البارت ﴿35﴾

154 18 28
                                    


قرأتم فيها سبق.........

قاطعه تاي بصراخ " لا.... هل تسمعون؟؟... لا " بعدها أخذ يضرب على الأرض بقوة وهو يصرخ " لا لا لا لا لا.... جيني.... جيني لا تفعلي بي هذا أرجوك... جيني أنا أتوسل إليك لا تتركيني... لا.... جيني "
ضم السيد كيم ولده بقوة إلى صدره وهو يهمس " هون عليك... هون عليك تاي "
صرخ تاي منادياًَ باسم جيني بكل ألم وحزن... وماله إلا أن فقد وعيه مرة أخرى وجسده يتعرق بشده وعيناه مبللتان بدموعه الحارقة... وقلبه ملتاع بألم وحيرة مشبوبتين.... جيني.............

(((( الصعود للأسفل ))))



سبتمبر
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
أكتوبر
.
.
..
.
.
.
.
.
.
.

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
نوفمبر
.
.
..
.
.
.
.
.
.
.
.

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
ديسمبر
.
.
..
.
.
.
.
.
.

.
.
.
.
.
.

ما رأته أعينكم صحيح..... مرت أربعة أشهر كاملة..... صحيح بأنكم تخطيتموها بثوانٍ معدودات.... لكنها.... لكنها كانت كالقرون بالنسبة لتاي..... بل أكثر من هذا بكثير.... ماتت طفلته.... وزوجته لم تحرك ساكناً منذ أشهر.... لكَمْ ملت الدموع من النزول.... وتعبت الآلام من تعذيبه.... لم تبق التعاسة فيه شيئاً لتنهبه.... لقد كان أشبه بالميت.... بل الميت حاله أفضل بكثير... ذلك الشعور؟؟.... عندما تحس بأن وجودك في هذا العالم ليس له داعٍ.... عندما ترغب بالموت بأسرع وقت لكنه.... لكنه لا يأتيك أبدا.... هذا كان شعور تاي في تلك الفترة.... من الأسى والحزن.... بالكاد يضع لقمة واحدة في فمه... لا يفارق المستشفى إلا ساعة واحدة ليستحم فيها ويستبدل ملابسه ثم يعود وفؤاده يرتعي شوقاً لها.... شوقاً لكفها الصغير حين يحتضنه بيده الكبيرة... شوقاً ليحادثها لكن مع الأسف.... نفذت الأحاديث... ليبقى في النهاية بكاءه الصامت.... وأنينه الخافت..... وجهه صار شاحباً كشحوب الأموات.... والسواد تحت عينيه يزيد في كل لحظة.... شعره طال كثيراً حتى بات يصل لنهاية رقبته.... حتى لحيته نمت وصارت واضحة.... من يراه يغلب على ظنه بأنه مشرد آسف على حاله... لكنه.... لكنه مع الأسف الشديد كان أكثر من ذلك بكثير.... لقد كان محطم الفؤاد... محطم المشاعر.... شبحاً بجسد إنسان... جسداً بلا روح أو ضلال.... يعاني الوحدة والقسوة كما يعاني الشتاء.... عيناه فارغتان تماماً كأمطار بلا ماء.... جسده هزيل كثيراً كزهرة بلا حياة.... روحه تصرخ بصمت كرياح بلا هواء..... بدأ القنوط يتسلل إلى أعماق قلبه كما تتسلل ظلمات الليل خلسة لتغطي ضوء الشمس الساطع.... لا تظنوا أنه كان يحاول الصمود يوماً أو يومين.... بل كان يكافح لأجل البقاء لساعة أو ساعتين... كانت مسألة وقت فقط حتى يستسلم لدياجير اليأس.... مسألة وقت فقط......
لقد وجدوا تلك الفتاة التي دفعت جيني ولما استجوبوها عرفوا بأن كاي وراء كل ذلك لكن تاي لم يكن في حالة تسمح له بمعاقبته.... كل ما كان يهمه جيني... كل ما كان يهمه هو حبيبته الغالية.
وضع تاي رأسه بالقرب من جسد جيني الممدد على ذلك الفراش الأبيض اللعين وهو ممسك بكفها البارد المملوء بأجهزة التغذية... والصوت الوحيد المسيطر هو صوت جهاز ضربات القلب.... إلى أن.... إلى أن سمع أنيناً خافتاً ما كان لغيره بأن يسمعه فرفع رأسه بسرعة ليقول بلهفة واضحة " جيني "
لكن.... لا شيء.... لكم مر وقت طويل جداً على ذكر اسمها.... كان يشعر بثغرة كبيرة في صدره وقد كانت تحرقه وتؤلمه كلما ذكر اسمها أو ذكر شيئاً يخصها.... حتى الاسم صار يؤلم.... حتى الاسم..... لهذا كان يتجنب ذكره دائماً حتى لا يزيد ألمه.
أخفض تاي رأسه وأسند ظهره على الكرسي ليضم ساقيه إلى صدره محاولاً منع نفسه من الانكسار.... ألهذه الدرجة؟؟..... ألهذه الدرجة أصبحت مهشماً سريع التفتت والانكسار يا تاي... ألهذه الدرجة؟؟
دخل شخص إلى الغرفة وهو يقول " مرحباًً تاي " وقد كانت إيرين فهي تتفقد حال جيني و تاي كل ثلاثة أيام أو أسبوع تقريباً وتحاول التخفيف عنه.
أشاح تاي بوجهه بعيداً ولم يرد فنظرت إليه إيرين بإشفاق وهي تراه بذلك الضعف يضم نفسه حتى يبقى متماسكاً... اقتربت منه لتمسح على ظهره محاولاً التخفيف عنه... صحيح بأنه جرحها يوماً وأهان كرامتها لكنه لا يزال إنساناً.... لديه مشاعر وأحاسيس... قالت بصوت خافت " هيا تاي... لقد طلبت لنا الغداء في الطابق السفلي "
رد عليها تاي بصوت خافت " أشكرك لكنني لا أشعر بالجوع "
ضغطت إيرين على كتف تاي بكفها محاولتاً بث شيء من الصبر إليه وقالت " أنت لم تأكل شيئاً تاي.... هيا معي "
لم يرغب تاي مجادلة أحد فنهض باستسلام وتوجه معها للأسفل بصمت ليجلسوا في مطعم راق وهناك وضع طبق من الدجاج أمامه لو شام رائحته جائع لسال لعابه لكنه لم يفكر حتى لمسه.
بدأت إيرين بالأكل وهي تقول بصوت خافت " تاي... لقد... لقد مرت أربعة أشهر على ذلك اليوم المشئوم "
رفع تاي رأسه وقال بهدوء " وماذا في الأمر؟؟ "
أجابته إيرين بصوت مرتبك " ألا.... ألا تظن بأن الوقت قد حان لتمضي قدماً؟؟... أعني... تحاول نسيان الماضي... وتبدأ حياة جديدة "
أنزل تاي رأسه وأخذ نفساً عميقاً مقهوراً ثم قال بنبرة خافتة " بهذه السهولة؟؟.... بهذه السهولة يئس الجميع؟؟... بهذه السهولة نسيتموها؟؟.... إيرين.... كنت أظنك الإنسانة الوحيدة التي ستصبر معي... إن جيني لم ترحل... لم ترحل بعد....... ولطالما قلبها ينبض... فقلبي سينبض بالأمل للقائها.... ولن ينساها "
صمتت إيرين للحظات ثم قالت " لكن.... لقد طالت المدة.... وقد تدوم للأبد... لن يستطيع أحد منا الصمود للنهاية... عليك النسيان... عليك المضي "
رد عليها تاي بصوت مرتجف " أنسى؟؟.... هل أنسى الفتاة التي أخرجتني من عزلتي؟؟.... هل أنسى الفتاة التي أنارت عالمي؟؟.... أنسى كياني؟؟.... أنسى نفسي؟؟.... هل تريدين مني بأن أترك قلبي؟؟.... تأكدي إيرين بأن قلبي الآن ليس معي... ليس في جسدي فقد تركته معها في الأعلى... ليبقيها دافئة.. وآمنة... وليشاركها الأمل الذي فيه... حتى لو كان قليلاً.... صدقيني إيرين.... لن أستطيع "
لم تستطع إيرين الرد على ذلك الكلام المؤثر فأخفضت رأسها وقالت بصوت خافت " آسفة " بعدها أكلمت طعامها.
أخذ تاي يقلب ملعقته لدقائق لكنه شعر بشعور غريب جداً فقال وهو ينهض " شكراً على الطعام... أنا عائد "
أوقفته إيرين بقولها " إلى أين؟؟ "
تاي " إلى الأعلى "
إيرين " لكنك لم تأكل شيئاً "
اكتفى تاي بهز رأسه نفياً ثم سار مبتعداً ليدخل المصعد ويتحسس الأرقام التي كانت بارزة بعض الشيء إلى أن وجد الرقم (6) فضغطه وصعد وما إن فتح الباب حتى توجه بخطوات سريعة إلى الغرفة التي رقمها (630) فدخل وقد كان صوت دقات القلب مسيطراًُ على المكان كالعادة فتوجه للكرسي الذي بجوار سرير جيني ليجلس عليه ويمسك بكفها البارد ويقول بنبرته الدافئة " لقد اشتقت إليك... ما إن أبتعد عنك ثوانٍ.... أشتاق إليك.... حتى وأنا بجوارك أشتاق إليك... متى تعودين نيني؟؟.... أنا أنتظرك... لا تستسلمي "




الحب الاعمى ❤ Blind Love ﴿تايني﴾حيث تعيش القصص. اكتشف الآن