقاء معها و لو قليلاً.. " حسنا . هذا جيد "
خرجت بدر و اغلقت الباب خلفها بهدوء .. دست رأسها أسفل الوسادة و بدأت تبكي بصوت مكتوم هناك شيء ينقصها و لا تعرف ما هو. لقد عادوا والديها معا و أصبح لها عائلة و لكن ما زالت تشعر بالوحدة فما سبب ذلك هل كونها غاضبة من تصرف والدتها أم عدم اهتمام والدها بعد أن وجدها هناك شيء مفقود هناك شعور غير مريح داخلها يزعجها و يؤرقها و لا تعرف سببه .
حسنا لا يهم بيرين لقد اعتدت على الوحدة كما كنت تعيشين من قبل أكملي حياتك هكذا. أعملي أدرسي و نامي و استيقظي أجعلي أيامك تمر برتابة كوني بلا قلب بلا مشاعر تحولي لألة حتى لا تشعري بالألم و الاهمال تعلمي أن تكوني باردة لا من أجلك بل من أجلهم حتى لا يشعر أحد بالذنب تجاهك و دعي الجميع يكمل حياته كفي عن معاتبة جدك كفي عن انتظار اهتمام والدتك كفي عن الحلم بعيش حياة عائلية كباقي البشر كفي عن الحلم برجل يحبك كما أنتِ أن يحارب من أجلك كما فعل والدك مع والدتك فقط كفي عن العيش لو تستطيعين ...
*****※
" تأخرت بالعودة أيها المستهتر "
ضحك يامن بخفوت و أشعل الضوء بعد أن كان سيبدل ملابسه في الظلام حتى لا يوقظها " أيتها الساحرة أفزعتني "
" تخاف " سخرت منه
" عليكِ "
اقترب ليجلس بجانبها على الفراش و قبل وجنتها بحرارة
" علي أنا من ماذا؟! "
سألته بسخرية و هى تبعد وجنتها عن شفتيه .
" مني، من أفكاري حولك يا ساحرة كلما رأيتك أمامي لا أريد غير امتلاكك لأخبرك كم أحبك و اشتاق إليكِ و أنا أشفق على هذا الصغير بداخلك ربما تأذى بسبب حرارة أشواقي إليكِ "
لفت ذراعيها حول عنقه و قالت بدلال " عزيزي عندما يكون لديك هذه المشاعر الحارة تجاهي أتأكد أنك فعلت كارثة من خلف ظهري لم لا تبوح بها فقط لنعلم سر هذا الشوق المفاجئ "
ضحك يامن بقوة و حملها ليجلسها على ساقيه و يضمها لصدره
" من الذي يزرع برأسك هذه الأفكار الحمقاء ؟! أنا دائما و أبداً مشتاق ساحرتي "
مرت براحتها على صدره و قالت بلطف " أنت من فعل "
" حسنا و العمل حتى نصحح هذه الأفكار الخاطئة في رأسك "
همهمت بتفكير و أصابعها تمر على ملامحه برقة لتتوقف عند فتحة قميصه و زره العلوي و نظرت لعيناه بحرارة " أن تثبت لي عكس أفكاري مستهتري "
" تحبيني "
ضمته بقوة و أصابعها تتلاعب بخصلاته " كما أتنفس "
و لكنها ابتعدت فور اقترابه ليقبلها و هى تقول بشغب " و لكن لن تهرب مني و ستخبرني ما الذي فعلته من خلف ظهري اليوم و أعادك في الثلث الأخير من الليل "
ابتسم يامن و ضمها لصدره " سأخبرك ساحرتي و هل هناك جسد يخفي شيء عن روحه "
ابتعدت عن صدره و أحاطت وجهه براحتيها و هى تنظر لعيناه تتأمله بلهفة.
" أنت بخير " سألته بقلق
أومأ برأسه يطمئنها " بخير طالما أنتِ معي و بجانبي ساحرتي "
قبلت وجنته برقة ثم وضعت رأسها على صدره تحيطه بذراعيها قائلة " أحكي يا شهريار "
ضحك يامن بقوة متذكرا كلمته لها من زمن " بل من يحكي شهرزاد لما لا تحكي لي عن مدى حبك لي ساحرتي "
قالت بشغب " سأفعل فور أن تخبرني كيف قضيت يومك و في ماذا و مع من "
" لا مفر إذن "
هزت رأسها موافقة " حسنا أنصتِ لي "
******×
" ألم يهاتفكم من وقتها "
ردت المرأة التي تحمل الصغير الذي يستند على صدرها يضع إصبعه في فمه " لم يعد من وقتها يا معلم و لم يرسل لنا مع رجب كما اعتاد التأخر كان يرسله يطمئننا "
صمت فتحي يفكر بغضب أن مؤكد هذا الحقير أمسكه كما أمسك بيونس و لكن على ما ينوي فعله بالضبط . " حسنا أنا سأتصرف لا تقلقي سأذهب لأبحث عنه بنفسي "
" أكون شاكرة لك معلم "
أخرج فتحي بعض النقود من جيبه و مدهم للمرأة قائلاً " خذي هذه معك إذا احتجت شيء لكِ و للأولاد لتحضريه "
رفضت المرأة و لكن فتحي أصر عليها حتى أخذت النقود مستسلمة قبل رحيله قال لها " إذا اتصل بكِ أحد من عنده قبل أن أجده أخبريني "
تركها و رحل و هو مصمم أن ينهي هذا الأمر و للأبد ..
*******×
كان الحفل الذي أقامه مهند في منزله لميلاد ابنه جمع العائلتين جميعاً و قد حضره عائلة رواء أعمامها و زوجاتهم لطلب والدها مجيئهم و قد جاء فؤاد و خطيبته و ابناء أعمامه الأخرين و والدي مهند و أرورا التي كانت تنتظر يامن الذي تأخر في المجيء كعادته مؤخراً رغم تأكيدها عليه . جاءت بيرين التي أخبرها يامن و جلبت هدية صغيرة للصغير. لم تمكث كثيراً و لكن قبل ذهابها أوقفتها أرورا " بيرين أنتظري أريد الحديث معكِ "
" تفضلي أرورا ماذا تريدين الحديث عنه "
قالت لها بتوتر " لما لا نذهب للشرفة بعيدا عن الصخب "
علمت بيرين أنها لا تريد لأحد من العائلة أن يسمعهم فتوجهت للمكان الذي أشارت لها أرورا بالتوجه إليه . اغلقت باب الشرفة خلفهم و تنهدت بحرارة سائلة " أين يامن ؟! "
" سيأتي بعد قليل مؤكد تأخر في العمل لقد تركته مع صهيب و ذهبت مبكراً فجدي مريض لذلك أعود للمنزل في وقت مبكر هذه الأيام "
شردت أرورا و هى تفكر بالحقيقة خلف حديثها فلم تشعر أنها تخفي عنها شيء. " ألم تعودي تعيشين مع والديكِ "
ردت بيرين بتعجب من هذا السؤال " نعم تركت المنزل لبعض الوقت و لكني سأعود يوماً ما بالتأكيد لم تسألين "
" لم أعد أراكِ عائدة مع يامن من العمل فأتساءل لماذا توقفتم على المجيء معا "
ابتسمت بيرين بحزن هذا ما يثير قلقها إذن " هل ما زالت تشكين بأن هناك علاقة بيننا"
ردت أرورا ببؤس " لا و لكن "
" و لكن تظنين أن هناك شيء من ناحيتي أنا تجاه يامن "
" و هل هناك ؟! "
أومأت بيرين بصدق " نعم "
تسارعت أنفاس أرورا و شحب وجهها بشدة فضحكت بيرين بمرح قائلة " سيدتي هدئي روعك ليس ما في رأسك " صمتت لثانية ثم أضافت بجدية " كل ما في الأمر أنه لم يكن لي أخ يوماً و لم يكن لي عائلة لوقت طويل غير أبي لقد تعرفت على يامن في أصعب فترة من حياتي. كنت وحيدة و غير أمنة في هذا العالم مهما كنت قوية و أستطيع تخطي المصاعب بالحياة و لكني في النهاية كنت فتاة وحيدة و ضعيفة. لقد وجدت في يامن الأخ و السند و المعين لقد ساعدني دون أن ينتظر مني مقابل لم يظهر لي يوماً نوايا سيئة لقد كان كريم معي لأبعد الحدود لذلك توسمت به الأخ و السند في غياب والدي حين كان يبحث عن والدتي. كان والدي و كأنه يتركه بديل عنه لثقته به و أنه لن يؤذيني. هو أيضاً عندما قابلته كان رجل ضائع بائس على حافة الانهيار تستطيعين القول أننا كنا سندا لبعضنا لا أستطيع أن أقول أنه يمثل لي صديق جيد بل هو في الحقيقة كأخ حقيقي لي كم تمنيت لو كان أخي حقاً ليس هناك مشاعر غير مشاعر أخ لأخته الصغيرة بيننا فهو يعاملني على هذا الأساس لذلك تجدينه يشعر بالمسؤولية تجاهي و لديه شعور الحماية تجاهي لذلك لم يتركني منذ علم بأمر توفيق أن أعود وحدى للمنزل خوفاً على لا لشيء أخر. تعلمين أنه يحبك ؟! "
مسحت أرورا وجنتها و أجابت بثقة " أجل أعلم "
ابتسمت بيرين و قالت بصدق " بل يعشقك. لقد راقبنا أنا وصهيب تبدل حاله بسبب علاقتكم عندما تتفاهمان يكون سعيد و يريد الجميع بجانبه سعيد و ينتظر موعد انتهاء العمل ليعود ركضا للمنزل و عندما تتشاجران كان يحزن و ينأى بنفسه و كان يشعر بالبؤس و الغضب لذلك . "
" هذا حالي أيضاً " قالت أرورا هذا بصوت أجش.
ابتسمت بيرين و لمست كتفها برقة " كوني متأكدة أن لا أحد يستطيع أن يأخذ و لو جزء صغير من قلبه فكله لكِ "
" و لا كأخت صغيرة "
" و لا كأخت صغيرة لا أحتاج ليحبني بقلبه فهو يفعل بعقله يهتم بي و يحميني و يقوم بنصيحتي عندما أحتاج لذلك و هذا يكفي و يزيد بالنسبة لي "
" أخبريني إذن أين ذهب "
" أنتِ تعلمين أين فلم السؤال "
" تعلمين إذن أنه يخبرني بما ينوي فعله "
" نعم أخبرني مزيد من الأمان له لأكون على علم بما يدور معه حتى إذا أحتاج مساعدة نتحرك جميعاً رغم أني أعلم أنه لن يحتاج مساعدتنا فيامن هذا غير ذاك "
"و لكني أشعر بالخوف "
" و أنا أيضاً و لكني كما أخبرتك أن يامن هذا غير ذاك لذا ضعي ثقتك به و سانديه فقط "
" و لكني غصبا عني أقلق "
" هذا شيء طبيعي نحن نقلق و نخاف على الناس الذين نحبهم و نهتم بهم و لكننا نساندهم أيضاً "
أومأت أرورا بصمت فقالت بيرين باسمة " سأذهب الأن و أنتِ أذهبي لتظلي بين عائلتك شاركيهم فرحتهم بالصغير العقبة لكِ أيضاً و أن يأتي طفلك بسلام "
ابتسمت أرورا " شكراً لكِ أتمنى أن تجدي رجل جيد أنت أيضاً "
" إن شاء الله سأذهب الأن أراكِ يوماً أخر "
فتحت الباب لتجد يامن يدخل للمنزل و هو يلقي التحية على الجميع . فابتسمت قائلة " أتينا على سيرة القط "
ضحكت أرورا لتجده ينظر اتجاهها بعيون لامعة " ساحرتي تبدين مشرقة كمن فاز باليانصيب "
قالت بيرين بسخرية " لقد فازت به بالفعل عندما تزوجتك هيا أراكم فيما بعد "
" ما هذا إذا حضرت الشياطين لما تذهبين الأن "
ضحكت بخفة " بل أنت ملاك ينقصه جناحان و لكني كنت ذاهبة حقاً "
" ظلي قليلاً بعد "
" لا أريد للسيد جابر أن يتذمر و يقول أني أتركه وحده خاصة بعد عودة أمي و أبي لمنزلهم "
" حسنا تعالي سأوصلك "
اوقفته بيرين " عندما تملك سيارة أولاً "
ضحك بخفة " ألا أصلح بدون سيارة "
ردت ساخرة " لا تصلح هيا أراكم فيما بعد إلى اللقاء أرورا لا تنسي دعوتي عندما يأتي ابن أخي الصغير "
" لا تحتاج العمة دعوة لحضور مولد ابن أخيها و لكن لتدخري منذ الأن لتجلبي له هدية و إلا سيظن أن عمته الصغيرة بخيلة "
" سيكون ظنه في محلة عزيزتي صدقيني "
قال هذا يامن بشغب.. مطت بيرين شفتيها ببرود " ها ها ظريف لا تصدقيه أرورا على غير ظنه أنا أصبحت ثرية بعد أن وجدنا جدي لو أردت القمر سيجلبه لي "
" دعيه يجلب لكِ سيارة أيتها الحمقاء لترحمينا من سيارات الأجرة "
" بل أوصي صهيب يزيد من راتبي و سأجلبها بنفسي "
" بعد عشرون عاما هيا بيرين أذهبي و تقربي من جدك أفضل "
أشارت بيرين إليهم بمرح و هى تترك المنزل " إلى اللقاء لا تتأخر غدا في العمل "
أنحنى بعد ذهابها ليجلس بجانب مقعد أرورا ممسكا بيدها " كيف حالك ساحرتي "
" تأخرت كثيراً و لم تجلب هدية للصغير من البخيل الأن على الأقل بيرين جلبت هدية "
ابتسم و قبل يدها " و هل هذا شيء يفوتني "
أخرج من جيبه علبتين صغيرتين واحدة حمراء و الأخرى زرقاء فتح الحمراء ليخرج منها خاتم كبير فنظرت إليه باسمة. " هدية للوالدة "
" بل للخالة "
أبعد ثوبها عن قدمها و نزع حذائها ليضع الخاتم في إصبعها الصغير كما فعل من قبل. قبل راحتها مرة أخرى " على قياسك تماماً ساحرتي "
"لماذا جلبته ما المناسبة"
قبل راحتها مرة أخرى " أحبك "
لمست رأسه برقة " هذا يحتاج لرد أخر و هنا غير مناسب "
قال بمرح " إذن لنعطي الصغير هديته و نذهب للمنزل لنستطيع الحديث عن ذلك براحة "
" أسرع إذن " قالت بشغب
غمزها و نهض من جانبها و هو يبحث عن مهند و رواء " على الفور "
********×
" نيار أريد الحديث معك بني "
أوقفه مراد قبل أن يذهب لغرفته كما اعتاد في الفترة الأخيرة فهو يعود من عمله في وقت متأخر و يختفي بغرفته يعلم أن حالته تلك بسبب تلك الفتاة بيرين و رفضها الزواج به. هل لهذا الحد يحبها و هل لهذا الحد تكرهه ما السبب لهذا و ما نوع علاقتهم بالضبط كيف يطلب الزواج بها و لم يكن بينهم تفاهم ما. هو يتعجب من هذه العلاقة و لم يكن سيصدق يوماً أن ابنه يحب فتاة ما و متعلق بها لهذا الحد لولا أنه أباح هذا بنفسه و أمام الجميع " أبي هل هذا ضروري فأنا متعب و أريد الخلود إلى النوم "
قال مراد بأمر " تعالى نيار أجلس "
توجه نيار مكان إشارة والده لأحد المقاعد في الردهة الكبيرة و جلس هو على الأريكة مقابله. " تفضل أبي ماذا تريد "
" أريد أن أعرف لأين وصلت بعلاقتك مع بيرين و هل تفاهمتم أم لا "
" لم نتفاهم أبي و علاقتنا انتهت "
" هكذا ببساطة "
" و بدون أي تعقيد الشكر لله " أجاب والده بمرارة و سخرية
"ماذا ستفعل إذن نيار"
" أخبرتك أبي يمكنك أن تطلب من أمي أن تجد لي فتاة طيبة و تطلبها لي "
" و هل هذا حل برأيك بني هل من العدل أن تتزوج فتاة و قلبك معلق بأخرى "
" الحياة تستمر و القلوب تتغير و تتقلب لن أظل على حالي هذا للأبد سيأتي يوم و أحب فتاة أخرى فلما لا تكون زوجتي "
" و ستجازف و تتحمل ذنب الفتاة إذا لم تتغير و تحبها "
كان يشعر بالتعب و لا يريد المزيد من الجدال في هذا الأمر و لا يريد أن يأتي والده على سيرة بيرين مرة أخرى يريد فقط أن ينساها
" ماذا تريدني أن أفعل أبي أخبرني و سأفعل ما يريحكم "
فلا شيء يفرق معه بعد الأن و لا حتى العيش.. صمت مراد يراقب ملامحه المغلقة بتفحص و يلاحظ ما طرئ على حاله من تغير . " هل تتذكر عصمت الألفي قريبنا "
صمت نيار مفكرا قليلاً يحاول أن يستعيد ذكرى بعيدة منذ خمس عشر سنة قريبهم الذي يعيش في بلد أجبني " أظن أني أتذكره "
قال مراد بجديه " منذ زمن و نحن نتواصل و لدينا عمل مشترك لم أتدخل بإدارته للعمل فكان يكفي عملي هنا لذلك عندما اقترح أن أشاركه في شركة للسياحة لم أتردد ليس لكوني أريد ذلك بل ظننت أنه يحتاج للدعم المادي ليبدأ مشروعه هناك بعد أن قرر عدم العودة هنا و البقاء في الخارج . "
توقف مراد عن الحديث و لكن نيار شعر بالحيرة و لم يفهم لماذا يحادثه والده عن ذلك الأن و لماذا " هل فشل مشروعه هذا "
قال مراد باسما " لا بالطبع لم يفعل بل هو أصبح شركة كبيرة و لها سمعة طيبة هناك و له العديد من العلاقات هنا "
" ماذا إذن "
قال مراد بجدية " بما أني شريك له فمن حقي تولي الأمور إذا حدث ما يعيقه عن العمل "
" و هل هناك شيء حدث "
قال مراد بأسف " نعم منذ شهر مضى للأسف أصيب بوعكة صحية أقعدته في المنزل ملازم الفراش بشكل دائم و يحتاج المزيد من الراحة في الفترة القادمة و لكنه أخبرني أنه سيضطر يضع أحد مكانه فالعمل كثير على جلنار "
" جلنار؟! "
" ابنته "
" أها "
ابتسم مراد بسخرية " ليس ما في رأسك "
" ليس في رأسي شيء "
" حسنا إليك ما يلي أنت ستأخذ إجازة أو تقدم استقالتك من عملك و ستذهب لتحل محل عصمت حتى يشفى "
" أنا لا أفهم شيء في السياحة "
" هذه ليست وظيفة تحتاج عقل و تفكير هى مجرد ترتيب مواعيد و حجوزات لإناس يريدون أن يستمتعوا بالطبيعة و الأماكن السياحية "
" لا أريد المجازفة و افساد الأمور "
" لا تقلق ستخبرك جلنار بما عليك فعله "
" و لماذا تخبرني لتفعل بنفسها "
" الفتاة وحيدة و لديها أب مريض و مسؤولية شركة على فتاة مثلها حمل كبير "
" و على جاهل مثلي أيضاً "
" سيكون الأمر هين على كلاكم "
" ليس هناك حل غير ذلك "
" أعتقد السياحة أفضل من العمارة فهل تريد أن أترك لك العمل هنا و أسافر أنا هناك "
" لا هذا كثيراً لا أستطيع فعله "
" إذن لتستعد للسفر سأذهب معك لأطمئن على عصمت و أعود "
كان حل مناسب ربما عندما يبتعد قليلاً يعود لحياته الطبيعية و ينساها فقط.. نعم سفره أفضل حل..
وأنا
أريده أن يفارق أنا
وأنا
لا أريده أن يفارق أنا
وأنا
أطالب باقترابه أنا
وأنا
آمره بالابتعاد أنا
وأنا
لا أدرى ما أريده أنا
وأنا
لا أعرف ما علي أنا
اقترب أم أبتعد أنا
أحبه أم لا أنا
أريده أم لا أنا
وهو
بالقلب سكناه هنا
أم أنه
بعيد كل البعد عن قلبي أنا
وهو
أ يحبني صدقاً أنا
أم أنه يريد العبث ها هنا
وأنا وأنا
اتمنى أن يرتاح قلبي و بالى يا
أنا
خاطرة نونا محمد 🌺
*******×
" لقد أرسل معنا هذه النقود و قال أن تعتني بالأولاد لحين عودته "
سألته المرأة بلهفة " و متى سيعود لم يخبرك بالموعد و أين ذهب ألم تعلم هل أخبرت المعلم فتحي بمكانه "
قال يامن بحزم " لا نريد أن يعلم المعلم فتحي بمجيئنا هنا حتى لا يتأذى زوجك سيدتي فالمعلم فتحي هو من يريد أن يؤذيه "
اتسعت عين المرأة " ماذا تقول المعلم يريد أن يؤذي خالد لماذا؟!"
