راح قرص الشمس يتمختر في زرقة السماء يخترق ضوءه الدافئ طيات الغيوم ليأخذنا الى مملكة تعرف بجمال عمارها تدعى آرسفيليا تضم مدينة تدعى يسامي فيها مدرسة تعج بالهتافات والتصفيق في يوم عظيم عندها إنه يوم تخرج طلابها الناجحين ومن بينهم كان صغيرنا ميدو الذي أصبح في العشرين من عمره وهو يرتدي بدلته المدرسية الزرقاء وبنطاله الأسود وصندله البني وتزين عينيه نظارة طبية وهوواقف بين الطلاب الذين نجحو معه ليستلم شهادته بعد ما انهى دراسته وسط هتافات الطلاب بالتفوق والتقدم وتصفيق المعلمين تقديرا لتعبهم . أخذ ميدو الشهادة وحي الجميع وسلم على أساتذته سلاماً مليء بالإحترام و انتظر الصغيرة يارا وهي ابنة الرجل الذي يقطن معه ميدو الآن ، وما إن انتهت هي الأخرى و عادا أدراجهما للمنزل .
كانت يارا فتاة شابة في الخامسة عشر من عمرها ، متوسطة الطول ، حنطية البشرية أيضاً ، تلف شعرها الأشقر بربطتين حمراويتين وترتدي بدلتها الزهرية وبنطالها الأبيض وخفها الوردي ، قد غمرت عينيها العسليتين سعادة لا توصف فقد انهت مرحلتها المتوسطة من دراستها وانتقلت الآن إلى آخر مرحلة في الدراسة أخيراً فهي الآن أصبحت كبيرة وناضجة كما تظن .
كان الصمت يحوم حولهما فميدو أصبح بارد الوجه ، نادر الكلام ، كلامه موجز لا يحمل أي كلمات مطنبة أو مسهبة وهي لاتعرف كيف تجره للحديث معها فحاولت كسر ذلك الصمت وقالت بملامح الفرحة والبهجة :"ياااه لقد نجحت أخيراً والآن تبقى لي آخر سنتين وأنتهي من هذا العبئ لأنجح ايضاً وأعيش فرحة التخرج مثلك يا ميدو مبارك لك ."
لكن ميدو لم يجب بشي وتستر بالصمت، فبدت ملامح الإنزعاج ترسم على وجهها ثم حاولت مرة أخرى وقالت متسائلة :
"ماذا ستفعل الآن هل ستنتقل للتخصص بمهنة معينة أم أن لديك شيء آخر يجول في خواطرك؟ "
لكن ميدو أيضاً فضل الصمت ولم يبدي أي ملامح تشوبها الفرح أو الحزن حينها تنهدت وراحت تتمتم في نفسها :
"هممم ياإلهي إنه لم يتغير حتى بعد تخرجه فهو هكذا منذ أن أحضره أبي إلينا لا أعلم ما النفع من إحضاره وتحمل بلادته ."
ثم بدأت تمحلق في وجهه وتمتم :
"ياااه يا لهذا الوجه الجميل يضيع بريقه تحت هذه الملامح الباردة . "
ثم صرخت بانزعاج :
"هي ألا ترى أني أكلمك ظننت أنني أمشي مع تمثال وليس بشراً قل شيئاً على الأقل يثبت عكس ذلك ."
فاجابها باقتضاب :
"لقد وصلنا ."
دقا الباب ففتح لهم الحكيم يامي طبيب في التمريض وخبير في طب الأعشاب في الأربعين من عمره بشرته تميل للسمار ، عريض الوجه ، متوسط الطول ، أسود الشعر والعينين ، يرتدي بدلة بيضاء ويضع قبعة الطبيب الخفيفة على رأسه وهو والد يارا ، يبتسم ابتسامة تشع فرحاً فقال :
"مبارك لكما ياصغيرين لقد بشرني صديقي منذ قليل أحسنتما هيا أدخلا . "
فقالت يارا مبتسمة :
"شكراً لك يا أبي ."
وأردف ميدو :
"شكراً . "
أغلق يامي الباب خلفهم وقال :
"اليوم سأصنع وليمة تليق بهذا الحدث العظيم أنتما اذهبا واستريحا في غرفتيكما وانتظرا ندائي ."
غضّنت يارا حاجبيها وقالت :
"أبي أما زلت ترتدي تلك البدلة البيضاء وهذه القبعة الطبية الغريبة إنه يوم تخرجي ارتدي شيء مختلفاُ في هذا اليوم على الأقل . "
قهقه يامي وقال :
"يا بنتي ألا تريدينني أن أرتدي أحب اللباس على قلبي ."
"بلى . "
"هذا الرداء هو أحب اللباس بالنسبة لي فهو يعني لي الكثير لهذا بقيت مرتديا إياه ."
"سأحضر لك لباساً غيره ينسيك هذا الثوب ."
قالت يارا مغاظة
ثم قاطعهم ميدو بسؤال :"أيها العم لماذا عيادتك مقفلة . "
"لقد أغلقتها لكي أفرحكم بقدر ما أستطيع في هذا اليوم . "
"لا يجوز ذلك يا عم فلربما أتى مريض محتاج ونحن لا ندري اذهب وابقى في العيادة ريثما نحضر نحن وليمة الطعام . "
رمقته يارا بنظرة استغراب وقالت :
"نحن؟"
"لكن يا ميدو إنه يوم تخرجك ولا أريد أن تتعب به . "
"لا بأس تقديرك لهذا اليوم يكفي هيا اذهب وأنتي يا يارا الحقي بي إلى المطبخ ."
"أنت من نفخت صدرك وأردت المساعدة لم علي الذهاب ايضاً أف لا بأس ولكن أنت ستعمل أغلب الأعمال . "
قالت يارا بنبرة انزعاج :"هيا أسرعي الآن . "
"حاااضر ."
بدأ الطفلين بالعمل فميدو يحضر الطعام في طهي وتقطيع و يارا تساعده في تقشير الخضروات لكن لم يعجبها أجواء الهدوء التي تلف حولهما فميدو بارد كعادته وهي فضولية نوعا ما فبدأت تشعر بالملل فأرادت أن تحدثه مجدداً وكان يقطع بعض البطاطا فقالت :
"بالمناسبة مالذي كنت تفعله في الغابة؟ هل كنت تائهاً ؟.... اين والديك ؟.... ألاتعرف شيئاً عن بلدك .. "
ثم صرخت بعد صمت خفيف :
"حسناً إذا كنت تكره الحديث معي كل هذا الحد فقل ذلك ببساطة . "
عندها عض ميدو على شفتيه وتوقف . فأجفلت يارا من ردة فعله وأرادت أن تغير مجرى الحديث فقالت بصوت يشوبه رجفة خفيفة :
"... مماذا الذي حد ."
ثم وقع نظرها على كف يده التي بدأت تسيل الدماء منها فقالت بلهفة :
"ياإلهي لم أقصد تشتيت انتباهك . "
فأجابها بهدوء :
"لاباس ."
ثم غسل يده من الدماء وضمد الجرح بقطعة قماش قطنية وعاد يكمل عمله وقال :
"هيا لنسرع فقد بدأ الليل ينزل ستاره على المكان لذا دعينا ننتهي قبل ذلك ."
أنت تقرأ
لعنة التناقض
Ficção Científicaعن طفل صغير يدعى ميدو كان يعيش مع اهله في قرية صغيرة الا ان هاجم احد الوحوش القرية وقتل اخاه لينتهي به المطاف ملعونا بلعنة غريبة نبذ على اثرها من القرية لذا قرر البحث عن حقيقة ذلك الوحش لينتقم .