٣٤- أنا جميل!

84 8 2
                                    

لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

صلوا على النبي. 💗

. . .

- يعني تبقي قاعدة في المستشفى بقالك أسبوع ومتقوليليش يا حفصة؟ انتي بتهزري؟

أشحتُ بأنظاري بعيدًا عن مرمى أنظارها المُعاتبة دون أن أقدر على التفوّه بكلمة، كنتُ أعلم أنها ستثور بهذا الشكل عندما تعلم أنني هنا، بل وأنني لم أُخبرها طيلة أسبوعٍ كاملٍ أنني كنتُ أُعاني من دونها، ورغم أنني لم أرغب قط بإخبارها -قبل أن أخرج على الأقل- إلا أنني أحتاج إلى وجودها قربي الآن.

زفرتُ عدة أنفاسٍ مُتتالية، لأهتف بعد لحظات وما زلتُ أُحاول الاحتفاظ بعيناي مُثببتان فوق نقطةٍ وهمية بعيدًا عنها:
- فريدة، أرجوكي مش عايزة تأنيب، أنا محتاجاكي جنبي وعشان كدا كلّمتك، مش عشان تزعلي مني، بالله عليكي أنا على أخري.

اختنق حلقي بالحديث في آخره، ورغمًا عني امتلأت مقلتاي بدموعٍ لم أملك القدرة على إيقافها أو السيطرة عليها، لقد كان أسبوعًا عصيبًا بحق.

- طب خلاص مش زعلانة، متعيطيش، مش زعلانة والله خلاص.

وأخيرًا نظرتُ إليها بحذر وكأنني بهذا سأتأكّد من مدى صدق حديثها، لكنني وقبل أن أفعل تساقطت عبراتي ومعها انفلت الحديث مني...

- أنا تعبت بجد، بقالي أسبوع بحلم بكوابيس ومش عارفة أنام، ذكريات كل السنين اللي فاتت بتطاردني، أنا... أنا حاسة إني مستنياها تطلعلي من أي ركن في الأوضة عشان تخوّفني يا فريدة، كل حاجة بتوجع بجد... حاسة إني مش قادرة أتكلم مع حد، أحمد بيحاول بس أنا مش قادرة... حاسة إني مش هقدر أشرحله، مش عايزة أدخل معاه للنقطة دي أصلًا، دماغي بتقولي هو في الأول والآخر أخوها حتى لو لسة عارف وحتى لو هو مش مُقتنع ولا حاسس بدا... هو بيحاول يراعيني والله وبيحاول يريّحني بس أنا خايفة... مش عايزة أشوف حد ولا أتكلم مع حد، حاسة إن محدش هيفهمني ويستوعب كل اللي جوايا وفي نفس الوقت معنديش طاقة أقعد أحكي فيها كل التفاصيل القديمة عشان اللي قدامي يفهمني، حتى خالتو حنان لما جت تشوفني مرضتش أشوفها وخليت أحمد يمشّيها عشان حسّيت إني مش هقدر... حاولت بجد أفوق، بس تعبت... كوابيس وتعب ورعب مسيطر عليا، وأحمد نزل شغل جديد وبقى طول النهار فيه وسايبني، و... وأنا خايفة.

لم أعرف متى احتضنتني، لكنني عندما صمتُّ كنتُ بين أحضانها، ذراعاها يحتويانني بحذر، ويدها تُربّت فوق رأسي بحنو.

كنتُ أشعر كأنني قنبلةٌ موقوتة، أنتظر فقط تلك اللحظة المُناسبة التي سأنفجر فيها لأُخلّف من بعدي دمارًا مُهلكًا، لكنني لا أجدها.

اضطراب -قيد الكتابة-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن