توقفتُ أمام غُرفتي ألتقطُ أنفاسي بعُنف وقد بدأَت أطرافي ترتجفُ بتوتُّر، نظرتُ إلى يدي التي لم أعُد أستطيع التحكُّم في رجفتها؛ لأرفعها سريعًا وأنا أضُمها إلى صدري لأحتضنها بقوة مُحاولة السيطرة على هذه الرّجفة اللعينة، مرّت دقائق عديدة ساد خلالها الصمت، لأنتفض صارخة ما إن وصلني صوت عمتي "سميحة" وهي تتسائل بذهول:
-انتي إيه موقّفك كدا يا حفصة؟
رفعتُ أنظاري إليها لأنتبه إلى ذلك الـ"أحمد" الذي وقف إلى جوارها يُراقب حديثنا بهدوء وعيناه مُسلطتان على يده وقد أخذ يمسحها بهدوء بمنديلٍ مبلل، أكاد أُقسم أن ذلك الأخرق بعقله خطبٌ ما.
-روحتي فين يا بنتي؟
انتبهتُ إلى سؤال عمتي، فهتفتُ وأنا أدفع بيدي مقبض الباب حتى أفتحه:
-أنا أهو يا عمتو، معلش أنا هدخل أنام عشان تعبانة شوية.. تصبحوا على خير.
لم أنتظر منهُما ردًا، لأدلف سريعًا إلى غُرفتي، أغلقتُ الباب وتأكدتُ من أنني أوصدته بالمفتاح، لأتوجه بعد ذلك نحو الفراش، ذلك الملاذ الدافئ الذي يحتضنني لساعات دون تذمّر.
ألقيتُ بجسدي فوقه، لأتنهد بتثاقل وأنا أُغمض عيناي بإرهاق، فتلك اللحظات التي مضَت منذُ قليل أرهقَت أعصابي بشكلٍ كبير.
انكمشَت ملامحي بتقزز وصدى ذلك الصوت اللعين يتردد داخل أُذناي من جديد؛ لأبتلع ريقي بتوتر وقد أخذ عقلي يستعيد تفاصيل تلك اللحظات من جديد.فلاش باك..
-ما شاء الله، لسة تافهة زي ما انتي متغيّرتيش.
اخترَق ذلك الصوت الرفيع أذني ليرتجف جسدي بقوة، انسكبَت بعضُ قطرات القهوة فوقي لأترك سريعًا كوب القهوة وأنا أنتفضُ بعُنف من مكاني محاولةً التأكد من حدسي الذي نبّأني بأن هناك خطب ما قادم.
كدتُ أتوجّه نحو مقبس الإضائة حتى أُوّفر لنفسي مجالًا جيدًا لرؤية من بالغرفة والذي بات عقلي متأكدًا من هويته، لأتوقف مكاني عندما أُضيئت الغرفة وظهرَت هي بجانب المقبس وقد احتل وجهها تلك الابتسامة اللئيمة.
ابتلعتُ ريقي بارتباك من رؤيتها بعد تلك الشهور الطويلة، لكنني سُرعان ما سيطرتُ على نفسي لأتقدّم منها وأنا أهتف بثبات يكاد يتحطّم تحت وطأة أنظارها المُرعبة:-وانتي كمان ما شاء الله متغيّرتيش يا تالا، لسة زي ما انتي.. متربّتيش.
اشتعلَت ملامحها في لحظات وبخطوتان فقط كانت أمامي تناظرني بعينين مُشتعلتين ووجهٍ مُحتقن وقد أخذت تطرق الأرض بكعب حذائها فصدر صوتٌ مُزعج كاد يهز ثباتي لولا تماسكي.
فتحَت فمها لتتحدث، لكنها أغلقته من جديد وتراجعَت إلى الخلف، نظرَت إليّ بطرف عينها، ثم قالت وهي ترمقني باستعلاء:
أنت تقرأ
اضطراب -قيد الكتابة-
Romanceقلبتُ عيناي بين عمّاتي وأعمامي الذين لاحظتُ وقوفهم معًا بعيدًا وقد انشغلوا في الحديث سويًا، لأنتبه بعد لحظات إلى الباب الذي فُتح، التفتُّ لأرى من الآتي؛ لأرى عمي الأكبر "حسين" يدلف سريعًا، ليدلف من خلفه ذلك الشاب الغريب. شاب!! رمقتُه ببطء من أعلاه ل...