البارت ﴿37﴾

127 16 2
                                    

قرأتم فيما سبق.....

أشهر إصبعه السبابة في وجهها وقال بصرامة " اسمعي قاعدتي الوحيدة... إن ابتعدت عنك... أموت... هذه هي حياتي... إن افترقنا.. فلن أعيش... لهذا طلبك صعب جداً... ولكن... أخبريني فقط إن أردت مني الرحيل وأن لا أكون معك من الآن فصاعداً فاطلبي مني هذا الآن ولتكن كلماتك صادقة.... ولك وعد رجال مني أن لا تسمعي صوتي أو تحسي بي بعد هذه اللحظة "
كادت جيني أن تقول شيئاً لكنها ترددت في اللحظات الأخيرة ففكرت بأن هذا هو زوجها ولم تكن لتتزوجه إن لم تكن تحبه... كما تذكرت حديث صديقاتها عنه وكيف أنه الوحيد الذي حزن مع حزنها وضحك لفرحها حتى في أصعب أوقاته... وإن رحل الآن... فهي ستكون مشردة ضائعة لا عائلة لها ولا حياة... وهنا فهمت قاعدته واكتشفت أنها كذلك لا يمكنها العيش بدونه... ليس بعد الآن.....
قاطع تاي تفكيرها حين قال متسائلاً " أرحل أو أبقى؟؟.... أجيبيني "
أمسكت جيني بكم بلوزة تاي ثم قالت بنبرة خافتة جداً وبخجل " ابقى "

                            ((((غربة ))))

ابتسم تاي بارتياح ثم لف ذراعه حول خصرها وجذبها نحوه وهو يقول " هل أكلتي شيئاً؟؟ "
هزت جيني رأسها نفياً لكنها تذكرت بأن تاي أعمى فكادت أن تقول لا لولا أن تاي قال بصوت عادي وكأنه سمع إجابتها " وأنا أيضاً " بعدها رفع كيساً من الطعام وهو يقول " لهذا أحضرت طعاماً لكلينا " فقالت جيني باستغراب " أليس من المفترض بأن آكل طعام المستشفى؟؟ "
أصدر تاي صوتاً من بين شفتيه يدل على ( لا عليك منهم ) بعدها قال " إلا إن كنت تريدين التقيؤ فهذا خيارك "
ضحكت جيني برقة واستغربت للارتياح الذي شعرته مع تاي مع أنها للتو عرفته فقالت بنبرتها الناعمة " أعتقد بأنني سآكل معك فأنا لا أتقبل طعام المستشفيات "
ضحك تاي بخفوت وهو ينهض ويضع الطعام على طاولة مستديرة لشخصين ولا تستغربوا وجودها في الغرفة فالمستشفى الذي كانت فيه جيني لم يكن أي مستشفى عادي فهو من أفخم وأرقى مستشفيات المدينة وبالطبع أبهظها ثمناً.... بعدها اقترب تاي من جيني وحملها على ذراعيه ليضعها على الكرسي ثم جلس مقابلاً لها بينما هي قالت ببعض الغضب " لا تحملني فأنا أستطيع الوقوف وحدي "
ابتسم تاي ببهوت وقال " آسف... أنا فقط لا أريدك بأن تجهدي نفسك " بعدها بدأ يخرج الطعام من الكيس ويضعه على الطاولة.
فتحت جيني العلبة التي أمامها ومن اشتمامها للرائحة القوية عرفت بأن ما أمامها بطاطا مشوية وضع عليها الجبن وأنواع محددة من الصلصات التي تفضلها وكانت معها وجبتها المفضلة الكيمتشي فابتسمت لأن كل شيء كان كما تفضله هي وهذا ما دل أكثر على أنه يعرفها أكثر مما يعرف نفسه بعدها بدأت بالأكل ولما انتهت مسحت فمها وهي تقول " حمداً لله "
ابتسم تاي وقال " بالهناء "
أنزلت جيني رأسها وقالت بنبرة خافتة جداً علمت بأن تاي لن يسمعها لكنها لم تستطع جعلها أكثر علواً " هل... هل تدل مكان دورة المياه؟؟ "
أجابها تاي بلا تردد " قفي.. سأدلك عليه "
رفعت جيني رأسها وهي متعجبة من كيفيه سماع تاي لصوتها الخافت ثم وقفت ليقترب منها تاي ويمسك كفها الأيمن بيده بينما يده الأخرى وضعها على خصرها ثم قادها إلى دورة المياه وجعلها تدخل لينتظرها بالخارج ولما انتهت أعادها لسريرها مرة أخرى.
جلس تاي على الكرسي الذي بجوار سرير جيني وأخذ يمسح على شعرها وهو يقول " ارتاحي الآن... هل تريدين مني بأن أرحل؟؟ "
تمتمت جيني " لا يضايقني وجودك... كما أنك إن رحلت فلن تعود "
أمسك تاي بكف جيني الصغير وقال " بلا سأعود... كما أنه يجب علي إحضار ملابس جديدة لك فغداً سوف تخرجين من المستشفى "
شدت جيني قبضتها على كف تاي وهي تقول بنبرة رجاء " ألا يمكنك توكيل أحد بإحضارهم... أرجوك... صديقاتي يمكنهن فعل هذا... أنا فقط... أخشى بأنني إذا نمت الآن فسأعود لغيبوبتي.. وإن كان هنالك أحد بجواري فسيساعدني ويمدني بالشجاعة "
لا يدري تاي لم تضايق لما سمع جملتها... إنها تريد أي أحد ليجلس بجوارها... أي أحد وليس هو بالتحديد.. لكنه كالعادة ضغط على نفسه وقال بنبرته الدافئة " إذن سأبقى بجوارك.... لن أرحل.. والآن نامي "
أغمضت جيني عينيها ونامت بهدوء بينما ظل تاي ممسكاً بكفها.
وفي صباح اليوم التالي.....
فتحت جيني عينيها  ببطء شديد بعدها رفعت نصفها العلوي وهي تتذكر ما حدث ليلة أمس وعن وجود تاي بجوارها لكنه الآن لم يكن موجوداً ولا تدري لم أحست بالخوف الشديد لهذا قالت بنبرة خافتة " ت... تاي؟؟ " فأتاها صوته يقول من على بعد مسافة منها " أنا هنا حبيبتي "
كان تاي مستلق على الأريكة البيضاء الجميلة ليكون ظهره مستند على طرفها الأول وإحدى رجليه ممدودة فوق طرفها الثاني بينما الأخرى مطوية بخفة وقد كان يقلب كتاباً بين يديه من دون أن يقرأه فهو لم يكن للمكفوفين ولما أجاب جيني رمى الكتاب ووقف ليتوجه لها ويقبل وجنتها وهو يقول ابتسامة " صباح الخير "
ابتسمت جيني مع احمرار وجنتيها ثم قالت " صباح النور "
رفع تاي غطاء جيني ثم سحبها وهو يقول ببعض المرح المصطنع " هيا بسرعة ادخلي لدورة المياه وبدلي ملابسك فاليوم ستخرجين من هذا المكان التعيس " بعدها قادها لدورة المياه فاستحمت هي بصعوبة ثم خرجت وهي ترتدي منشفة بيضاء تصل لما فوق الركبة بقليل فأحضر لها تاي ملابسها بسرعة حتى لا تبرد ثم قال " هل أساعدك في ارتدائها؟؟ "
قالت جيني ببعض الحدة " أستطيع تدبر أموري بمفردي " بعدها أمسكت بالملابس وقالت " هل ستبقى هنا؟؟"
ابتسم تاي وقال " أنا لا أراك جيني "
تذكرت جيني هذا فبدأت باستبدال ملابسها وهي تشعر بالإحراج الشديد لكنها تجاهلته وارتدت فستاناً باللون الأزرق الغامق لكنها لم تستطع إغلاق أزرته فهي في الخلف فقالت بخجل كبير " هلا... هلا تساعدني في غلق الأزرة "
ابتسم تاي وتمتم صوت خافت " أخبرتك " بعدها توجه لها ومرر كفه على ظهرها العاري فارتعش جسدها واحمرت وجنتاها كثيراً لما شعر بها تاي أسرع في إغلاق الأزرة لها فسرحت هي شعرها ولما انتهت تناولت الفطور برفقة تاي... وعلى الطاولة...
قضمت جيني قضمة من طعامها ثم قالت بصوت خافت " إلى... إلى أين سأذهب بعد خروجي من هنا؟؟ "
صمت تاي للحظات ثم قال " إلى منزلنا بالطبع "
لا تدري جيني لم شعرت بارتباك فقد تذكرت بأن لها الآن منزلاً تعيش فيه وأناساً تسكن معهم ولم تعد تعيش وحدها في شقة صغيرة كالسابق.
ابتسم تاي وقال " ما بك؟؟ "
هزت جيني رأسها نفياً وهي تقول " لا شيء " ولما انتهت من طعامها قالت " حمداً لله " فابتسم تاي من جديد ووقف ليحمل حقائبها وهو يقول " هيا "
وقفت جيني وخرجت من الغرفة بصحبة تاي الذي وقع على خروجها من المستشفى وأنزلها للطابق السفلي حيث تقف سيارته السوداء الفاخرة فلما رآه سائقها اتجه له بسرعة وانحنى ليحمل الحقائب وهو يقول " السيارة من هنا سيدي "
أومأ تاي برأسه ثم أمسك بخصر جيني ليقودها نحو السيارة ويفتح لها الباب وهو يقول " تفضلي "
دخلت جيني بحذر ليدخل تاي بعدها وتتحرك السيارة متجهة إلى منزل السيد كيم الكبير ولما وصلوا خرج تاي برفقة جيني ليدخلها داخل المنزل ويصعد بها للطابق الثاني وهو يقول " مرحباً بعودتك "
لم تنبس جيني ببنت شفه بينما أخذها تاي عبر ذلك الممر الطويل والذي يحوي العديد من الأبواب المتشابهة لكنه لم يمشي كثيراً وفتح الباب الثاني على اليمين وهو يقول " ها هي غرفتنا "
وقفت جيني وتراجعت بعض الشيء وهي تقول بتساؤل " غرفتنا؟؟ "
صمت تاي لثوانٍ وهو يحاول التماس ما تقصده ثم قال " نعم غرفتنا... ما بك جيني؟؟ "
أخذت جيني نفساً عميقاً ثم قالت بنبرة قاسية " لابد بأنك مخطئ فأنا لن أقيم معك بغرفة واحدة "
لكم آلمت كلمات جيني القاسية قلب تاي وجرحت نبرتها القاسية روحه لكنه كالعادة تماسك وقال " لا بأس... سآمرهم بتجهيز غرفة أخرى لك... لكن أدخلي لترتاحي ريثما ينتهون من تجهيزها "
تراجعت جيني للخلف أكثر وهي تهز رأسها نفياً ثم قالت بنبرة قاسية وباردة " لا أريد "
عض تاي على شفته السفلى بمرارة وكادت الدموع بأن تهرب من عينيه لكنه في آخر لحظة جمع شظايا ما تبقى من قلبه وقال بنبرة خافتة " لا بأس " بعدها نادَ الخادمة وأمرها بتجهيز الغرفة المقابلة لغرفته تماماً بعدها أمسك بكف جيني البارد وقادها للصالة حيث كان السيد كيم يجلس ويشاهد التلفاز فلما رآها قال بسرور " مرحباً بعودتك يا ابنتي "
لم تجب جيني وظلت تتساءل في نفسها عن هوية الشخص الذي أمامها فقال تاي بصوت خافت " جيني... هذا والدي... وهو يعيش هنا في هذا المنزل "
أومأت جيني برأسها دون أن تنطق فأجلسها تاي على الكنبة وجلس هو على بعد منها فهو يعلم بأنها غير مطمئنة له كثيراً ولا تحبه بل هي فقط تستلطفه لطيبة تعامله معها وحديث صديقاتها عنه.
بعدها أنهت الخادمة تنظيف الغرفة أخذ تاي جيني لغرفتها الجديدة ثم قال للخادمة " أخرجي ملابس جيني من غرفتي وخذيهم بعيداً ثم أحضري ملابسها القديمة "
أومأت الخادمة برأسها ثم رحلت وأغلقت الباب خلفها فاستدار تاي وقال لجيني بابتسامة مصطنعة " آسف لجعلك ترتدين ملابسك القديمة لم يتسن لي شراء ملابس جديدة لك فكما تعلمين... كل ملابسك التي كانت في غرفتي خاصة بالـ... حوامل "
أشاحت جيني بوجهها فهي لا تزال متضايقة من فكرة أنها كانت حامل من ذلك الشاب الذي لا تعرفه حتى لهذا لم تجب ومشت وهي تتحسس ما حولها إلى أن وصلت لسريرها فجلست عليه بصمت.
اقترب تاي من جيني وجلس بجوارها وهو يقول بتفهم " جيني... أنا أفهمك جيداً... ولن أضغط عليك أو حتى أضايقك... إن احتجتِ لأي شيء فغرفتي أمام غرفتك بالضبط... وإن كنت لا تريدين طلب شيء مني فلا بأس.. لديك جرس ملتصق على باب غرفتك وبمجرد الضغط عليه ستأتي لك خادمة تدعى إيما... إنها صغيرة ولطيفة وسوف تساعدك في كل شيء... وإن شعرت بالوحدة فنادني... يمكننا بأن نخرج ونتكلم سوية... لن أتكلم عن الماضي إن كان يزعجك... سأتكلم معك فقط... عن أي شيء تريدينه... فقط اعلمي بأنني بجوارك... أحملك كلما وقعت...... وأضمك كلما بكيت..... لن أتخلى عنك حتى ولو اضطررت أن أتخلى عن حياتي لأجلك.... هذا وعد... وقد قلت لك هذا الكلام سابقاً... أتمنى فقط بأن تتذكريه في يوم من الأيام " بعدها قبل رأسها بحنان ورحل من دون أن يضيف شيئاً أخراَ.
رمت جيني بنفسها على السرير وهي تزفر بحدة وتقول في نفسها ( إنه لطيف... لطيف جداً وطيب... يحبني ويهتم بي كثيراً... لكنني لا أكف عن معاملته ببرود وقسوة.... آه ليتني أتذكره فقط... أو حتى أحبه حتى يتحسن أسلوب تعاملي معه... لكنني لا أكف عن التفكير بكاي.... كيف لي بأن أصدق بأنه شرير وحقير إلى هذه الدرجة... وقد كان ألطف الناس معي... في البداية خانني وغدر بي... ثم آذاني وأفقدني بصري ) بعدها وضعت كفها على وجنتها اليسرَ لتتحسس الندب الذي تركه لها فأكملت في نفسها ( وهذا الندب أكبر دليل على صحة ما أخبروني به.... أنا لا أصدق... كيف لهذا بأن يحدث وأنا لا أتذكر منه شيئاً... أنا فقط أتذكر ذلك الاختناق الذي شعرت به في السيارة... هذا آخر ما أذكره من حياتي... كيف لي بأن أحب وأتزوج وأحمل ولا أتذكر شيئاً؟؟... آه ليت هذه الذاكرة اللعينة تعود... ليتها )
هبط الليل سريعاً وشعرت جيني بالضيق من الجلوس وحيدة في غرفتها فوقفت وتحسست المكان إلى أن وصلت للباب ففتحته ببطء ومن دون أن تصدر أي صوت وسارت إلى الأمام وهي لا تعرف ما وجهتها وسارت أكثر إلى أن وصلت إلى الدرج وكان من المفترض بفتاة عمياء لا تعرف المكان بأن تواصل سيرها وتقع لكنها وقفت بلا سبب تعرفه وبدأت تتحسس الأرضية بقدمها فوجدت بأن ما أمامها درج فنزلت وهي مستغربة لما يحدث لها... فكيف تحس بما حولها وتعرف طريقها؟؟... هل هذا دلالة على صدق ما قيل لها؟؟... نزلت للأسفل وأخذت تجول في الأرجاء على غير هدى إلى أن سمعت صوتاً أنثوياً رقيقاً يقول " هل تحتاجين إلى مساعدة سيدة جيني؟؟ " فانتفضت وقالت " مـ... من أنتِ؟؟ "
انحنت الفتاة بلباقة وقالت " أدعى إيما... وأنا خادمتك... هل تحتاجين لأي شيء؟؟ "
هزت جيني رأسها نفياً ثم قالت " أنا فقط أتجول "
إيما " قد تتعرضين للخطر سيدتي فالبيت كبير جداً ومليء بالدرجات والممرات المتوهة.. هل أنادي السيد تاي ليمشي معك؟؟ "
صمتت جيني لثوانٍ وهي تفكر في كيفيه معرفة تاي لكل الطرق لكنها تجاهلت تساؤلاتها وقالت " وهل كان تاي يمشي معي دائماً؟؟ "
ابتسمت إيما وقالت بلطف " بالطبع " بعدها قالت وابتسامة في صوتها " هل أناديه أم أنك بتي تخافين منه؟؟ "
ارتبكت جيني وقالت " لا... بالطبع لا... لم أخاف منه؟؟ " بعدها أشاحت بوجهها وهي تقول " ناديه إن كنت تريدين فهو لا يهمني "
