«الفصل الأربعون»

3.8K 213 89
                                    

جالسين أمام بعضهما البعض، وأمام كلًا منهما كوبًا من القهوة مُرّة كمرار ما يتناقشون به.

وضع شادي كوبه على المنضدة، ثم دقق النظر في ملامح داغر وسأله:
-عايز تعرف أيه بالظبط؟

تنهد بحزم رغم علمه بما سيواجهه من تعبٍ مما سيسمع:
-كل حاجة.

أومأ شادي وتحدث:
-آسيا مريضة بإضطراب الشخصية النرجسية.

عقد حاجبيه بتساؤل:
-يعني؟

-الشخص النرجسي دا اللي مبيغلطش، بيشوف نفسه الكل في الكل، أي حاجة يعملها صح، بيحب يتمدح من كل صوب وحدب، يكره التجاهل..ويفتخر بنفسه لدرجة رهيبة، ممكن يعمل أي حاجة لمصلحته، ممكن يدوس ع الناس لأجل مصلحته،أناني بشكل رهيب، والحقيقة إنه بيحب نفسه جدّا وبيكره الناس لدرجة بشعة تأهله إنه يتخلص منهم كمان، وغضبه...أبشع ما يمكن مواجهته.

تهكم داغر ضاحكًا بسخرية:
-انت هتقولي على غضبه.

ضحك شادي بخفة هامسًا:
-أيوه...هي حكتلي.

رفع داغر حاجبه بحدة، فتنحنح شادي واستأنف:
-ممكن يهد الدنيا فوق دماغك حرفيا لو اتعصب، لا إراديًا بيدخل في حالة هستيرية بتخليه يكسر الدنيا، مبيقدرش يتحكم في نفسه وممكن يعمل أي حركة مجنونة في اللحظة دي، أما بالنسبة لإهتمامه فبيكون قاتل، النرجسي لو اهتم بحد ممكن يقتله بغيرته، بيحاوطه في كل مكان ويتعصب لو حد بصله بصة إعجاب، متملك لأقصى درجة، وبيكره حاجة اسمها الطرف التاني يكرفه أو ميهتمش بيه، لذلك آسيا متعلقة بيك تعلق مرضي؛ لأنها شافت فيك الحنان اللي افتقدته، حبتك وحست إنك ملكها، وعمرها ما هتسيبك أبدًا!

ترقب داغر التكملة بأعين تناظر الأخير كالصقر، تترقب جملة أخرى أو معلومة جديدة.

بينما تنهد شادي هاتفًا بهدوء:
- شوف يا داغر.. واسمحلي أقول داغر من غير ألقاب، كل واحد جواه أكتر من 20 إضطراب نفسي، عبارة عن بذرة صغيرة..البيئة هي اللي بتزرعها، آسيا كان جواها الاضطراب النرجسي، ماضيها كان الماية اللي سقت البذرة لحد ما كبرت ونبتت، آسيا بنت خط حدود قدام الناس...يمنعهم يقربوا منها... الخط دا اتحول لسد أدى لوجود غرور في شخضيتها، بمعنى إن الغرور دا نتيجة خوفها من الناس ورعبها من فكرة وجود بني آدم غريب في محيطها ممكن يعمل فيها نفس اللي جوز أمها عمله معاها.

تساءل داغر بغرابة:
-طب طالما كدا، ليه بقت تفضح في جسمها قدام الناس طالما هي مرعوبة من إن حد يلمسها؟

اومأ شادي معجبًا بسؤاله، ثم أجابه:
-لأنها شافت من منظور آخر إن محدش له الحق يقولها دا غلط ودا صح، كبريائها طغى على شخصيتها أكتر فخلاها شايفة إن جسمها دا ملك ليها وهي حرة تستره أو تعريه، خاصةً بعد عمليات التجميل اللي دارت بيها تشوهات جسمها بقت أكتر عُرضة لإنها تبين للناس رشاقتها وجمالها، آسيا فوق اللي هي فيه دا هي بنت..والبنات دايمًا شايفين إن اجسادهم جميلة ورشيقة...فليه منبينش حتة صغيرة؟ طبعًا مش بعمم مش كل البنات كدا، زي ما مش كل الرجالة بتبصبص في الراحة والجاية.

لن أُفلت يدكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن