«صرخةٌ مذعورة هربت من بين شفتيها وهي تضغط بكفيها فوق أذنها، مُحاولةً منع ذلك الصراخ من التسلّل إلى مسامعها لأكثر من هذا.
كانت مُنزويةً في أحد الأركان بعيدًا عن الأنظار، تضم ساقيها إلى صدرها، ويداها تُحيطان برأسها بقوة، بينما جسدها بأكمله لا يتوقف عن الارتجاف.
- دا كابوس، دا كابوس، اهدي يا حفصة، دا مجرد كابوس، كل حاجة هتكون كويسة.
كانت تهذي بهذه الكلمات دون شعور وهي تُحاول نفي حقيقة ما حدث وإنجاد عقلها من تلك الظلمة التي يكاد يسقط فيها.
ارتفع صوتها بحدة فور أن طرقت مسامعها تلك الطرقة القوية التي تبعها فتح الباب ودلوف شخصٍ لم تتبيّن هويّته إلى أن تحدّث وقال:
- البقاء لله يا حفصة.
تجمد سائر جسدها فجأة وتوقفت رجفتها، أزاحت يديها عن رأسها، وببطءٍ رفعت أنظارها إلى ذلك الزائر البغيض والذي لم يكن سوى ابنة عمها التي جاءت لسببٍ مجهول لم يعلمه كلاهما!
ارتجفت شفتيها بقوة وهي تحاول التحكّم في تلك الغصة التي خنقت حلقها وتلك القبضة المؤلمة التي سحقت قلبها تحت وطأة الألم؛ لتهتف بصوتٍ مُرتجف وهي تُشير إلى الباب:
- اقـ.. اقفلي الباب... صوتهم... بيصرخـ.. بيصرخوا يا تالا... محدش مات... محدش... دا كابوس... مجرد كابوس... مجرد كابوس...
عادت لتُكرّر آخر كلماتها برتابة، بينما تُعيد يديها إلى أذنها من جديدٍ لتحجب عنها تلك الأصوات التي باتت تؤذيها بطريقةٍ واضحة.
- حفصة... هما ماتوا خلاص، دا مش كابوس.
صرخةٌ أخرى فرّت من ثغرها، تبعتها عبرتان لم تشعر بهما "حفصة" في حين لاحظتهما "تالا" لتعض شفتيها بتوتر.
نظرت حولها وهي تحاول التفكير في الخطوة التالية التي يُفترض بها أخذها، لتُبلل شفتيها بتوتر وهي تتقدّم نحو "حفصة" التي بدت على حافة الانهيار.
وقفت أمامها، وببطءٍ مدّت يدها نحوها لتُربّت على رأسها بخفة.
ربتتان فقط كانتا كل تطلّبه الأمر لتنتفض "حفصة" أسفل يدها قبل أن تبدأ بالنحيب بصمت، وقد أخذ جسدها بالاهتزاز إلى الأمام والخلف بوتيرةٍ ثابتة.
- انتي... خلاص... حصل خير، خلاص بقى متبقيش عيوطة كدا.
هتفت "تالا" بارتباك وهي تُوجّه إليها دفعةً خفيفة لم تكن لتؤثّر في طفلٍ حتى، وقد بدت لها هذه الطريقة هي الطريقة الأمثل للتخفيف من حدة الأجواء قليلًا والتهوين على ابنة العم!
أنت تقرأ
اضطراب -قيد الكتابة-
Romantizmقلبتُ عيناي بين عمّاتي وأعمامي الذين لاحظتُ وقوفهم معًا بعيدًا وقد انشغلوا في الحديث سويًا، لأنتبه بعد لحظات إلى الباب الذي فُتح، التفتُّ لأرى من الآتي؛ لأرى عمي الأكبر "حسين" يدلف سريعًا، ليدلف من خلفه ذلك الشاب الغريب. شاب!! رمقتُه ببطء من أعلاه ل...