تقارب حاجبا إيما باستغراب واستياء وقالت " لا يهمك؟؟... ألهذه الدرجة أصبحت تكرهينه... ثم... إن الأمر لا يتوقف على ما أريده أنا بل على ما تريدينه أنت فأنت هي سيدتي "
رفعت جيني رأسها وهي تأخذ نفساً عميقاً ثم قالت " لا... أنا لا أكرهه... أنا فقط... أشعر بالغربة... لكنني بالفعل أكره كلمة سيدتي هذه فنادني بجيني فقط "
ابتسمت إيما وقالت " كما تشائين سيـ... جيني... والآن هل تريدين مني بأن أطلب منه القدوم؟؟ "
أنزلت جيني رأسها وقالت " أخشى بأن أزعجه.. ر... ربما هو مشغول الآن "
هزت إيما رأسها نفياً وهي تقول " بالتأكيد لا فهو في أشد الشوق إليك الآن... ولو يستطيع لقضى ليله ونهاره بجوارك لكنك... لا يهم... أكيد بأنه الآن يعزف على البيانو خاصته "
صمتت جيني ثم قالت " لا بأس "
ابتسمت إيما ثم توجهت للطابق العلوي وبالتحديد لغرفة تاي فطرقت الباب بطرقات خفيف وانتظرت إلى أن أتاها صوت تاي يأذن لها بالدخول فدخلت لتجده مستلق على الأريكة ويقرأ كتاباً فقالت وابتسامة على وجهها " المعذرة على إزعاجك سيدي لكن السيدة جيني تريد بأن تتمشى قليلاً "
وضع تاي دبوساً باللون الأحمر على الصفحة التي كان يقرأها ثم نهض بعد أنا أغلق الكتاب وتوجه لإيما ليمشي بجوارها وهو يقول " أين هي؟؟ "
ابتسمت إيما وقالت " في الطابق السفلي قرب المدخل "
وضع تاي يديه في جيبيه وقال بعد أن رفع أحد حاجبيه " أنا أعرفك إيما.. فهل حقاً هي طلبت هذا أم أنك أجبرتها بألاعيبك؟؟ "
ضحكت إيما بخفوت ثم قالت " لنقل بأنني استخدمت أسلوبي الخاص "
أخذ تاي نفساً عميقاً ثم قال وهو يزفره " اسمعيني... لا تقسي عليها كثيراً... وحاولي قدر الإمكان بأن تكوني صديقتها لا خادمتها "
أومأت إيما برأسها إيجابياً وهي تقول " كما تشاء سيدي " بعدها سارا إلى أن وصلا لجيني فتوقف تاي وأخذ نفساً عميقاً بعدها أجبر نفسه على الابتسام وقال " هل طلبتني؟؟ "
لم تجبه جيني فمشى تجاهها ولف ذراعه حولها وهو يقول " إلى أين تريدين الذهاب؟؟ "
أجابته جيني بصوت خافت " لا أدري فهو منزلك "
رد عليها تاي مصححاً بقوله " بل هو منزلنا " بعدها بدأ بالسير مجبراً جيني على السير معه وبعد دقائق من الصمت توقف ثم خلع سترته وناولها جيني وهو يقول " ارتدي هذه... سنذهب للخارج والجو بارد جداً"
مدت جيني ذراعها لتلتقط السترة بكفها وهي مترددة بعض الشيء بعدها أدخلت ذراعيها في كميها الطويلين وارتدتها.
فتح تاي باب الحديقة فهب هواء بارد جداً عليهما فأمسكها من خصرها بيده اليسرَ وبيده اليمنى أمسك بكفها بعدها سار إلى أن وصل لأحد الكراسي الخشبية الطويلة وجلس عليها.
كانت الحديقة مغطاة بالثلوج البيضاء الناصعة وقد كانت صغيرة بعض الشيء فهي حديقة داخلية لها سور من جدران طويلة بعض الشيء يغطي معظمها الثلج وقد كانت فيها عدة الأشجار المغطاة بالثلوج كذلك...و لم تكن الشمس قوية ففصل الشتاء كان قاسياً جداً.
ابتسم تاي ابتسامة باهتة ثم قال " لقد كنا نجلس هنا دائماً... حتى والجو بارد "
أشاحت جيني بوجهها وهي تضم نفسها وتقول " إنه بارد جداً "
قرب تاي جسده من جسد جيني ولف ذراعه حولها وهو يقول " أأدفئك؟؟ "
من دون سابق إنذاردفعت جيني تاي بكل قوتها وهي تصرخ " ابتعد " بعدها عاودت ضم نفسها وهي تشيح بوجهها بعيداً.
تراجع تاي للخلف بيدين مرتجفتين وجسد مرتعش وأخذ يستمع إلى أنفاس جيني المضطربة المختلطة بصرخات الرياح بعدها قال بصوت خافت " أ... آسفة... لم أقصد " وقد كسر صوته مرتين في تلك الجملة.
لم تجبه جيني فقال مرة أخرى بصوت مرتجف " أنا حقاً آسف... لقد كنت مخطئاً وأخلفت بوعدي فقد وعدتك بأنني لن أضغط عليك أو أجبرك على أي شيء ترفضينه "
أحست جيني بأن ردة فعلها كانت قاسية بعض الشيء ومبالغ فيها فاقتربت منه بتردد ووضعت رأسها على صدره.
كان تاي متجمداً في مكانه وهو يحس بجيني تقترب منه وهدأ بعض الشيء لما وضعت رأسها على صدره لكنه تفاجأ من جديد لما ضمت ساقيها الصغيرتين إليه بسرعة ثم قالت " آسفة... ما كان علي بأن أتصرف بتلك الطريقة فأنت... زوجي رغم كل شيء "
صمت تاي لبرهة ثم لف ذراعه حولها وهو يقول " ليس عليك بأن تجبري نفسك على أي شيء لأجلي... افعلي ما يريحك وسأكون مسروراً"
هزت جيني رأسها نفياً وهي تقول " أنا لا أفعل هذا لأجلك... بل أنا أريد هذا فأنا أشعر بالبرد وجسدك دافئ جداً "
وضع تاي ابتسامة شاحبة على وجهه ثم ضمها أكثر إليه ليجلس في هدوء حطمته جيني لما قالت بتردد " تاي ؟؟ "
أصدر تاي صوتاً من دون أن يفتح فمه ليحثها على الكلام فقالت هي بتردد أكبر " هل.. هل يمكنك إخباري كيف كانت حياتنا؟؟ "
أغمض تاي عينيه ثم حوطها بذراعه الأخرى وأسند ذقنه على رأسها بعدها قال " لقد كانت مثالية... فأنا أحبك كثيراً وأنت كنت كذلك... لم تكن بيننا خلافات ومشاجرات غير التي كانت تتعلق بمسألة عنادك الطفولي ورغبتك في فعل ما تريدينه لكنها غالباً ما تنتهي برضانا جميعاً فأنا دائماً ما أرضى بما تريدينه وأضحي بما أريده حتى لو كان كبيراً لأن لا شيء يهمني سوا سعادتك ولا شيء يسعدني سوا سماع ضحكتك "
صمتت جيني لثوانٍ وهي تفكر في تاي... وكيف أنه يعرفها حق المعرفة ويعرف طباعها الطفولية العنادية السيئة لكنه مع هذا يحبها...لكن ما بالها لا تحبه وغير مرتاحة له كثيراً... ولا تدري لم شعرت بثغرة في صدرها تؤلمها فأحبت تلطيف الجو ونسيان الألم فقالت " هل تعني بأنني لو قلت لك بأن ترمي بنفسك من الأعلى ستفعل؟؟ " بعدها ابتسمت.
ابتسم تاي وقال والابتسامة واضحة في صوته " وهل تتحدينني؟؟ "
رفعت جيني رأسها وقالت باستغراب " هل تعني بأنك ستفعلها؟؟ "
داعب تاي أنف جيني وقال مبتسماً " وكيف أرفض طلباً لك؟؟ "
ضحكت جيني برقة وقالت " أنت مجنون "
بادلها تاي بالضحك وهو يقول " ليست معلومة جديدة "
صمتت جيني لثوانٍ ثم قالت بنبرة جدية بعض الشيء " أخبرني تاي لماذا أحببتني "
قال تاي ببطء وببعض الشرود " هذا هو السؤال الوحيد الذي لم أعرف إجابته بالتحديد... لا أدري إن كنت أحببتك بسبب رقتك... أم طفولتك... أم لطفك... أم سذاجتك... كل ما أعرفه هو أنني أحبك.. ولن أتخلى عن هذا الحب حتى لو صار البعد بيننا كبعد الشرق عن الغرب "
صمتت جيني ولم تستطع النطق أمام تلك الكلمات الجميلة... إذن هو لا يحبها لأجل جمالها... إنه فقط يحبها لصفاتها... ليتها فقط توقن...ليتها.........

                                                   يتبع... .💜

الحب الاعمى ❤ Blind Love ﴿تايني﴾حيث تعيش القصص. اكتشف الآن