مرّ مشهد تحية جدّي سريعًا على الرغم من الدهشة التي حلّت على الجميع والتي أنهتها عمتي الجديدة سريعًا بقولها المتوتر عندما لاحظت انعقاد حاجبي جدّي بحيرة:
-معلش يا بابا، هو بس عشان لسة جاي من برا ومغسلش إيديه.
انقلبَت تجاعيد وجه جدّي سريعًا ليرتفع ثغره بابتسامة ضعيفة سُرعان ما صاحبها بهتافه الخافت وهو يرفع يده ليربّت بها فوق كتف ذلك الشاب:
-انت.. عامل إيه يابني؟
راقبتُ ملامح الشاب الغريبة والتي تجعّدت بنفور سُرعان من أخفاه وهو يستقيم سريعًا ليبتعد عن مرمى يد جدّي بتركيز، سلطتُ أنظاري فوقه وأنا أرفع أحد حاجباي لأقلب شفتاي بتعجّب وأنا أراه يبتسم بتوتر واضح وقد أخذ يمسح بذلك المنديل المُبلل كتفه وتحديدًا موضع لمس جدي له، أهو مجنون أم ماذا؟!
بالطبعِ كنتُ سأرغبُ في متابعة مراقبة ذلك الوسيم الأخرق الذي لرُبما قد أحظى يومًا بعد زواجي منه بطفلٍ لطيف قد أدعوه يعقوب، لولا أنني استفقتُ على صوت عمتي "حنان" التي صرخت بحبور وهي تُلقي بنفسها بين ذراعي الشاب الغريب لتحتضنه بلهفة:-حبيب قلب خالتو اللي وحَش قلبي، كدا تغيب عن جدّك وخالتك كل دا يا واد؟
لحظة واحد.. أي خالة وأي جَدّ، أذلك الوسيم الأخرق قريبُنا؟!
انتبهتُ سريعا على انتفاضته المُفاجئة التي أبعد بها نفسه عن عمتي "حنان" التي وقفت تراقبه بذهول، ليهتف سريعًا مُحاولًا تمرير الأمر:-معلش بس هدومي.. مش نضيفة و.. البكتريا والأتربة برا كتيرة و..
بكتيريا وأتربة!
قلًبتُ شفتاي بتعجّب من شخصه الغريب، لكنني لم أهتم كثيرًا، فالوسيم قد تبيّن أنّه من العائلة، وأنا لن أتزوّج فردًا من العائلة، وخاصةً إذا كنتُ سأُناسبُ بذلك تلك العمة الجديدة ذات الفستان البشِع، فقط لننسى أنه وسيم ولنتعامل معه على أنه أقبح من رأت عيناي وسيُحل الأمر، أو.. رُبما قد أُعيدُ النظر بشأن زواجي من أحد أفراد العائلة، نعم.. سأُعيدُ التفكير بشأن هذا.-تعالى يا أحمد سلّم.
انتبهتُ سريعًا لوقع الاسم محاولةً تخمين هل سيكون هو أحمد أم أحد أعمامي الذين بالكاد أحفظ منهم اسمان.
لويتُ شفتاي بحسرة عندما رأيتُ الوسيم يتقدّم من عمتي؛ لأزفر بقلة حيلة، حسنًا هذا قد يكون سببًا جيدًا أنهى به نفسي عن التفكير به.. سُحقًا يا رجل.
حقًا لقد صدق من قال.. "الحلو مبيكملش".-لو كان بس اسمك يونس.
همستُ بخفوت وأنا أُحاول ألا أنظر إلى عمتي "حنان" التي أخذت تشيرُ لي لأقترب منها وقد بدأتُ بتصنّع البلاهة، ويا للمُفاجأة، لقد اكتشفتُ توًا أننا نمتلكُ مزهريةً بيضاء، كم هذا رائع.
شهقتُ بذهول عندما شعرتُ بها تمسكُ ذراعي فجأة وتدفع بي نحوه، لتهتف وهي تُقدّمني إليه دون أن تُعطيني الفُرصة حتى لأعترض:
أنت تقرأ
اضطراب -قيد الكتابة-
Romanceقلبتُ عيناي بين عمّاتي وأعمامي الذين لاحظتُ وقوفهم معًا بعيدًا وقد انشغلوا في الحديث سويًا، لأنتبه بعد لحظات إلى الباب الذي فُتح، التفتُّ لأرى من الآتي؛ لأرى عمي الأكبر "حسين" يدلف سريعًا، ليدلف من خلفه ذلك الشاب الغريب. شاب!! رمقتُه ببطء من أعلاه ل...