إنها تحدق في سقف الغرفة منذ عدة دقائق بعد أن ذهب كريس ...
ذهب حتى قبل أن يأتي تاو ،يا له من شخص عديم المسؤولية و الذوق ...
كريس عديم مشاعر ...كان يقود سيارته بهدوء حتى أنه لم ينتبه أنه حان عليه استئناف القيادة حتى تعالت زمامير السيارات من خلفه تستعجله ...
وضع يده على مؤخرة رأسه ليتابع قيادته بيد واحدة ... هذا أفضل شيء قمت بفعله كريس ...
هذا هو الأفضل ...
البقاء هناك لن يزيد شعورك إلى عناء و ثقلاً ...
هذا هو الأفضل ...
حتى لو تركتها هناك وحدها قبل أن يصل تاو ...
هذا هو الأفضل ...
حتى لو لم تنظر إليها للمرة الأخيرة لترى إن كانت تتألم أم لا ...
قام ببعثرة شعره بغضب لينفث دخان أنفاسه الملتهبة ...خمس دقائق !
لا بل عشر دقائق !!
خمسة عشر دقيقة !!!
يقف على حافة الطريق يحدق بالنهر الذي امتد على طول بصره . إنه يتعجب من تغير حياته بهذه السرعة في فترة وجيزة . هل كل هذا بسبب تلك الصغيرة ليال ؟؟ إنها تعيده عشر سنين إلى الخلف حيث كان أحمقاً ، طائشاً ،مراهقاً ... إلى حيث كان حياً جزئياً ...
شيا لين عادت !!
ما حدث لم يسمح له بالتفكير بذلك ،عادت و مع شقيقها و هو الذي ظن أنهما ماتا منذ وقت طويل ... أي إن الحمل الذي أثقل صدره كل هذه السنوات ما كان إلا وهماً ... وهماً !!!
شيا لين الفتاة الوحيدة التي أحبها كريس !!
كذبت !!
خانت !!
اختفت !!
و من ثم عادت !!
و
و
و
و ليال !!!
فرت من شفتيه ابتسامة هاربة عندما تذكر احتقان وجهها و عينيها و غضبها الذي دفعها لصفع شيا لين بقوة مما أرداها أرضاً ...
أحياناً يتعجب منها ، هادئة و مجنونة في الوقت نفسه !!
حمقاء و حمقاء !!
دائماً حمقاء !!كانت ما تزال تفكر بالطريقة التي خرج بها زوجها المصون ،ليقتحم هذا الهدوء تاو ...
تاوووو ...
إنه تاووووو ...
توجه نحوها مسرعاً لينظر إليها و يبتسم ابتسامته اللطيفة "كيف حالك أيتها الحمقاء ؟؟"
كشرت بغضب "حمقاء !!
و تتجرأ أن تسأل عن حالي !!
أيها الوقح "
مالت برأسها للجهة الأخرى "هاه ... قال صديق قال ... انظروا يا أهل الصين ... ابنكم الأحمق ... يدعي أنه صديق حقيقي و هو لا يأتي إلى هنا إلا حين يطلبه زوجي "
ضحك بقوة لتحدق يه بفراغ "ماذا الآن ؟؟ أنسيت أخلاقك في الشركة و أتيت إلى هنا ؟؟"
ابتسم باتساع ليضحك مجدداً "واه ليال ... أنت حقاً حمقاء ... أتسائل كيف يتحملك كريس يوماً كاملاً بطوله !!!
يدعي أنه صديق حقيقي !!؟ و ماذا أيضاً ؟؟ إلا حين يطلبه زوجي ..."
و من ثم استمر في الضحك ليحتقن وجهها و تزم شفتاها "اذهب من هنا ... أكرهك و أكره أخاك ... و أكرهكما كلاكما ... "
استشعر بنبرتها الغضب و الحزن ،إنها لا تمزح "أين ذهب كريس يا فتاة ؟"
زفرت بحنق "و ما أدراني ؟؟ و هل أنا مهمة حتى يخبرني أين ذهب ؟؟ ربما ذهب ليراها "
انتفض حاجب تاو بتعجب و توتر لتبتسم عيناه بتسلية"أتعلمين أنني تركت العمل و أتيت إلى هنا ؟؟ "
لم ترد عليه و لم تهتم حتى بالرد... و زيادة على حالتها الصعبة و ألمها هي لا تضحك حتى و لا ترد ... ما الذي فعله كريس ليجعلها هكذا !!
كان تاو قلقاً و لكنه يحاول بشتى الطرق ألا يجعلها تشعر بذلك ...
استدارت على حين غفلة لتسأل "تاو ،هل تعرف شيا لين ؟؟"
ماذا ؟؟
نبرة جادة ؟؟
هادئة ؟؟
سؤال مباشر ؟؟
شيا لين !!!
ليال !!
تسأل عن شيا لين !!
شكراً لك كريس على إيقاعي في هذه المصيبة !!
ابتسم بحماقة ليحك مؤخرة رأسه "شيالين !!"
كانت تراقب تحركاته و قلقه و توتره ... إذاً الأمر أشد وطأة مما يبدو عليه ،إنه أكثر جدية و احتداماً ... رفع كيس المشتريات في وجهها "انظري ماذا جلبت لكي "
مالت بحدقتيها للجهة الأخرى "عد مع حاجياتك هذه ،فلقد جلبت ما أوصاك كريس أن تجلب "
ابتسم بهدوء ليتذكر حديث كريس و طلبه أن يجلب الأشياء و الأطعمة الصحية حتى لو كانت ليال لا تحبها ... توجه نحو الثلاجة الصغيرة الموجودة في الغرفة ليضع الأغراض بها ،و لكن ما هذا !!!
إنها مليئة ...
إن كان قد ملأها ،لماذا قد يطلب مني جلب المزيد ،هل يعتقد أن ليال المسكينة بقرة !!
كان الطرف الأيمن من الثلاجة مليء بعلب الحيلب مختلفة النكهات ،حليب و ليال !!
مجرد التفكير في الأمر جعل حاجب تاو ينتفض بتوتر ... سنشهد على مشاكل و عراكات الليلة ...خرج صوتها هادئاً بينما هو يرتب الأغراض في الثلاجة "إذاً تعرفها ؟؟"
استدار ينظر إليها بابتسامة واسعة "من تقصدين صغيرتي ؟؟ فكما تعلمين لدي الكثير من الحبيبات السابقات "
مالت عيناها إلى الجدية الغاضبة "تاو ،أنا أقصد ملكة جمال الصين ،أتعرفها ؟؟"
ازدرد ريقه بهدوء ،مهما كان ما سيقوله إن كانت تعلم به أو لا ،فداومينغ كريس سيقتله حتماً ...أرسل لكريس رسالة و لكن كريس لم يرد لأنه كان قد ترك هاتفه في السيارة بينما يشاهد الأطفال في الحديقة ... كانت الحديقة مليئة بالأطفال الذين يقفزون من كل جانب ،إنهم مثيرون للمتاعب ...
المكان ملئ بالصراخ و الضحكات من جهة و بالبكاء من جهة أخرى . لا يعلم لماذا يجلس هنا و يشاهدهم !!!
هل كان يوماً ما مثلهم !!
هل داومينغ كريس هذا كان طفلاً بكاءً يصرخ بلا جدوى و لا منفعة !!
حرك رأسه ينفض عنه هذه الأفكار ليتأهب للذهاب عندما استوقفته كرة صغيرة ارتطمت بقدميه ،دار بعينيه في المكان ليجد من هو الجاني و قد وجده . طفل صغير يختبئ خلف الأرجوحة و كأنه غير موجود ... كان يحدق بكريس بخوف ،ابتسم كريس بهدوء ليشير إليه كي يقترب منه ،اخذ الطفل يحدق به بخوف و ذعر ليحاول كريس التحدث بطريقة هادئة و لطيفة "وجدتك أيها الطفل ،تعال "...
حسناً هذا الطف ما استطاع قوله ،اقترب منه الصبي بخوف و توتر ليقف أمامه و هو حتى لا يصل إلى مستوى ركبتي كريس ،رفع رأسه ليحاول الوصول إلى وجه كريس ...
رفع كريس بنطاله قليلاً لينحني مقترباً من الطفل حتى يصبح بمحاذاته راكعاً على الأرض ... رفع الكرة أمام وجه الصبي "هذه لك ؟؟"
حدق قليلاً بعيني كريس القاتمة و حاجبيه المتقاطعان ليهز رأسه بعيون دامعة "آه " .
طفل آخر !!
ما به يبكي !!
هل أنا مخيف إلى هذه الدرجة !!
مد الكرة بهدوء لطيف كي يعطيها للطفل ،التقطها ذلك الآخر و ما يزال وجهه يهدد بالبكاء ... وضع كريس يده على رأسه "لا تخف من العم ، تعال سأشتري لك المثلجات "
مثلجات !!!
و عم !!!
هل هذا أنت كريس !!تحسس هدوء الطفل و انتظام أنفاسه ليحمله بين يديه و يرتفع به ،و عندها اقترب الطفل من وجه كريس ليقبله و يمرغه باللعاب ...
حدق به كريس بعدم فهم ليبتسم ذلك الطفل ببراءة مما دفع كريس ليبتسم هو الآخر أيضاً و يقهقه بخفوت ، عندها قام الصغير بنكزه "ما اسمك يا عم ؟؟"
لماذا هذا الصبي جريء جداً ؟!!
ابتسم كريس في وجهه مجدداً "أنا كريس أيها الصغير "
هز الصبي رأسه بتفهم "آه ،لا عجب أنني خفت منك ،لا تبدو صينياً "
قهقه كريس مجدداً بتسلية "حقاً ؟؟ هل هذا ما أبدو عليه ؟؟"
هز الطفل رأسه مجدداً "تبدو مثل باتمان ،و باتمان ليس رجلاً صينياً "
وصل كريس إلى عربة المثلجات ليطلب من البائع بعض المثلجات للطفل الصغير ،استدار يحدق به "ما هو اسمك أنت ؟؟"
هز الصبي رأسه بكبرياء "أنا تشانغ ،أبي قال لي أن من يحمل اسم تشانغ يكون قوياً جداً "
هز كريس رأسه بتفهم ،ليقفز الطفل بسؤال آخر "أليس لديك ابن يا عم ؟؟"
ابن !!!
أنا !!!
هل سؤاله غريب أم أنا الذي أتعجبه ؟!!
ابن لي أنا ؟!!
تذكر ليال ليحتقن وجهه محمراً ... و هنا في هذه اللحظة كان قد أتى رجل في عمر كريس تقريباً "أنا أعتذر لا بد أن ولدي قد طلب منك شراء المثلجات "
هز رأسه كريس بهدوء "لا عليك "
عندها أخذ الوالد طفله من بين يدي كريس ليعتذر له مجدداً ،بينما كريس يحدق بالطفل الذي كان يلوح له مودعاً ...
...
...
...
أنت تقرأ
دعنا نعيش 2
Romanceإنه كريس مجدداً ... أجل إنه كريس ،الشاب الذي وقعت في حبه ... الشاب الذي كان قادراً على امتلاكها ،إنه الوحيد الذي استطاعت النوم بجانبه ،الوحيد الذي شعرت نحوه بتلك المشاعر الغريبة ... لا تعلم لماذا و لكن الشعور بوجود طفل كريس في داخلها يمنحها الأمان ع...