لطالما أخافني الموت، لكنني الآن أدركتُ أن الخوف هو لا شيء أمام ما أشعر به.
-البقاء لله، إحنا حاولنا بكل اللي في إيدينا، لكن للأسف مقدرناش ننقذه.
نظرتُ إليه باستنكار وعقلي يأبى الخضوع لصدق حديثه، وسرعان ما عبرتُ عن استنكاري هذا بصرخة عالية:
-انت واحد كذاب ومبتفهمش.وجهتُ أنظاري إلى عمتي "سميحة" التي أخذت تبكي بانهيار، وباندفاعٍ صرخت وأنا أدفع عني تلك اليد التي حاولت جذبي:
-انتي بتعيطي ليه جدو مماتش، جدو كويس بطلي عياط.. اسكتوا متعيطوش.صرختُ بآخر حديثي بغضب وصوت صراخ "تالا" اللعين الذي تعالى في الخلفية يكاد يُفقدني عقلي وزاد الأمر سوءًا فقدان عمتي "سميحة" لوعيها وسقوطها المفاجئ الذي زاد من الذعر المنتشر في الأجواء.
تجمع الجميع حولها يحاولون إفاقتها، في حين تجمدتُ أنا مكاني وقد تصلبَت عيناي فوق باب الغرفة التي خرج منها الطبيب لتوه.
ووسط انشغالهم بعمتي، توجهتّ إليها، ودون تردد اقتحمتُها.
تعالت نبضات قلبي بعنف عندما رأيت ببعض الممرضات يُرتبن بعض الأشياء بجوار جسد جدي الذي غطوه بتلك القماشة البيضاء، وما إن لاحظت إحداهن وجودي حتى وجدتُها تقترب مني محاولةً إقناعي بالخروج حتى ينتهين.
تعلقت عيناي بجسده المخفي، ولوهلةٍ تخيلته يستقيم من رقدته المخيفة هذه ليمنحني إحدى ابتساماته من جديد، لكن ورغم طول الانتظار لم يفعل، بل بقى ساكنًا.
ارتجف جسدي بعنف عندما شعرتُ بيدِ أحدهم تجذبني إلى الخارج، لكن بقت عيناي معلقة بجسده المُغطى والذي انتفض قلبي فور اختفائه عن ناظريّ.
-حفصة.
شهقتُ بعنف فور أن اخترقت هذه الصرخة العالية ضباب عقلي، وقبل حتى أن أعِ من صاحبها، وجدتُ الظلام يُحيط بي فاستسلمتُ له.
. . .
جلست "روضة" بجوار "سمر" زميلتها في العمل وقد أخذت كل منهما تعمل بتركيز على تدقيق بعض الإحصائيات اللاتي يحتاجها السيد "حسام" رئيسهم المباشر.
زفرت "روضة" بإرهاق وهي تبعد عينيها عن الأوراق بتعب، لتزفر "سمر" بخفوت وهي تعلق دون أن تبعد عينيها عن ذاك الملف الذي بيدها:
-تعبتي جامد؟فركت "روضة" عينيها وهي تومئ بقوة، ثم نهضت وقد أخذت تمدد جسدها قليلًا حتى تتخلص من تيبس عضلاتها المؤلم، لتقول أخيرًا وهي تجلس من جديد:
-معتش قادرة أركز في كلمة كمان بجد.. القعدة دي تعبتلي ضهري وأنا إمبارح منمتش كويس أصلًا فمصدعة ومش قادرة أضغط على نفسي دقيقة كمان.
![](https://img.wattpad.com/cover/324373798-288-k566605.jpg)
أنت تقرأ
اضطراب -قيد الكتابة-
Romanceقلبتُ عيناي بين عمّاتي وأعمامي الذين لاحظتُ وقوفهم معًا بعيدًا وقد انشغلوا في الحديث سويًا، لأنتبه بعد لحظات إلى الباب الذي فُتح، التفتُّ لأرى من الآتي؛ لأرى عمي الأكبر "حسين" يدلف سريعًا، ليدلف من خلفه ذلك الشاب الغريب. شاب!! رمقتُه ببطء من أعلاه ل...