قال يامن بحزن مصطنع " لقد أخبرنا أنه يريد أن يورطه في خطف أحدهم و الشرطة تبحث عنه "
" زوجي يخطف؟! "
" بالطبع لا. و لكن المعلم من فعل و يريد أن يورطه في ذلك حتى ينال العقاب بدلا عنه لذلك هو مختفي لبعض الوقت حتى يأمن شره "
قالت المرأة بخيبة " ظننته صديقه ، لم يفعل معه هذا؟! "
قال يامن بسخرية " لينجي بنفسه للأسف فقط أختطف رجل و عذبه و كاد يقتله و هذا الرجل يبحث عنه مع الشرطة الأن يقسم أن يقتله أيضاً "
" ما العمل الأن كيف سيأمن خالد شره "
" فقط لا تتحدثي معه أو تخبريه بشيء و الأن هل لك لنا أن نلتقط لك و للأولاد بعض الصور ليعلم خالد أننا أدينا الأمانة "
******×
كان نديم يضحك بقوة غير متمالك نفسه بعد أن تركوا بيت خالد بعد أن التقطوا لهم بعض الصور بينما يجلس يامن بجانبه يبتسم بسخرية. قال نديم من بين ضحكاته " هل ستذهب إليه الأن ؟! "
قال يامن بشماته على الفور و هل أضيع الفرصة و لكن لنذهب لأحمد أولاً ليقوم بتعديل هذه الصور كما نريد "
فعل نديم و توجه لمنزل أحمد و ظلوا لديه بعض الوقت قبل أن يتوجه للمكان الذي يحتجز به خالد و هو متحمس لرؤية رد فعل خالد على فعلتهم و بعد قليل كان خالد يتطلع لزوجته و طفليه الذين يقفون بجانب حاط متسخ و حولهم بعض الأثاث الرث المتهالك و الملقى بعشوائية و بجانبهم يامن يقف متكتف و على شفتيه ابتسامة ساخرة و يبدو على زوجته أنها تهدئ طفليها و تبتسم لهم و تشير لهم لينظروا للكاميرا . صرخ به خالد و هو ينقض عليه بغضب " أقسم أن أقتلك لو مسست أحد بهم أيها الوغد الحقير "
قال يامن ببرود و هو يبعد يديه بعنف " الحقير يعرف نفسه و الوغد يعرف نفسه "
" أين وضعتهم يا حقير كيف تفعل هذا بامرأة ضعيفة و طفلين صغيرين هل أنت رجل تستقوي على الأضعف منك "
" قد أسألك نفس السؤال ألم أكن رجل ضعيف مقيد و ينزف حين أحرقتموني و تركتموني لأموت ببطء ألم أكن رجل ضعيف و يتألم و أنتم تأتون على ذكر زوجته و تتهمونه في عرضه و أن له عشيقة ألم أكن رجل ضعيف و أنتم تمثلون بجسدي ضربا و طعنا و تجويعا ألم أكن ضعيف و أنا مقيد كالذبيحة أمامكم و أنتم تتناوبون على تعذيبي ﴿ العين بالعين و السن بالسن و الجروح قصاص ﴾ "
" و لكننا لم نهدد أمان عائلتك لم نأخذهم رهينة و لم نعرضهم للأذى "
" أذيتموهم بي عندما ظلت زوجتي تبكي ليل نهار ظانه أني تركتها و ذهبت مع امرأة أخرى لقد جرحتم قلبها و كسرتموها . فعلتم عندما تعذبت أمي و هى لا تعرف لي طريق و لا تعرف إذا كنت حي أو ميت عندما يأس أبي و هو يبحث عني مع شقيقي عندما كادت تفقد زوجته طفلها بسبب حالة عائلتي اليائسة و هم لا يعلمون عني شيء لقد فعلتم عند عودتي إليهم كالجثة المشوهة التي لن تبرء أبداً تباً لكم فعلتم و علاماتكم على جسدي ستذهب معي للقبر فلا تحدثني عن الأذى أيها الوغد "
كان يصرخ بغضب هادر و جسده ينتفض
قال خالد بمرارة " حسنا أيها الوغد ماذا تريد أخبرني "
" اعتراف صغير مصور منك أن يونس و المعلم قاما بخطفي و تعذيبي و ستعود زوجتك للمنزل "
تنفس خالد بغضب و قال بقسوة " أقسم أن أقتلك عندما تقع بيدي المرة القادمة "
وقف يامن أمامه بتحدي و قال بخشونة " أنا أمامك و لا قيد يمنعك "
" أترك زوجتي و أولادي و سترى "
هز يامن الهاتف بيده و قال ببرود " الاعتراف و لتحمد ربك أني لم أطلب منك أن تقول أنك كنت مشترك معهم "
دخل نديم قائلاً " يامن أحمد يسألك ماذا يفعل مع المرأة و طفليها"
نظر يامن لخالد ببرود " يطعمهم لحين عودتهم ليس الجميع أوغاد و بلا رحمة و لكن يظلوا في محبسهم حتى أخبره بما يفعل إذا لم يفعل ما أريده "
قال جالد بجمود " حسنا لتبدأ "
******×
قد يفكر البعض أن بعض ردود الأفعال مبالغ بها عند الأخرين عند تعرضهم لموقف ما و لكن هل جربت أن تضع نفسك مكانهم هل فكرت يوماً لو كان أنت هو هذا الشخص ماذا كنت ستفعل رجاء لتنحي عقلك المنطقي اللامع جانباً فعندما نتعرض لموقف جلل لا نفكر بعقلنا بل أحيانا نفقد عقولنا و لا نتصرف بمنطق و تتحكم بنا مشاعرنا سواء كانت مشاعر كراهية أو أي مشاعر أخرى بمسمى أخر فماذا لو تعرضت لظلم كبير و جاءت فرصتك للقصاص فهل تتخلى عنها بالطبع لا أنا لن أفعل قد يعفو البعض و قد يترك لذلك ليوم تشخص فيه الأبصار و لكن القصاص هو حق و عدل و قمة العدل أن ترد المظالم لأصحابها و لو بالقوة . ليس على أحد أن يشعر بالشفقة على أي مخطئ ليس على يامن أن يشعر بالشفقة على هذين المجرمين ليس عليه أن يخبر خالد أن عائلته أمنة ليس عليه أن يخبر يونس أن امرأته نجت من ذلك الاعتداء ألم يعيش لوقت طويل يتعذب و يشعر بالتهديد و الخوف على عائلته ألم يروع بما يكفي عليهم حتى كاد يفقد عقله ألم يعاني الأهوال كونه عاجز عن الدفاع عن نفسه.. لم يشعر البعض بالشفقة على الجاني بينما لا يتحرك شفقة على المجني عليه ؟! تلك القلوب الحانية و تلك العقول المفكرة و تلك النفوس الورعة باصطناع التي لا تتذكر التوبة و المغفرة إلا مع هؤلاء الذين يتخطون كل الحدود و كل القيم و المبادئ و الإنسانية بينما ينسون في لمح البصر ما حدث من ظلم منهم تجاه البشرية إذا تعرض أي منهم لموقف ما أو ظلم سرعان ما ينسون كل مظالمه تجاه الأخرين ألا يستحق من ظلمهم أن يعاملون بنفس المنطق لترد لهم حقوقهم هذه الشفقة و هذه الرحمة البائسة لا تظهر عند البعض إلا لهؤلاء المتجبرين الذين يستضعفون الأخرين و لكن ينسون أن الدائرة ما تلبث أن تدور عليهم و أن السحر ما يلبث أن ينقلب على الساحر و أن هناك عدالة و عدالة السماء فوق كل شيء من نحن لنحكم من يستحق فرصة ثانية و من لا يستحقها أليس الفرصة الثانية تكون بعد رد المظالم لأصحابها أليس هذا هو بداية التوبة عن الأخطاء و المعاصي رد الحقوق فلا نغفل عن ذلك و نظن أن الذنب يمحى بالتوبة بل يمحى بالتكفير عنه أولاً ثم التوبة و التضرع لله . أي كان من حقوق العباد لابد في التوبة منه أن يؤدى أو يبرئ منه أصحابه و يسامحوا في حقوقهم
فكما قال النبي صلِّ الله عليه وسلّم ( على اليد ما أخذت حتى تؤديه) رواه أحمد وأبو داود والترمذي. لذا ردوا الحقوق لأصحابها حتى لا تأتوا يوم القيامة و قد طالبوكم بها فيأخذون من حسناتكم أو تحملوا بعض من سيئاتهم عفانا و إياكم .
******×
أستلقى على الفراش بجانبها و هو يشعر بالتعب الشديد لأول مرة منذ ذلك اليوم الذي اختفى به يتحدث عن مشاعره بهذا الشأن لأول مرة يواجه نفسه بنتائج ذلك على عائلته ألمهم عذابهم و خوفهم و خيبتهم . كل خوفه و كل ألمه لم يثير في نفسه و لو واحد بالمائة من الشفقة عليه . بل على كلاهم و لن يكتفي بما فعله للأن بل سيفعل المزيد ليذيقهم من نفس الكأس.. لن تأخذه بهم شفقة أو رحمة.. نهض من على الفراش بتعب و توجه للحمام و هو ينزع ملابسه و يدخل تحت الماء ليفتح الصنبور لعل الماء الدافئ يريح أعصابه المتوترة. " يامن " " يامن "
سمع ندائها الحاد المتألم فأغلق الماء و جفف جسده مسرعا و لف خصره بالمنشفة و خرج من الحمام. كانت أرورا جالسة على الفراش تمسك بمعدتها بألم فتوجه إليها على الفور سائلاً بقلق " ماذا بكِ حبيبتي هل تشعرين بالألم "
بدأت أرورا تبكي بفزع " يامن لدي ألم شديد أخشى أني أفقد الطفل"
" يا إلهي لما تقولين هذا حبيبتي "
تشبثت به بخوف " يامن أنا أنزف خذني للطبيب أرجوك "
*****×
جاء والدي أرورا في اليوم التالي بعد أن أبلغهم يامن " ماذا حدث لابنتي " سأل راشد يامن بقلق
قال عبد العليم بهدوء يطمئنه " أجلس سيد راشد لا داعي للقلق أرورا بخير و الحمد لله "
" ماذا حدث معها " سألت والدتها بلهفة
" أجابتها عفيفة " لقد تعرضت للنزيف و لكن الحمد لله حالتها الأن مستقرة "
" يا إلهي و الطفل "
" بخير لم يحدث شيء و لكن الطبيب أمر بأن تظل لعدة أيام ليطمئنوا عنها و عن الطفل "
تنهدت والدتها براحة " حمدا لله على ذلك "
" هل نستطيع أن نراها الأن "
سأل راشد
أجاب يامن بتحفظ " هى نائمة الأن ربما حين تستيقظ عمي "
نظر راشد لوجهه الشاحب فشعر بالقلق فمظهره المتعب القلق لا يبشر بالخير . " لم أنت بالخارج إذن.. لما لم تبقى معها حتى تجد أحد بجانبها حين تفيق "
أستند على الحائط بتعب " أريدها أن تستريح فقط "
" و هل ستستريح حين تفيق و لا تجدك بجانبها "
هو لا يريد أن تشعر بالتوتر عند رؤيته فالطبيب أخبرهم أنه يظن حالتها سببها التوتر و القلق و عدم استقرارها النفسي و من سيكون السبب في حالتها تلك غيره هو.. كيف تجاهل أنها في وضع حساس و ليست على طبيعتها لتتحمل كل ما يمرون به من قلق و هى تعلم ما يفعله و هو خارج المنزل مهما كانت قوية و تشاركه و تسانده إلا أنها تخشى عليه و محاولتها أن تخفي مشاعرها جاء عليها بالسلب و أرهقت نفسيا لقد كادت تفقد طلفهم بسبب ذلك فهل يتعامل بعد كل هذا بشكل طبيعي ليكون أول من تراه لن يكون الداء هو الدواء ليس في حالتهم تلك .. " هذا أفضل صدقني "
كيف أفضل لا يفهم. نظر راشد إليه بتفرس هو يبدو متوتر بشكل زائد عن الحد لذلك يظن أن يخفي عنه شيء هل تشاجر مع أرورا لذلك تعرضت لهذه الوعكة. " بني مهما تظن أن ابتعادك أفضل فأخبرك أنه سيكون بمثابة شرخ لعلاقتكم مهما حدث و مهما تظن أنت أنه الأفضل لأرورا ستجده هى عدم اهتمام و لامبالاة من ناحيتك . أي كان ما تظنه أحتفظ به لنفسك و أذهب ظل مع زوجتك حتى تكون أول من تراه عندما تفيق أنت الوحيد الذي ستهتم بوجوده بجانبها في هذا الوقت "
" أفعل يامن تعلم أن السيد راشد معه حق "
قال هذا والده بحزم . لتؤكد عفيفة عليه بلطف " أدخل و ظل بجانبها بني أنت تحتاج لهذا أكثر من أرورا صدقني "
لم يضيف أي منهم شيء أخر ليفعل و هو يدخل لغرفتها دون أن يقول شيء هو أيضاً مع والدته حق هو يحتاج أن يكون بجانبها ربما أكثر منها ربما ليطمئن أنها معه و بجانبه. جلس بجانبها على طرف الفراش و مر بيده على رأسها برفق كان يفكر هل يترك كل شيء فقط و يكمل حياته بهدوء و هل لو فعل سيتركونه هم هل يستطيع أن يعيش الباقي من حياته و داخله ذلك الغضب الثائر و الذي يحتاج لمتلقي هل سيشعر و عائلته بالأمان في وجودهم حوله ينتظر بترقب الوقت الذي سينقضون عليه به.. لا يعرف و لا يستطيع التفكير بعقلانية الأن و هو يشعر بالقلق على زوجته و طفله ربما سيعرف حين يطمئن على أرورا فقط تفيق و يطمئن .
****★****※****★****※****★****
مسا يا رؤوف أو صباح كله ماشي اشتقتلكم ال واتباد بعتذر عن التأخير و نحمد الله على العودة بتمنى الفصل يعجبكم 🌹
أنت تقرأ
مستهتر 1+ 2
Romanceسهرة فحادث وبعد ذلك لا يهم... تغيرت حياته من استهتاره الزائد بينما تدمرت حياتها من اهماله... ثم عاد فجأة... لا تعرف سوى أنه فارسها على حصان أبيض لتعود حياتها إلى الأسود بعد تقربه منها.. قد يكون قلبه قد دق لها بعد أن دمرّ حياتها وأظلمت حياته، لكن قلب...