٧- قرار مُفاجئ.

290 22 4
                                    

-حــفــصــة.

أغمضتُ عيناي بذُعر ما إن وصلت لمسامعي صرخته الهادرة، إنه جدي.. اللعنة.

التفتُ لأُواجهه مُحاولةً تبرير حديثي والتعبير عن وجهة نظري رغبةً في الدفاع عن حق عمتي _والتي أعتبرها كأمي الراحلة_ في العيش هانئة البال، لكنني صمتُّ عندما التقَت عيناي بعينين مُسلطتان فوقي.

عينان بثّتا في قلبي نفورًا مُرعبًا؛ لتندفع داخل عقلي الكثير من الذكريات المُتلاحقة قبل أن أهمس بصدمة:
-بدر!

لم يكُن من الصعب عليّ تذكّر تقاسيم وجهه؛ فصورتُه لم تُغادر خيالي يومًا، ابتسم فأغمضتُ عيناي بنفور، يا الله، لماذا عاد هذا الكريه؟

-إيه الكلام اللي انتي بتقوليه دا يا حفصة؟ عايزة عمتك تعصي كلامي؟

فتحتُ عيناي من جديد ونظرتُ إلى جدي، تذكّرتُ سريعًا ما كنتُ أصرخ بشأنه، ولكنني بقيتُ صامتة.
كانت صدمة وجود "بدر" تشل أطرافي حتى أنني لم أستطع الحراك، لكنني تحدثتُ بعد ثوانٍ بثبات وقد اندفع لعقلي مظهر عمتي المُرتعدة:
-بقول إنه من الظلم إنها ترجع لواحد هي مش عايزاه يا جدو.

سمعتُ شهقةً واضحة أتت من جانبي، ومن بعدها صرخَت عمتي "سميحة" باستنكار قبل أن تصرخ بوجهي:
-عايزة تقولي إن جدك ظالم يعنـ..

لم تصلني بقية كلماتها وقد شعرتُ بانفصال عقلي عن العالَم من حولي، كنتُ خائفة، لا يستوعب عقلي أن ذلك الكابوس يقف قِبالتي الآن وهو يحدق بي بتلك الطريقة المُنفرة، لكنني بقيتُ أنظر لجدي والذي بدَت نظراتُه لي مُريبة.
تحمحم جدي فصمتَت عمتي "سميحة"، نظر لـ"مُرتضى" الذي كان يحدّق بي بصدمة، ومن بعدها نظر لـ"بدر"، عاد بنظره إليّ أخيرًا؛ ليهتف بهدوءٍ غريب:
-بس الحد دا هي اختارته من الأول يا حفصة برغم كُل اللي فيه.. اختارته وقالت عليه موافقة برغم عيوبه.. ووافقت بيهم وقالت هصلّحه وهبني معاه عِش جميل.. لكنها مكانتش قد المسؤولية ورجعت من عِشها لما وقع مع شوية ريح، وواجب عليّا أنا ولي امرها إني أنبهها وأرجعها لعِشها ولجوزها تاني لما أحس منه إنه باقي عليها وإنه اتغير.. ولا انني شايفة إيه يا حفصة؟

ذلك الشعور الغريب بأنه لم يكن يتحدّث عن عمتي جعلني مُرتبكة، نظرتُ إلى "بدر" فوجدته لا يزال مُبتسمًا، تعالَت أنفاسي فجأة عندما مرت ببالي تلك الذكرى السيئة، وتعالى معها صوت صفيرٍ غريب داخل أذني، شعرتُ بغثيانٍ غريب، وفقدتُ توازني خلال لحظات فأمسكتُ بعمتي "حنان" والتي كانت تُجاورني.

-حفصة مالك؟

كان صوتها مُرتعبًا، مليئًا بالخوف، لكنني لم أستطع الرد، ساد الهرج بينهم خلال لحظات، ورأيتُ "بدر" يقترب مني وقد ارتسمت ملامح ذعرٍ مُريبة فوق وجهه، شعرتُ بصعوبةٍ في التقاط أنفاسي، ففتحتُ فمي مُحاولةً استنشاق الهواء عبره، حاولتُ التحرك لأنئى بذاتي بعيدًا عنه، لكن خانتني قدماي وسقطت، دوت صرخة عمتي "حنان" في الأرجاء والتي اندفعَت من بعدها نحوي لتدفع "بدر" بعيدًا وتساعدني لأجلس، في حين كنتُ أصارع أنفاسي مُحاولةً السيطرة على تلك الغيمة السوداء التي بدأت تُحيط برأسي.

اضطراب -قيد الكتابة-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن