٦- انتفاضة.

322 30 7
                                    

توجّهتُ بأنظاري سريعًا إلى عمتي "حنان" لتتسع عيناي ما إن لاحظتُ شحوبها الواضح، حاولتُ التحدث، لكن قاطعني صوت ذلك الضيف اللعين والذي هتف سريعًا ما إن وقعَت عيناه فوقي:
-حفصة، عاملة إيه؟.. انتي فكراني؟

في الحقيقةِ أنني أذكرُه، وكيف لي أن أنساه وقد كان سببًا في تعاسة عمتي لفترةٍ ليست بالقصيرة!

اكتفيتُ برسم ابتسامةٍ مُصطنعة فوق ثغري وأنا أقول بتوتر:
-طبعًا فكراك يا عمو مُرتضى، حمدلله على سلامة حضرتك.

اتّسعت ابتسامته وهو يهز رأسه برضا؛ لأتوجّه سريعًا إلى جوار عمتي التي جلست بأعينٍ مُتحجّرة تلتمع بها الدموع وقد أوشكَت على التساقط لولا ذلك الكبرياء الذي يمنعها من الانهيار أمامنا.

ببُطء مددتُ يدي نحوها لأُربّت فوق كفّيها، نظرَت إليّ؛ فابتسمتُ قبل أن أهمس لها بخفوت:
-اجمدي كدا وهو لما يمشي أوعدِك.. هقوم أرقصلِك.

رغمًا عنها ضحكت؛ لترفع سريعًا يدها مُحاولةً كتم ضحكاتها قبل أن يتعرّض كلانا للتوبيخ من قِبل جدي، في حين أنني عقدتُ ملامحي بجديةٍ زائدة، وأنا أهتف بضيق مُصطنع:
-اضحكي وافضحينا بقى، أنا غلطانة إني عاملة على زعلِك وعايزة أفرفشِك يا حُنَّة.

دغزتني بغيظ وهي تحاول السيطرة على ابتسامتها الواسعة، لتقترب مني هي الأخرى قبل أن تهمس بسُخرية:
-والله لولا إني عارفة إن عينِك زايغة لكُنت فكرتِك ألوان.

شهقتُ بقوة وأنا أبتعد عنها وقد ارتسمَت فوق ملامحي معالم صدمة مُبالغٌ بها، وفي لحظات اختفَت الصدمة لتحل محلها ابتسامة وقد اعتدلتُ في جلستي من جديد؛ لأُعلّق بهدوء:
-أصلًا انتي ظلماني دايمًا.

تابعتُ تقلّب ملامحها بين الصدمة والذهول وأخيرًا الابتسام ببلاهة على تلك الحماقة التي أفعلها، لأبتسم داخليًا بعدما نجحتُ بتشتيت انتباهها ولو قليلًا عن ذلك السيء الذي يُحادث جدي، والذي يحمل قلبي له عداءًا غير مُبرر رُغم أنه لطالما كان لطيفًا معي، لكن عُذرًا عزيزي، إثارة حنقي لا تقتصر على إيذائي شخصيًا، فقط اقترب من شخصٍ أُحبّه، وسأضعك في القائمة السوداء مع قُبلة.

-بصي البت لازقة فيه إزاي؟ والله لولا إن مُرتضى قاعد لكنت علّمتها الأدب.

كان هذا تعليق عمتي "سميحة" على ما تفعله "تالا" والتي بدت مُهتمة بطريقةٍ غريبة بـ"أحمد" الذي جلس يُنصت إلى ثرثرتها بهدوء وعيناه موجّهتان نحو الأرض.

لويتُ شفتاي بحنق مما تفعله "تالا" لأتنهد وأنا أستمع إلى رد عمتي "حنان" التي اشتعل غيظها هي الأخرى لكن من كوْن "أحمد" يستمع إلى ثرثرتها دون إيقافها أو الابتعاد عنها:
-دي قليلة أدب، بس برضو أحمد إزاي سايبها كدا! ما تكلميه يا سميحة بدل ما جده يلاحظ ويكلمهم هو.

اضطراب -قيد الكتابة-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن