-37-

35 3 0
                                    

"أحبك ماكس" جاء صوت تلك الطفلة بعمر التسع اعوام وهي على ظهر ذلك الفتى ذو الشعر الأسود. كان الجميع يهابه، الجميع يراه كمسخ، كوحش فتاك أو كنار تحرق كل شيء يقترب منها. لذا قرروا أن يبتعدو عنه، أن يعزلوه لعل ناره لاتصيب أحد. لكن في داخل نيران ذلك الفتى كانت روحه باردة جداً، كان قلبه كالثلج، قاسي وبارد. ربما كانت الظروف التي عاشها من صغره التي جعلته هكذا أو أن من حوله هم من جعلوه يصبح شيطاناً يهابهُ الجميع.

"أتسمعني قلتُ أحبك!" صرخت الفتاة بغضب مكررة لأن الأحمق الذي يحملها بدا شارداً بالأفق. كان يشعر بحرارة جسدها الصغير العالية، العرق يتصبب منها بينما هي مغمضة عينيها. "أنتِ تهلوسين ليلي، إنها آثار الحُمى" قال ببرود ماجعل الفتاة على ظهره تنزعج أكثر.

"لااا قلتُ لك أني أحبك ياأحمق كيف لك أن لاتصدقني" قالت بغضب بينما شعرها الأشقر إلتصق على جبهتها بطريقة مبعثرة. "لا أحد يحب وحش مثلي ليليث. أنتِ تعرفين أن الجميع يخاف مني. يبتعدون عني، يمنعون أولادهم من التواجد معي. لكن أنتِ الحمقاء الوحيدة التي تلتصق بي ولا تخاف مني وصدقيني هذا يزعجني حقاً" قال ماكس بهدوء بينما حاول أن يخفي كذبه، فهو كان ممتناً جداً لوجود ليليث في حياته، كانت بالنسبة له كل شيء.

ضحكت ليليث بهدوء بينما قالت بهمس: "ربما أحبك لأنني وحشة مثلك"
_____________
#الحاضر#

خنجرٌ فتاك كان مصوب عليه وربما قد قضى عليه التعب حتى جعلهُ يفضل لذة الإستسلام على المقاومة. أغلق عيناه لثواني، وجهه ممتلىء بالدماء. ثم فتح عيناه الزرقاوتان ينظرُ للغيوم السوداء فوقه محملة بالكثير من الأمطار. لما قلبهُ يؤلمهُ بشدة؟ هو لم يعتد أن يدق قلبه من قبل، لم يعتد على تلك المشاعر. بدا الأمر وكأن أحدهم أيقظ هذه الأحاسيس الغريبة فيه فجأة. نظر مطولاً للسماء وعادت به الذكريات للماضي.

هاهو يركض خلف ليليث في الحقول، يحملها على ظهره وهي مريضة أو يتأملها بينما كانت تغط بنوم عميق. رسم ملامحها في عقله بكل تفاصيلها و شعر بألم فظيع بصدره. كان الأمر وكأن أحدهم يغرس خنجراً في قلبه مراراً وتكراراً. "سأعود" تكرر صوته في عقله بينما تذكر تلك الليلة التي قضاها مع ليليث، كيف قبلها، كيف مارسا الحب طوال الليل، إبتسامتها، عيناها صوتها. وهنا أدرك ماكس الذي ظل حياته كلها يتجول بلا وجهة بأن في نهاية المطاف كانت وجهته هي ليليث، هي هدفه، حلمه و كل ماطمح له طوال حياته. هاهو اليوم قد اكتسب قلبها بعد ان الامها كل هذا الوقت وجاء اليوم الذي اخيراً ستغفر له. لا لا لن يموت بهذه السهولة اليوم، سيعود، سيعود كما وعد ليليث هذا الصباح وسيعيش حتى يسمع منها تلك الكلمة مجدداً "أحبك"

فتح عينيه لينظر للسماء فوقه جمع كل ماتبقى من طاقته ليدفع ذلك الرجل فوقه بكل قوته من فوقه. اصبح الرجل على الارض بينما وقف ماكس فوقه. كان مشهداً مرعباً وهو يقف ملطخ بالدماء من الرأس للأقدام، الخنجر مخترق يده نظر للرجل بنظرة مميتة، سحب الخنجر من يده دون ان يرف له جفن ثم قبل ان يخرج الرجل اي صوت طعنه ماكس بين عينيه، نظر للرجل بهدوء وهو يتنفس آخر انفاسه بينما روحه تفارق جسده وعيناه تصبح خالية من الحياة.

عندما رفع ماكس وجهه وجد الجحيم امامه. كان جنوده ملقين على الارض جثث باشكال مشوهة بعضهم فقد راسه بعضهم فقد ايديه بعضهم تشوهت وجوههم لدرجة لم يعد يتعرف عليهم. كان المشهد من الجحيم. نظر أمامه ليرى أليكسندر جالس على حصانه ينظر إليه بتلك النظرة الخبيثة. إبتسم ماكس لتظهر اسنانه الملطخة بالدماء بينما تقدم بخطى ثقيلة نحو اليكس "لطالما أردت قتلك" قال ماكس وهو يبتسم. سحب جنود أليكس سيوفهم بوجه ماكس. نظر لهم بسخرية أشار أليكس بجنوده ليتركوا ماكس يمر بينما نظروا له بصدمة. كان شكله مرعباً لكن بدى عليه التعب كان كالجثة التي تتحرك.

"يا إبن العاهرة كم إنتظرت هذا اليوم" قال ماكس بضحك لينزل أليكس من حصانه الأبيض نظر لماكس بهدوء محاولاً إخفاء ذلك الخوف في داخله فهو يعرف أن من يقف أمامه الشيطان بذاته! "لقد هزمت ماكس، سلم نفسك الآن وحسب سأسمح لك بالتعفن بالسجن كي تلقى عقابك فالموت لأمثالك رحمة" قال أليكس بصرامه لتتسع إبتسامة ماكس كان يقف كالمجنون هناك بإبتسامة دموية جعلت أليكس يرتجف بالداخل لكنه أخفى ذلك.

"أنت تعرف أني لا أستسلم أليكسندر، أسئل عني في كل مكان لن يؤتي يوم سيستلم فيه ماكسميليان هل تفهم يانكرة" توقف ليقترب أكثر من اليكس بينما تحرك الجنود ليسحبو سيوفهم لكن اليكس امرهم مرة اخرى بان يبتعدو "لاتجعل هذا صعباً" قال اليكس بنبرة تحذيرية "حقاً؟ اذا كان فيك لو ذرة رجولة واحدة اسحب سيفك ولمرة واحدة واجهني رجل كرجل وليس من خلف الزجاج كالأطفال" قال ماكس ليبلع أليكس ريقه نظر حوله، كل تلك الدماء التي انسفكت اليوم كل هذا القتل الموت والالم الذي تسبب فيه هذا الشيطان الواقف امامه لن ينتهي هكذا وحسب عليه ان يضع حداً له والحل الوحيد هو ان يموت ماكس.

"إما أن تَقتل أو أن تُقتل" قال ماكس بأبتسامة ليسحب سيفه ويرفعه بوجه أليكس. نظر اليكس حوله لقد امضى حياته بخوف من هذا الذي امامه، كان ماكس اكبر كوابيسه واليوم هو اليوم الذي سيتخلص من هذا الخوف للأبد.

كانت تركض بلاتوقف وبلاوجهة لا تعلم أين قدماها تأخذانها، لم يهمها أن السم الذي وضعته هذا الصباح على شفتاها قد تغلغل داخل دمائها وصار يجري بالأوردة. كانت تعرف بأنها بضع ساعات قبل أن تموت هي وغريمها الذي سممته بقبلاتها تلك. عقلها لم يستوعب للآن مالذي تفعله تارة تريد قتله وتارة تريد أن تقتل من أجله. هاهي الآن تركض نحوها كطفلة صغيرة لا تدري أين هي فقط تبحث عن الدفء. تريد أن تبكي لكن الدموع لم تهطل من عيناها، كانت في صراع بين العقل والقلب عقلها يكره ماكس ويريده ميت وقلبها اللعنة قلبها يتحطم بمجرد التفكير بأنها هي ستكون سبب موته. أكملت ركضها إلى لامكان إلى حيث تتوقف قدماها وفجأة بعد كل ذلك الجري وسط الغابات وصلت للسفح هضبة، حيث هناك وجدته. قلبها توقف عندما رأت ذلك المشهد، ركضت بين الجثث قلبها يكاد ينفجر وعيناها لا تجرء على الرمش. كان ماكس يعتلي أليكس الذي بدا شاحباً كالجثة بينما يخنقه ماكس بيديه هو الآخر كان ملطخاً بالدماء من رأسه لقدمه بدا لها كالشيطان.

وفي تلك اللحظة وذلك المكان قررت ليليث قراراً مصيرياً. هل تسمع لقلبها أم عقلها؟ وبعد معاناة من الصراع بين العقل والقلب، إنتصر أخيراً أحدهما! 

𝕨𝕖 𝕨𝕖𝕣𝕖 𝕕𝕖𝕞𝕠𝕟𝕤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن