رضيتُ بكل ما مررتُ به من أجل ان تعودُ المياه لِمجاريها، حتى ولو كانت متعكرة، كان حبي لهُ ذنب ارتكبتهُ بحقِ نفسي، وكلَ ماتذكرتُ الجانِبَ الجيد في عِلاقتُنا وايامي الجميلة معه اتلذذُ مجدداً بارتكابِ هذا الذنب ومعاودتهٌ، كان سئياً جيداً في انً واحد، كان قاسياً و رحوماً في نفس اللحظة، كلما حاولت ان افهمه كلما اكتشفت شئياً اخر يجعلني أستسلم لحقيقة انهُ غير قابل للفهم ولا للتغيير ايضاً ...
حاولتُ ان اتغاضى عن كل شيء حتى تمر الايام، تغاضيتُ عن تقلُبات مزاجِه، سُخريته، تسرُعِه في الحكم و وجهات نظره المختلفة كلياً عن وجهات نظري، كان هو ايضاً يتغاضى احياناً من اجل ان لا اتراجع عن قراري خصوصاً عندما تبقى القليل على ارتباطُنا رسمياً!!
اتى اليوم الذي قلب حياتي راساً على عقب، كنتُ متوترةً كثيراً لا أعلم حينها هل فعلت الصواب ام لا، جهزت عائلتي كل شيء وقامة بكافة الترتيبات من اجل ان يتم حفل خطوبتي على اكمل وجه. أرتديتُ فستاناً قد اختارتهُ لي نوف من اجل هذه المناسبة، وتزينتُ لاظهر بكامل أناقتي، نظرتُ لنفسي إلى المرأة وشعرت بأني أريد البكاء، تذكرت إخفاقاتي في هذه الحياة، تذكرت كل مامررت به وبكيت لا إرادياً، كيف كنت وكيف أصبحت الآن؟ تغيرتُ كثيراً وتغير قدري معي! تذكرتُ عندما كنتُ بالثامنة من عمري كان اكبر همي هو ان املك مجموعة كبيرة من الدُمم واكبر مصاعبي في الحياة كيف اتقن الرسم حتى تشيد بي استاذة الفنية، كنتُ ابكي عندما توبخني استاذة الرياضيات، ولا اشعر بالحرمان الا عندما يمنعني ابي من الذهاب معه لشراء الحلوى، وتذكرتُ ايضاً مرحلة المراهقة كان اكبر همي هو ان احافظ على محبة صديقاتي وتقبلهم لي واكبر مصاعبي هي فراق عزيز وممارسة الحياة من بعده وكان شيئاً لم يحدث، وكنتُ حينها اشعر بالحرمان طوال الوقت واشعر بالنقص،اشعر بأنني اريد ان افجر العالم بطاقتي السلبية واريد ان اتخلص من نفسي بأي طريقة، تذكرتُ عندما عرضتُ نفسي للانتحار عدة مرات، كنتُ في مرتي الاولى اريدُ الخلاص وفي مراتي الاخرى ابحثُ عن الاهتمام، كنتُ ساذجة، ذو شخصية هشة، ضعيفة امام واقعي، كنتُ السبب الاولى في هلاك نفسي، ولو عدت قليلاً لعشت حياتي بمرح دون الاهتمام بمن حولي، تذكرتُ مرحلة الثانوية، مصاعبي كانت كثيرة جداً وضغوطاتي لا مفر منها، تذكرت امتزاج شخصيتي في تلك المرحلة من عمري، أعتقدُ ان في تلك المرحلة بدأتُ افهمُ الحياة!
كنتُ ناضجة بما يكفي لمواجهة الحياة، سهرت وتعبت واجتهدت ونلت ما استحق، على الرغم من كل ماممرت به واتعبني، كانت اجمل مراحل حياتي على الاطلاق بعد طغولتي بالتاكيد، مابين برائتي و نضجي أدركتُ لذة الحياة، تذكرت ايامي قبل رؤيتي له وبعد رؤيتي له، تذكرت كل شيء في اقل من نصف ساعة، نظرت للمراة بإبتسامة ساخرة و عزمت على ان انال ما استحق منذ الان مهما واجهت وسأنال من حظي العاثر ايضاً، كنتُ حينها أشعرُ بأني قادرة على مواجهة ياسر والسيطرة على قلبه، كنتُ أعتقد...كنتُ أجلس برفقة والداتي وإخواتي وخالة منى و بناتها عندما نادى بي اخي، قال لي ان اتي حتى اخبر الشيخ بموافقتي واخبره بما لدي من شروط، أخبرتُ الشيخ بأنني موافقة بشرط أن يجعلني أكمل تعليمي و ان اتوظف بعد التخرج و إن اردت إكمال تعليمي بالخارج ان لا يمنعني من ذلك، لا اعلم حينها لماذا فكرت بالابتعاث بالخارج؟ ربما لستُ املك شروطاً لذلك طلبت الابتعاث وانا لا افكر به كثيراً اصلاً !! تعجب الشيخ مني ثم سألني اذا كنت اريد بيتاً او مهراً بقيمة معينة او اي شيء اخر! بربك هو رجل ثري لن يجد الصعوبة بتوفير ذلك! أخبرتهُ بأني لا اهتم الا بتعليمي فقط، اخبر الشيخ ياسر على شروطي واوفق عليها هو ايضاً، اتى إلي بعد ان وقع كلانا على الموافقة، كان سعيداً حقاً بارتباطنا، اقترب مني وهمس في إذني: طالعة اليوم جميلة عقب ما اخفيتي صفار وجهك :/
نظرة له بدهشة، ياسر: الارهاق متعب ملامحك، بس عيونك دائم جميلة. لانها تنظر لك بمحبة يا ياسر، تلمع عيناي عندما تراك وتبدو جذابة في عينيك!
بخجل: شكراًاتت والدتي وخالة منى ووجدان وبدانا بإرتداء الخواتم، قدمَ لي العديد من الهدايا ولكن ارتباطهُ بي اجمل هدية قدمها لي، كانت المناسبة مختصرة بطقوسها الاساسية فقط، كل شيء كان مختصر، حتى الجلوس معه، قررت ان اعوض كل شيء في يوم زفافي..
***
ذهب الجميع، واخذتُ احتفل بطريقتي الخاصة، اعددتُ القهوة وحملت بساطي الصغير وذهبت للفناء الخارجي، حدقتُ لسماء بسعادة، كانت السعادة تتلبس جسدي، وقلبي يغمرهُ الحماس للمستقبل البعيد بعض الشيء، افسدت نوف ونجلاء سعادتي عندما اتن للخارج، جلسنا نتحدث طويلاً واعترفت لهن قليلاً عما في قلبي، كنتُ انتظر اتصاله ولكنه لم يتصل بي تلك الليلة، فقط قضيتُها اثرثر عنه حتى اغمضتُ عيناي..
اتصل بي اليوم الذي يلي حفل خطوبتنا وقام يسخر كعادته مني، سخر من شروطي ومن الابتعاث للخارج ايضاً قال لي: الكل منصدم من شروطك كنت بضحك بس بليالله مسكت نفسي، وبعدين هالاشياء معروف اني بوافق عليها بس الابتعاث من وين جاء؟
بجدية وبدفعة واحدة اخبرتُه: لو سمحت هذي الاشياء مهمة بالنسبة لي ومافي شيء يضمن لي انك بتخليني اكملهم، ممكن فجأة تقول اجلسي بالبيت، وبعدين وش فيه الابتعاث ؟
ياسر: على هونك بس استغربت ماطريتيه قبل
اخبرته بحزم: وكانك تعرف كل شيء عني!!
غضب ياسر من اسلوبي الفظ وقال: خير ان شاء الله
ارتبكت قليلاً وقلت: ما احب احد يتكلم باستهتار بشيء يعنيلي!!
ياسر: اوكي حقك علي، واغلق الهاتفكنتُ حينها اشعر بتقلب في المزاج و اكمل هو علي ايضاً، لم اكن اقصد ان اكون وقحة معه، بل شعرت بالإهانة من كلامه، شعرت بالاسى كثيراً عندما اغلق في وجهي اكثر من شعوري بالاسى عندما سخر من شروطي، لم يتصل بعدها لمدة اسبوع، لم اهتم على الرغم من شوقي لسماع صوته، انشغلتُ بنفسي ولم اكترث حتى لتلميحات وجدان لكي ازورهم، لانهُ ليس من الائق زيارتهم بعد ارتباطي بياسر مباشرةً واخذتُ اقابلها بالخارج!
أنت تقرأ
علاقة مهمشة
Romanceعلاقة معقدة جداً كرحلة مجهولة في طريق لا يعرف له وجهة محددة, فتاة تتصادف برجل يحمل مواصفات الرجل الذي تحلم به ولكنه يختلف تماماً عنها, تتعرقل بدهاليزه لتغوص في أعماق تفاصيله وتكتشف حينها بأنها واقعة بغرام رجل غير متهئي للوقوع بالحب!