-29-

82 2 1
                                    

عندما دخلت ليليث القاعة أرادات بسرعة أن تستدير للخلف وتعود للوراء. كانت نظرات الجميع تحرق جلدها. حدقت أمامها بملامح جامدة محاولةً إخفاء توترها. هي معتادة على هذا، معتادة على تحديق الجميع و حكمهم عليها.

لكن هناك زوج وحيد من العينان يستطيع أن يحرقها بأكملها، يستطيع أن يجعل توازنها يختل. كانت عيناه، عينا ماكس تلك تحدق بها و تجعلها تلتهب. لم تستطع حتى رفع نظرها لتنظر إليه ظلت فقط تحدق بالأرض بتوتر. دخل أليكسندر بعدها مما جعل الوضع أكثر توتراً.

جلس أليكس على الطاولة أمام ماكس وتبادلا الإثنان نظرات جارحة. تخيلت ليليث لو كان هناك أحد واقف بينهما لأصبح جسده أشلاءً بسبب حدة نظراتهما التي كانت كالسّكاكين.

إبتسم ماكس بهدوء ليكمل تحديقه بأليكس:" حسناً إذاً، أيها الجرو أقصد جلالة الملك أليكسندر. لا أظن أننا سنصل لسلام مُطلق إلا ببضع شروط سأفرضها عليك"

على صوت تهامس و صدمة الناس بالقاعة. لقد كان أسلوب ماكس إستفزازياً جداً. "أولاً عليك سماع شروطي" قال أليكس هذه المرة بنبرةٍ جادة لم تعهدها ليليث من قبل. إلتفت أليكس برأسه لينظر لليليث التي كان جسدها يرجف بالكامل.

كانت تنظر لماكس والرعشة تجري بجسدها. ماذا لو عرف؟ ماذا لو فعل؟ هل سيقتلها؟ لا يهمها إن ماتت لكنها تعرف ماكس جيداً هو لايقتل الجسد، بل يقتل الروح. سوف يعذبها بالتأكيد، سيقتل جميع من تحبهم. دق قلبها بصخب بعد أن لاحظت أليكس الذي ينظر بها بهدوء

'لاتفعل شيئاً أحمقاً أرجوك أرجوك' رددت بداخلها لعله يستطيع رؤية ذلك على وجهها لكنه إستدار ليقول:" سنعهد سلاماً لكن بشرط أن تطلق سراح ليليث" عمّ الصّمت بالقاعة و جميع الأنظار إتجهت لليليث. مجدداً كانت نظرات ماكس تُحرق مع أنها باردة.

حدق بها قليلاً ثم أعاد نظره لأليكس وقبل أن ينطق بشيء جاء جندي ليهمس شيئاً بإذن ماكس. تجمد قلب لليليث، ماذا لو عرف الآن ماكس؟ ماذا لو رآها الجندي هي و أليكس و أخبر ماكس عن ذلك. تخيلت ماكس يحمل سيفه ذاك، ذاته الذي قتل به والدها. يرفعه و يطعن أليكس بيه ليقع طريحاً على الأرض.

راقبت ليليث بهدوء منتظرتاً سماع صوت صراخ ماكس، صوت رأس أليكس يتدحرج إليها لكن كل ماقابلها هو نظرةُ ماكس التي لم تتغير حتى بعد أن ذهب الجندي.

ماكس:"لن أطلق سراح ليليث فهي رهينةٌ ثمينة و أريدُ الإحتفاظ بها. إذا كان هذا طلبك الوحيد فهو مرفوض وهي الحرب إذاً" شهق جميع من بالقاعة و كان الجميع ينظر لها بصدمة، بحقد وبقرف وكأنها سبب إندلاع حرب دامية. أرادت ليليث أن تدفن نفسها بتلك اللحظة، تمنت لو أن الأرض إبتلعتها.

"سأعطيك مملكتي بأكملها، سأتنازل عن حقي بالعرش و ستحصل أنت كل الأموال في الخزائن المالية حتى أنني سأترك عالم مصاصي الدماء وأذهب لعالم البشر إن أردت ذلك، فقط إترك ليليث حُرة" قال أليكس بنبرة غريبة مُغلفة بالجدية لكن داخلها قلق، بل خوف مُميت.

فتحت ليليث عيناها بصدمة وشعرت بالدّموع تتكور داخلها. كلام أليكس لسبب ما جعلها حزينة، لأنها تعرف النهاية تعرفُ بأن اللحظات الحلوة تمرُ بسرعة وأن الدنيا قاسية. تعرفُ بأن ماكس يستمتع بهذا أكثر كلما أصرّ أليكس على أن يُطرق صراحها.

عم الصمت بالقاعة لثواني ثم ملىء ضحك ماكس العالي القاعة. نظر الجميع له بهدوء و هو يضحك كأن أحدهم قد ألقى أكثر نكتة مُضحكة للتو. كان يدقُ قلب ليليث بصخب وكأنهُ سيقفز من صدرها بعد قليل. و فجأة نظرت ليليث للحاضرين بتعمن. الجميع إنهار فجأةً.

لقد كان مشهد يجعلُ البدن يرتعش، نظرت لمجلس الشيوخ و والوزراء جميعهم على الطاولة ومن النظرة الأولى قد تحسبهم نائمين لكن الكؤوس التي بيدهم كانت مدسوسة بالسّم.

إتسعت عينياي ليليث بخوف ثم نظرت لأليكس بسرعة، كيف كان الكأس اللعين بيده، كان الموت قريباً منهُ جداً و عندما رأت ماكس يتوقف عن الضحك ينظرُ بعينيها ثم يعيد نظرهُ لأليكس. توقف قلبُ ليليث لثواني وهي تنظر للإثنان يقفان أمام بعضهما بتحدي.

أرادت أن تبكي، أرادت أن تصرخ أن تدفن نفسها بالأرض و لو ربما أن تقف بينهما وتدع ماكس يقتلها لينتهي هذا الألم. إبتسم أليكس بسخرية.

"أهذا مالديك ماكس هل سوف تُرينا قوتك على إمرأة؟ تعال هنا أنا أتحداك، ستواجهني رجلاً لرجل" قال أليكس بصوتٍ مستفز و لم تستطع ليليث منع نفسها من أن تصرخ لا بصوتٍ عالي. تحول نظر ماكس إليها لينظر لها بملامح جامدة، ظل يحدقُ بها وكأنه يفكر بشي ما ثم إبتسم بخفة.

"لا أحب أن أضرب النساء أليكسندر، لذا دعني أجعل موتك مُسالماً جداً" قالها وهو يسحبُ سيفة. ذلك الصوت رن بإذناي ليليث و لم تفكر وقتها و قفزت بسرعة أمام ماكس. حدق بها بهدوء و السيفُ موجهٌ نحوها، طرفهُ يستقر عند بطنها، ميليمترات تفصلهُ على أن يخترق جلدها.

"لن تقتلهُ إلا على جثتي! إن قتلته فعليك أن تقتلني معه" صرخت بينما الدموع تهطلُ من عينيها ولثواني إغمقت عيناي ماكس و كالوهج بدا كأن هناك كميةُ حزن فيهما. إبتسم إبتسامة صفراء و طرف سيفه حدش بطنها بهدوء، كتمت الألم وهي مازالت تحدقُ به.

ماكس:"هل تحبينه؟" قال بنبرةٍ مبحوحة لكن ليليث لم تستطع أن تجيب، شعرت بلسانها يتخدر و الكلام يأبى أن يخرج من فاهها. نظرت للأليكس هي لا تدرك حقيقة مشاعرها إتجاهه إلى الآن. لماذا كانت تشعرُ معه بعكس المشاعر التي تحسها مع ماكس. تنظرُ لأليكس فيهدأ قلبها، كأنما أحدهم يحتضنُ روحها الثكلة عندما تنظر لماكس يقفز قلبها من قفصها الصدري و تشعرُ بأن هناك شيء يسدُ مجاري أنفاسها.

عندما طال صمتها ضحك ماكس بهدوء لينظر لليليث ثم لأليكس: "أستطيع أن أقتلك الآن وهنا لكنني لن أفعل، لن أقتلك حتى أتاكد أنني لغيتُ وجود عائلتك من على هذا العالم. سأبيدكم جميعاً و لقائنا سيكون في الحرب رجلاً لرجل حينها لن أتردد بقتلك" قال ماكس بنبرة هادئة بشكل غريب ثم نظر لليليث التي نظرت لهُ بذعر، إبتسم لها بخفة ليخرج من القاعة تاركاً للأثنين وحدهما.

'لم يعلم بشأن القبلة' همست ليليث بداخلها براحة 'أم أنهُ عرف و لكنهُ يلعب معها؟ لا ماكس الذي تعرفهُ سيحطمُ عظامها في اللحظة التي يعلم بها. نظرت لأليكس بهدو. ركضت بإتجاهه لتضع يديها حول وجهه: "هل أنت بخير؟" قالت بقلق لينظر لها بخوف:"أنا من علي أن يسألك ليليث، هل أنتِ بخير؟" قال ذلك بعينان تلمعان بقلق. نظرت ليليث حولها بإستيعاب لتنظر لبقعة الدماء على فستانها عند بطنها وقبل أن تقول أنا بخير، وجدت يداي أليكس تلتقطها كي لاتقع.

𝕨𝕖 𝕨𝕖𝕣𝕖 𝕕𝕖𝕞𝕠𝕟𝕤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن