٤- أستاذة.

422 35 6
                                    

تسارعَت أنفاسي بتوتر وأنا أتنقل بين طرقات المنزل ورأسي يكاد ينفجر من التفكير، عن أي خطبة تحدثت "تالا"؟ هل.. هل ستتم خطبتي دون أن أعلم حتى!
زفرتُ باختناق وأنا أتذكر ردة فعل جدّي الذي سعل بقوة قبل أن يغير مجرى الحديث وهو يوجه أنظاره إلى عمّتي، لينتبه الجميع إلى حديثه تاركين إياي أناظرهم بصدمة وقد عجز لساني عن التعبير عن صدمتي.

-لو سمحتي..

التفتُ سريعًا حالما سمعتُ صوته، وبدون تفكير اندفعتُ أهتف وأنا أرفع يداي في الهواء بعشوائية:

-عايز إيه انت كمان؟ ها! جاي تحرق أعصابي انت التاني؟! قول اللي عندك ما انتوا أصلكوا ما بتصدقوا تشوفوا وشي بس عشان تعكننوا عليا عيشتي، يا أخي دي عيشة غم.

استطعتُ رؤية الصدمة المُرتسمة على وجهه دون مجهود، لأتراجع للخلف فور أن استوعبتُ فعلتي الخرقاء، تحمحمتُ بخفوت، وبخجل هتفت دون أن أعطيه الفرصة للرد حتى:

-أنا آسفة، أنا بس متعصبة شوية، انت كُنت عايز حاجة؟

هز رأسه نافيًا ولا زالت علامات الاستنكار ترتسم على وجهه، قبل أن يتراجع خطوتان إلى الخلف ليهتف:

-أنا كنت عايز أعدي عشان أدخل أوضتي، بس خلاص خليكي أنا هروح أقعد في الجنينة.

تحدّث وهو يُشير إلى الباب من خلفي، وبنظرة سريعة ألقيتها إلى حيث أشار، علمتُ أنني كنت واقفة أمام غرفته، حسنًا.. أنا أبدو خرقاء الآن، أليس كذلك؟
ابتسمتُ بتوتر وأنا أبتعد عن باب الغرفة لأقول بارتباك:

-لا اتفضل، أنا أصلًا ماشية.

قلت، ثم ابتعدت عن الباب ليتقدم هو، كنت على وشك الرحيل لكنني توقفتُ للحظات وقد دفعني الفضول لمُراقبة ما سيفعله، وكعادته التي لم تُفاجئني حقًا هذه المرة، رأيته يُخرج منديلا ورقيًا أمسَك به مقبض الباب حتى يفتحه.
أصدرتُ صوتًا مُستنكرًا دون أن أشعر، لأنتبه لفعلتي ما إن رأيته ينظر إليّ، كدت أتحرك لأتركه لكنه أوقفني بسؤاله:

-في حاجة يا أستاذة حفصة؟

أستاذة! ما كل هذا الاحترام يا رجل؟
لويتُ شفتاي باستنكار ثم هتفت وأنا أتركه وأرحل:

-لا مفيش يا أستــاذ أحمد.

تعمدتُ إطالة حروف كلمة (أستاذ) قبل أن أتركه وأتوجه للطابق العلوي دون الاهتمام بالنظر لملامحه هذه المرة، فهذا الرجل سيقودني للجنون إذا استمر على هذا المنوال، أستاذة حفصة!.. أعتقد أنني لم أسمع هذا اللقب من أحدهم من قبل، تبًا يا رجل.

اضطراب -قيد الكتابة-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن