١٩- حقائق.

212 19 9
                                    

"عشرة أغنامٍ في المرعى تقفز تجري تأكل تسعى، هجم الذئب الغادر وعوى يحلُم أن يصطاد سبعة، إن أكل الأغنامَ السبعة كم غنمًا يبقى في المرعى!"

سارت "روضة" تدندن بخفوت وعلى وجهها ترتسم ابتسامة بلهاء ازدادت اتساعًا ما إن استوعبَت كلمات تلك الأغنية اللعينة التي علقَت بذهنها منذُ الصباح بلا سبب.

رفّت جفونها بتركيز، ثم سرعان ما هتفت بصوت مرتفع بعض الشيء لعلها تتوصل لإجابة ذلك السؤال الفذّ:
-كم غنمة تبقى في المرعى صحيح؟

رفعَت "روضة" أصابع يدها العشر أمام وجهها، وما إن همت ببدء تلك العملية الحسابية المُعقدة حتى صرخَت عندما اصطدم بها ذلك الجسد الضخم فجأة؛ لتسقط وتفترش الأرض بألم.

-أنا آسف والله آسف.

هتف ذلك الضخم بارتباك، وسرعان ما انحنى نحوها وهو يمد يده إليها حتى يساعدها، رمقته "روضة" ببغضٍ غريب، ثم صرخَت وهي تزيح يده بحقيبتها من أمامها بعنف:
-مش تبص قدامك يا أستاذ انت؟

اعتدل الضخم وتحمحم، ثم هتف بنبرة تحولت من المتوترة إلى أخرى قاسية بعض الشيء:
-إيه لازمة الكلام دا بعد ما اعتذرتلِك؟

-انت شغال في الموقع معانا؟

سألَت فجأة وقد أثارتها رغبتها في كشف هوية ذلك المجهول ومعرفة ما إذا كان زميلًا لها أم لا، ليُجيب هو بذهول من سؤالها الغريب:
-لا أنا مش مهندس أصلًا، أنا رياض العيـ..

قاطعته "روضة" عندما أشاحت بيدها بعدم اهتمام واستقامت بنفسها بصعوبة، لتتأفف بحنق ما إن رأت الغبار يغطي تنورتها السوداء بوضوح، نفضت "روضة" آثار الغبار عن تنورتها بقوة، لتتمتم بحنق وقد تناسى عقلها وقوف ذلك الضخم بجوارها حتى اللحظة:
-يا أخي أبو اصطباحتَك، يعني مش كفاية نازلة بالخمار من غير ما يتكوي كمان خليت الچيبة اللي حيلتي تتوسخ؟ أدعي عليك بإيه بس وانت فيك كل العبر؛ يعني مش كفاية إن ربنا سخطَك وحرمك من نعمة لقب المهندس، لا كمان اسمك رياض.

رمش "رياض" بعينيه لعدة مرات وهو يستمع إلى تلك الحماقات التي تتفوه بها تلك الخرقاء أمامه، ثم سُرعان ما انفجر ضاحكا وهو يهتف بذهول:
-انتي بتتكلمي بجد؟

شهقَت "روضة" بتفاجؤ وكأن وجوده في هذا التوقيت بالذات لهو شيءٌ غريب، وما إن كادت تتحدث، حتى قاطعها هو هذه المرة بقوله المُغتر وهو ينفض عن ياقة قميصه حبات الغبار الواهية:
-أنا يا استاذة رياض العياط صاحب الـ..

-باشمهندسة.

قاطعته بابتسامة صفراء، ليحرك رأسه بعدم استيعاب لما ترمي إليه؛ في حين اتسعت ابتسامة "روضة" وهي تُعيد عليه كلمتها من جديد بينما تشير لصدرها:
-باشمهندسة مش أستاذة، الباشمهندسة روضة سعيد معاك.

اضطراب -قيد الكتابة-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن